رد: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة /عبد الرحمن الجزيري
خوف الحامل والمرضع الضرر من الصيام
إذا خافت الحامل والمرضع الضرر من الصيام على أنفسهما وولديهما معاً، أو على أنفسهما فقط، أو على ولديهما فقط، فإنه يجوز لهما الفطر على تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المالكية قالوا: الحامل والمرضع، سواء أكانت المرضع أماً للولد من النسب، أو غيرها، وهي الظئر، إذا خافتا بالصوم مرضاً أو زيادته، سواء كان الخوف على أنفسهما وولديهما أو أنفسهما فقط، أو ولديهما فقط يجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء، ولا فدية على الحامل، بخلاف المرضع فعليها الفدية؛ أما إذا خافتا بالصوم هلاكاً، أو ضرراً شديداً لأنفسهما، أو ولديهما، فيجب عليهما الفطر، وإنما يباح للمرضع الفطر إذا تعين الرضاع عليها، بأن لم تجد مرضعة سواها، أو وجدت ولم يقبل الوالد غيرها. أما إن وجدت مرضعة غيرها وقبلها الولد فيتعين عليها الصوم، ولا يجوز لها الفطر بحال من الأحوال، وإذا احتاجت المرضعة الجديدة التي قبلها الولد الأجرة، فإن كان للولد مال، فالأجرة تكون من ماله، وإن لم يوجد له مال، فالأجرة تكون على الأب، لأنها من توابع النفقة على الولد، والنفقة واجبة على أبيه إذا لم يكن له مال.
الحنفية قالوا: إذا خافت الحامل، أو المرضع الضرر من الصيام جاز لهما الفطر، سواء كان الخوف على النفس والولد معاً، أو على النفس فقط، أو على الولد فقط، ويجب عليهما القضاء عند القدرة بدون فدية، وبدون متابعة الصوم في أيام القضاء، ولا فرق في المرضع بين أن تكون أما أو مستأجرة للإرضاع. وكذا لا فرق بين أن تتعين لفرضاع أو لا، لأنها إن كانت أماً فالإرضاع واجب عليها ديانة، وإن كانت مستأجرة فالإرضاع واجب عليها بالعقد، فلا محيص عنه.
الحنابلة قالوا: يباح للحامل، والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر على أنفسهما وولديهما، أو على أنفسهما فقط، وعليهما في هاتين الحالتين القضاء دون الفدية، أما إن خافتا على ولديهما فقط فعليهما القضاء والفدية، والمرضع إذا قبل الولد ثدي غيرها وقدرت أن تستأجر له، أو كان للولد مال يستأجر منه من ترضعه استأجرت له، ولا تفطر، وحكم المستأجر للرضاع كحكم الأم فيما تقدم.
الشافعية قالوا: الحامل، والمرضع إذا خافتا بالصوم ضرراً لا يحتمل، سواء كان الخوف على أنفسهما وولديهما معاً، أو على أنفسهما فقط، أو على ولديهما فقط، وجب عليهما الفطر، وعليهما القضاء في الأحوال الثلاثة، وعليهما أيضاً الفدية مع القضاء في الحالة الأخيرة: وهي ما إذا كان الخوف على ولدهما فقط، ولا فرق في المرضع بين أن تكون أماً للولد أو مستأجرة للرضاع، أو متبرعة به، وإنما يجب الفطر على المرضع في كل ما تقدم إذا تعينت للإرضاع، بأن لم توجد مرضعة غيرها مفطرة، أو صائمة لا يضرها الصوم، فإن لم تتعين للإرضاع جاز لها الفطر مع الإرضاع، والصوم مع تركه، ولا يجب عليها الفطر، ومحل هذا التفصيل في المرضعة المستأجرة إذا كان ذلك الخوف قبل الإجارة، أما بعد الإجارة بأن غلب على ظنها احتياجها للفطر بعد الإجارة، فإنه يجب عليها الفطر متى خافت الضرر من الصوم، ولو لم تتعين للإرضاع.
والفدية هي إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء مقداراً من الطعام يعادل ما يعطى لأحد مساكين الكفارة، على التفصيل المتقدم في المذاهب
رد: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة /عبد الرحمن الجزيري
صوم الحائض والنفساء
إذا حاضت المرأة الصائمة أو نفست وجب عليها الفطر، وحرم الصيام، ولو صامت فصومها باطل، وعليها القضاء.
[حكم الفطر لكبر السن]
الشيخ الهرم الفاني الذي لا يقدر على الصوم في جميع فصول السنة يفطر وتجب عن كل يوم فدية طعام مسكين؛ وقال المالكية: يستحب له الفدية فقط؛ ومثله المريض الذي لا يرجى برؤه، ولا قضاء عليهما لعدم القدرة، باتفاق ثلاثة، وخالف الحنابلة، فانظر مذهبهم تحت الخط ، أما من عجز عن الصوم في رمضان، ولكن يقدر على قضائه في وقت آخر، فإنه يجب عليه القضاء في ذلك الوقت، ولا فدية عليه.
,,,,,,,,,,,,
الحنابلة قالوا: من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فعليه الفدية عن كل يوم، ثم إن أخرجها فلا قضاء عليه إذا قدر بعد على الصوم؛ أما إذا لم يخرجها ثم قدر فعليه القضاء
[إذا طرأ على الصائم جنون]
إذا طرأ على الصائم جنون ولو لحظة، ولم يجب عليه الصوم، ولا يصح؛ وفي وجوب القضاء تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط
,,,,,,,,,,,,,,,
الشافعية قالوا: إن كان متعدّياً بجنون بأن تناول ليلاً عمداً شيئاً أزال عقله نهاراً، فعليه قضاء ما جن فيه الأيام، وإلا فلا. الحنابلة قالوا: إذا استغرق جنونه جميع اليوم، فلا يجب عليه القضاء مطلقاً، سواء كان متعدياً أو لا، وإن أفاق في جزء من اليوم وجب عليه القضاء. الحنفية قالوا: إذا استغرق جنونه جميع الشهر، فلا يجب عليه القضاء، وإلا وجب. المالكية قالوا: إذا جن يوماً كاملاً أو جله سلم في أوله أو لا، فعليه القضاء، وإن جن نصف اليوم أو أقله، ولم يسلم أوله فيهما فعليه القضاء أيضاً، وإلا فلا، كما تقدم
وإذا زال العذر المبيح للإفطار في أثناء النهار، كأن طهرت الحائض، أو أقام المسافر، أو بلغ الصبي، وجب عليه الإمساك بقية اليوم احتراماً للشهر؛ عند الحنفية، والحنابلة، أما المالكية والشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط
......................
المالكية قالوا: لا يجب الإمساك، ولا يستحب في هذه الحالة إلا إذا كان العذر الإكراه، فإنه إذا زال وجب عليه الإمساك، وكذا إذا أكل ناسياً، ثم تذكر، فإنه يجب عليه الإمساك أيضاً. الشافعية قالوا: لا يجب الإمساك في هذه الحالة، ولكنه يسن
رد: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة /عبد الرحمن الجزيري
ما يستحب للصائم
يستحب للصائم أمور:
منها تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب، وقبل الصلاة، ويندب أن يكون على رطب، فتمر؛ فحلو، فماء، وأن يكون ما يفطر عليه من ذلك وتراً، ثلاثة، فأكثر
ومنها الدعاء عقب فطره بالمأثور، كأن يقول: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر، يا واسع الفضل اغفر لي الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت
ومنها السحور على شيء وإن قل، ولو جرعة ماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "تسحروا، فإن في السحور بركة"، ويدخل وقته بنصف الليل الأخير، وكلما تأخر كان أفضل، بحيث لا يقع في شك في الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يُريبك"
ومنها كف اللسان عن فضول الكلام، وأما كفه عن الحرام، كالغيبة والنميمة، فواجب في كل زمان، ويتأكد في رمضان
ومنها الإكثار من الصدقة والإحسان إلى ذوي الأرحام والفقراء والمساكين
ومنها الاشتغال بالعلم، وتلاوة القرآن والذكر، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما تيسر له ذلك ليلاً أو نهاراً
رد: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة /عبد الرحمن الجزيري
[قضاء رمضان]
من وجب عليه قضاء رمضان لفطرة فيه عمداً أو لسبب من الأسباب السابقة فإنه يقضى بدل الأيام التي أفطرها في زمن يباح الصوم فيه تطوعاً، فلا يجزئ القضاء فيما نهى عن صومه، كأيام العيد، ولا فيما تعين لصوم مفروض كرمضان الحاضر، وأيام النذر المعين، كأن ينذر صوم عشرة أيام من أول ذي القعدة، فلا يجزئ قضاء رمضان فيها لتعينها بالنذر، عند المالكية، والشافعية، أما الحنابلة، والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط ، كما لا يجزئ القضاء في رمضان الحاضر، لأنه متعين للأداء، فلا يقبل صوماً آخر سواه، فلو نوى أن يصوم رمضان الحاضر أو أياماً منه قضاء عن رمضان سابق، فلا يصح الصوم عن واحد منهما، لا عن الحاضر، لأنه لم ينوه، ولا عن الفائت، لأن الوقت لا يقبل سوى الحاضر، باتفاق ثلاثة،وخالف الحنفية فانظر مذهبيهم تحت الخط ؛ ويجزئ القضاء في يوم الشك لصحة صومه تطوعاً، ويكون القضاء بالعدد لا بالهلال، فمن أفطر رمضان كله؛ وكان ثلاثين يوماً، ثم ابتدأ قضاءه من أول المحرم مثلاً، فكان تسعة وعشرين يوماً، وجب عليه أن يصوم يوماً آخر بعد المحرم ليكون القضاء ثلاثين يوماً كرممضان الذي أفطره، ويستحب لمن عليه قضاء أن يبادر به ليتعجل براءة ذمته، وأن يتابعه إذا شرع فيه؛ فإذا أخر القضاء أو فرقه صح ذلك، وخالف المندوب، إلا أنه يجب عليه القضاء فوراً إذا بقي على رمضان الثاني بقدر ما عليه من أيام رمضان الأول؛ فيتعين القضاء فوراً في هذه الحالة خلافاً للشافعية، والحنفية؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط ، ومن أخر القضاء حتى دخل رمضان الثاني وجبت عليه الفدية (الشافعية قالوا: تتكرر الفدية بتكرر الأعوام) زيادة عن القضاء، وهي إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء ومقدارها هو ما تعطى لمسكين واحد في الكفارة، كما تقدم في "مبحث الكفارات"، باتفاق ثلاثة؛ وخالف الحنفية، فقالوا: لا فدية على من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان الثاني، سواء كان التأخير بعذر أو بغير عذر؛ وإنما تجب الفدية إذا كان متمكناً من القضاء قبل دخول رمضان الثاني، وإلا فلا فدية عليه، ولا تتكرر الفدية بتكرر الأعوام بدون قضاء، باتفاق ثلاثة. وقال الشافعية: بل تتكرر الفدية بتكرر الأعوام.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
الحنفية قالوا: من نوى قضاء صيام الفائت في رمضان الحاضر صح الصيام ووقع عن رمضان الحاضر دون الفائت، لأن الزمن متعين لأداء الحاضر، فلا يقبل غيره، ولا يلزم فيه تعيين النية؛ كما تقدم في "شرائط الصيام"
الشافعية قالوا: يجب القضاء فوراً أيضاً إذا كان فطره في رمضان عمداً بدون عذر شرعي.
الحنفية قالوا: يجب قضاء رمضان وجوباً موسعاً بلا تقييد بوقت؛ فلا يأثم بتأخره إلى أن يدخل رمضان الثاني