وصل على بن أبى طالب إلى المدينة النبوية مهاجراً إلى الله ورسولِه تاركاً وراءه بلده مكة التى تربَّى فيها وذكرياتِه التى نشأ عليها, وصل المدينة وعمره قد تجاوز العشرين بقليل وآخى النبى بينه وبين سَهلٍ بن حُنيفٍ الأَوْسِيّْ الأنصارىّْ فكان سَهْلٌ لعَلىّْ نِعْمَ الأخُ والرفيق لكن على بن أبى طالب كان كثير الملازمة للنبى يسير معه حيث سار وينزل معه حيث ينزل وينقل لنا من أخباره وسننه الشئ الكثير.
فقد أخبرنا على رضي الله عنه ذات مرة أنه خرج مع رسول الله حتى إذا كانوا بِحَرَّةِ السُقْيَا التى كانت لسعد بن أبى وقاص قال رسول الله : إِيتُونى بوضوء, فلما توضأ قام فاستقبل القبلة ثم كَبَّرَ ثم قال: اللهم إن إبراهيم كان عبدَك وخليلَك ودعا لأهل مكة بالبركه وأنا عبدُك ورسولُك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم فى مُدِّهِم وصَاعِهِم مِثْلَىّْ ما باركت لأهل مكة مع البركة برَكَتَين.
ويروى لنا على رضي الله عنه أنه خرج ذات يوم فى جنازة فى بقيع الغَرْقَد مع النبى فقعد النبى والصحابة حوله ومعه عصاً يَتَكِأُ عليها فطَأْطَأَ رأسه كالمهموم وجعل يضرب الأرض بطرَف عصاه ثم قال: ما منكم من أحد وما من نَفْسٍ مَنْفُوسَه إلا وقد كُتِبَ مكانُها من الجنة والنار وإلا وقد كُتِبَت شقيةً أو سعيدة فقال رجل: يا رسول الله أفلا نتَكِل على كتابنا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاء فسيصير إلى عمل أهل الشقاء, فقال صلي الله عليه وسلّم: إعملوا فكل مُيَسَّرُ لما خُلِق له, أما أهل السعادة فيُيَّسرُون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ١٠﴾.
واستمر النبى فى توجيه على رضي الله عنه وتقديم النصائح له ورعايته والإهتمام به وكان على رضي الله عنه يسعد بذلك, كيف لا وهو الذى تربى فى بيته صلي الله عليه وسلّم فى مكة ونشأ على مَرْآه واستمر الحال على ذلك فى المدينة
فقد نهاه النبى عن قراءة القرآن فى حال ركوعه وسجوده فى الصلاة, وقال له ذات مرة أيضا: يا علىّْ لا تُتْبِع النَظْرَة النَظْره فإن لك الأولى وليست لك الآخره.
كما لقَّنَه رسول الله كلمات وأمره إن نزل به كَرْبٌ أو شدةٌ أن يقولَهُن وهى: لا إلا الله الحليم الكريم, سبحانه وتعالى, تبارك الله رب العرش العظيم, والحمد لله رب العالمين.
وعلَّمَه النبى دعاء قال فيه: اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك, وقال له: لو كان عليك مثل الجبل دَيْنَا لأدَّاهُ الله عنك.
وعندما أكثر الناس المسائل على رسول الله حتى شَقُّوا عليه أراد الله تعالى أن يُخَفِفَّ عن نبيه فأمرهم أن يُقَدِّمُوا بين يَدَىّ نجواهم صَدَقَه وأَنزل فى ذلك آية من كتابه عند ذلك كَفَّ الناس عن المسألة ولم يعمل بتلك الآية إلا على بن أبى طالب وذلك لأنها نُسِخت بعد ساعة من نهار, قال علىّْ رضي الله عنه إن فى كتاب الله لآيه ما عمل بها أحد غيرى ولا يعمل بها أحد بعدى, آية النَجوَى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ١٢﴾
قال رضي الله عنه: كان عندى دينار فتصَدَّقتُ به وناجيت النبى ثم نُسِخَت الآية فلم يعمل بها أحد.
وأُهدِيَت إلى النبى حُلَّةٌ من حرير فبعث بها إلى على بن أبى طالب فلبسها فقال له النبى : إنى لم أبعث بها إليك لتلبسها ولكن شُقّهَا خُمُراً بين الفَوَاطِم ويقصد بالفواطم ( فاطمة بنت محمد زوجته وفاطمة بنت أسد أمه وفاطمة بنت حمزه بنت عمه ) رضى الله عن الجميع.
وكانت فاطمة بنت النبى قد بلغت من العمر ثمانية عشرعاما فطَمِحَت لها نُفوس الصحابة إبتغاء شرف مصاهرة النبى فخطبها أبو بكر ثم عمر فاعتذر لهما النبى لصغر سنها بالنسبة لهما فجاء نَفَرٌ من الأنصار إلى على رضي الله عنه وقالوا له: عندك فاطمة إخطبها من رسول الله فأتى النبى فسَلَّم عليه فرد عليه النبى السلام وقال: ما حاجةُ بن أبى طالب فقال: يا رسول الله فاطمة بنت رسول الله فقال: مرحباً وأهلا, لم يزده عليها, فخرج على رضي الله عنه على أولئك الرهط من الأنصار وهم ينتظرونه فقالوا ما وراءك؟ قال لا أدرى ولكنه قال لى مرحباً وأهلا, فقالوا: يكفيك من رسول الله إحداهما أعطاك الأَهل وأعطاك الرَحْب, وكانت خِطبَتُه لها فى السنة الأولى من الهجرة.
ثم قال النبى لعلىّْ هل عندك من شئ يعنى مهراً لفاطمة رضى الله عنها فقال على رضي الله عنه: لا يا رسول الله فقال: فأين دِرعُك الحُطَمِيَّه؟ قال علىّْ: هى عندى, فقال رسول الله : فأعطِنَيهَا, فأعطيتها إياه مهراً لها ثم جَهَزَّ رسول الله ابنته فاطمة رضى الله عنها فى قَطِيفَةِ من صوف وقِربَةٍ ووسادة من أَدَمْ حشوُها ليفُ الإِذْخِر.
قال على رضي الله عنه: أُهدِيَت فاطمة ليلةَ أُهدِيَت إلىّْ وما تحتنا إلا جِلْدُ كَبش.
ولما أراد على رضي الله عنه الدخول على فاطمة وذلك بعد غزوة بدر قال له رسول الله : يا علىّْ إنه لا بد للعُرسِ من وليمة ولم يكن على رضي الله عنه حينها يملك شيئا فقال سعد رضي الله عنه على كَبش وجَمَعَ له رَهطٌ من الأنصار آصُعَاً من ذُرَه فَأَوْلَمَ لهم.
قال جابر بن عبد الله حضرنا عُرس على بن أبى طالب وفاطمة بنت رسول الله فما رأينا عُرساً كان أحسن منه, هيأ لنا رسول الله زَبِيبَاً وتمرا فأكلنا.
فلما كانت ليلة البِنَاء قال رسول الله لعلى: لا تُحْدِث شيئاً حتى تلقانى, فدعا رسول الله بماء فتوضأ منه ثم أفرَغَه على علىّْ رضي الله عنه وقال: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك فى نَسْلَيْهِما, فبارك الله لهما ورزقهُما الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنه.
ويمضى على بن أبى طالب فى حياة هَنِيَّه مع زوجة رَضِيَّه لولا ما يُكَدِّرُ عليهما ما يلقيانه من ضِيقِ الحال, ففى ذات يوم رجع على رضي الله عنه إلى بيته متعبا بعد أن عمل أجيراً لدى يهودى فى بستانه يَنضَحُ له الماء من البئر مقابل كل دَلوٍ تمره, فلقى فاطمة رضى الله عنها وقد تَقَرَّحَت يداها من طحن الدقيق على الرَّحَا, فقال لها: لقد سمعت بسَبْىٍ جاء للنبى فاذهبى إلى أبيكى واطلبى لنا منه خادما, فأتت النبى فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة رضى الله عنها فلما رجع النبى أخبرته عائشة بحاجة ابنته فاطمة فجاءهم النبى وقد أخذا مضاجعهما فجلس بينهما وقال لهما: ألا أدلكما على ما هو خيرٌ لكما من خادم؟ فقالا: بلى يا رسول الله, فقال: اذا أخذتُما مضاجعكما فسبَّحا ثلاثاً وثلاثين واحمَدَا ثلاثاً وثلاثين وكبِّرا أربعاً وثلاثين فهو خيرٌ لكما من خادم.
قال على رضي الله عنه ما تركته منذ سمعته من النبى قيل له ولا ليلة صِفِّين؟ قال: ولا ليلة صِفِّين.
ولم تكن لعلى رضي الله عنه كُنيَةٌ أحب إليه من أبى تُراب وكان يفرح اذا دُعىَ بها وسبب هذه الكُنيَه أن رسول الله جاء إلى بيت فاطمة رضى الله عنها فلم يجد عليًّ فى البيت فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بينى وبينه شئ فغاضبنى فخرج ولم يَقِلْ عندى, فقال رسول الله لرجل من الصحابة: اُنظُر أين هو, فجاء فقال: يا رسول الله هو فى المسجد راقد, فجاءه رسول الله فوجده مُضطجعا وقد سقط رداؤه عن شِقِّه فأصاب جَنْبَه تُراب, فجعل رسول الله يمسحه عنه وهو يقول: قُم أبا تُراب, قُم أبا تُراب.
oghtm ugn fk Hfd 'hgf vqd hggi uki 2 lèn hggi îgçé RAn Xgn Xki ~çgè