بعد الدولة الاموية جاءت الدولة العباسية 132 هـ (750 م)، وبقيت في الحكم لمدة خمسة قرون إلى أن سقطت على أيدي التتار او المغول*وقائدهم هولاكو) حفيد جنكيزخان " سنة 656 هـ (1258 م) . وعلى الرغم من أن الأسرة* العباسية الحاكمة كانت أسرة عربية هاشمية، تنحدر من سلالة العباس بن عبد المطلب عم النبي** (صلى الله عليه وسلم)* إلا أنها اعتمدت على "الموالي" أي على الشعوب التي دخلت في الإسلام. ولذلك لهـم ينظر العباسيون إلى جنس معين من رعاياهم يتعصبون له على نحو تعصب الأمويين للعرب، بل نظروا إلى الشعوب التي تتألف منها الأمة الإسلامية نظرة واحدة مع اختلاف أجناسهم* وألوانهم ، عملاً بمبدأ المساواة الذي ينص عليه ا لإسلام في قوله تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى* وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "* (سورة الحجرات 13).
وبهذه السياسة وهذه النظرة إلى الشعوب الإسلامية، تقاربت الأعراق الإسلامية، وتداخلت بالزواج المختلط أو التوليد، ونشأ عن هذا*الاختلاط جيل جديد من المولدين، وأصبحت الدولة الإسلامية وكأنها وطن لأمة واحدة لا لشعوب مختلفة، تدين بدين واحد، وتتكلم لغة واحدة .
واتجهت سياسة الدولة العباسية الي المشرق منذ بدايتها، وكان هذا هو سر نجاحها وتوسعها ، فقد اتخذت من بغداد عاصمة لها بدلا من دمشق العاصمة السابقة، رغم أن هذا التوجه قد أسفر عن ضعف نفوذها في الأطراف الغربية التي أخذت تنسلخ تباعاً، فاستقلت الأندلس على يد "صقر قريش،" عبد الرحمن الداخل الأموي سنة 137 هـ/ 755 م، كما استقل* المغرب الأقصى على يد الأدارسة العلويين " سنة 72 1 هـ* 788 م، والمغرب الأوسط على يد "بني* رستم الخوارج* الأباضية" سنة 38 1 هـ/ه 75 م، وقام العباسيون ببناء دولة الاغالبة الموالية لهم في المغرب". والتي امتد حكمها من سنة 84 اهـ/800 م- 296 هـ/909 م وقد استطاعت هذه الدولة الأغلبية المجاهدة أن تحقق* إنجازاً* حربياً كبيراً ، بفتح جزيرة صقلية على يد القائد المسلم الفارسي "أسد بن الفرات "في عهد زيادة الله الأول الأغلبي سنة 3 31 هـ (838 م)، ثم فتح جزيرة مالطة التي تقع بين صقلية وأفريقيا فى عهد!محمد الأغلبي " المدعو* بأبي الغرانيق وذلك سنة 356 هـ (870 م).
غير أن* نفوذ العباسيين وإن كان قد ضعفت وزال في الاندلس والمغرب بعدها، إلا انها زادت في المشرق فقال ابن الأثير فى كتابه الكامل في التاريخ يشير* في حوادث سنة 133 هـ إلى أن جيوش أبي مسلم* الخراساني ، استطاعت أن تهزم في موقعة نهر طراز* الجيوش الصينية التي أخذت تتدخل في بلاد تركستان بأواسط أسيا. ويبدو أن هذا هو أول ذكر للاحتكاك الحربي بين المسلمين والصين في المراجع ا لإسلامية.
ومنذ ذلك الحين نلاحظ أن الحضارة الإسلامية أخذت تسود بلاد أواسط أسيا بعد أن أزاحت عنها الوجود الصيني. كذلك قامت في الأطراف الشرقية للدولة العباسية، دول إسلامية عريقة عملت على نشر الإسلام هناك باسم الخلافة العباسية.