منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   لغتنا العربية (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   وقفات مع قاعدة قرآنية (يزن الغانم) (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=125978)

امانى يسرى محمد 21-09-2020 04:01 PM

وقفات مع قاعدة قرآنية (يزن الغانم)
 
وقفات مع القاعدة القرآنية:
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]

يزن الغانم

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
فإن هذه القاعدة هي من أعظم قواعد القرآن، وقد جاء ذكرها كثيرًا، وهذه وقفات وتأملات في هذه القاعدة، والله أسأل أن ينفع بها.

الوقفة الأولى:
في دلالة الآية على قدرت الله تعالى الشاملة والكاملة على كل شيء، فلا يعجزه شيء - سبحانه - فهو الذي على كل شيء قدير.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].
قال العلامة السعدي في تفسيره على هذه الآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20] لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك.

الوقفة الثانية:
إذا علم العبد أن الله على كل شيء قدير، فيوجب له ذلك أن يتوكل عليه و أن يستعين به وأن يوفض أمره إليه، وأن يتبرأ من حوله وقوته إلى حول وقوة من هو على كل شيء قدير.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3].

الوقفة الثالثة:
ينبغي التسليم فيما تحار فيه العقول ومن ذلك أمور الغيب في الآخرة والبرزخ وعذاب القبر وقوانين هذه العوالم، فإنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17].

الوقفة الرابعة:
في أن العبد إذا علم أن الله على كل شيء قدير فيحمله ذلك على رجائه وحسن ظنه بربه، وأنه سبحانه قادر على إيصال الخير إلى عبده وأمته من حيث لا يحتسب.
ومن ذلك قوله تعالى، عن مريم عليها السلام عند سؤال زكريا: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37].

الوقفة الخامسة:
إذا علم الناس أن الله على كل شيء قدير فيوجب لهم ذلك الخوف منه وعدم الأمن من مكره وعقابه، ومن ذلك قوله تعالى عن أهل النفاق: ﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20].
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير. تفسير ابن كثير(606/3).

الوقفة السادسة:
في أن الآية تحمل العباد على تعظيمه سبحانه وتعالى، قال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 189].

الوقفة السابعة:
في دلالة الآية في إثبات القدر و الرد على فرقة الجبرية الذين يقولون أن العبد مجبر على فعله، والله قد جعل العبد مختار فهو القادر على كل شيء، وفيها أيضا الرد على القدرية الذين ينفون مشيئة الله الشاملة، وأن كل شيء بأمره ومشيئته.
قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12].

الوقفة الثامنة:
في دلالة الآية على إثبات الآيات والمعجزات والكرامات وخوارق العادات التي يجريها الله على أيدي رسله وأوليائه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259].

الوقفة التاسعة:
في دلالة الآية على كمال الله سبحانه وتعالى وكمال صفاته، وأنه له الحمد كله.
قال تعالى: ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التغابن: 1].

الوقفة العاشرة:
مسألة: هل يقال: إن الله على كل شيء قدير، أو يقال: إن الله على ما يشاء قدير.

وقد سُئل في ذلك العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -:

السؤال: ما حكم قول الإنسان: «إن الله على ما يشاء قدير» عند ختم الدعاء ونحوه؟
الإجابة: هذا لا ينبغي لوجوه: الأول: أن الله تعالى إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]، وقوله: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 106]، وقوله: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 107]، فعمم في القدرة كما عمم في الملك، وقوله: ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17]، فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة لأن الخلق فعل، والفعل لا يكون إلا بالمشيئة. أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأه، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأه لم يقع والآيات في ذلك كثيرة.

الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، فقد قال الله عنهم: ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8]، ولم يقولوا: "إنك على ما تشاء قدير"، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علمًا وأقوم عملًا.

الثالث: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله تعالى فقط، لاسيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقًا حيث يقال: "على ما يشاء قدير" وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يُعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدرة الله تعالى بما يشاؤه كان ذلك نقصًا في مدلولها وقصرًا لها عن عمومها، فتكون قدرة الله تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدرة الله تعالى عامة فيما يشاؤه وما لم يشأه، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه.

فإذا تبين أن وصف الله تعالى بالقدرة لا يُقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله تعالى لنفسه فإن ذلك لا يعارضه قول الله تعالى: ﴿ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 29]، فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره، ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 25، 26]، فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحديًا وإنكارًا لما يجب الإيمان به من البعث، بين الله تعالى أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئته ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله تعالى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ﴾ [التغابن: 7 - 9]. والحاصل أن قوله تعالى: ﴿وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 29] لا يعارض ما قررناه من قبل؛ لأن القيد بالمشيئة ليس عائدًا إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع. وكذلك لا يعارضه ما ثبت في "صحيح مسلم" في كتاب الإيمان، في باب: آخر أهل النار خروجًا من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آخر من يدخل الجنة رجل .. » فذكر الحديث وفيه أن الله تعالى قال للرجل: « إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر» وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع، والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالى أزلًا وأبدًا، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل: "قادر" دون الصفة المشبهة: "قدير" وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغربه المرء أو يستبعده فقيل له في تقريره: "إن الله على ما يشاء قادر" فلا حرج في ذلك، وما زال الناس يعبرون بمثل هذا في مثل ذلك، فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا: "قادر على ما يشاء"، فيجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على أنها صفة لله تعالى فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقرير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقرير وقوعه، والله سبحانه أعلم.

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين" (المجلد الأول - باب المناهي اللفظية).

الخاتمة:
هذه القاعدة ينبغي استحضارها في كثير من المواطن فهي توجب لأهل الإيمان التوكل على الله وحسن الظن به وتعظيمه وخوفه ورجائه والاستسلام له والتعلق به وحده لا إله إلا هو، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


صيد الفوائد



امانى يسرى محمد 21-09-2020 04:03 PM

رد: وقفات مع قاعدة قرآنية (يزن الغانم)
 
وقفات مع القاعدة القرآنية

﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ


بسم الله والحمد لله، أما بعد: فإن من أعظم ما جاء في القرآن ذكر الأسماء الحسنى والصفات العلا لله سبحانه وتعالى، ومن ذلك القاعدة القرآنية، في قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

هذه وقفات مهمة على منهج أهل السنة.
الوقفة الأولى:
في دلالة الآية على نفي المثيل والنظير لله سبحانه وتعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 4]؛ أي: لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.

وعن عبدالله بن مسعودٍ: قال رجلٌ: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: (أن تدعو لله ندًّا وهو خلَقك)؛ رواه البخاري ومسلم.

ندًّا: قال أهل العلم: (ندًّا) بكسر النون وتشديد الدال؛ أي: مثلًا ونظيرًا.

الوقفة الثانية:
في دلالة الآية في إثبات الصفات لله تعالى؛ قال العلامة السعدي في تفسيره على هذه الآية: وهذه الآية ونحوها دليل لمذهب أهل السنة والجماعة، من إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات؛ انتهى.

وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [النحل: 60]، المثل الأعلى: هو كل صفة كمال لله تعالى.

الوقفة الثالثة:
في دلالة الآية على قطع الطمع عن إدراك كيفية الصفات لله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110].

والقاعدة في ذلك ما تلقاه العلماء وأهل السنة عن الإمام مالك رحمه الله لَما سُئل عن الاستواء، قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)، وهكذا في جميع الصفات فالكيف مجهول لنا.

الوقفة الرابعة:
في دلالة الآية أن الواجب نفي التشبيه عنه سبحانه، ثم إثبات الصفات له تعالى، وهذا على عكس طريقة أهل البدع ممن ينفي الصفات؛ لأنهم يقعون في التشبيه أولًا في أنفسهم ثم يعطلون ثانيًا، وهذا عكس منهج القرآن من نفي التشبيه ثم الإثبات؛ الآية: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾.

الوقفة الخامسة:
في دلالة الآية على أنه سبحانه السميع البصير؛ ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لجميع الأصوات على اختلاف اللغات وتفنن الحاجات، ﴿ الْبَصِيرُ ﴾ يبصر كل شيء صغُر أو كبُر، ويرى دبيب النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصخرة الصماء.

الوقفة السادسة:
أن تماثل المسميات لا يعني تماثل المسمى به، وفي ذلك يقول العلامة الأمين الشنقيطي: ووصف نفسه بالسمع والبصر في غير ما آية من كتابه، قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ووصف بعض الحوادث بالسمع والبصر؛ قال: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2]، ﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ﴾ [مريم: 38].

ونحن لا نشك أن ما في القرآن حق، فله جل وعل سمع وبصر حقيقيان لائقان بجلاله وكماله، كما أن للمخلوق سمعًا وبصرًا حقيقين مناسبين لحاله من فقره وفنائه وعجزه، وبين سمع وبصر الخالق وسمع وبصر المخلوق من المخالفة كمثل ما بين ذات الخالق والمخلوق؛ منهج دراسة لآيات الأسماء والصفات (ص،٥).

الوقفة السابعة:
في دلالة الآية في الرد على المشبهة والممثِّلة الذين يشبهون الخالق بالمخلوق، وذلك في قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾.

الوقفة الثامنة:
في دلالة الآية في الرد على المعطِّلة والذين ينفون الصفات عن الله تعالى، وذلك في قوله: ﴿ وهو السميع البصير ﴾.

الخاتمة:
إن هذه الآية على وجازتها هي قاعدة عظيمة وكافية، ويؤخذ منها مذهب أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات لله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





امانى يسرى محمد 23-09-2020 07:00 AM

رد: وقفات مع قاعدة قرآنية (يزن الغانم)
 
وقفات مع القاعدة القرآنية


﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا




بسم الله والحمد لله؛ أما بعد:
فهذه وقفات مع القاعدة القرآنية في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].

الوقفة الأولى:
في دلالة الآية على أن الأصل في الأشياء الإباحة، وعلى سعة وكثرة ما أحلَّ الله لعباده، وأن ما حرمه هو الضار، وهو قليل معدود، وما أحله كثير لا يُحصى.


قال العلامة السعدي في تفسيره على هذه الآية: "وفي هذه الآية العظيمة دليل على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة؛ لأنها سيقت في معرض الامتنان، يخرج بذلك الخبائث، فإن تحريمها أيضًا يؤخذ من فحوى الآية، ومعرفة المقصود منها، وأنه خلقها لنفعنا، فما فيه ضرر، فهو خارج من ذلك، ومن تمام نعمته، منعنا من الخبائث؛ تنزيهًا لنا".

الوقفة الثانية:
في دلالة الآية على فضل الله ورحمته على الناس، في أنه خلق لهم وسخر لهم ما في الأرض جميعًا، وذلك كله من أجلهم.
قال الإمام الطبري: "فأخبرهم جل ذكره أنه خلق لهم ما في الأرض جميعًا؛ لأن الأرض وجميع ما فيها لبني آدم منافع.
وعن قتادة: قوله: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾، نَعَمْ والله سخر لكم ما في الأرض"؛ [تفسير الطبري (227/1)].

الوقفة الثالثة:
في دلالة الآية على أن الله سبحانه وتعالى هو المستحق في أن يُفرَد بالعبادة؛ لأنه هو المنعم وحده، وهو الخالق وحده، وهو المتفضل وحده.

قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره على هذه الآية:
"وقيل: إنه دليل على التوحيد والاعتبار، قلت: وهذا هو الصحيح"؛ [الجامع لأحكام القرآن (174/1)].

الخاتمة:
حاصل الآية أنها تحكي سعة رحمة الله وسعة فضله وجوده على عباده، وأنه هو الرب المستحق للعبادة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.






امانى يسرى محمد 23-09-2020 08:43 PM

رد: وقفات مع قاعدة قرآنية (يزن الغانم)
 
وقفات مع القاعدة القرآنية

﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا





بسم الله والحمد لله، وبعد:
الوقفة الأولى:
في دلالة الآية على أن الله سبحانه لم يعطِ الناس من العلم إلا مقدارًا قليلًا، وذلك بالنسبة إلى علمه تعالى؛ قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: وإنما معنى الكلام: وما أوتيتم أيها الناس من العلم إلا قليلًا من كثير مما يعلم الله؛ جامع البيان (١٤٣/١٣).

الوقفة الثانية:
في دلالة الآية على أن الأصل في الإنسان الجهل؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ [النحل: 78].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم...)؛ صحيح الجامع.

الوقفة الثالثة:
في دلالة الآية على سعة علم الله تعالى؛ عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، قال: بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه، فقام رجل منهم، فقال: يا أبا القاسم، ما الروح؟ فسكت فقلت: إنه يوحى إليه، فقمتُ فلما انْجلى عنه، قال: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]؛ رواه البخاري.

الوقفة الرابعة:
في دلالة الآية على أن الفضل لله وحده، فهو الذي علم ويسَّر أسباب العلم، وهو الذي أعطى أدوات التعلم، وهذا يحمل العبد على التواضع وعدم الغرور؛ قال تعالى: ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 5]، وقال تعالى: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]، وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].

قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى: خص هذه الأعضاء الثلاثة، لشرفها وفضلها، ولأنها مفتاح لكل علم، فلا وصل للعبد علم إلا من أحد هذه الأبواب الثلاثة؛ تيسير الكريم الرحمن (٤٤٥/١٤).

الوقفة الخامسة:
في دلالة الآية على عظمة الله تعالى وعظمة علمه سبحانه؛ قال تعالى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].

قال العلامة السعدي في تفسيره على هذه الآية: هذه الآية العظيمة من أعظم الآيات تفصيلًا لعلمه المحيط، وأنه شامل للغيوب كلها التي يطلع منها ما شاء من خلقه، وكثير منها طوى علمه عن الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين، فضلًا عن غيرهم من العالمين، وأنه يعلم ما في البراري والقفار، من الحيوانات، والأشجار، والرمال والحصى، والتراب، وما في البحار من حيواناتها، ومعادنها، وصيدها، وغير ذلك مما تحتويه أرجاؤها، ويشتمل عليه ماؤها.

﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ﴾من أشجار البر والبحر، والبلدان والقفر، والدنيا والآخرة، إلا يعلمها.

﴿وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ﴾من حبوب الثمار والزروع، وحبوب البذور التي يبذرها الخلق؛ وبذور النوابت البرية التي ينشئ منها أصناف النباتات.

﴿وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ﴾هذا عموم بعد خصوص ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، وهو اللوح المحفوظ، قد حواها، واشتمل عليها، وبعض هذا المذكور، يبهر عقول العقلاء، ويذهل أفئدة النبلاء، فدل هذا على عظمة الرب العظيم وسعته، في أوصافه كلها، وأن الخلق - من أولهم إلى آخرهم - لو اجتمعوا على أن يحيطوا ببعض صفاته، لم يكن لهم قدرة ولا وسع في ذلك، فتبارك الرب العظيم، الواسع العليم، الحميد المجيد، الشهيد، المحيط، وجل مِنْ إله، لا يُحصي أحد ثناءً عليه، بل كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده، فهذه الآية دلت على علمه المحيط بجميع الأشياء، وكتابه المحيط بجميع الحوادث.

الوقفة السادسة:
في دلالة الآية على قصور علم العبد، وأن عليه أن يكل ما يجهله إلى علم الله تعالى؛ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: الواجب على كل مؤمن أن يكل ما أشكَل عليه إلى أصدق قائل، ويعلم أن فوق كل ذي علم عليمًا، وأنه لو اعترض على ذي صنعة أو علم من العلوم التي استنبطتها معاول الأفكار، ولم يحط علمًا بتلك الصناعة والعلم، لأزرى على نفسه، وأضحك صاحبَ تلك الصناعة والعلم على عقله؛ مفتاح دار السعادة (271/2).

الوقفة السابعة:
في دلالة الآية على وجوب التسليم للعليم الحكيم في مسائل الشرع والأمر والنهي، والقضاء والقدر والتعليل.
وذكر جل ذكره قول الملائكة الكرام: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].
قال أهل التفسير: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ؛ أي: ننزهك من الاعتراض منا عليك، ومخالفة أمرك.

﴿لَا عِلْمَ لَنَا﴾بوجه من الوجوه ﴿إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إياه، فضلًا منك وجودًا، ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾العليم الذي أحاط علمًا بكل شيء، فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السماوات والأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، الحكيم: من له الحكمة التامة التي لا يخرج عنها مخلوق، ولا يشذ عنها مأمور، فما خلق شيئًا إلا لحكمة، ولا أمر بشيء إلا لحكمة، والحكمة: وضع الشيء في موضعه اللائق به، فأقروا واعترفوا بعلم الله وحكمته، وقصورهم عن معرفة أدنى شيء، واعترافهم بفضل الله عليهم، وتعليمه إياهم ما لا يعلمون، ولا شك أن العباد يتفاوتون في العلم، فكم بين الله وبين عبده من سعة في العلم!

الوقفة الثامنة:
في دلالة الآية على أن العبد عليه أن يستعين بالله تعالى في طلبه للعلم، فهو سبحانه الذي يؤتي العلم وييسر أسبابه، فقد قال سبحانه لأعلم الخلق صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وقال: ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 5].

الوقفة التاسعة:
في عموم الآية، فتشمل العلوم الشرعية والعلوم الكونية، وأن العباد لم يؤتوا من ذلك إلا القليل منها.

الخاتمة:
هذه الآية العظيمة تحمِل العباد على التواضع وتعظيم الله تعالى، والتسليم له، وأنه العليم الحكيم الذي وسع علمه كل شيء، فلا يخفى عليه خافية؛ قال تعالى في كتابه: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110].

وقال: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7].

اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزِدنا علمًا، إنك أنت العليم الحكيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.






الساعة الآن 11:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام