وبعد الثناء على الله عزَّ وجلَّ وتمجيده، تنتقل بك كلمات التشهد إلى مكانٍ بعيد ..
يبعُد عنك آلاف الكيلومترات، بحسب موقعك على الكرة الأرضية ..
ستذهب بك إلى داخل الحجرة النبوية الشريفة ..
عندما تقول “السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ” [متفق عليه]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من أحدٍ يسلم علي إلا ردَّ الله علي روحي حتى أرد عليه السلام” [رواه أبو داود وحسنه الألباني، مشكاة المصابيح (925)]
تخيَّل لو أن باب حجرتك قد انفتح، ودخل عليك الرسول صلى الله عليه وسلمبعمامته وبُردته وثوبه الأبيض .. ونعله المخصوفة ولحيته السوداء وبشرته البيضاء المشربة بحمرة، ووجهه المشرق المستدير تعلوه ابتسامته الجميلة .. ثمَّ أُذِنَ لك أن تقف بين يديه، وتقول له وجهًا لوجه: السلام عليك يا حبيبي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كيف سيكون شعورك حينها؟؟ فلماذا لا تشعر بنفس الشعور وأنت تلقى عليه السلام في صلاتك .. وأنت بين يدي الملك جلَّ جلاله؟!
أما وقد حُرِمنا لقاء النبي صلى الله عليه وسلمفي الدنيا، فلنسلم عليه بقلبٍ حاضر في صلاتنا .. فإن سلامنا يُعْرَض عليه ويرد علينا وهو في قبره صلى الله عليه وسلم ، كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وبعد تحيتك لله عزَّ وجلَّ وسلامك على رسوله صلى الله عليه وسلم.. تُسَلِم على نفسك وعلى عباد الله الصالحين؛ ليرتفع عنك كل ضرر .. فتقول: “السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ” [متفق عليه]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم “.. فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ، أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ..” [متفق عليه]
تحريك السبابة في التشهد
عنوائل بن حجر واصفًا صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال “.. ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها” [رواه أبو داود وصححه الألباني، مشكاة المصابيح (911)] .. وقد استدل الشيخ ابن عثيمين بهذا الحديث، على أن تحريك السبابة في التشهد يكون عند كل جملة دعائية. قال رحمه الله في (الشرح الممتع) :
“دلَّت السُّنَّة على أنه يشير بها عند الدعاء لأن لفظ الحديث ( يحركها يدعو بها )، فكلّما دعوت حرِّكْ إشارةً إلى علو المدعو سبحانه وتعالى على هذا فنقول :
«السلام عليك أيُّها النبيِّ» فيه إشارة؛ لأن السَّلامَ خَبَرٌ بمعنى الدُّعاءِ، «السَّلامُ علينا» فيه إشارة، «اللهم صَلِّ على محمَّد» فيه إشارة، «اللهم بارك على محمَّد» فيه إشارة، «أعوذ بالله من عذاب جهنَّم» فيه إشارة، «ومِن عذاب القبر» فيه إشارة، «ومِن فتنة المحيا والممات» فيه إشارة، «ومِن فتنة المسيح الدَّجَّال» فيه إشارة، وكُلَّما دعوت تُشيرُ إشارةً إلى عُلُوِّ مَنْ تدعوه سبحانه وتعالى، وهذا أقربُ إلى السُّنَّة”. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرك أصبعه في حالة الدعاء، وهذا يوجب انتباه القلب ..
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حسن الصلاة والوقوف بين يديه،،