هل تتخيل موقف ملك من الملوك العظماء تخاطبه نملة مؤدبة وذكية بخطاب يفيض لطفا وعذوبة، وتعتذر له ولجيشه حتى ولو آذوها وآذوا قومها دون قصد منهم، فإن الصالحين لا يتعمدون إيذاء شيء مهما صغر حجمه، نباتا كان أو حيوانا أو إنسانا. تبسم: يا له من ابتسامة وقورة، لم يضحك ولم يقهقه، بل ابتسم متعجبا من لطفها وأدبها، وهكذا الأدب وحسن الخلق يدخل السرور على قلوب الآخرين، فكن مؤدبا لتسعد وتسعد غيرك وتنال محبة الجميع. لا تترك الدعاء والافتقار والتضرع إلى الله مهما أحاطت بك النعم، ولا تغفل عن الشكر، فإن هذه النعم الكثيرة تستحق منك أن تشكر صاحبها ومنعمها عليك وهو الله سبحانه. لا تغتر بعقلك وفهمك فإن التوفيق للخير لا يناله إلا إنسان متواضع، يسأل ربه بكل إلحاح وتذلل أن يوفقه للشكر والطاعة. لاحظ أن سليمان عليه السلام هنا سأل ربه أن يلهمه شكره ويدفعه إلى الشكر دفعا؛ لأن النعم الكثير قد تبطر صاحبها وتصيبه بداء الغفلة، وبدأ بالشكر لأن جزاء النعم الماضية وهو متجدد بتجدد النعم. وفي مقام الدعاء لم ينس والديه، اللذان هما سبب وجوده بأمر الله، وكل نعمة حصلت لهما فقد ناله نصيب منها، فوجب على الإنسان أن يستحضر النعم الكثيرة التي جاءته من طرق مختلفة ولن يستطيع حصرها أبدا.
وإذا أحس الله وأيقن بفضل والديه عليه لم ينساهما من الدعاء في غيبتهما، فضلا عن الإحسان إليهما في حضورهما، فمن تذكر في غيبتك وأحسن إليك هو أولى أن يحسن إليك في حضورك، وهكذا هو الولد الصالح. ثم سأل ربه أن يوفقه لعمل الصالحات وهو جزاء النعم الحاضرة، فكل نعمة حاضرة يلزمها طاعة مرافقة لها، وسأل ربه أن يكون العمل الصالح هو مما يرضاه الله ويقبله لا ما يظنه الإنسان صالحا وهو في حقيقته فاسد باطل مضر. وبدأ بالشكر لأن الشكر يكون ابتداء بالقلب وصلاح القلب قبل صلاح البدن، والعمل يكون بالجوارح، فلا يمكن لسيء النية أن يوفق لعمل الصالحات. وبعد أن سأل ربه صلاح النية والعمل، والتوفيق للشكر والاعتراف القلبي والشعور بالامتنان على ما يحيطه الله به من الخيرات والألطاف الكثيرة، التي تدفعه للاعتراف لهذا الرب الرحيم بوجوب العبودية المطلقة والطاعة المخلصة لجلاله وجماله.
سأل ربه أن يكتب اسمه في عباده الصالحين الذين هم ورثة جنة النعيم، وهنا تواضع منه عليه السلام وهكذا يجب على كل مؤمن أن يرى أن دخوله للجنة ونيله لمرضاة الله تعالى لا يكون بسبب عمله الصالحة أن نيته الطيبة أو كذا وكذا من الأعمال بل هو محض فضل من الله الكريم الرحيم، فإن الإنسان مهما قدّم وتعبد فهو مقصر تجاه النعم الكثيرة التي أحاطه الله بها. وهنا أمر مهم أن المؤمن لا يسعد إلا مع الصالحين، ولا يسعد إلا بصحبتهم، وهذه الحقيقة مجربة ويؤيدها الواقع والتجارب الكثيرة، جعلنا الله جميعا من عباده الصالحين.
قاسم صلاح رابطة العلماء السوريين
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) 1- (فتبسم ضاحكا من قولها) بعض الكلام ﻻ تملك إﻻ أن تحييه باﻻبتسامة / عقيل الشمري 2- { فتبسم ضاحكا من قولها} قال الزجاج : أكثر ضحك الأنبياء التبسم/ محمد الربيعة 3- أنصتَ لها، ( فتبسم ضاحكاً من قولها.. )إنها نملة تُحذر منه، فيتبسم هكذا الملك العادل حين يستمع حتى لأصغر الرعية !!/عايض المطيري 4- «فتبسّم ضاحكاً» «أو لأذبحنّه» سلطتك .. وقوامتك .. وإدارتك الصارمة لا تعني أن لا يرى الناس ابتسامتك .. اجمع بين اللطف والصرامة نبأ_الداوودين / علي الفيفي 5- [ فتبسم ضاحكا من قولها[سطوة ..ونفوذ ..وجيش عرمرم ..وملك ونعيم ..ومع هذا يبتسم لنملة !لم ﻻ نتعلم التواضع .. ؟؟!!/ مها العنزى 6- أنصتَ لها،(فتبسم ضاحكا من قولها!) إنها نملة تُحذر منه،فيتبسم! لم يعتقل،، لم يعذب،، هكذا الملك العادل،حين يستمع حتى لأصغر الرعية،،/ وليد العاصمي 7- *{ فتبسم ضاحكاً من قولها } البسمة حدث جميل يستحق أن يسجله القرآن .. / افياءالوحي 8- (أن أعمل صالحا ترضاه) ليس كل عمل تراه صالحا، مرضي عند الله! راقب الإخلاص والمتابعة في أعمالك حتى يرضاها الله. تدبر" /روائع القرآن 9رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ رؤية النعم تحتاج إلى طاقة من الإلهام رب ألهمنا . / عبد الله بلقاسم 10- [ وأن أعمل صالحا ترضاه[ ما كل عمل صالح هو مقبول عند الله ! لأننا لم نتفقد نفوسنا عند الإقدام عليه فشابه الرياء فرد في وجهنا ! /مها العنزي 11- {قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك..} حين يستغرق الإنسان في استحضار نعمة ربه ويطلع على أسرار منة الله عليه يرى عجزه عن شكر ربه فيلهج بهذا الدعاء. /مجالس القرآن / د.محمد الربيعة 12- نعمة الله على الوالدين تتعدى بركتها لأولادهم، فيشرع أن يشكر الأبناء نعمة الله على الآباء (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي) / عبد العزيز الطريفي 13- ﴿رب أوزعني أن أشكرنعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي﴾ من عظيم فضل الله عليك أن يلهمك شكر نعمته التي أنعمها على والديك فتجمع بين أجر الشكر والبر / إبراهيم العقيل 14-﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَولِها وقال رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَيَّ وعلى والِدَيَّ﴾ ينبغي للإنسان إذا حصل نعمة أن يسأل الله تعالى أن يُلْهِمَه شكرها؛ حتى لا يَلحقه الغرور بهذه النّعمة التي أنعم الله بها عليه./ ابن عثيمين