{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} : في قصة موسى عليه السلام وفرعون عليه لعائن الله من العبر والدروس الكثير والكثير , وأهمها أن أهل الباطل يستكبرون عن الحق رغم علمهم بباطلهم إلا أن لكل منهم أسبابه التي غالباً ما تتعلق بالشهوات وطاعة الهوى وعبادة الذات وعلوها عن حجمها الطبيعي , فيخرج العبد من طور العبيد إلى أطوار أعلى قد تصل إلى ادعاء الألوهية, والزعم بأنه الخالق المالك المدبر والعياذ بالله , ومن ثم يبدأ حربه مع الله وجنده وأوليائه ويستخدم كل نعم الله في إنكار فضل الله وإلغاء أوامر الله والاستكبار عن رسالاته ورسله وأتباعهم. والنهاية المحتومة لهؤلاء دائماً هي الهلاك المحتم ثم الخلود في جهنم , فمهما طالت به المهلة سيلقى الله ليحاسبه عن كل كبير وصغير. قال تعالى: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } [ الذاريات 38-40] قال السعدي في تفسيره: أي: { {وَفِي مُوسَى} } وما أرسله الله به إلى فرعون وملئه، بالآيات البينات، والمعجزات الظاهرات، آية للذين يخافون العذاب الأليم، فلما أتى موسى بذلك السلطان المبين، فتولى فرعون { {بِرُكْنِهِ} } أي: أعرض بجانبه عن الحق، ولم يلتفت إليه، وقدح فيه أعظم القدح فقالوا: { {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} } أي: إن موسى، لا يخلو، إما أن يكون أتى به شعبذة ليس من الحق في شيء، وإما أن يكون مجنونًا، لا يؤخذ بما صدر منه، لعدم عقله. هذا، وقد علموا، خصوصًا فرعون، أن موسى صادق، كما قال تعالى: { { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} } وقال موسى لفرعون: { {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ } } الآية، { {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} } أي: مذنب طاغ، عات على الله، فأخذه عزيز مقتدر. #أبو_الهيثم