الحمد لله القائل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1]... وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها الإخوة: سورة عظيمة والقران كلّه عظيم، تحتوى على مشاهد توقظ النفوس وتزيدها إيمانًا، تحتوي على تسع آياتٍ مكية في قول أغلب المفسرين، قال العلماء: وهذه السورة فضلها كثير، وتحتوي على عظيم..[1].
• ﴿ إذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1] يخبر تعالى عما يكون يوم القيامة، وأن الأرض تتزلزل وترجف وترتج، حتى يسقط ما عليها من بناء وعلم.
فتندك جبالها، وتسوى تلالها، وتكون قاعًا صفصفًا لا عوج فيه ولا أمت[4].
• ﴿ وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 2] يقول: وأخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء، والميت في بطن الأرض ثقل لها، وهو فوق ظهرها حيا ثقل عليها[5].
قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾ يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض، ﴿ أَشْتَاتًا ﴾ متفرقين فآخذ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار، كقوله: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ﴾ [الروم: 14]، ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ﴾ [الروم: 43]، ﴿ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال ابن عباس: ليروا جزاء أعمالهم، والمعنى: أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار[11].
وبعد هذا أيها الإخوة: فيجب علينا جميعًا خاصةً في هذا الزمن الذي جُوهِرَت فيه عظائم الذنوب أن نحذر من الاغترار بأنفسنا والتساهل بها، فإننا والله مقبلون على أهوال الموت وما بعده والبرزخ وفتنته، والعرض والمحشر والصراط والحساب والجزاء والجنة والنار، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمد الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين.
أيها الأخ المبارك: اعلم أنّ مثقال الذرة من الخير في ميزانك يتنامى، فلا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو أن تطلق أخاك بوجه طلق، واعلم كذلك أن مثقال الذرة من الشر مرصود في حسابك، فاحذر من التساهل فيه واحتقاره، فإن الذنب ولو كان صغيرًا إذا احتُقِرَ من صاحبه، وتسوهل فيه يتعاظم ويكبر حتى يكون أمثال الجبال..
أيها الأخوة: ثمة أمرٌ عند بعض الأسر هداهم الله أخشى أن يصبح ظاهرة وهي تربية الكلاب من غير حاجة، والفتوى عند أهل العلم: أنّ يحرم على المسلم أن يقتني الكلب، إلا إذا كان محتاجًا إلى هذا الكلب في الصيد أو حراسة الماشية أو حراسة الزرع.