من عجيب فعال الناس , أن كل واحد يبحث في حياته عمن هو على شاكلته , وينفر ممن خالفه أو انتقده , أو رفض شيئا من فكره أو سلوكه أو عاداته أو طبائعه ..! .. ويظل هكذا مادام لم تصدمه صدمة ! لكن الناس هم أنفسهم , عند فشلهم , وفي مشكلاتهم وأزماتهم ينفرون ممن هم أمثالهم , ويبحثون عمن هو غيرهم فيستمسكون بهم ..! الفاسدون يبحثون عن المصلحين ! .. والملوثون يبحثون عن الطاهرين ! .. والعصاة يبحثون عن الطائعين ! فإذا كنت مصلحا طاهراً طائعا , فاثبت على الخير , ولا يغرنك الزخرف , فإنك محور الحياة , ومدار القلوب ..
وكل قلب لا يذوب حزنا وهمّا على يتيم فقد أباه , أو أم منكسرة , أو أرملة فقدت زوجها , أو شاب مظلوم , أو رجل من أهل الفضل مهان , أو حق مهضوم , أو باطل منتفش , أو دعوة صالحة مضارّة , أو مريض فقير , أو عائل ذي حاجة , أو شعائر مستهان بها .. فهو قلب متحجر لا خير فيه , وإن أظهر من العبادة والعمل كأمثال الجبال البيضاء .
لست أشجع أبدا على المبادرة للعلاج النفسي فور الشعور ببعض الهموم والاكتئابات .. لكن لاشك أنه في بعض الأحيان تكون نصيحة زيارة الطبيب النفسي نصيحة صائبة وتكون الآلام النفسية لا تحتمل وعندئذ يكون العلاج لازما بلا شك.. الإيمان هو المعالج الأكبر للهموم النفسية , اللجوء إلى الله , وذكره ودعائه , والثقة فيه .. ودعم الأصدقاء يمثل سببا إيجابيا مؤثرا للمرور من الأزمات النفسية .. كل ذلك حسن , لكن لننتبه حتى لا نقع فريسة للعلاجات النفسية الدوائية , فنفقد قوتنا أمام الدواء , ونفقد قدرتنا على الحياة الطيبة بدونه .. العلاج النفسي سبب للتغلب على الهموم والآلام النفسية , لكنه مؤقت , ويجب التعامل معه على هذا الاعتبار .. فلو قررت زيارة طبيب نفسي , فرتب لنفسك متى ستتركه وتستغني عنه .. خالد روشة داعية و دكتور في التربية