ما أجمل أن يصف الله عز وجل في قرآنه الكتاب الخالد فئة من عباده
يختصهم بصفات ويُفيض عليهم من فضله كرامات
, فيأخذ فى وصفهم وصفا يشوّق النفس ويجعلها تتحرق أملا أن تكون مثلهم , وصفا يشحذ الهمم لترقى رقيهم
ويبعث على الرجاء فى ان يكون المرء منا واحدا منهم .
فتسمو الروح ويزيد البِشر ويتجدد الأمل طمعا فى حب الله ورضاء الله ومدح الله وثناء الله , ولم لا ؟
والفئة المرضية عنها من الله تنعم بما لاينعم به غيرها وتسعد برحمات وكرامات ربها ويكتب لها الفضل والكرامة
والبشرى والزيادة والعصمة .
ومن هذه الفئات المُميزة من عباد الله التى تناولها السياق القرآنى العظيم فى العديد من الآيات والذكر الحكيم تناولا للنفس محببا وللقلب مطمأنا وللآمال باعثا وللهمم دافعا هى فئة المتقين – جعلنا الله جميعا منهم - .
فقد جاء فى مواضع كثيرة من القرآن الحديث عنهم بأسلوب مشوق رائع .. فالله الله اجعلنا منهم .
الكرامة الأولى :
( كرامة البشارة )
اختص الله عز وجل ومَيّز المتقين فى القرآن بكرامة البشارة .
أليس تكفير الذنوب هو ما يستجلب النجاة يوم الكروب .
ثم يُعْظِم له أجرا !!!
ماذا سيكون الأجر العظيم !!!
أيكون منه رضا ورحمة !!!
أم يكون جنة عرضها السموات والأرض !!!
هو وحده الذى يعلم .
فقد ترك كلمة أجرا مبهمة لكى يكون التشويق ..
وتكون الأعمال ..
وتكون الهمم ..
وتكون التقوى فى الدنيا ليتقوى المرء بها على الآخرة .
لتكون النتيجة جمال فى عطاء بلا حدود .
دعاء ورجاء :
اللهم اغفرلنا الذنوب التي تحل النقم .
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تُغيِّر النعم .
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تورث الندم .
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تحبس القسم .
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تعجل الفناء .
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تقطعُ الرجاء .
( اللهم أعظم لنا أجرا وأستبدل سيئاتنا حسنات تكرما منك وفضلا وأعظم برحمتك لنا جنة المأوى )
الكرامة الخامسة :
( كرامة التوفيق للعلم )
{ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} . سورة البقرة : 282
المتقون .. هم أفضل من يحافظون على حقوق الآخرين .
فهم فى الديون والالتزامات المالية متقون يخافون ربهم .
فيكتبونها ويُشهدون عليها ويحفظونها من الضياع .
المتقون هم خير من يؤدون الأمانات .
المتقون هم أعظم الخلق تعظيما لحقوق الناس المالية .
لأنهم يخافون ربهم ويخافون يوما كان شره مستطيرا .
فلا يُخلفون المواثيق المالية ولا يزورون فيها ولايغشون .
بينهم وبين الأمانات حاجز الخوف من الله .
فلا يأكلون الحقوق بل يحفظونها ويؤدونها حق الحفظ وتمام الأمانة .
دعاء ورجاء:
اللهم اجعلنا من المتقين الذين تُعلّمهم دينهم وتُفقههم فى مسائل أموالهم وتحجبهم عن
زوغان قلوبهم الى عصيانك واهدار أماناتك واغضاب الخلق من أمتك .
الكرامة السادسة :
( كرامة المغفرة )
{ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} . سورة النساء : 129
فمن كان من الرجال مُعددا للنساء , فان الاصلاح والعدل مفروضٌ عليه ان كان راغبا أن يكون من المتقين .
رفقا بالقوارير
فمراقبة الله فى النساء حال التعدد أمر فى غاية الأهمية .
فالتقى هنا من لايجور على إحداهن فيظلمها .
فلا تكون كالمطلقة ولا كالأيم فتحيرت واحتارت .
بل العدل والمساواة بين الزوجات حال التعدد .
فإن تعذر فالوجل والخوف من الله ببذل الجهد فى العدل فى الماديات والعشرة .
أما الميول القلبية فلا عتاب من الله فى ذلك فهو يغفر.
دعاء ورجاء :
نستغفر الله من الذنوب التي تمسك غيث السماء .
نستغفر الله من الذنوب التى تكشف الغطاء .
.نستغفر الله رجوعاً إلى الله
نستغفر الله حياءّ من الله
. نستغفر الله تندما واسترجاعا
نستغفر الله فرارا من غضب الله الى رضاء الله .
نستغفر الله من الإفراط والتفريط .
نستغفر الله من مقارفة الذنوب ومن التدنس بالعيوب .
.ومن القنوط من رحمة الله
نستغفر الله استغفارا يزيد فى كل طرفة عين وتحريك نفس.
.نستغفر الله استغفارا يدوم مع دوام الله ويبقى مع بقاء الله
نستغفر الله من كل ذنب يوجب سواد الوجه يوم تسود الوجوه.
فالخير ليس فى تولية الوجوه عند الصلاة ناحية المشرق أو المغرب .
وإنما الخير فى الايمان الحق بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين.
وإنما الخير فى الذى ينفق ماله بحب ومودة واخلاص وصدق لمن يحتاجه.
من الفئات المختلفة – قربى , مساكين , ابناء السبيل , السائلين , من فى الرقاب .
وإنما الخير كذلك في الذى أقام صلاته ووفى بعهده اذا عاهد .
وإنما الخير فيمن صبر فى كل الأحوال حلوة كانت أو مُرّة .
المتصفون بهذه الصفات هم الصادقون .
المتصفون بهذه الصفات هم المتقون .
فالله الله فى المتقين ... فهم المختصون بالوصف وربانية التوفيق والعصمة .
ما أجمله من وصف !!!
وما أحلاه من أمل أن نكون من الصادقين !!!
ولم لا ؟
والصدق قد أمر به المولى والنبى الكريم .
الصدق الذى يجعل من التاجر الصدوق صاحب مكانة مع الانبياء والشهداء .
الصدق ذلكم المقام الذى دعا اليه المولى بقوله : وكونوا مع الصادقين .
الصدق الذى يكون لصاحبه منجاه .
دعاء ورجاء:
اللهم يا مؤنس كل وحيد يا صاحب كل فرِيد , يا قريباً غير بعيد يا غالباً غير مغلوب , يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام , لا إله إلا أنت اللهم كن لنا ولا تكن علينا , واجعلنا من الصادقين واجعلنا من المتقين يارب العالمين.