فأدّوا زكاةَ أموالِكِم، طيبة بها أنْفُسكُم، ولا يجوزُ تأخيرُ الزكاةِ عنْ وقتِ حُلُولِها، فإذا حالَ الحولُ على المالِ وَجبَ إخراجُ الزَّكاةِ، ولا يَجوزُ أنْ تُؤخّرَ الزَّكاةُ عنْ وقتِها إلى رمضانَ، ويَجوزُ تقديمُ الزَّكاةِ وتعجيلُها.
فإذا كَانَ تمامُ حَولِها في شَهْرِ شوال مثلا، جازَ تَقديِمُها إلى رمضانَ، وإذا كَانَ تمامُ حولِها في شعبانَ، فلا يجوزُ تأخيرُها إلى رمضانَ.
واعلموا أنَّ الزكاةَ والصَّدقةَ بَرَكَةٌ في المالِ والعُمُرِ والوَلَدِ.
والإنفاقُ أعَمُّ مِنْ أنْ يكَونَ في المالِ، فقدْ كَانَ الصحابةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم إذا لم يَجِدْ أحدُهُم ما يتصدَّقُ به تصدَّقَ على مَنْ ظلَمَهُ بالعَفُوِ عَنْه.
بل كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ورَضِيَ اللهُ عَنْهُم إذا لم يِجِدْ ما يتصدَّقُ به تصدّقَ بِعِرْضِهِ، وحَلَّلَ مَنْ وَقَعَ في عِرْضِهِ بِغيبةٍ أو بُهتانٍ.
وجاءَ في سيرةِ عُلبةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ خَرَجَ مِنَ الليلِ فصلَّى وبَكى، وقَالَ: اللهمَّ إنَّكَ قد أمَرْتَ بالجهادِ، ورغّبتَ فيه، ولم تَجْعلْ عندي ما أتقوّى به معَ رسولِكَ، وإنِّي أتصدقُ على كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلَمَةٍ أصَابَني بها في جَسَدٍ أو عِرْضٍ.
ولَمَّا حَضَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على الصدقةِ جاءَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُم بِطاقَتِهِ وما عِندَه. فقَالَ عُلبةُ بِنُ زيدٍ: اللهمَّ أنَّهُ ليسَ عندي ما أتَصدَّقُ به. اللهمَّ إنِّي أتصدَّقُ بِعرْضِي على مَنْ نَالَهُ مِنْ خَلْقِكَ.
والدليلُ على أنَّ الكافِرَ لا يُعْطَى مِنَ الكفَّارةِ القياسُ على الزكاةِ، فإنَّ الكَافِرَ لا يُعْطَى مِنَ الزكاةِ إلاَّ إذا كَانَ مؤلَّفًا، ولذلك قاسَ العلماءُ الإطعامُ على الزكاةِ، وقَالَوا: إنَّ الكُفّارَ ليسوا أهلًا، والمسألةُ فيها شيءٌ مِن التأمُّلِ. اهـ.
وقَالَ شيخُنا الجبرينُ: لا يُعْطَى الكافِرُ مِنْ زكاةِ الفِطْرِ، ولا مِنْ زكاةِ المالِ، ولا مِنْ صدقاتِ التَّبرُّعِ، فإنه قد اختارَ الكُفرَ وهَجَرَ الإسلامَ، فهو عدوٌ للمسلمينَ، فلا حَقٌ له في صدقاتِهِم وأموالِهِم، بل يصرِفونَها للمسلمينَ، لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾. اهـ.
الوقفةُ السَّادِسَةُ والأخيرةُ:
الحِرصُ على شُهودِ صلاةِ العيدِ، وهي سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ، وقَدْ قَالَ بِوُجُوبِها بعضُ عُلمائنا.
ولا تُشْرَعُ الصَّلاةُ قَبلَها ولا بَعدَها إذا صُلِّيَتْ صَلاةُ العيدِ في المصلَّى.