الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: المعروف لدى الجميع أن المهمة التي خلق الله عز وجل الخلق لأجلها والسر الذي من أجله أوجد الله الناس على ظهر هذه الأرض هو: العبادة، يقول الله تبارك وتعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58] فالله عز وجل لم يخلق الناس عبثاً أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:115-116]. إن الله تعالى منـزه عن العبث وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [ص:27].. وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:16-18]. والسر الذي من أجله خلق الله الإنس والجن على هذه الأرض هو: العبادة، والعبادة بمفهومها الشرعي ذات مدلول واسع؛ فليست مقصورة فقط على الشعائر التعبدية التي تعبد الله الناس بها من صيام وزكاة وحج -هذه هي أسس العبادة- ولكنها تظم جميع شئون الإنسان حتى عاداته ومباحاته إذا أحسن الإنسان النية فيها وفي مزاولتها عدت من عبادته، حتى أكله وشربه يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليرضى عن العبد يأكل اللقمة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها) وحتى في ممارسة أحب الأشياء إليه وهو الجنس إذا كان في طريق مشروع حلال، يقول عليه الصلاة والسلام: (وفي بضع أحدكم صدقة) فاستغرب الصحابة ! كيف يكون للإنسان على هذا الأمر أجر ، مع إنه أمر مادي بحت لا علاقة له بالدين؟! قالوا: (أيأتي أحدنا شهوته ويكون له عليها أجر؟! قال: أريتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر). ......
أهمية الوقت
العبادة لها محتوى ولها وعاء وإناء لا بد أن تمارس فيه، ألا وهو الوقت، الوقت هو المحتوى والوعاء الذي يمكن للإنسان بواسطته أن يملأه بما يحبه الله ويرضاه من العمل الصالح والعبادة الخالصة لوجه الله عز وجل، فضياع هذا الوقت هو ضياع للعبادة، فإذ ضيع الإنسان وقته فكيف يقضي عبادة ربه؟ أو من أين يتسنى له أن يوجد وقتاً وقد ضاع فيما لا ينفع فيملأه بما يفيد؟ الوقت هو عمر الإنسان، والإنسان هو مجموعة أيام وشهور وسنين؛ كل يوم ينتهي أو شهر ينتهي أو سنة تنتهي هو جزء من الإنسان، حتى تأتي عليه اللحظة التي لا يبقى من عمره شيء فينتهي وينقل إلى الدار الآخرة ليلقى له الحساب والجزاء على ما عمل، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً. وأنا أشبه -وقد قلت هذا في بعض المناسبات- عمر الإنسان -أو الإنسان- بأوراق التقويم التي تعلق في المسجد أو المكتب أو المنـزل في بداية العام وهو مملوء بالأوراق -ثلاثمائة وستين ورقة- وما من يوم إلا وتنـزع منه ورقة.. إلى أن يأتي آخر العام ولا يبقى إلا اللوح -أي: الكرتون- فيقذف بهذا الكرتون، وكذلك الإنسان عبارة عن مجموعة أيام؛ كل يوم ينـزع منه ورقة.. إلى أن تنتهي أيامه ولا يبقى إلا الجسد فيرمى في القبر، وهناك يعامل على ضوء ما عمل في هذه الدار؛ إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً. والعبادة بمفهومها -كما بينت- مفهوم واسع يشمل كل شيء ويغطي مساحة حياة المسلم والمسلمة في كل شيء. وأذكر لكم أثراً أو حديثاً ذكره الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء ، وبإمكانكن -أيتها الأخوات- أن تقسن مستوى الوعي والثقافة والإدراك الذي كن يعشن عليه النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على مستوى هذه المرأة والتي هي عيّنة من نساء ذلك المجتمع، انظروا إلى عظمة التفكير، وعلو الهمة! انظروا إلى الهمم التي كانت تعيش على أعلى مستويات يمكن أن يصل إليها الإنسان.. هذه واحدة من تلك النساء العظيمات. عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها: جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، أنا وافدة النساء إليك، إن الله بعثك للرجال والنساء جميعاً، فآمنا بك وصدقناك، وإنا معشر النساء قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا في الجمع والجماعات، وفي عيادة المرضى وشهود الجنائز، وفي الحج والجهاد في سبيل الله، وإن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم وغسلنا لكم أثوابكم، وربينا أولادكم، أفلا نشارككم في الأجر؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه وقال: هل سمعتم بمقالة امرأة قط أحسن من هذه!؟!) تعجب صلوات الله وسلامه عليه من هذه المرأة!! هذه المرأة العظيمة كانت تريد أن يتاح لها من فرص العمل الصالح ما أتيح للرجال،ثم قال لها : (أعلمي من خلفك من النساء: أن حسن تبعل المرأة لزوجها، وطلبها لرضاه، واتباعها لموافقته يعدل ذلك كله) حسن تبعلها وطلبها لرضاء زوجها واتباعها لموافقة زوجها يعدل في الأجر والثواب ذلك كله؛ يعدل الجهاد في سبيل الله وحضور الجمعة والجماعات، والحج والعمرات.. لماذا؟ لأنها تتمثل في هذا الأمر وهي تمارسه؛ تتمثل العبودية التي وجهت لها كعضو فعَّال في المجتمع عليها أن تقوم به. ليس من الضروري أن تمارس المرأة دور الرجل؛ فإن الله عز وجل خلق الرجل رجلاً وجعل له أدواراً يجب أن يمارسها، وخلق المرأة امرأة ووظفها بوظائف ينبغي أن تمارسها وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى [آل عمران:36]. والذين يدعون إلى المساواة يخدعون المرأة ويظلمونها ويلعبون بعقلها، إن من يريد أن يساوي بين الرجل والمرأة يريد أن يلغي سنة كونية الله عز وجل خلقها، وهي عميلة التفريق في الوظيفة وفي المفهوم. المرأة إنسانة لها وظائف والرجل إنسان له وظائف، فإذا أردنا من الرجل أن يكون امرأة أو من المرأة أن تكون رجلاً فقد صادمنا بين السنن الكونية! من يريد ويطلب من المرأة أن تساوي الرجل أو من النساء أن تساوي الرجل فهذا ظلم للمرأة حقيقة، لماذا؟ لأنه يطلب من المرأة أن تضيف على نفسها عبئاً أكثر مما يمكن أن تحمله، في حين يتخلى الرجل عن الأعباء الرئيسية التي أضيفت إلى المرأة.. هل يستطيع أن يحمل الرجل سنة وتحمل المرأة سنة أخرى، هل يستطيع الرجل أن يحيض شهراً وتحيض المرأة شهراً آخر؟! لا، لا يستطيع، فللمرأة وظائفها الفيسلوجية التي تتفق طبيعة تكوينها ولها أعبائها التي فرضها الله عليها. لذا فإن حسن تبعل المرأة وطاعتها لزوجها وموافقتها لأمر زوجها يعدل ذلك كله عند الله عز وجل ، فانصرفت هذه المرأة وهي تهلل وتكبر وتقول: لا إله إلا الله. أي: علمت علم اليقين أنها على خير حينما استجابت لأمر الله عز وجل، وطبقت تعليماته، ولزمت بيتها، وقامت بطاعة زوجها، والإشراف على خدمة أولادها، وهي بهذا تحتسب هذا الأمر عند الله تبارك وتعالى.......
العمر والوقت الذي يمكن أن يعيشه الإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة هو عمر واحد وفرصة واحدة لا تتكرر للإنسان، وبالاستقراء لم نر إنساناً منح هذا العمر ثم مات ثم منح مرة أخرى، ولذا فإن ضياع هذه الفرصة من أعظم السفه، هي فرصة واحدة وإذا ضيعها الإنسان في غير طاعة الله عز وجل فقد خسر خسراناً مبيناً، ولهذا يطلب أهل النار الرجعة ويقولون: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ *رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:106-108]؛ ليس هناك رجوع مرة أخرى. ولذا لا بد أن يكون العاقل عاقلاً في محاسبة نفسه على هذه الأوقات، بحيث إذا مر يوم ولم تكتسب فيه خيراً يقربك إلى الله عز وجل فإن هذا اليوم خسارة عظيمة عليك، يقول عليه الصلاة والسلام في حديث أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح يقول: (اغتنم خمساً قبل خمس) اغتنم خمساً في يدك قبل أن تأتي خمس تضيع عليك هذه الخمس وتخسرها، ومن ضمنها: (اغتنم فراغك قبل شغلك) الفراغ نعمة، إذا وجد عندك ضمن برنامجك -أيها الرجل أو أيتها المرأة- فراغاً يمكن أن تملأه بما يرضي الله فاغتنم هذا الفراغ، فلا يحصل عندك فراغ إلا وتغتنمه قبل أن يفوت وقت هذا الفراغ ويأتي عليك وقت لا تجد فيه فرصة لمزاولة عمل فتندم ولكن حين لا ينفع الندم! والوقت الذي هو الفراغ إن لم يشغل بالحق أشغل بالباطل، إذ لا يمكن أن يظل الإنسان فارغاً هكذا؛ بل لا بد أن ينظر ويسمع ويتكلم ويقوم ويقعد.. فإن لم يشغل نفسه بنظرٍ حلالٍ وبسماعٍ حلالٍ وبكلام حلال ومباح .. أشغلته نفسه بالباطل، يقول الشافعي : نفسك إن لم تشغلها بالحق أشغلتك بالباطل. والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. إن لم تقطعه في طاعة الله قطعك في معصيته، لا يمكن أن يقف الوقت وينتظرك، اليوم هو اليوم السادس من شهر ربيع الأول من عام ألف وأربعمائة وأربعة عشر، وسيمضي هذا اليوم وينتهي وسيمر علينا مرة ثانية ولكن من عام ألف وأربعمائة وخمسة عشر بعد عام هذا اليوم. فإذا غربت شمسه فلن يعود إلى يوم القيامة، وسيحمل معه ما خزن فيه، وهذه الخزائن تفتح بين يدي الله تعالى، ويقدم كشف الحساب للإنسان العامل عند موته ويقال له: هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثـية:29]. ......
قال عبد الله بن المبارك عليه رحمة الله إن البُصَرَاء لا يأْمَنون مِن خَمْسِ خصالٍ: × ذَنبٌ قَد مَضى لا يدري ما يصنع الربُّ فيه × و عُمرٌ قد بَقِيَ لا يدري ماذا فيه من الهَلَكَات × و فَضْلٌ قد أُعطِيَ لِعلَّةٍ و استدراج × و ضلالةٍ و قد زُيّنت لهُ فيراها هُدًى × و من زَيغُ القلب ساعةً بعدَ ساعة ، أسرع من طرفةٍ عينٍ قد يُسلَبُ دِينَه و هو لا يَشعُر
التعديل الأخير تم بواسطة e-mysarah ; 06-06-2010 الساعة 05:15 PM
ووقت الفراغ الذي يحصل في حياة المرأة- نحن الآن نتكلم عن المرأة باعتبار أن المشكلة تخصها فكثير من النساء يشعرن بوقت فراغ- نتج عن أسباب، وهذه الأسباب هي : ......
تخليها عن مسئولياتها في البيت وإسنادها إلى الغير
أولاً تخليّها عن مسئولياتها في البيت وإسناد هذه المسئوليات إلى الغير، فنتج عن هذا التخلي وعدم المبالاة فراغ، إذ أول مسئولية في البيت هي مسئولية التدبير المنـزلي، فالتدبير المنـزلي من تدبيرات المرأة: خدمة الزوج.. الطهي.. الغسل.. نظافة المنزل... هذه الأعمال ليست أعمالاً مبتذلة لا يصح أن تسند إلى المرأة، لا. بل هي في حق المرأة ربما تكون من العبادات، فلما أسندت هذه الوظائف إلى الخادمة أو الشغالة حصل عن هذا الإسناد لهذه الوظيفة فراغ. ثانياً: وكذلك مهمة تربية الأولاد من أوجب المهمات ومن أعظم المسائل المتعلقة بالمرأة، ولقد أسندت هذه المهمة إلى الشغالة وإلى الروضة وإلى المدرسة، ولم يعد للمرأة دور في ممارسة عملية التربية للولد وللبنت إلا دور بسيط عند المهتمات، أما بعض الأمهات فلا تعرف عن أولادها ولا عن تربيتهم شيئاً، وهذا من أخطأ الخطأ. ثالثاً: وكذلك نتج الفراغ من جهل المرأة بحقوق الزوج وعدم إعطائها الحق الكامل لزوجها، الزوج مسئولية، وعلى المرأة تجاهه واجبات لا بد أن تقوم بهذه الواجبات، ليست مقصورة فقط فيما تفهمه المرأة غالباً وهو الجانب الجنسي فقط، لا. الزوج كما يقول أحد العلماء شغلة للمرأة، يجب أن تصرف في خدمته شخصياً ثلث عمرها- ثمان ساعات- لرضاه.. لخدمته.. لاستقباله.. للأنس به.. للجلسة معه.. للعناية به.. لتمريضه.. لكل شغلة، لكن الرجل لا يجد من المرأة في هذه الجوانب شيئاً، معطلة لهذه الحقوق، وبالتالي تسوء العشرة بين الرجل والمرأة ويضطر إلى الزواج بأخرى تمنحه شيئاً من هذا الحق، أو يعيش طوال حياته مهضوماً مكلوم القلب، يعيش في معاناة نفسية وعذاب داخلي؛ لأنه مهضوم ما أعطي حقه، بينما المرأة هي التي قصرت في هذا الحق. فنقول للمرأة: إن تخليّها عن مسئوليات بيتها تجاه تدبير منـزلها، وتربية أولادها، وخدمة زوجها أحدث لديها فراغاً حاولت أن تملأه بما لا ينفعها، فعبرت عن هذا بما سأذكره إن شاء الله من أشياء غير مناسبة أن تقضي المرأة جزءاً من وقتها متسكعة في الشوارع ومتجولة في الأسواق؛ لأنها فارغة ليس لها غرض أصلاً ولا تريد أن تشتري شيئاً فقط تقول: خذني إلى السوق. يقول لماذا؟ قالت: نشتري حاجة، وليس في ذهنها شيء! إنما أحست بالضيق في البيت فأرادت أن تقضي شيئاً من الفراغ في السوق، أو تقضيه في مشاهدة الأفلام والمسلسلات، أو في الزيارات المتكررة والجلسات التي تجلس فيها مع جيرانها وجاراتها في جلسات أكثرها معصية لله عز وجل؛ في قيل وقال وغيبة ونميمة وفلانة وعلانة.. وهذا كلام كله لا يرضي الله تبارك وتعالى! هذا الفراغ ملئ بالباطل يوم تخلت عنه المرأة ولم تملأه بالحق المطلوب منها.
التسويف
من الأسباب التي أدت إلى وجود الفراغ: التسويف؛ والتسويف هذا عمل الكسالى من الرجال أو النساء: سوف أعمل.. سوف أحفظ القرآن.. سوف أحفظ السنة.. سوف أكون خياطة.. سوف أكون مدبرة سوف.. سوف..، ومرت سنة .. وعشر وعشرون .. وحليمة على عادتها القديمة لم تتعلم شيئاً، ولم تحفظ آية، ولم تحفظ حديثاً ولا قامت بأي جهد.. وإنما تمني نفسها وتلعب على نفسها وتخدع نفسها بالتسويف، والتسويف هو رءوس أموال المفاليس، تقول له :ما عندك ؟ قال: سوف أبني عمارة في المستقبل، ويموت وهو لم يحقق شيئاً، لماذا ؟ لأنه يعيش على الأماني. هذا التسويف من أخطر الأشياء على المرأة، يجب أن تكون المرأة جادة فعَّالة صادقة تعمل لا تسوف؛ لأن التسويف يضيع عمرها ويشغلها بالأمور التافهة التي لا تنفعها في الدنيا ولا في الآخرة.
النوم
ومن أسباب الفراغ الذي يحصل عند المرأة: النوم. وكثير من النساء لا تنظم برنامج النوم، فيستغرق عدم التنظيم أكثر من اللازم، وإلا فالجسم يحتاج إلى النوم كطبيعة وكضرورة بشرية، لكن لا بد أن يكون له موعد نظام من الساعة -مثلاً- من الحادية عشرة مساءً -أو العاشرة- إلى قبل الفجر بنصف ساعة وتستيقظ، لكن المرأة فوضوية أحياناً، تسهر إلى الساعة الثالثة ليلاً ثم تنام إلى العصر، وأحياناً تجلس طول اليوم ثم تنام بعد العصر فلا تستيقظ إلا الفجر، يعني: لا يوجد تنظيم في عملية النوم، ويؤدي عدم التنظيم إلى خلخلة في التفكير وإلى ضياع في الوقت.. تنام عشر ساعات وتستيقظ عشرين ساعة، ثم تنام عشرين ساعة، ثم تستيقظ ثلاثين ساعة؟! ليست منظمة، لا بد أن تكون المرأة منظمة، فعند الساعة الحادية عشرة تطفئ الأضواء من أجل أن ينام الأولاد وتنـزع حتى التليفونات حتى يكون البيت هادئاً، وعند الساعة السابعة يكون كل البيت قد استيقظ.. لكن عندما لا ينظم الوقت يضيع العمر ويضيع الوقت من حيث لا تشعر المرأة.
القدوة السيئة
ومن أهم الأسباب أيضاً: القدوة السيئة. فهناك من النساء من لا يكون لها قدوة حسنة في حياتها، وإنما تقتدي بالسيئات، فتخرج وتقرأ وتسمع أخبار الممثلات والراقصات والمغنيات والساقطات.. وتريد أن يكون لها قدوة من هؤلاء! وبالتالي تشعر بنوع من الفراغ تملأه بمتابعة هذه الأخبار التي ليست لها ولا تليق بها كامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر وترجو لقاء الله تبارك وتعالى. هذه هي مجمل الأسباب التي تؤدي إلى وجود فراغ عند المرأة المسلمة. ولكن هل هناك أشياء تعين المرأة على حفظ أوقاتها؟
أسباب تعين المرأة على حفظ الوقت
نعم. سأذكر إن شاء الله تعالى الأشياء التي تعين المرأة على حفظ وقتها، وأيضاً مجالات قضاء الوقت، أوكيف تقضي المرأة وقتها ؟ أما الأشياء المعينة على قضاء الوقت فكثيرة منها: ......
الخوف من الله تعالى
أولاً: الخوف من الله تعالى، واستشعار عظمته، والعلم بأن الله خلقها للعبادة، وأن الله عز وجل سائلها عن كل دقيقة من دقائق عمرها، وأن الله عز وجل سيحاسبها على كل لحظة تقضيها في غير مرضات ربها، فإذا استشعرت هذا كله وشعرت به أدى هذا إلى أن تغتنم الوقت ولا تضيع منه دقيقة واحدة إلا فيما يعود عليها بالنفع في الدين أو في الدنيا والآخرة.
معرفة الأزمنة والأمكنة الفاضلة والمفضولة
ثانياً: معرفة الأزمنة والأمكنة الفاضلة والمفضولة، فعندما يكون عندها فقه في دين الله بحيث تعرف يوم الجمعة أنه يوم عظيم، وأنه خير يوم طلعت فيه الشمس ، وتعرف أن يوم الإثنين والخميس أيام صيام، وتعرف أن ثلاثة أيام من كل شهر هي أيام صيام.. هذه الأزمنة إذا عرفتها أعانها ذلك على أن تقضيها في طاعة الله؛ لأن بعض النساء تعرف من يوم الجمعة أنه يوم عطلة ونوم ونزهة وتمشية على البحر وخرجة إلى البر، ولا تعرف أن يوم الجمعة يوم فضيل وذكر، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء من بعد العصر إلى المغرب؛ لأن فيه ساعة الاستجابة، ويوم قراءة سورة الكهف، واستعداد للتبكير إلى الصلاة.. تهيء زوجها؛ فتلبسه وتعطره، وتغسل أولادها وتلبسهم وتنظفهم ولا تأتي الساعة العاشرة إلا وهم في المسجد، فترجع هي وتقوم بدورها في تدبير منـزلها، ثم تقوم بالتنظيف والتهيؤ للصلاة، والدخول في مخدعها أو غرفتها وأخذ المصحف وقراءة سورة الكهف، ثم الصلاة، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء.. هذا كله من أعمال يوم الجمعة. لكن إذا لم يكن للمرأة فقه في هذا ضيعت يوم الجمعة كله في نوم؛ تنام إلى الساعة الثانية عشرة، ثم تقوم ولا توقظ زوجها، ويمكن أن يخرج هو متأخراً، ولا يمكن أن يدرك أحدهم حتى الخطبة، ثم تقوم هي بالطهي من الساعة الثانية عشرة إلى الساعة الثالثة، ويأتي زوجها وما قد صلت.. ولم تقرأ حتى سورة الكهف، وبعد العصر تمشية إلى نصف الليل.. هل هذا مما يليق بالمرأة المسلمة؟! هذا من الضياع! هذا من الفراغ وعدم معرفتها لفضيلة الأزمنة التي تمر عليها! فمعرفة المرأة لفضيلة الزمان يعينها على حفظ وقتها..
شعور المرأة بواجبها تجاه نفسها
ثالثاً: شعورها بواجبها تجاه نفسها أولاً، فتعلم أنها مطالبة تجاه هذه النفس بحقوق، وأنها مطالبة تجاه الزوج بحقوق، وتجاه أبنائها، وبيتها، ومجتمعها.. هي فرد لا تقول: ليس عليَّ، لا. كل إنسان في المجتمع يؤدي دوره؛ فإذا فسد هو فسيؤدي فساده في التالي إلى فساد في المجتمع، كحبة التفاح الفاسدة إذا وضعت في صندوق تفاح سليم، هل سيبقى الصندوق كما هو، أم ستؤدي هذه الحبة إلى إفساد الأخريات؟ وهكذا المرأة لها دور عظيم يجب أن تشعر به في عملية إصلاح أمتها، ومجتمعها، ومحيطها الأسري، ومحيطها العائلي الضيق، وزوجها، وأولادها، ونفسها، وخادمتها.. يجب أن تشعر بهذه الوظيفة وهي: أن تكون أينما وضعت وأينما كانت بناءة، كلمتها صالحة ونظرتها هادفة، وسماعها صالح، وأعمالها كلها صالحة، لا تكون فارغة، أو جوفاء، أو سطحية، همومها فقط مقصورة على الملابس والديكورات والموديلات والأصباغ والتمشيات والأكلات.. وماذا نتغدى؟ وماذا نتعشى؟ وماذا نفطر؟ أصبح هم الناس الآن: ما هو الغداء وما هو العشاء؟ يعني: شغلتنا بطوننا ولا حول ولا قوة إلا بالله! لكن ماذا نقرأ؟ ماذا نعمل؟ كم نصلي؟ كم نذكر الله؟ من نزور في الله؟ من نعطيه شريطاً في الله؟ من نعطيه كتاباً في الله؟ من اهتدى على أيدينا؟ هذه هموم ثانوية عند كثير من الناس لا يفهمها! وهنا يتفاوت الناس في معرفة حقيقة الحياة بحسب أعمالهم التي يمارسونها في هذه الحياة. إذاً: فشعور المرأة بواجبها أو ما كلفها الله نحو نفسها ودينها ومجتمعها من أعظم ما يعينها على استغلال وقتها.
الجليسة الصالحة
رابعاً: الجليسة الصالحة، فإن الجليس الصالح له أثر على المجالس، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا هذا في حديث صحيح في الصحيحين يقول عليه الصلاة والسلام: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، أو أن تبتاع منه، أو أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، أو أن تجد منه ريحاً خبيثة) وكذلك الجليس الصالح والجليسة الصالحة التي كلمتها صالحة ونظراتها صالحة وسماعها صالح وأفكارها صالحة وتخطيطها صالح وكل حياتها صالحة.. التي إذا جلست المرأة معها استفادت منها خيراً. أما إذا كانت الجليسة سيئة لمجرد أن تجلس معها ونظرتها سيئة وسماعها سيئ ولسانها سيئ وأفكارها سيئة.. فسوف تزدريك إذا تكلمت بكلام طيب، وتسخر منك إذا نظرت إلى شيء طيب، وتضحك عليك إذا تكلمت بكلام طيب، وتقول: أنت تعيشين في عقلية بعيدة، الناس تطوروا.. لا، ما تطوروا عندما تركوا الدين بل تثوروا، وأصبحوا حيوانات بشرية، التطور الحقيقي هو في الحفاظ على كتاب الله عز وجل، التطور الحقيقي والعزة الحقيقية هي الدعوة إلى الله تعالى، أما التثور الحقيقي فهو في التخلي عن هذا الدين والعيش كما تعيش البهائم -والعياذ بالله- لأن هذا لا يسمى تطوراً ولا تحضراً بل انهزامية وردة وحيوانية وبهيمية يمارسها الإنسان باسم مستعار، وإلا فإن التطور الحقيقي هو أن تحافظ على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تتميز على الناس بهذه العقيدة، والأخلاق والمبادئ.. وأما أن ينغمس الإنسان بالشرور وينحرف مع المنحرفين والمنحرفات ثم يسمي هذا نوعاً من التطور فهذا قلب للحقائق، ووضع للأسماء في غير مسمياتها وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء:227]. فالجليسة الصالحة مهمة جداً، ولها أثر كبير، وكم نعرف والله من القصص التي تدمي القلوب وتزعج النفوس، والتي كانت فيها بعض الأخوات على جانب كبير من الدين.. ولكن بجلسة واحدة مع امرأة خبيثة غسلت مخها وغيرت دماغها وأفسدتها وأصبحت تلك المرأة التي كانت صالحة من أفسق خلق الله؛ لأنها جلست مع جليسة سيئة -والعياذ بالله!! هذه هي الأشياء التي يمكن أن تعين المرأة المسلمة على استغلال وقت فراغها فيما ينفعها في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
توقيع : e-mysarah
قال عبد الله بن المبارك عليه رحمة الله إن البُصَرَاء لا يأْمَنون مِن خَمْسِ خصالٍ: × ذَنبٌ قَد مَضى لا يدري ما يصنع الربُّ فيه × و عُمرٌ قد بَقِيَ لا يدري ماذا فيه من الهَلَكَات × و فَضْلٌ قد أُعطِيَ لِعلَّةٍ و استدراج × و ضلالةٍ و قد زُيّنت لهُ فيراها هُدًى × و من زَيغُ القلب ساعةً بعدَ ساعة ، أسرع من طرفةٍ عينٍ قد يُسلَبُ دِينَه و هو لا يَشعُر
المجالات التي يتعين على المرأة المسلمة قضاء الوقت فيها
أما مجالات قضاء الوقت؛ كيف تقضي المرأة وقتها حتى تنتهي أربع وعشرون ساعة وليس لديها وقت وليست فاضية لشيء؟ ......
قضاء الوقت في خدمة الزوج والأولاد
أول شيء: عملية التدبير والتنظيم، لا بد أن تكون المرأة منظمة؛ لأن النظام ما دخل في شيء إلا زانه، والفوضوية والارتجال والعبث ما كان في شيء إلا أفسده، ألا ترون -مثلاً- اليوم الدراسي في المدارس، ألا ينظم هذا اليوم بواسطة جدول يسمونه جدول الدروس؟ يؤخذ في أول العام المنهج المقرر على المدرسة ويوزع هذا المنهج على أشهر السنة، ويعطى هذا المنهج للمدرسة بحيث توزع البرنامج على ضوء هذا المنهج، ويقوم المدير بوضع جدول يومي يوزعه على المدرسين والمدرسات، وتقوم كل مدرسة بأخذ حصصها الأسبوعية، ثم تقوم بالليل لتحضير هذه الحصص والالتزام بهذه الحصص وقضائها مع الطلاب والطالبات.. هذا هو الذي يصير الآن، وبهذا التنظيم تقوم العملية التربوية قياماً صحيحاً، لكن لو ترك التعليم فوضوياً وجاءت المديرة وقالت: كل مدرسة تأخذ لها مجموعة من الطلاب وتدرسهم، ودخلت كل مدرسة وأخذت طالباً أو طالبين أو ثلاثة في عشة أو دار وجلست معهم قليلاً وأخرجتهم، هل يمكن أن يقوم تعليم بهذه الفوضى؟! لا. كذلك البيوت، البيوت هي نماذج من المدارس، البيت مدرسة، المديرة فيه هي الزوجة، والمدير العام هو الزوج، والطلاب هم الأولاد، لا بد من وضع نظام لهذا البيت، يقرر الزوج والزوجة متى ينام الأولاد؟ أيام العطل يمكن أن يتأخر النوم إلى الساعة الحادية عشرة، وأيام العام الدراسي يكون النوم من بعد صلاة العشاء مباشرة. وتتغير بعد ذلك مواعيد الطعام؛ الطعام كان يتناول بعد العشاء في أيام العطل، لكن في يوم الدراسة يكون العشاء بعد المغرب، والغداء بعد الظهر، والفطور بدل أن كان في الساعة التاسعة والنصف أو العاشرة في أيام العطلة يكون بعد الفجر في أيام الدراسة، هذا برنامج لا بد أن نلتزم به.. إذا عمل بهذا التنظيم فإنه يعين المرأة على أن تقضي أوقاتها بانتظام، لكن بغير هذا البرنامج لا يمكن أن يستقيم أمر المرأة. هذا الكلام الآن على مجالات قضاء الوقت؛ كيف تقضي المرأة وقتها؟ يجب أن تشعر المرأة على أنه يجب عليها أن تقضي معظم الوقت في خدمة زوجها وأولادها، ولا بد أن نكون صرحاء مع أخواتنا في الله، فالزوج هو هبة من الله ونعمة للمرأة، وليس بغريب أن تتزوج المرأة، لكن الصعب أن تحتفظ بهذا الزوج، يعني: قد تتزوج؛ لأن الرجل لابد أن يتزوج وهي لابد أن تتزوج، لكن يبدو ويبرز دور المرأة باحتفاظها بزوجها، حينما تنجح في إدارة هذا الزوج والاحتفاظ به والاحتواء له.. هذه هي الزوجة الناجحة، وكم سمعنا من قضايات كثيرة في فشل الزوجات، يتزوجون ويفرحون ويقضون شهر العسل وبعد شهرين أو ثلاثة لا نعلم إلا والصك في يد الزوج على أهلها: هذه امرأة فاشلة! تزوجت ولعبت وانبسطت في القصر وفي فندق فخم وفي حفلات.. وفي دنيا.. وبعد ذلك رماها، ثم إذا جاءها عريس وعلم أنها مطلقة يقول: ما طلقت إلا لأن فيها عيباً. أريد امرأة ما طلقت، وتبقى مركونة عند أهلها! وربما يمر قطار الحياة ولم تتزوج بسبب فشلها في إدارة زوجها. الزوج نعمة وعلى المرأة أن يكون من أهم واجباتها كيف تستبقي هذه النعمة؟ واستبقاء هذه النعمة يسير جداً، يقول أحد العلماء التربويين: الرجل كالطفل. فالطفل عندما تضربه على وجهه وبعد ذلك تضحك له وتقول: خذ قطعة الحلاوة، يأتي إليك وينسى الصفعة، كذلك الرجل؛ الرجل يريد بسمة من المرأة، يريد كلمة طيبة ومظهراً جميلاً، ويريد طاعة من المرأة ونوعاً من الحنان، إذا عاد الزوج من عمله وهو متعب ومرهق في غاية التعب والإعياء وقابلته المرأة على الباب وقد تجملت وتزينت وتعطرت، وبمجرد أن فتحت الباب قالت: حياك الله، يا ألف مرحباً، طولت علينا، سلامات، لماذا أنت متغير اليوم، إن شاء الله لا توجد مشاكل عندك في العمل، وتمد يدها على البشت إن كان يلبس بشتاً وتخلعه، وإذا كان عسكرياً يلبس بدلة تخلع البدلة، وإذا كان مدنياً تخلع الكوت أو الغترة من على رأسه، وبعد ذلك لا مانع أن تمد يدها على قدمه فتخلع الشراب من رجله، ليس هذا إهانة لها إنه عزة ورفعة لها؛ لأنها في هذا كما تقول أحد المؤمنات: [كوني له أمة -يعني: قينة- يكن لك عبداً، وكوني له مهاداً يكن لك عماداً] فأنت عندما تخدمينه هذه الخدمة تستولين عليه، تجذبين قلبه، تستولين على مشاعره بقليل من الحب، ضعي يدك على كتفه، لا مانع من ضمه، لا مانع من تقبيله وهو آت من العمل، بعد ذلك قضية المداعبة والتدليك للرجل؛ لأن الرجل يحتاج إلى هذا، هذا الأمر مرفوض عند المرأة، كثير من النساء لا تمارسه ولا تشعر بأنه يجب عليها، هذا مهم عند الرجل؛ لأن الرجل يقضي جهداً بدنياً وهو واقف في فصله أو واقف في المحل التجاري وهي جالسة، فإذا جاء وضعت يدها على قدمه أو على يده أو على ظهره أو على جزء من جسمه ودلكته وغمدته وأعادت العضلات إلى أماكنها يشعر براحة، هذا لا يكلفها شيئاً، لكن هل تمارس المرأة هذا الجهد عند الرجل؟ كثير من النساء لا تمارسه بل تنتظر منه أنه يدلكها ، أو غربت وجهها وأغلقت الباب عليه -والعياذ بالله- وهذا من أسوأ ما يمكن عند المرأة. فخدمة المرأة لزوجها خدمة شخصية لا نريد خدمة القدور، بعض النساء طاهية ما شاء الله.. غسالة من أحسن ما يمكن، تنظف البيت حتى تجعله يلمع، لكن زوجها يقول: أنا ماذا يهمني من نظافة الجدار أنا يهمني العمل الخاص بي، أنا أسعد بنظافة الجدار لكن لا أسعد به لوحده؛ أسعد بنظافة الجدار وأسعد بنظافة الإناء وأسعد بنظافة الأولاد، ولكن أريد أن أسعد- كاملاً- أيضاً بتقديم ما يخصني من الخدمة التي أتمنى أن أجدها من زوجتي فأسعد بها سعادة ليس بعدها شقاء، وهذا أول مجال من مجالات قضاء الوقت. خدمة الأولاد، وهذه الخدمة يجب أن تتقرب بها المرأة إلى الله، لا تسند قضية الخدمة على المربية، فلا مانع أن تقوم هي لتغسل أولادها بيدها، ولا مانع أن تغير ملابسهم، وتضع لهم الحفاظات، وتحملهم، وتتعهد أنوفهم بالتنظيف وتتعهد ملابسهم وتتعهد لعبهم، وتجلس معهم في حديقة المنزل حين يلعبون، وتصعد بهم في السطح، وتخرج معهم في البلكونة إذا كانت ساترة، هذا شيء مهم، أما أن تنفي هذه المسئوليات إلى الخادمة: انزلي معهم، اطلعي معهم، اغسليهم، فينشأ في نفوس الأولاد تصور عن هذه الأم أنها ليست أمهم وأن الأم هي الخادمة، ولهذا يتعلقون بالخادمات. بعض الأطفال الآن يتعلق بالخادمة أكثر مما يتعلق بأمه، وقد سمعنا عن الطفل الذي مات؛ لأن الخادمة سافرت، خادمة كانت تعمل في البيت وانتهت السنتان وسافرت إلى بلدها، والولد الصغير يحسبها أمه، فلما سافرت لم يعد يأكل ولا يشرب ويبكي ليل نهار حتى فارق الحياة ومات، دقه الحزن في قلبه حتى مات؛ لأنه فقد أمه. يجب ألا تعتمدي على الخادمة إلا في أشياء ثانوية بعيدة: نظافة المنزل، تغسيل عمومي، إنما الولد يجب أن يكون في حجرك أنت، وينام في حضنك أنت وبجوارك أنت، وأنت التي تحملينه، وأنت التي تأخذينه، وأنت التي تغيرين له، وأنت التي تلبسينه، هذا ولدك، فإذا شعر بهذا منك أعطاك حباً وأعطيته أنت حناناً وشعر بالجميل في المستقبل، أما أن تسندي هذه الأعمال للخادمة فما هو دورك؟ للأزياء والمرايا وللموديلات وللشوارع وللسهر، هذا دور المرأة الفارغة التي ليس لها عند الله وزن وليس لها عند الله عز وجل كيان.
قضاء الوقت في التدبير المنزلي
الثاني: مما تقضي فيه المرأة وقتها: التدبير المنـزلي. القيام بالأعباء المنـزلية: أعمال الطهي، أعمال التنظيف. لا مانع، قد تقول المرأة: إن هذه أعمال متعبة ليست من اختصاصي، أنا الآن امرأة مثقفة أنا امرأة جامعية، أنا امرأة أريد أن أرتاح، نقول لها: لا. حتى ولو كنت جامعية، ولو كنت أيضاً دكتورة فإنك امرأة، مهما كان مؤهلك ودرجتك العلمية فإنك لا تستطيعين بالدرجة العلمية ولا بالمؤهل أن تخرجي عن كونك امرأة ذات مسئولية، ومن ضمن مسئولياتك: الخدمة في البيت، والخدمة للبيت لها فوائد عظيمة: أولاً: فوائد جسدية: فالمرأة التي تعمل في البيت تجدها دائماً ذات رشاقة وذات جسم متناسق ومعتدل.. لماذا؟ لأنها تعمل من الصباح، ونحن نعلم كيف كانت المرأة في السابق تقوم بأعباء المنـزل وأعباء الخارج، كانت تغسل وتطبخ وتنظف المنزل وتحطب وترعى وتعمل في الحقل وتحمل وتلد وبطنها ملاصق لظهرها مثل الغزال.. ولا تمرض، طوال حياتها والمرأة متعافية، لكن الآن عندما تخلت المرأة عن الأعمال المنـزلية حصل عندها نقص في الرشاقة؛ لأنها تنام من نصف الليل إلى نصف النهار، وتقوم في الظهر وجهها مثل الكرة منفوخ، فلا تدري أين وجهها من رأسها من كثرة النوم، ثم بعد ذلك تبقى جالسة، ولا تعمل شيئاً، حتى منديل الورق إذا أرادتها تقول: هاتي المنديل يا خادمة، حتى التليفون لا تستطيع أن تذهب إلى التليفون لتأتي به، فهي جالسة، وجاء الأكل فأكلت وجلست ونامت، وبعد ذلك يترتب على هذا مرض وهو السمن، ويترتب على السمنة أمراض كثيرة، أما تسمعون أن الأمراض المستعصية في الدنيا هي أمراض في السمنة: السكر من السمنة، والجلطة من السمنة؛ الجلطة هذه التي يسمونها الكولسترول هي مادة تترسب في شرايين القلب حتى ينسد، فإذا انسد مات الشخص وهو جالس لا يدري، من أين يأتي الكولسترول؟ من الجلوس، لكن الشخص عندما يعمل ويقوم ويجلس ويصعد وينـزل لا يكون عنده كولسترول. كذلك المرأة نقول لها: قومي واقعدي واصعدي، وانزلي وغسِّلي، لماذا؟ هذه رشاقة، أين تريدين أن تعملي الرياضية؟ تريدين أن تخرجي في الشارع؟ ليس هناك رياضة للمرأة في الشارع، إلا في الغرب لكنهن كافرات، يقاومون عدم وجود أعباء منـزلية في اللعب في النوادي، عندهم نوادي رياضية وتلعب المرأة فيها بكرة القدم، وبالطائرة وبالسلة، وألعاب القوى وترون ما يحصل في المنديال في العالم. لكن المرأة المسلمة ليست كافرة؛ المسلمة ليس لها نادٍ، المسلمة لا تلعب في نوادي الرياضة، رياضتها بخدمة زوجها، وبتدبير منـزلها. إن رياضتها من أعظم الرياضات إذا قامت وقعدت كل يوم ثلاثين أو أربعين مرة في المطبخ، إذا كنست فهي رياضة لظهرها، وإذا غسلت فهي رياضة ليديها، وإذا قطعت فهي رياضة لأصابعها، كل هذه أعمال رياضية تمارسها وهي مرتاحة بإذن الله عز وجل. فالتدبير المنـزلي مهم للمرأة؛ لأنه جزء من واجبها وينفعها في حياتها، ويقرب أيضاً قلبها وقلب زوجها إلى بعض؛ لأن الزوج حينما يرى أن المرأة قامت بجهد منـزلي يقدر هذا، ويشعر بأنها امرأة وشريكة حياة، لكن عندما يراها عبئاً عليه، والذي يقوم بالأدوار كلها هي خادمة ربما يستغني هذا عن العبء ويستبدلها بالخادمة ويتركها -والعياذ بالله- وهذا هو النوع الثاني مما تقضي به المرأة وقت فراغها.
قضاء الوقت في طلب العلم
الثالث: بعد حق زوجها وأولادها وتدبير منـزلها يبقى عليها طلب العلم، بأن تضع برنامجاً تطلب فيه العلم الشرعي، وهذا البرنامج يشمل أربعة فروع: - الفرع الأول: قراءة القرآن الكريم نظراً وحفظاً، فتقرأ يومياً نظراً بما لا يقل عن جزء تقسمه على أوقات الصلاة بحيث تقرأ قبل كل صلاة أو بعد كل صلاة ورقتين في أربع ركعات.. هذا بالنسبة للنظر، أما بالنسبة للغيب فلا بد أن تقرأ أقل شيء كل يوم صفحة غيباً، حتى تكمل أقل شيء المفصل من سورة قّ إلى سورة الناس- أربعة أجزاء، يجب أن تحفظها وتكون في قلبها لتستعين بها على دعوتها وفي أمور صلاتها وغيرها من العبادات، وهذا الحفظ يمكن أن يكون بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة المغرب، ووقت الحفظ بعد صلاة المغرب من أنسب الأوقات، أو بعد صلاة العصر إذا لم يكن عندها تدبير منزلي أو ضيوف.. فهذا الوقت من أحسن الأوقات لقراءة القرآن وحفظ كتاب الله عز وجل. - الفرع الثاني من التعليم: قراءة السنة النبوية، وخير كتاب ندل عليه المرأة هو كتاب رياض الصالحين ، وهناك شرح مختصر له يتكون من مجلدين اسمه نزهة المتقين شرح رياض الصالحين، تقرأ حديثاً وتقرأ شرحه ثم تقرأ ما يستفاد منه من أحكام ثم تحفظها ثم تبينها لزوجها وتبينها لأولادها إذا جاءوا ينامون، تبينها بالتليفون لقريبتها وصديقتها لكي تثبتها في ذهنها؛ لأن معرفة الحديث وحفظه ثم تعليمه يثبته في ذهن الإنسان الذي تعلمه، لكن معرفته وعدم تعليمه يضيع وينساه الإنسان وهو لا يعلم. - الفرع الثالث: معرفة الفقه، وأحسن كتاب ندل عليه الآن هو كتاب في السوق اسمه فقه السنة لسيد سابق، كتاب عظيم تقرأ فيه المرأة أحكام الفقه مبتدئة بأحكام الطهارة، ثم أحكام الصلاة، ثم جميع الأحكام الشرعية تقرأها من هذا الكتاب وإن كان فيه بعض الملاحظات لكنها بسيطة وهناك من عالجها من أهل العلم لكن بالنسبة للمبتدئين هذا كتاب عظيم؛ لأنه احتوى على الدليل، وابتعد عن الخلافات وعن التعصب للمذاهب، وإنما كان يورد المسألة أو يورد ما قاله العلماء من أهل العلم من أهل المذاهب ثم يرجح الدليل الصحيح الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا الفقه. - الفرع الرابع: وهو درس يكون إما في السيرة أو في العقيدة، والكتاب الذي ننصح به في السيرة كتاب عظيم اسمه هذا المحب يا حبيب للشيخ أبي بكر الجزائري، أو تقرأ في مجموعة عمر سليمان الأشقر في العقيدة: الله جل جلاله. النبي صلى الله عليه وسلم. الملائكة. الجنة والنار. هذه كلها سبعة كتب مجموعة في العقيدة، فإذا كانت عند المرأة فإنها تقرأ فيها وتتزود بما يصحح عقيدتها في أصول الإيمان الستة: الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل والبعث بعد الموت، والقدر خيره وشره من الله عز وجل، هذه كلها من الكتب المفيدة التي تستطيع المرأة أن تتعلمها وتقضي وقتها فيها إن شاء الله تعالى.
قضاء الوقت في ذكر الله تعالى
الرابع: من مجالات حفظ الوقت: ذكر الله تبارك وتعالى عن طريق تعلم الأذكار الشرعية التي وردت بها السنة، وخير كتاب في هذا كتاب يسمى الوابل الصيب من الكلم الطيب لـابن القيم تتعلم فيه المرأة أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم واليقظة، وأذكار الأكل.. وجميع الأذكار والحالات التي كانت تمر بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ ما من حالة تمر إلا وعليها ذكر من الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلى المرأة أن تحفظها، وبعد ذلك تهتم بالأذكار العددية وهي التي ورد فيها عدد معين، كالحديث الذي في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام: (من قال في يوم مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كان كمن أعتق عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة، وحط عنه مائة خطيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك، ولم يأت أحد بأحسن مما جاء إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد). وهذا لا يستغرق عشر دقائق . وجاء في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال في يومه مائة مرة سبحان الله وبحمده غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) رواه مسلم . تأتي بهذه الأذكار العددية، تجلس قبل غروب الشمس بنصف ساعة وتأتي بالكتاب وتقرأ الأذكار فذكر الله من أعظم الواجبات والمهمات ومن أعظم الشغل الذي يقضى فيه وقت المرأة.
قضاء الوقت في الدعوة إلى الله تعالى
الخامس: بقي شيء يمكن أن تستنفذ فيه المرأة ما عندها من فراغ، وهو: الدعوة إلى الله عز وجل، هذه مهمة الأنبياء يقول تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] وإذا استشعرت المرأة بدورها وقامت بهذا الواجب في دعوة بنات جنسها فإنها تسد فراغاً كبيراً، إذ لا يمكن للرجال أن يصلوا إلى كل مكان فيه النساء، ونحن الآن نشعر حقيقة بتقصير كبير في صفوف المرأة، ولولا أن الله يسر الشريط الإسلامي لكانت المرأة في وضع يرثى له، لكن الله نقل الشريط بحيث أدى بعض الدور لكنه لا يؤدي الدور كاملاً إلا بوجود داعيات من أخواتنا في الله يحملن مشعل الدعوة، لماذا لا يوجد في النساء مثلما يوجد في الرجال؟ أليس فيهن المؤهلات؟ أليس فيهن من يحملن الدكتوراه والماجستير والبكالريوس والليسانس؟ أليس فيهن القارئات والمعلمات؟ لماذا لا يكون فيهن داعيات على مستوى الدعوة من الرجال؟ بل عالمات بدين الله عز وجل، لا بد أن يقمن بهذا الواجب، ولتبدأ المرأة بالدعوة في محيطها ودائرتها الضيقة؛ محيط الزوج والأولاد، ثم تنتقل إلى المحيط الأسري أمها وأبيها وإخوانها وأخواتها، ثم تنتقل إلى المحيط الأعم وهو المجتمع القريب- الحي- الذي فيه جيرانها الذين يزورونها؛ تعرف أن في العمارة ست شقق تتصل بالنساء وتطلب منهن الحضور عندها في يوم من أيام الأسبوع، تهيئ لهن فنجان شاي وفنجان قهوة وبعد ذلك تعطيهن الدرس، وتزورهن وتجلس معهن، تحمل هم الدعوة، تنقل روح الدعوة إلى الناس، هذا إذا كان عندها توفيق من الله تعالى. وبهذه المجالات الخمسة لن يبقى مع المرأة فراغ، وسوف يستهلك هذا كل وقتها، وتعيش كريمة قد حفظت عمرها ووقتها ولم يكن عندها فراغ، لن تطلب من زوجها أن يذهب بها إلى السوق أبداً؛ لأنها ليست فاضية، ذهابها إلى السوق يعني: ضياع لهذه المهمات، ولن تطلب من زوجها أن تسهر وأن يشتري لها دشاً لكي يمطرها ويمطر أولادها باللعنات والسخطات من الله عز وجل، ولن يبقى عندها فراغ إلى أن تذهب لتزور وتتكلم وتشرب الشاي وتكيف على مكسرات.. لا. سيكون وقتها كله في هذه الأشياء، خدمة الزوج والأبناء.. وتدبير المنـزل.. تعلم العلم.. ذكر الله.. الدعوة إلى الله. إذا استطاعت أن تملأ أوقات فراغها في هذا فإنها تعطي لحياتها معنى وتعطي لوجودها قيمة، وبالتالي تعيش كريمة وتموت كريمة إن شاء الله تعالى، وتبعث بإذن الله داعية إلى الله! أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يوفق أخواتنا بالذات إلى حمل مشعل الدعوة إلى الله عز وجل. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توقيع : e-mysarah
قال عبد الله بن المبارك عليه رحمة الله إن البُصَرَاء لا يأْمَنون مِن خَمْسِ خصالٍ: × ذَنبٌ قَد مَضى لا يدري ما يصنع الربُّ فيه × و عُمرٌ قد بَقِيَ لا يدري ماذا فيه من الهَلَكَات × و فَضْلٌ قد أُعطِيَ لِعلَّةٍ و استدراج × و ضلالةٍ و قد زُيّنت لهُ فيراها هُدًى × و من زَيغُ القلب ساعةً بعدَ ساعة ، أسرع من طرفةٍ عينٍ قد يُسلَبُ دِينَه و هو لا يَشعُر