ولماذا التغليظ الشديد على قاذف المحصنات؟! لماذا زجره وردعه لدرجة أن يكون حده قريبًا من حدِّ الزناة أنفسهم بل وتسقط شهادته ويُسمَّى فاسِقًا ويُلعَن في الدنيا والآخرة وله عذابٌ عظيم؟! {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4].. إن المُتأمِّل في عقوبة القاذف دون أن ينظر إلى مآلات فعله على المجتمع ربما يراه فقط كذب أو تفحش في الكلام لذا قد يستعظم تلك العقوبة.. لكن إذا أرجع البصر كرةً أخرى إلى مجتمع يتهاون مع القاذفين فتتفشى فيه الفاحشة وتصير هينة على الألسنة والصدور لغير رأيه لا محالة.. "فلانة عاهرة.. فلان ساقط.. علانة زنت مع عِلَّان.. وترتانة ترافق ترتان"... تخيل مجتمعًا تنتشر فيه أمثال تلك العبارات التي لا يجد الناس حرجًا من تردادها دون عقوبة تردعهم وترهيب أخروي يزجرهم.. تخيل كم الأذى والفضائح السهلة لأي أسرة تقع في مشكلة مع أخرى أو بين المختلفين أو حتى الأعداء فتصير الأعراض كلئًا مباحًا يفعل به قليلو الورع ما شاءوا وينال منه الفجار ليلًا ونهارًا.. تخيل هوان الفاحشة على الناس في مجتمع مثل هذا الذي يصير فيه القذف والرمي بالعُهر نوعًا من الهزل والمزاح..! لذا كان لا بُدَّ من ردع هؤلاء بشكلٍ حاسم بحدٍ قويٌ زاجر، وبترهيبٍ أخرويٌ حازمٌ قاصم.. {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور:23-25]. المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام محمد علي يوسف