منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   كيف تتلذذ بالصلاة للشيخ مشاري الخراز (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=126168)

امانى يسرى محمد 30-09-2020 04:37 PM

كيف تتلذذ بالصلاة للشيخ مشاري الخراز
 
أحلى عبادة في العالم

عن عقيل بن جابر عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة .. فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا فقال “من رجل يكلؤنا”، فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقال “كونا بفم الشعب”، قال فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري وقام الأنصاري يصلي وأتى رجل من المشركين فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وسجد ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال “سبحان الله ألا انبهتني أول ما رمى”، قال “كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها[رواه أبو داوود وحسنه الألباني] .. لقد كان الصحابي يتلذذ بالقراءة والصلاة، فلم يرد أن يقطع تلك اللذة حتى بعد إصابته بثلاثة أسهم ..
فالصلاة هي أحلى عبادة في العالم .. فما أن تُسلِم وتنتهي منها تشعر براحة وأنك قد ارتويت بالفعل،،

يقول ابن الجوزي عن صلاته “إنا في روضة طعامنا فيها الخشوع وشرابنا فيها الدموع”
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية “إذا كنت ترى جسم الخاشع على كوكب الأرض فروحه في الحقيقة تجول وتسبح في مكان آخر .. روحه تحوم حول عرش الرحمن”
وهذه اللذة ليست للسلف فقط، بل هناك الكثير مثلك وفي مثل عمرك تذوقوها عندما عرفوا أسرار الصلاة وطريق الخشوع ..
ولكي تكون من {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } [المؤمنون:2]، لابد وأن تكون لديك مفاتيح الصلاة .. ومن لم يذق حلاوة الخشوع ولذة الصلاة فهو مسكين ..

فالصلاة تشفي الصدور وتطرد الهموم وتزيل الغموم وتجلب الراحة .. والله ثم والله لن تجد أحدًا يعطيك الراحة إلا الذي يملك الراحة وهو الله جل وعلا.
وقد أخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم أن هذه الراحة في الصلاة، فكان يقول لمؤذنهأقم الصلاة يا بلال أرحنا بها”[رواه أبو داود وصححه الألباني]






بعض أعماق وأسرار الصلاة

1) حضور القلب ..
يجب أن تعلم أن حضور القلب وعدم السرحان في الصلاة هو فقط أول خطوة وأول معنى من معاني أسرار الصلاة، وإلا فهناك بعدٌ أعمق من مجرد حضور القلب.
والكثير من الناس يجاهد لاستحضار قلبه في الصلاة، وهو لا يحتاج إلى مجاهدة ! .. لأن لذة حضور القلب مع الله جل وعلا في الصلاة أعذب بكثير جدًا من لذة السرحان.
الفرق بين صلاة الخاشع وغيره .. فالذي يعيش أحوال أهل الجنة بالخشوع في صلاته، يأخذ نفس الوقت ويؤدي نفس الحركات التي يؤديها غير الخاشع .. ولكن الفرق بينهما هو حضور القلب ..
ألا تستطيع أن تحضر قلبك لمدة عشر دقائق فقط ؟! ..
فالصلوات الخمس تستغرق من وقتك أقل من ساعة في اليوم، وسيكون أمامك أكثر من ثلاث وعشرين ساعة كي تفكر في الدنيا كما تشاء فيما أباحه الله عز وجل.



2) الفهم ..
بعض الناس قد يكون حاضر القلب لكنه لا يفهم معنى كلامه وأفعاله في الصلاة، ويردد أمورًا لا يعرفها .. ثم نتساءل لماذا لا نخشع؟
فليس أكبر أهدافك مجرد عدم السرحان، فهذا أول عمق فقط .. الأمر الآخر هو أن تفهم وإلا فلا فرق بيننا وبين طيور تتكلم وربما أعمدة أخرى تعبد الله جل جلاله.
سنكشف عن أسرار هذه الكلمات ومعانيها، فإذا انكشفت عليك وعرفت أبعادها سيتغير شعورك ..

ولكن لا تقل لا أستطيع أن أخشع ..
فيستحيل أن يطلب الله عز وجل منك أن تخشع وأنت لا تستطيع ذلك .. وأنت الذي تملك نفسك وذهنك وعقلك وتستطيع أن تتحكم بهم .. وكما أن الطالب لا يترك الإجابة التي يعرفها في الإمتحان بسبب السرحان، وكما أن الكثير من الناس يفهمون ما يشاهدون على التلفاز دون أن يسرحوا .. فبالتأكيد يستطيعون أن لا يسرحوا طوال العشر دقائق، التي هي مدة كل صلاة بحوّل الله وقوته.
أخي الكريم، أدعوك إلى أن تجتهد وأبشر فإن الله تعالى أكرم ما تتصور وأعظم مما تتخيل يعطيك تلك اللذة إذا رآك تريدها فعلاً واستعنت به على ذلك.
قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهم سبلَنَا ..} [العنكبوت: 69]
أخي الكريم، بعد معرفتك بهذه الأبعاد ستصل إلى مرحلة تتمنى بعدها ألا تنتهي الصلاة وأن تبقى فيها أكثر .. ولكن الأمر يحتاج منك إلى عزم ..
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم






سر الرجاء

بعد أن تحدثنا عن حضور القلب وفهم معانى الكلمات فى الصلاة، سنتحدث عن عمق جديد للذة وفيه عبادة زائدة وطعم ألذ …
وهذا الشعور لابد أن تدخله فى صلاتك؛ لأن كثير من الناس ربما يكون حاضر القلب في صلاته ويفهم المراد من ما يسمع ويفعل، لكنه لا يشعر بشيء أثناء الصلاة . . .
على الرغم من إن كل المشاعر تتولد لديه إذا قابل صديقه أو حبيبه، أما إذا قابل الله فى الصلاة فإنه لا يشعر بشيء وتكون صلاته باردة .. مجرد حركات وكلمات .. لذلك بعد الصلاة لا يشعر بأي إختلاف فى حياته .. لذا لابد أن تُضيف هذا البُعد الثالث إلى صلاتك وهو:


الشعور الثالث:: شعور الرجاء ..
أي أن ترجو رحمة الله ..
أتيتك يارب وأنا أرجوك أن ترحمني، أن تحبني، أن تعفو عني .. وظنك بالله إنه سيقبلك ويرضيك وسيُقربك عنده …
ومن يستحضر شعور الرجاء مرتبته عند الله أعلى من الذي يصلي بمجرد استحضار القلب والفهم .. وبالتالي سيشعُر بلذة قلبية أكثر ..
وهذا الشعور تحس به إذا عرفت الله، وكلما عرفت الله أكثر كلما زاد رجاؤك فى الصلاة .. لن تجد أحد أرجى لك من الله .. و من شدة قرب رجاء الله منك، فليس عليك سوى أن تظن بالله أي شيء تحبه وهو سيكون لك عند حسن ظنك . . .
تظن أن الله سيرحمك، يرحمك .. تظن أن الله سيعتقك من النار، يعتقك من النار .. تظن إن الله سيُدخلك الفردوس الأعلى، يُدخلك الفردوس الأعلى ..
فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي“أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء” [صحيح الجامع (4316)]
كيف يمكنك ألا ترجوه بعد هذا؟! ..
سنوات ونحن نُقابل الله في الصلوات، ولا نشعر بهذه المشاعر .. مع أن الله تعالى يُحب منك أن ترجوه ..
جرب أن الله سيرحمك، سيغفر لك، سيرفعك، وأنه سيجعلك من أهل الجنة …
وأبشر .. فإن الله سيعطيك، قال تعالى { َوقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ…..}[غافر : 60]
ادعّ وأنت على يقين تام من الإجابة .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم ادعوا الله تعالى وأنتم موقنون بالإجابة ..”[السلسلة الصحيحة (594)]
إن فعلت ذلك أعطاك أكثر مما ترجوه وتريده منه،
لكن بشرط:: أن يكون رجاءً وليس أمانى،،




تمتع بالرجاء

ما الفرق بين الرجاء والأماني؟

الرجاء هو أن تشعر بالمشاعر التى ذكرناها سابقًا ولكن مع عمل .. أما الأمانى فبلا عمل، أن يتمنى من الله أن يغفر له ويرحمه وهو معرض عنه ..
قال تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثمَّ اهتَدَى}[طه : 82]
ووالله إن للرجاء طعم فى الصلاة .. جرب الرجاء، جرب أن تحسن الظن بربك فى الصلاة، سيعطيك أكثر مما تستحق بل وأكثر مما تتوقع، فقط لأنك ترجوه …
قال تعالى {…..وَرَحمَتِي وَسِعَت كلَّ شَيءٍ…}[الأعراف : 156]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخرّ الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة”[متفق عليه]
لقد وسعت رحمة الله عز وجل من هو شر منك، فكيف لا يرحمك؟!
ولتحصل على رحمة الله عز وجل .. عليك أن تطلبها منه وهو يعطيك إياها .. قم الآن فصلِّ وأرجو ربك وهو يعطيك رحمته،،
قال تعالى {قل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفوا عَلَى أَنفسِهِم لَا تَقنَطوا مِن رَّحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِر الذّنوبَ جَمِيعاً إِنَّه هوَ الغَفور الرَّحِيم}[الزمر : 53]
ادعوه وتمتع بالرجاء فى صلاتك،،




هيبة الجلال

بعد أن تدرجنا من حضور القلب إلى الفهم ودخلنا في شعور الرجاء .. نريد أن نعادل الرجاء بشعور آخر وهو شعور الهيبة ..
كان علي بن أبى طالب رضي الله عنه إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلوّن وجهه، فيقال له ما بك؟، فيقول “جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملتها أنا” … لقد كانت صلاتهم تختلف عن صلاتنا، لأن مشاعرهم تختلف عن مشاعرنا .. ونحن نريد أن نزيد من عبادتنا القلبية، لنتلذذ بالصلاة أكثر …
فما الفرق بين الخوف والخشية والهيبة؟
فالهيبة نوع من أنواع الخوف ..والفرق بينهم كما ذكر ابن القيم رحمه الله:
الخوف .. هو الهروب من المخوف منه ..
أما الخشية .. هي خوف ولكن مع علم، فإذا زاد علم العبد بربه صار خوفه خشية .. قال تعالى {….إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ العلَمَاء…}[فاطر : 28]
أما الهيبة .. فهي خوفٌ مع علم وتعظيم … وهي أعلى مراتب الخوف.
مثلاً: أنت تخاف من النار ولكنك لا تهابها لأن خوفك سببه الإيذاء وليس التعظيم، أما والدك فأنت تهابه لأن شعورك تجاهه عبارة عن خوف مع تعظيم ..


كيف نجمع بين الخوف والرجاء؟

هذا أمرٌ سهل .. فنحن نجمع بين الخوف والرجاء عندما نتعامل مع المخلوقات، فكيف لا نجمع بينهما في تعاملنا مع الخالق؟؟
ألا ترى أن الرجل عندما يكون مدينًا لرجلٍ آخر، فيقِرّ بأن عليه دين يجب أن يدفعه ولكنه يرجو منه أن يسقط الدين، لطمعه في كرم الدائن.
ولله المثل الأعلى .. أنت تعترف بذنبك، فتخاف منه وتقِر به .. ومع ذلك ترجو كرم الكريم جل جلاله في أن يعفو عنك.
وكل شيء إذا خفته تفر منه إلا الله تعالى، فالله تعالى إذا خفته فررت إليه . . قال تعالى {فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ….}[الذاريات : 50]
كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو فيقول “.. لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ..” [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
ومن دعائه أيضًا : “اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك”[رواه مسلم] ..
قال ابن القيم “ولا يعلم مافي هذه الكلمات من التوحيد والمعارف والعبودية إلا الراسخون فى العلم، ولو استقصينا شرحها لخرجنا بكتاب ضخم .. ولكن إن دخلت ـ فى هذا العلم ـ رأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”
ويقول رحمه الله “هيبة الجلال هي أقصى درجة يشار إليها فى غاية الخوف، وربنا سبحانه له هيبة عظيمة لا يعلمها إلا من هزته تلك الهيبة”
هيبة لا تقاربها هيبة .. والذي يقف بين يديه يشعر بها بوضوح،،



اعرف نفسك اعرف ربك

والخوف من الله يزيد فى قلب العبد لسببين:
1) علم العبد بربه ..بعلمه أن الله عز وجل عظيم وذو كبرياء وجبروت، فلا ينبغي أن يعصى أو يخَالف، فكل شيء تحت قهره وسلطانه ..
فمن أنا وأنت حتى نخالف أمر الله؟!!
ولهذا فإن الله يهز عباده ويقول لهم { مَّا لَكم لَا تَرجونَ لِلَّهِ وَقَاراً }[نوح : 13]، ويقول لهم {….وَيحَذِّركم اللّه نَفسَه…..}[ آل عمران : 28 ]
2) علم العبد بنفسه .. فإن الإنسان أدرى بأفعاله وبما في قلبه، يقول الله عز وجل { بَلِ الإِنسَان عَلَى نَفسِهِ بَصِيرَةٌ }[القيامة : 14].. وعلى الرغم من درايته بمعاصيه، ففي كل مرة يؤخر التوبة .. وإلى الآن لم يتب بعد ..
والله عز وجل لو أهلك العباد لأهلكهم جميعًا وهو لا يبالي بهم، يقول الله تعالى { يَا أَيّهَا النَّاس أَنتم الفقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّه هوَ الغَنِيّ الحَمِيد (15) إِن يَشَأ يذهِبكم وَيَأتِ بِخَلقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)} [فاطر]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر”[صحيح الجامع (3665)]
أخي الكريم، لا يغرنّك حلم الله عليك وستره لك وعدم عقوبته لك!!
ولتعلم إن كل الخوف مزعج ومؤلم، إلا الخوف من الله عز وجل .. فإن الحياة لا تطيب إلا به، لأنه يوصلك إلى أحلى مكان فى الكون .. يوصلك إلى الجنة ..
ألا تحب أن تدخل الجنة؟!

قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، إنا لنصحب أقوامًا يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تتقطع، قال: “لإن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنًا، خير لك من أن تصحب أقوامًا يؤمنونك حتى تدركك المخاوف”
جرب أن يمتلأ قلبك بالهيبة من الله .. وستشعر بالفرق فى صلاتك،،




يتبع

امانى يسرى محمد 01-10-2020 04:04 PM

رد: كيف تتلذذ بالصلاة للشيخ مشاري الخراز
 
لذة حب جمال الله

بما أننا قد استحضرنا قلوبنا وبدأنا نفهم الصلاة وأضفنا شعوري الرجاء والهيبة، بقي علينا أن نأتي بأفضل هذه المشاعر وأعلاها .. وهذا الشعور يُحلّي لك الصلاة ويُجملُها وتحس معه أن الصلاة قد صارت أقصر من المعتاد ..
وقد تكلم ابن القيم عن هذا الشعور، فقال “هو الذي تنافس فيه المتنافسون .. وإليه شمر السابقون .. فهو غذاء الأراوح وقرة العيون .. ومتى خلى القلب منه فهو كالجسد الذي لا روح فيه، فهو النور وهو شفاء وهو اللذة التى من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام”إنه شعور الحب .. حب الله

فأحب شيء إلى قلبك هو الله عز وجل .. وبعض الناس يظن أن علاقته مع الله هي مجرد تنفيذ أوامر واجتناب للمحرمات، لكي ينجو من عذاب النار .. وهذا واجب عليك أن تفعله، ولكن عليك تفعله خوفًا ورجاءًا وحبًا .. وليس خوفًا فقط ..
والله عز وجل هو الأولى بأن تصرف إليه المحبة من أي شخص في حياتك .. يقول تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ..}[البقرة: 165]
يقول ابن القيم في (طريق الهجرتين) “وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين ويحبونه، بل لا شيء أحب إليه منه ولا أشوق إليهم من لقائه ولا أقرّ لعيونهم من رؤيته ولا أحظى عندهم من قربه”
أحلي حب في الوجود هو حب الله ..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم“ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما …”[متفق عليه] .. فلن تشعر بحلاوة الإيمان إلا بمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أولاً ..
ويقول ابن القيم في (الفوائد) “وكما إنه ليس كمثله شيء، فليس كمحبته شيء”
فكيف نحس بهذا الشعور في الصلاة ؟؟

عليك أن تسأل نفسك لِما تُحب الله .. فما من أحدٍ تحبه إلا لأحد أسبابٍ ثلاثة: إما أن تحبه لجماله، أو لحُسن تعامله معك، أو لفضلاً له عليك .. والله عز وجل قد جمع هذه الأسباب الثلاثة، فنحن نحبه لفضله علينا ولحُسن تعامله معنا ولجماله عز وجل ..
ويكفي في جماله ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم “.. حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه[رواه ابن ماجه وصححه الألباني] .. فلا يستطيع بشر أن ينظر الي جماله وجلاله في هذه الدار.


جمال خلق الجميل سبحانه

ومن أسماءه الحسنى الجميل .. وهو سبحانه جميل يحب الجمال، ولذلك لم يبعث الله نبيًا إلا جميل الصورة كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ..
وقالوا في وصفه صلي الله عليه وسلم : “كأن الشمس تجري في وجهه”، وقالوا: “لم أره قبله ولا بعده مثله”
وما استدام الجمال والجلال لأحد إلا لله الكبير المتعال، وقد أخبر الله عباده بذلك فقال {كلّ مَن عَلَيهَا فَانٍ، وَيَبقَى وَجه رَبِّكَ ذو الجَلاَلِ وَالإِكرَامِ }[الرحمن: 26,27]
والله عز وجل ينصب إليك هذا الجمال إذا صليت ..
لقوله صلى الله عليه وسلم “فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت” [رواه الترمذي وصححه الألباني]
فهو سبحانه ينصب إليك وجهه ما لم تلتفت، سواء كان الإلتفات بالوجه أو القلب (السرحان).
أخي الكريم، أتدري ستقف بين يدى مَن بعد قليل؟؟
ستقف بين يدي الله …. الله الذي هو أجمل شيء في الكون،،
هل أزددت حبًا لله الآن؟؟


تأمل تعامل الله مع العباد

إذا زاد حبك لله سيزيد خشوعك في الصلاة ولا شك .. لإنك إذا قابلت من تحب، فلن يكون شعورك كما لو قابلت من لا تشعر بحبه …
وكثيرُ من الناس لا يشعر بمحبة الله أثناء الصلاة، ولهذا فلن يخشع ..
أما محبة الله سبحانه وتعالى لحُسن تعامله
فإنك لن تعامل أحدًا في حياتك أسهل ولا أحنّ ولا ألطف من تعاملك مع الودود الرحيم الكريم الحليم … فأكرم من تعامل هو الله عز وجل ..
قال ابن القيم “ويخاطبهم الله بألطف الخطاب ويُسميهم بأحسن أسمائهم، كقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا}، وفي موضع آخر {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ }[الزمر :53] .. فيخاطبهم بخطاب الوداد والمحبة والتلطف والتحنن فيقول الله لهم {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال: 26]”
فإذا استشعرت هذا التعامل الرفيع والخطاب الودود من الله في صلاتك .. أحببته ولا شك، وبالتالي لن تكون الصلاة كما كانت فى السابق،،
تأمل تعاملك مع الله عز وجل ..

عندما تقع في بلاء وضيق .. يُسخر الله لك عبدًا من عباده لينقذك ويفك ضيقك .. فتشكر هذا العبد الذي بعثه الله ولا تشكر من أرسله .. وهو الله سبحانه وتعالى !!
بل تُقابل هذا العبد بالبِشر والحب والإحترام .. وتُقابل ربك جلّ جلاله في الصلاة، بالسرحان والغفلة والرغبة في الإنتهاء منها سريعًا !!
دائمًا يُرسل إليك الرزق والمال .. فإذا منعك منه إحدى المرات لخيرٍ هو يعلمه، تتسخط وتغضب وتشتكي .. مع إنه خيرٌ لك .. قال تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة :216 ]
ولا يزال المتسخِط يتسخط، ولا يزال المُتسخَط عليه يُعطي المُتسخِط .. وإذا أعترف بخطأه بعد كل هذه السنوات من سوء الأدب مع الله تعالى، يقبل الله منه إعترافه وتوبته ..
قال النبي صلى الله عليه و سلم “التائب من الذنب كمن لا ذنب له” [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]
عجيب أمر العباد مع الله .. هو يخلق، ويُعبد غيره .. هو يرزق، ويُشكر غيره ..
النبي صلى الله عليه وسلم قال “قال الله تعالى: شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني أما شتمه إياي فقوله إن لي ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد وأما تكذيبه إياي فقوله ليس يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته” [صحيح البخاري]
و مع هذا فإنه يطعم الذى شتمه سبحانه، ويسقي الذي سبه، وإذا مرض عافاه، وإذا أحتاج أعطاه .. وهو الغني ذو الرحمة لو شاء لأمر جنديًا من جنوده بأن يُهلك الأرض بمن عليها .. لكنه صبور، غفور، رحيــــم، كريـــــم …
يقول ابن القيم “مع هذا فلن ييأس العبد من رحمته بل يقول الله : متى جئتني قبلتك، ومتى أتيتني ليلاً قبلتك، وأتيتني نهارًا قبلتك، إن تقربت مني شبرًا تقربت منك ذراعا ، وإن تقربت مني ذراعًا تقربت منك باعًا، و إن مشيت إلي هرولت إليك، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ولا أبالي”
فهلا أحببتموه إخواني؟؟
إذا إستشعرت ذلك فى صلاتك، فإن صلاتك ستكون شيئًا آخر،،


تأمل هذا المشهد

والله إنا لنستحي من الله تعالى .. وكلما نستحي أكثر كلما يزيد حبنا لله تعالى ..
يقول ابن القيم “يستحي الله من عبده، حيث لا يستحي العبد منه .. ناداه الله إلى رضوانه فأبى، فأرسل الله فى طلبه الرسل وبعث معهم الكتب، ثم نزل سبحانه فى الثلث الأخير من الليل وقال: من يسألني فأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له “
وأنت نـــــــــــائم .. الله المستعان،،
ويقول ابن القيم أيضًا “من عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم، ومن عرف الله لم يكن شيءٌ أحب إليه منه، ولم تكن له رغبة فيما سواه، إلا فيما يقربه إليه ويعينه على سفره إليه …
وكيف لا تحب القلوب من لا يأتى بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، ولا يجيب الدعوات ويقيل العثرات ويغفر الخطيئات ويستر العورات ويكشف الكربات ويغيث اللهفات ويجيب الطلبات، ســــــــــــــــــــــــواه؟؟ .. فهو أحق من ذُكر، وأحق من شُكِر، وأحق من حُمِد، وأحق من عُبِد، وأنصر من ابتُغي، و أرأف من مَلَك … هو أجود من سُئل، وأوسع من أعطى، وأكرم من قصد، وأرحم بعبده من الوالدة بولدها”
فالله تعالى يُحسن التعامل معنا طوال اليوم .. يُطعمنا ويسقينا ويرزقنا ويعافينا … وبعد ذلك، لو أخطأنا يغفر لنا إن تبنا و رجعنا …
وأنت حين تقف بين يديه عشر دقائق، لا تُحسِن التعامل معه !!
قال تعالى { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }[الرحمن :60]
ألا ترحم نفسك وتُحسِن الوقوف بين يدي ربك؟؟
فأنت مع الله لا تحتاج سوى أن تقول الله أكبر .. فإذا أنت بين يديه ..
اسأل الله أن يُحسّن وقوفك بين يديه،،

امانى يسرى محمد 02-10-2020 10:06 PM

رد: كيف تتلذذ بالصلاة للشيخ مشاري الخراز
 
نعمة جهاز المناعة..الامن الداخلي

معركة حربية .. داخل جسدك
لقد إتفقنا على أننا لابد أن ننتهي عن دخولنا إلى الصلاة بلا مشاعر وعبادات قلبية .. بل يجب علينا أن نخشع باستشعار المحبّة والهيبة والرجــــــاء، فالصلاة ليست مجرد ألفاظ وحركات ..
يقول ابن القيم “فإن اللذة تتبع الشعور والمحبة، فكلما كان المحب أعرف بالمحبوب وأشد محبة له كان التذاذه بقربه ورؤيته ووصوله إليه أعظم”
ونحن نريد أن نتلذذ بقربه سبحانه وتعالى .. وقد علمتم أن ما من أحد يحب أحد إلا ويحبه لجماله أو لتعامله أو لإنعامه .. بقي لنا أن نتكلم عن ..



حبنا لله سبحانه وتعالى لإنعامه علينا ..

فكل ما حولك، نعمة من الله سبحانه وتعالى عليك .. حتى مجرد تفكُّرك في هذه النعمة، هو نعمة في حد ذاتها .. قال الله تعالى { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ..} [النحل: 53]
وقال عز وجل {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا .. }[النحل: 18] .. ولكننا سنكتفي بذكر نعمتان فقط ..

1) نعمة الإيمان ..
فهذه أعظم نعمة مرت عليك في حياتك .. فلابد أن تفرح لأن الله عز وجل قد مَنّ عليك بالإيمان والتوحيد، فكم غيرك كثير قد ضلّوا ووقعوا في عبادة الأبقار والأحجار والشمس وغيرها الكثيــــر ..
ولكن أنت بعد قليل ستصلي وتسجد لربك الواحد الأحد .. الذي هداك إليه قائلاً { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } [طه: 14]

2) نعمة الأمن ..
قال تعالى {.. وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ..} [لقمان: 20] .. فالله عز وجل يؤمنّك بنوعين من الأمن، أمنًا داخليًا وخارجيًا ..

أما الأمن الداخلي ..
فيتمثل في جهاز المناعة .. الذي يقوم بتحصين جسمك من الداخل عن طريق منظومة عسكرية متطورة .. مكونة من أسطول من كرات الدم البيضاء، التى لا تتردد في مهاجمة أي جسم ضار يغزو جسدك ..
هذا الأسطول من كرات الدم البيضاء، تم تدريبه عسكريًا عن طريق “الغدة الثيموسية” ليستطيع التفريق بين الأجسام الصديقة والأجسام المُعادية التي تقتحم الجسد ..
ثم تقوم هذه الغُدة بعملية إختبار لكرات الدم البيضاء، بأن تعرض عليها أجسامًا صديقة .. فإن تعرفت عليها ولم تهاجمها، تنجح في الاختبار وتبدأ بممارسة عملها في حراسة جسدك .. أما إن فشلت في الإختبار، تقوم “الغدة الثيموسية” بقتل هذه الكرات الراسبة ..
فسبحـــــانه مُدبر الأمور،،
وما أن تعتاد كرات الدم البيضاء على العمل وتكتسب الكفاءة المطلوبة، تنتهي مهمة “الغدة الثيموسية” وتبدأ في الضمور ..
فسبحان الذي خلق كل شيءٍ فقدره تقديرا،،
أما المعارك القتالية التي تخوضها كرات الدم البيضاء .. فهي تبدأ بإرسال فرق من كرات الدم الإستكشافية، لاستكشاف الأجسام الغريبة التي تتسلل إلى الجسم عن طريق الجروح أو ما شابه .. ثم تُرسِل عينة من هذه الأجسام الغريبة إلى كرات الدم البيضاء، لتقوم بتصنيع المصل المُضاد لهذا العدو .. ثم تتجهز الخلايا المُهاجمة للإنقضاض على هذا الجسم المُعادي .. وبعد القضاء عليه يتم تخزين المصل المضاد الذي تم صنعه، حتى إذا ما تسلل العدو إلى الجسد مرة أخرى يقومون بمهاجمته مباشرةً دون الحاجة لإعادة تصنيع السلاح ..
كل هذا يحدث في جسدك وأنت لا تدري .. وقد يكون يحدث الآن وأنت لا تشعر ..
فسبحــــان من يُحرِّك ويُدبِّر .. ويُنعم على الإنسان بنعمة الأمن،،






تذوق مذاق الحياء

أما الأمن الخارجى ..
فقد مَنّ الله عز وجل عليك بحياة آمنة مطمئنة، دون أن تخشى على نفسك أو أولادك القتل أو السرقة .. والكثير من الناس قد حرِموا من هذه النعمة، نعمة العيش في أمـــــان ..
فهلا استشعرت نعمة الله عليك؟!
إذا أحببته وزاد حبك له، لجماله ولحسن تعامله ولإنعامه عليك … ستنتقل إلى شعورٍ آخر دقيق وجميــــــل، وهو ..


شعــور الحيـــــــــــــــــاء

فنحن نستحي من الله تعالى، لإنه سبحانه صبورٌ علينا على كثرة معاصينا …
كان وهيب بن الورد يقول “خفّ الله على قدر قدرته عليك، واستحِّ منه على قدر قربه منك”
وذكر ابن القيم في كتابه (الجواب الكافي) أقوى الأسباب التي تدفعك لمحبة الله عز وجل والحياء منه، فيقول “بل تمكينه عبده من معصيته وإعانته عليه وستره حتى يقضي وطره منها وكلائته وحراسته له وهو يقضي وطره من معصيته وهو يعينه ويستعين عليها بنعمه، من أقوى الدواعي إلى محبته .. فلو إن مخلوقًا فعل بمخلوق أدنى شيء من ذلك لم يملك قلبه عن محبته .. فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من يحسن إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته؟ .. فخيره إليك نازل وشرك إليه صاعد .. يتحبب إليه بنعمه وهو غني عنه، والعبد يتبغض إليه بالمعاصي وهو فقير إليه .. فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته، ولا معصية العبد ولومه يقطع إحسان ربه عنه”

يقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر” [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى التي فقدت ابنها، قد حال البكاء بينه وبين الدعاء .. فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال:
“واسوءتاااااااااااه منك وإن عفوت .. واحياءااااااه منك وإن غفرت”

ويقول ابن القيم “ويسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين بل يجب الملحين في الدعاء ويجب إن يسأل ويغضب إذا لم يسأل فيستحي من عبده حيث لا يستحي العبد منه ويستره حيث لا يستر نفسه وبرحمة حيث لا يرحم نفسه”
الله عز وجل يستحي منك .. فهل تستحي منه؟!!!

يقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا” [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
ومن نحن حتى يستحي الله عز وجل منا؟!!
تذوق مذاق الحيـــــــاء في الصلاة .. وعشّ لذة الصلاة،،




صلاة بلا خشوع .. تعبٌ بلا حسنات

هل تساءلت يومًا، لماذا تهجم عليك الأفكار فور دخولك في الصلاة ولا تهجم عليك قبل ذلك؟!
ذلك لإنك لم تبلغ القمة بعد ولم تستطع حراسة قلبك من همزات الشياطين ..
ومما يعينّك على الخشوع في الصلاة أن تعلم ..
أن صلاتك بلا خشوع .. تعبٌ بلا حسنات !!

النبي صلى الله عليه و سلم قال “إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها” [رواه أبو داوود وحسنه الألباني] .. وكلما خشعت أكثر، حصلت على أجرٍ أكثر .. وإن لم تخشع شيئًا، يخشى أن لا يكتب لك أجر ..
قال ابن عباس رضي الله عنه “ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها”
فتأتي يوم القيامة وقد صليت عمرك كله، ولكن لم يحسب لك سوى عدد قليل جدًا من الصلوات .. بحسب ما خشعت في صلاتك ..

فاحذر أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم {.. وَبَدَا لَهم مِنَ اللَّهِ مَا لَم يَكونوا يَحتَسِبونَ} [الزمر: 47]
قد يقول البعض، إذًا نترك الصلاة !! ..
ولماذا يا أخي تترك الخير؟ أليس من الأسهل أن تترك السرحان وتفوز بعظيم الأجر ؟!






المفتاح السحري للخشوع في الصلاة

ها قد حان الوقت لنكشف عن المفتاح السحري للصلاة .. الذي قد غيَّر صلاة الكثيريــن ..
وهو ليس بمفتاح صعب أو شاق، وإذا ما عرفته تلذذت به .. وهذا المفتاح يتلخص في ثلاث كلمات ..
كلِّم ربّك .. خاطِّب ربّك .. تحدث إليه ..
عندها ستشعر أنك تخاطب الله عز وجل وتنتظر منه الإجابة، مما يُحرِّك قلبك ويُثير إنتباهك .. وحضور القلب هو الذي يوجب الخشوع واللذة،،
قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أحدكم إذا قام يصلي إنما يناجي ربه، فلينظر كيف يناجيه” [صحيح الجامع (1538)]

يقول الشيخ ابنعثيمين رحمة الله “إذا كان يصلي فإنه يناجي الله يعني يخاطبه، والله عزّ وجلّ يرد عليه” .. فإذا دخل فى الصلاة، فقد وقف بين يدي الله عز وجل .. فليستشعر أنه يخاطب الله عز وجل بكامل صفاته.
اجعل صلاتك كلها مناجاة .. ستستمتع بها وتخشع فيها مثلما تفعل في دعاء القنوت في رمضان ..

كان أحد السلف إذا صلى قيام الليل، وقف بين يدي الله وأخذ يهز لحيته ويقول:
“يــــــــا ربِ عبدك هذا في الجنة أم في النار ؟؟ عبدك هذا في الجنة أم في النار ؟؟”
انكسر بين يدي الله تعالى،،
خاطبه في ركوعك وسجودك .. وادعّ بهذا الدعاء الجميل الذي يعجب منه الله تبارك وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ليعجب من العبد إذا قال: لا إله إلا أنت إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: عبدي عرف أن له ربًا يغفر ويعاقب [صحيح الجامع (1821)]
أجل يارب، قد عرفنا أنك ربنا وليس لنا غيرك .. آمنا بكتابك وأنخنا مطايانا ببابك، فلا تطردنا عن جنابك .. فإنك إن طردتنا، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك،،
إخواني، خاطبوا ربكم في الصلاة فإنه يخاطبكم ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ..
فإذا قال العبد (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، قال الله حمدني عبدي ..
فإذا قال (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، قال أثنى عليّ عبدي ..
فإذا قال (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، قال مجدّني عبدي ..
فإذا قال (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ..
فإذا قال (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل” [رواه مسلم]

إذا ناجيت ربك هكذا طوال صلاتك، فسوف ترى عجبًا .. لأن الله سبحانه وتعالى كريـــــــم .. فإذا خاطبته يستجيب لك ويعطيك، قال تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ..} [غافر :60 ]
وأنت طوال الصلاة تعيش فى مناجاة كاملة مع ربك عز وجل، وما أحلاها من مناجاة ..
أرجوك طبِّق المفتاح السحري، وإستمتع بالصلاة …

اللهم أرزقنا الخشوع فى الصلاة،،

امانى يسرى محمد 03-10-2020 12:56 PM

رد: كيف تتلذذ بالصلاة للشيخ مشاري الخراز
 
أسـرار الأذان

تعالوا نتعمق أكثر في أسرار الصلاة ..
فالصلاة لا تبدأ مع تكبيرة الإحرام فقط، وإنما تبدأ قبل ذلك بكثيــــر ..

فبمجرد انتظارك للصلاة، فأنت في صلاة ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم “.. ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة” [متفق عليه]

بل إنها تبدأ مع وضوءك وذهابك إلى المسجد .. قال صلى الله عليه وسلم “إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة”[صحيح الجامع (442)]



لنبدأ مع كنزٍ من الأسرار، إنه الآذان المليء بالأسرار البديعة التي قلّ من ينتبه لها ..
هل جربّت الأذان يومًا؟!

فمن ارتبط بالأذان قبل الصلاة، زاد خشوعه فيها .. لأن الأذان يطرد الشيطان الذي لا يدعك تخشع فى الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم “إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ..“ ] متفق عليه]… فالشيطان يفرّ من الأذان؛ لشدة غيظه من هذه العبادة .. وأنت عليك أن تزيد في إغاظته، إنتقامًا لما كان يسرقه من صلاتك طوال هذه السنوات.

والأذان فرصة لك لكي تضاعف صلاتك .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم “..
والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس وله مثل أجر من صلى معه” [صحيح الجامع (1841)]
وهذا الأجر ليس للمؤذن فقط، فبإمكانك أن تأخذ مثل أجره إذا رددت معه ..
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلا قال يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه” [رواه أبو داود وصححه الألباني]
فتخيل إنك بمجرد ترديدك الأذان مع المؤذن تأخذ مثل أجره، أي أجر كل من صلى معه في المسجد بأكمله .. فياله من عملٍ يسيـــــر وأجرٍ عظيــــم،،
دعونا نخوض مع أول كلمة في الأذان ..

الله أكبــر

ما أن تسمع هذه الكلمة، عليك أن تترك كل شيء وتذهب إليه سبحانه وتعالى ..
فالله أكبر من تجارتك .. والله أكبر من أهلك وولدك ..والله أكبر من فراش نومك .. والله أكبر من لعبك .. الله أكبر من المسلسلات والفضائيات .. الله أكبر من المباريات .. الله أكبر من عملك ووظيفتك ..
الله أكبر من كل شيء،،

أشهد أنْ لا إله إلا الله

أن توحيدك لله عز وجل، هو الذي يدفعك لترك كل المتع والملذات لكي تُلبي النداء .. فقط لأجل الله عز وجل، يا من لا يستحق العبادة إلا أنت.
ومن يبقى في عمله ولا يريد أن يتركه بعد أن يسمع هذا النداء، فقد صار عبدًا لعمله .. وهو الذي دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً “تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش” [رواه البخاري]



استمتع بالأذان

كم للأذان من أسرار جميلة وبديعة .. ولكننا للأسف نسمع هذه الأسرار في كل يوم دون أن نُلقي لها بالاً ..
على الرغم من إن إحياءك للأذان، هو مشاركة منك في نُصرة النبي صلى الله عليه وسلم .. فالأذان ينطلق في مكان مختلف على وجه الكرة الأرضية، في كل دقيقة على مدار الأربعة وعشرون ساعة .. ممجدًا لذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وشاهدًا بإنه رسول الله ..
أشهد أنّ محمدًا رسول الله

والأذان هنا يُذكرك بالشرطان لقبول العمل، وهما:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل .. (أشهد أن لا إله إلا الله)
الشرط الثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم .. (أشهد أن محمدًا رسول الله)
فلابد أن تؤدي الصلاة كما كان يؤديها الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي قال “صلوا كما رأيتموني أصلي ..” [متفق عليه]

حي على الصلاة
و
عند سماعك لهذا النداء، تقول لا حول ولا قوة إلا بالله .. أي: إنك تستعين بحوّل الله وقوته، فأنت لن تصلي ولن تخشع إلا إذا أعانك الله عز وجل .. قال تعالى {…وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً ..} [النور: 21]
وهنا قد جمع الله عز وجل بين العبادة والإستعانة في الآذان، كما جمع بينهما في سورة الفاتحة .. في قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]
فسبحان من ناسق بين عباداته وجعلها مُكمّلة لبعضها البعض .. منسوجة على لوحة فنية لا نشاز فيها .. سبحــــــــــان الله،،


حي على الفلاح

فالصلاة هي فلاحك ونجاتك ..
وهل يعلم أحدٌ أن الفلاح في مكان ثم لا يأتيه؟!
ثم يُختم الأذان بمثل ما ابتُدِيء به، بترك الدنيا والإقبال على الآخرة ..
الله أكبر .. فهو أكبر من الدنيا وكل ما فيها، فاتركها واقبِل على الله عز وجل ..
لا إله إلا الله .. فعبادة الله وحده، هي الآخرة ..
قال ابن القيم رحمه الله “فلله في أحكام العبادات أسرار لا تهتدي العقول إلى إدراكها على وجه التفصيل وإن أدركتها جملة” .. ومن جملة هذه الأسرار أيضًا ..
أن الآذان يدعوك إلى لقاء أغلى حبيب على قلبك .. ربُّك عز وجل ..

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه “ [متفق عليه]
لذلك تجد المحبون لله عز وجل، يهبّون لتلبية النداء فور سماعهم الأذان ولا ينتظرون إلى آخر الوقت ..
يقول ابن القيم في كتابه (روضة المُحبين) “الشوق يحمل المحب على العجلة في رضا المحبوب والمبادرة إليها على الفور ولو كان فيها تلفه .. قال تعالى {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى، قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 83,84]، قال بعضهم: أراد شوقًا إليك فستره بلفظ الرضا”

ونحن سنُلبي النداء، شوقًا إليه سبحانه وفرحًا بلقاءه ..
جرِّب أن تستمتع بالأذان، وستستمتع حتمًا بالصلاة،،



الساعة الآن 07:53 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام