منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=126574)

المراقب العام 22-10-2020 07:25 AM

أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة
 
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



إن المبصر في ذاته الصغرى وفي الفضاء الذي يتحرك فيه والمتأمل في الوجود الكلي ليستشعر بيقين أن ما به من نعمة فمن الله تعالى : {وما بكم من نعمة فمن الله}. وإن هذا الفهم وما ينتج عنه من إحساس بالافتقار إليه عز وجل، ليدفع المؤمن للبحث عن وسائل لشكر الله تعالى على ما أنعم به وأكرم. وفي ثنايا الكتاب العزيز نجد السبيل المفضي للشكر، قال تعالى :{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ. يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }(آل عمران : 42-43).


وفي سورة الشرح يُُذكر الله عز وجل خير خلقه محمد صلى الله عليه وسلم بالنعم التي أغدقها عليه ويخط له منهج الشكر {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} قيل إذا فرغت من أمور دنياك فانصب في عبادة ربك، وقيل إذا فرغت من عبادةٍ لربّك فانصب في عبادةٍ أخرى لربّك، وفي سورة الكوثر” القصيرة المبنى والعميقة المعنى والتي يقرؤها الغافل منا على عجل أثناء نقر صلاته ،يقول رب العزة {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر} عطاء لا حد له يتبعه نداء بالوفاء والولاء. وأعظم نعمة تستوجب الشكر هي دين الله {اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.

إن من مقتضيات الهداية والشعور بأن الله قد اصطفاك وطهرك وأكرمك بإتباع دينه هو أن تسجد وتركع، بمعنى آخر أن تقترب منه وأن تعتصم به وفق المنهاج الذي اختاره لك {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك}.

قال تعالى: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هوالرزاق ذوالقوة المتين}(الذاريات :56).

إن الهدف من خلق الإنسان هو تحقيق العبودية لله، وعبادته عبادة بمفهومها الشامل وبمعناها الحقيقي بكل لوازمها وشروطها: الإخلاص، التذلل لله، اليقين، الصبر، الخضوع، الاستسلام والانقياد لأوامر الله بكل طواعية ومحبة وشوق. هذا الاستسلام هو الذي ربى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته، فأصبحوا يعيشون الدنيا بهمومها ولكن قلوبهم متعلقة بالآخرة، وبهذا كانوا واعين بما هو مطلوب منهم.. وأصبحت عبادتهم عبادة حية مبصرة قائمة على الطاعة بالمحبة وتحري رِضى الله تعالى عن طريق التقرب إليه بالفرائض والنوافل.وأن لا يجدوا راحة ولا طمأنينة إلا أثناء القيام بها لأنها تقربهم من المحبوب سبحانه وتعالى “أرحنا بها يا بلال”. وبمعنى آخر هي ممارسة العبادة وفق الهدى الرباني الذي تمثله المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وكل ممارسة لا تهتدي بسيرته وسنته في الإعداد والبناء والنماء لا يمكن أن تعطي النتيجة المرجوة {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوالله واليوم الآخر}،” فهوالتجربة النموذج المسددة بالوحي.

بم يتقرب إلى الله تعالى؟

أول ما يبدأ به هو الفرائض ، وإن جنس الفرائض أوالواجبات في الشريعة أعلى من ترك المحرمات، كلاهما لابد منه، لكن فعل الواجب أعلى في الشريعة وأكثر أجراً من جنس ترك المحرم، لأن الواجبات هي المقصود الأصلي ، …فإن رأى منها نقصاً تداركه بالنوافل”(1).

وإن أهم فريضة تحقق مفهوم التقرب إلى الله هي الصلاة، فالمؤمن يبرمج عقارب حياته على مواقيتها {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَ زُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}(هود : 114) . {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}(الإسراء : 78) . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح العمل كله.. وان فسدت فسد العمل كله”(2).

فهي سيماء المسلم التي تميزه عن غيره قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}(29)

{تراهم ركعا سجدا} هذا هو حالهم المستمر الذي لا ينقطع والصورة المشرقة التي لا تغيب عنهم، وقد ورد الثناء عليهم في مقام العبدية {وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما}. كما أننا نجد أن من أوائل ما نزل من القرآن الكريم {فاسجد واقترب} و{قم الليل إلا قليلا}، للتأكيد على دور هذه الشعيرة في بناء شخصية الفرد المؤمن ووتزكية نفسه لتحلق في محراب العبدية.

وهنا يتحقق القرب بعبادة لا يمكن الاستغناء عنها، أو التهاون بشأنها أوتعطيلها، فهي الشعيرة الوحيدة التي تؤدى في جميع الأحوال والظروف وحتى في أشدها وأخطرها: الحرب، قال تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون}(البقرة : 238- 293) .

وقد وزعها الحكيم العليم بين الليل والنهار وفق عدد معين من الركعات وجرعات نورانية محددة تحتاجها روح المؤمن ليكون العبد موصولا طوال الوقت به سبحانه وتعالى يتطهر من خلالها ويجدد في كل حين عهده مع الله فتزوده بطاقة كونية حيوية وحركة مؤثرة في الوجود ، قالصلى الله عليه وسلم لأصحابه: “أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحوالله بهن الخطايا”(3).

“وإنما الأوقات الخمسة رموز لليوم كله؛ فجر، فظهر، فعصر، فمغرب، فعشاء. فماذا بقي بعد ذلك من الوقت إلا امتدادات لهذه أوتلك؟ فالوقت كله إذن هوالصلاة. أنت تصلي الأوقات الخمسة؛ إذن أنت تصلي العمرَ كله، قلت: كله. وإنما فرض الله الصلاة عمرا، لا حركة ولا سكنة إلا صلاة. ألم يفرضها عز وجل أول ما فرضها خمسين صلاة، ثم خففها إلى خمس، كل وقت منها ينوب عن عشرة أوقات، والحسنة في ديننا بعشر أمثالها؟

أن تعبد الله بالوقت يعني أنك تعبده بمهجتك، وما المهجة إلا العمر، وما العمر إلا زمن، وما الزمن إلا أعوام، وما الأعوام إلا أشهر، وما الشهر إلا أيام، وما الأيام إلا ساعات، وما الساعات إلا دقائق، وما الدقائق إلا ثوان. فما عمرك يا ابن آدم :

دَقّاتُ قلب المرء قائلةٌ له

إن الحياة دقائقٌ وثوانِ

هكذا إذن؛ أن تعبد الله بالخمس يعني أنك تعبده بالعمر كله، تنثر مهجتك بين يديه تعالى وقتا وقتا، أوقل نبضا نبضا، ما دام هذا الفلك يعبر العمر إلى ربه هونا”(4).

فاقذف بنفسك يا أخي في معراج الخلوات وتخلص من أدران الطين في محراب الصلوات تتحرر روحك من قيد الشهوات

—-

1- سلسلة أعمال القلوب-ج 03- ص109- الدرس الثامن- للشيخ محمد بن صالح المنجّد

2- رواه الامام أحمد الحديث 465

3- رواه البخاري 528 ومسلم 1520 والإمام أحمد 2)379

4- معارج الصلاة وإخراج الإنسان الكوني” فريد الأنصاري رحمه الله. مجلة حراء.العدد: 11 أبريل – يونيو2008


الساعة الآن 06:51 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام