منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   المنتدى العام والهادف (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   فوائد من كتب ابن القيم (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=127455)

امانى يسرى محمد 06-12-2020 04:18 PM

فوائد من كتب ابن القيم
 
فوائد من الجواب الكافى


ما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه بمثل طاعته ، والتقرب إليه ، والإحسان إلى خلقه


أعظم الناس غروراً من اغتر بالدنيا وعاجلها ، فآثرها على الآخرة ، ورضي بها بديلاً من الآخرة .

إن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه وتصغر في قلبه ، وذلك علامة الهلاك ، فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله .


كيف يجتمع التصديق الجازم الذي لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار ويتخلف العمل ؟
هذا التخلف له عدة أسباب :
أحدها : ضعف العلم ونقصان اليقين ، ومن ظن أن العلم لا يتفاوت فقوله من أفسد الأقوال وأبطلها .
فإذا اجتمع إلى ضعف العلم عدم استحضاره ، أو غيبته عن القلب كثيراً من أوقاته أو أكثرها لاشتغاله بما يضاده ، وانضم إلى ذلك تقاضي الطمع ، وغلبات الهوى ، واستيلاء الشهوة ، وتسويل النفس ، وغرور الشيطان ، واستبطاء الوعد ، وطول الأمل ، ورقدة الغفلة ، وحب العاجلة ...


حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساق إليه ؛ فهو صحيح ، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي ؛ فهو غرور . ومن كان رجاؤه جاذباً إلى الطاعة ، زاجراً عن المعصية ؛ فهو رجاء صحيح . ومن كانت بطالته رجاء ، ورجاؤه بطالة وتفريطاً ؛ فهو المغرور


الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه ، وحصول المطلوب ، ولكن قد يتخلف عنه أثره ، إما لضعفه في نفسه ؛ بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان ، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون بمنزلة القوس الرخو جداً ، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام ورين الذنوب

للدعاء مع البلاء ثلاث مقامات : أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه . الثاني : أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء ، فيصاب به العبد ، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً . الثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه .

أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء وضده أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء

معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألذوا بياذا الجلال والإكرام )
أى تعلقوا بها والزموها وداوموا عليها


سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : كما أن خير الناس الأنبياء ؛ فشر الناس من تشبه بهم من الكذابين ، وادعى أنه منهم وليس منهم ، فخير الناس بعدهم العلماء والشهداء والصديقون والمخلصون ، وشر الناس من تشبه بهم ، يوهم أنه منهم وليس منهم

معنى قول المؤلف : إن من عقوبات المعاصي أنها تستدعي نسيان الله لعبده وتركه : قال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) فأخبر تعالى أن من عوقبات من ترك التقوى ؛ بأن أنساه نفسه ، أي أنساه مصالحها وما ينجيها من عذابه ، وما يوجب له الحياة الأبدية ، وكمال لذتها ، ... فترى العاصي مهملاً لمصالح نفسه مطيعاً لها ، قد أغفل الله قلبه عن ذكره واتبع هواه .
فالذنب يحجب الواصل ، ويقطع السائر ، وينكس الطالب ، فالقلب إنما يسير إلى الله بقوته ، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيره . فالذنب إما أن يميت القلب ، أو يمرضه مرضاً مخوفاً ، أو يضعف قوته ولا بد حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم : الهم ، والحزن ، والعجز ، والكسل .

المكروه الوارد على القلب إن كان أمر مستقبل يتوقعه ، أحدث الهم ، وإن كان من أمر ماضٍ قد وقع أحدث الحزن .


فإن تخلف العبد عن أسباب الخير والفلاح ؛ إن كان لعدم قدرته فهو العجز ، وإن كان لعدم إرادته فهو الكسل . و عدم النفع منه إن كان بيديه فهو الجبن ، وإن كان بماله فهو البخل . و استعلاء الغير عليه ؛ إن كان بحق فهو من ضلع الدين ، وإن كان بباطل فهو من قهر الرجال

كل من أحب شيئاً غير الله عذب به ثلاث مرات : في هذه الدار ، فهو يعذب به قبل حصوله حتى يحصل ، فإذا حصل عذب به حال حصوله بالخوف من سلبه وفواته ، والتنغيص والتنكيد عليه وأنواع المعارضات ، فإذا سلبه اشتد عذابه عليه ، فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار

القلب كلما كان أبعد من الله كانت الآفات إليه أسرع ، وكلما كان أقرب من الله بعدت عنه الآفات ، والبعد من الله مراتب بعضها أشد من بعض . والقلب مثل الطائر ؛ كلما علا بعد عن الآفات ، وكلما نزل احتوشته الآفات ، فكما أن الشاة التي لا حافظ لها وهي بين الذئاب سريعة العطب ، فكذا العبد إذا لم يكن عليه حافظ من الله ، فذئبه مفترسه ولا بد ، وإنما يكون عليه حافظ من الله بالتقوى .
كانت معصية الله سبباً لمحق بركة الرزق والأجل ؛ لأن الشيطان موكل بها وبأصحابها ، فسلطانه عليهم وحوالته على هذا الديوان وأهله وأصحابه ، وكل شيء يتصل به الشيطان ويقارنه فبركته ممحوقة ، ولهذا شرع ذكر اسم الله عند الأكل والشرب واللبس والركوب والجماع ، لما في مقارنة اسم الله من البركة


يتبع




الكلم الطيب

امانى يسرى محمد 09-12-2020 03:13 PM

رد: فوائد من كتب ابن القيم
 
معنى قوله تعالى : (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) الأيدي : القوة في تنفيذ الحق ، والأبصار : البصائر في الدين ، فوصفهم بكمال إدراك الحق وكمال تنفيذه



لم يسلط سبحانه هذا العدو على عبده المؤمن الذي هو أحب المخلوقات إليه ؛ إلا لأن الجهاد أحب شيء إليه ، وأهله أرفع الخلق عنده درجات ، وأقربهم إليه الوسيلة .



نسيانه سبحانه للعبد : إهماله وتركه وتخليته عنه وإضاعته ، فالهلاك أدنى إليه من اليد للفم . وأما إنساؤه نفسه : فهو إنساؤه لحظوظها العالية ، وأسباب سعادتها وفلاحها وإصلاحها وما يكملها ، ينسيه ذلك جميعه . وأيضاً ينسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها ، فلا يخطر بباله إزالتها وإصلاحها . وأيضاً ينسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها . فأي عقوبة أعظم من عقوبة من أهمل نفسه وضيعها ، ونسي مصالحها وداءها ودواءها





إن نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته ، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته ، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ، وقد جعل الله لكل شيء سبباً وآفة ، فجعل أسباب نعمه الجالبة لها طاعته ، وآفاتها المانعة منها : معصيته ، فإذا أراد حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها ، وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها


- اقتضت حكمة الله في قطع يد السارق ، لأنه هو العضو الذي باشرته اليد الجناية ، فما الحكمة لم يقطع فرج الزاني الذي باشرت المعصية ؟ الجواب : أحدها : أن مفسدة ذلك تزيد على مفسدة الجناية ، إذ فيه قطع النسل وتعريضه للهلاك . الثاني : أن الفرج عضو مستور لا يحصل بقطعه مقصود الحد من الردع والزجر لأمثاله من الجناية ، بخلاف قطع اليد . الثالث : أنه إذا قطعت يده أبقيت له يداً أخرى تعوض عنها بخلاف الفرج . الرابع : أن لذة الزنا عمت جميع البدن ، فكان الأحسن أن تعم العقوبة جميع البدن



القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر ، وحب الدنيا والرياسة ، فسلم من كل آفة تبعده عن الله ، وسلم من كل شبهة تعارض خبر الله ، ومن كل شهوة تعارض أمر ربه . وقد أثنى الله على خليله بسلامة القلب فقال : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ . إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وقال تعالى حاكياً عنه أنه قال : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) .




لا تتم سلامة القلب حتى يسلم من خمسة أشياء: من شركٍ يناقض التوحيد، وبدعةٍ تخالف السنة، وشهوةٍ تخالفُ الأمر، وغفلةٍ تناقضُ الذكر، وهوى نفس يناقض التجرد من شهوات الدنيا، وهذه الخمسة حُجُبٍ عن الله تعالى, لا بد للمسلم من التخلص منها بالاستعانة بالله- عز وجل



لماذا البدعة أحب إلى إبليس من الذنوب ؟ المذنب إنما ضرره على نفسه ، وأما المبتدع فضرره على الناس ، وفتنة المبتدع في أصل الدين ، وفتنة المذنب في الشهوة ، والمبتدع قد قعد للناس على صراط الله المستقيم يصدهم عنه ، والمذنب ليس كذلك ، والمبتدع قادح في أوصاف الرب وكماله ، والمذنب ليس كذلك ، والمبتدع متناقض لما جاء به الرسول ، والعاصي ليس كذلك



وما أوتي أحد بعد الإيمان أفضل من الفهم عن الله وعن رسوله
( ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)






امانى يسرى محمد 13-12-2020 11:01 PM

رد: فوائد من كتب ابن القيم
 
النظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع ، ولهذا قيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .



ليس على النفس الأمارة أشق من العمل لله وإيثار رضاه على هواها ، وليس لها أنفع منه . وكذا ليس على النفس المطمئنة أشق من العمل لغير الله وإجابة داعي الهوى ، وليس عليها شيء أضر منه .






إذا أردت أن يستدل على ما في القلوب ؛ فاستدل عليه بحركة اللسان ، فإنه يطلعك على ما في القلب شاء صاحبه أم أبى ، قال يحي بن معاذ : القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها . فانظر الرجل حين يتكلم فإن لسانه يغترف لك به مما في قلبه حلواً أو حامضاً





قال تعالى ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ )
فلماذا نهى أن تأخذهم رأفة بالزنا ، مع أن هذا عام في جميع الحدود ؟
هذا وإن كان عاماً في جميع الحدود ، ولكن ذكر في حد الزنى خاصة لشدة الحاجة إلى ذكره ، فإن الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر ، فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم








منافع غض البصر :
أحدها : أنه امتثال لأمر الله ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى .
الثاني : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه .
الثالث : أنه يورث القلب أنساً بالله وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ، ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .
الرابع : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
الخامس : أنه يكسب القلب نوراً ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة .
السادس : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل ، والصادق والكاذب .
السابع : أنه يورث القلب ثباتاً وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة .
الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي








قال تعالى ( كذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصـه ، فإن القلب إذا أخلـص عمله لله لم يتمكن منه عشـق الصور ، فإنه إنما يتمكن مـن القلب الفارغ . .






الداخل في الشيء لا يرى عيوبه ، والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يرى عيوبه ، ولا يرى عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه ، ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الإسلام بعد الكفر خيراً من الذين ولدوا في الإسلام ، قال عمر : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا ولد في الإسلام من لا يعرف الجاهلية .





ما صبر عليه يوسف عليه السلام من مراودة امرأة العزيز أمر صعب جدا لقوة الداعي ؟
فما قوة الداعي فيه ؟
أحدها : ما ركبه الله سبحانه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة كما يميل العطشان إلى المائ والجائع إلى الطعام .
الثاني : أن أن يوسف كان شاباً وشهوة الشاب وحدته أقوى .
الثالث : أنه كان عزباً لا زوجة له ولا سرية ، تكسر حدة الشهوة .
الرابع : أنه كان في بلاد غربة لا يتأتى للغريب فيها من قضاء الوطر ما يتأتى لغيره في وطنه وأهله ومعارفه .
الخامس : أن المرأة كانت ذات منصب وجمال ، بحيث أن كل واحد من هذين الأمرين يدعو إلى موافقتها . السادس : أنها غير آيبة ولا ممتنعة ، فإن كثيراً من الناس يزيل رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها .
السابع : أنها طلبت وأرادت وبذلت الجهد ، فكفته مؤنة الطلب وذل الرغبة إليها .
الثامن : أنه في دارها وتحت سلطانها وقهرها ، بحيث يخشى إن لم يطاوعها من أذاها له .
التاسع : أنه لا يخشى أن تنم عليه هي ، ولا أحد من جهتها ، فإنها هي الطالبة الراغبة .
العاشر : أنه كان مملوكاً في دارها ، بحيث يدخل ويخرج ويحضر معها ولا ينكر عليه .
الحادي عشر : أنها استعانت عليه بأئمة المكر والاحتيال .
الثاني عشر : أنها توعدته بالسجن والصغار ، وهذا نوع إكراه .
الثالث عشر : أن الزوج لم يظهر من الغيرة والنخوة ما يفرق به بينهما ويبعد كل منهما عن صاحبه . وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع .



الكلم الطيب

امانى يسرى محمد 16-12-2020 02:13 PM

رد: فوائد من كتب ابن القيم
 
فوائد من اغاثة اللهفان




حال القلوب إذا عرضت عليها الفتن قلب إذا عرضت عليه فتنة أشربها ، كما يشرب الإسفنج الماء ، فتنكت فيه نكتة سوداء ، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس وهو معنى ( كالكوز مجخياً ) أي مكبوباً منكوساً

شبه سبحانه من لا يستجيب لرسوله بأصحاب القبور ، وهذا من أحسن التشبيه ، فإن أبدانهـم قبور لقلوبهم ، فقد ماتت قلوبهم وقُبرت في أبدانهم ، فقال تعالى (وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ )


كان النصارى أخص بالضلال لأنهم أمة جهل ، واليهود أخص بالغضب ، لأنهم أمة عناد



معنى قوله تعالى ( والعصر . إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا ..... ) أقسم سبحانه وتعالى بالدهر الذي هو زمن الأعمال الرابحة والخاسرة ، على أن كل واحد في خسر ، إلا من كمّل قوته العلمية بالإيمان بالله ، وقوته العملية بالعمل بطاعته ، فهذا كمال في نفسه ، ثم كمّل غيره بوصيته له بذلك ، وأمره إياه به ، وبملاك ذلك وهو الصبر ، فكمّل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح ، وكمّل غيره بتعليمه إياه ووصيته له بالصبر عليه


جمع في قوله في الحديث ( أسألك لذة النظر إلى وجهك ، وأسألك الشوق إلى لقائك ) جمع بين أطيب شيء في الدنيا ، وهو الشوق إلى لقائه سبحانه ، وأطيب شيء في الآخرة ، وهو النظر إلى وجهه سبحانه .


ما المراد بالتعذيب في قوله تعالى ((فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهم كافرون ) ؟

قال الحسن البصري : يعذبهم بأخذ الزكاة منها والإنفاق في الجهاد واختاره ابن جرير . وقالت طائفة : تعذيبهم بها أنهم يتعرضون بكفرهم لغنيمة أموالهم ، وسبي أولادهم ، فإن هذا حكم الكافر ، وهم في الباطن كذلك . والصواب – والله أعلم – أن يقال تعذيبهم بها هو الأمر المشاهد من تعذيب طلاّب الدنيا ومحبيها ومؤثريها على الآخرة ، بالحرص على تحصيلها والتعب العظيم في جمعها ، ومقاساة أنواع المشاق في ذلك ، فلا تجد أتعب مَنْ الدنيا أكبر همِّه ، وهو حريص بجهده على تحصيلها


من أبلغ العذاب في الدنيا : تشتيت الشمل وتفرق القلوب ، وكون الفقر نُصب عيني العبد لا يفارقه ، ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب


محب الدنيا لا ينفك من ثلاث : همٍّ لازم ، وتعب دائم ، وحسرة لا تنقضي ، وذلك أن محبها لا ينال منها شيئاً إلا طمحت نفسه إلى ما فوقه كما في الحديث عن النبي : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثاً . قال بعض السلف : من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب

القرآن شفاء لمرض الشهوت: بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب ، والتزهيد في الدنيا ، والترغيب في الآخرة ، والأمثال والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار

من يبتلى بعشق الصور ؟ إنما يبتلي به القلوب الفارغة من حب الله والإخلاص له ، فإن القلب لابد له من التعلق بمحبوب ، فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره

- ما السر في قول الله عقب أمر الله المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم ( الله نور السماوات والأرض ) ؟

سر هذا الخبر : أن الجزاء من جنس العمل ، فمن غض بصره عما حرم الله عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه ، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه ، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله



لا يدخل المصلي عليه حتى يتطهر ، وكذلك جعل الدخول إلى جنته موقوفاً على الطيب والطهارة ، فلا يدخلها إلا طيب طاهر ، فهما طاهرتان : طهارة الأبدان ، وطهارة القلب ، ولهذا شرع للمتوضىء أن يقول عقيب وضوئه : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .، فطهارة القلب بالتوبة ، وطهارة البدن بالماء





ما السر في قول ( غفرانك ) بعد الخروج من الخلاء ؟

وفي هذا من السر – والله أعلم – أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه ، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه ، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب ، فحمد الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه ، وخفة البدن وراحته ، وسأل الله أن يخلصه من المؤذي الآخر ويريح قلبه منه ويخففه



القلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي . ومن علامته صحته : أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها . ومن علامة صحة القلب : أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله ويخبت إليه ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه . ومن علامة صحة القلب : أن لا يفتر عن ذكر ربه ، ولا يسأم من خدمته ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه ويذكره به . ومن علامات صحته : أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألماً أعظم من تألم الحريص بفوات ماله . ومن علامات صحته : أن يكون همه واحداً ، وأن يكون في الله . ومن علامات صحته : أنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا . ومن علامات صحته : أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعاً من أشد الناس شحاً بماله .



قال عمر : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا . وقال الحسن : لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه : ماذا أردتِ تعملين ؟ وما أردتِ تأكلين ؟ وقال ميمون بن مهران : إن التقي أشد محاسبة لنفسه من سلطان عاص ومن شريك شحيح . وقال الحسن : المؤمن قوّام على نفسه ، يحاسب نفسه لله ، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا . وقال مالك بن دينار : رحم الله عبداً قال لنفسه : ألستِ صاحبة كذا ؟ ألستِ صاحبة كذا ؟ ثم زمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله فكان لها قائد . وقال الحسن : رحم الله عبداً وقف عند همهِ ، فإن كان لله مضى ، وإن كان لغيره تأخر


يتبع





الساعة الآن 06:39 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام