وسيرة النبي ﷺ معجزة من معجزاته، وآية من آيات نبوته كما قال ابن حزم( فإن سيرة محمدﷺ لمن تدبرها تقتضي تصديقه ضرورة، وتشهد له بأنه رسول الله ﷺ حقا ، فلو لم تكن له معجزة غير سيرته ﷺ لكفى
وقدكان الصحابة ـرضوان الله عليهمـ يقدرون للسيرة النبوية قدرها،ويتواصون بتعلمها وتعليمها
۩۩ فكان علي بن الحسين رضي الله عنه يقول كنا نُعلَّم مغازي النبيﷺ كما نعلم السورة من القرآن
۩۩ وكان الزهري يقول : علم المغازي والسرايا علم الدنيا والآخرة ۩۩ وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ: كان أبي يعلمنا المغازي ويعدها علينا ويقول: يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوها
۩۩ قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إن الله تعالى نهج سبيله وكفانا برسوله فلم يبق إلا الدعاء والإقتداء».
۩۩ قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: «رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب إلا أن يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالح».
۩۩ قال عبيدالله بن عُتبة رحمه الله: «كنا نحضر مجالس عبدالله بن عباس فيحدثنا العشية كلها في المغازي وكان قد خصص جزءاً من يومه لتدريس المغازي».
۩۩ قال سليمان الندوي رحمه الله: «الدين لا ينجح ولا يعلو ولا ينتشر إلا بسيرة النبي الذي بُعث به وبما عرفه الناس عنه من شؤون حياته وأخلاقه وأعماله وأقواله».
۩۩۩۩ قال الإمام ابن القيم رحمه الله:« وَمِنْ هَاهُنَا تَعْلَمُ اضْطِرَارَ الْعِبَادِ فَوْقَ كُلِّ ضَرُورَةٍ إلَىٰ مَعْرِفَةِ الرّسُولِ وَمَا جَاءَ بِهِ، وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، وَطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ؛ فَإِنّهُ:لَا سَبِيلَ إلَى السَّعَادَةِ وَالْفَلَاحِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ إلَّا عَلَىٰ أَيْدِي الرّسُلِ. وَلَا سَبِيلَ إلَىٰ مَعْرِفَةِ الطَّيِّبِ وَالْخَبِيثِ عَلَى التّفْصِيلِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمْ. وَلَا يُنَالُ رِضَى اللهِ الْبَتّةَ إلَّا عَلَىٰ أَيْدِيهِمْ.
فَالطّيّبُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَخْلَاقِ لَيْسَ إلَّا هَدْيَهُمْ وَمَا جَاؤوا بِهِ، فَهُمُ الْمِيزَانُ الرّاجِحُ الّذِي عَلَىٰ أَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ تُوزَنُ الْأَقْوَالُ وَالْأَخْلَاقُ وَالْأَعْمَالُ. وبمتابعتهم يَتَمَيَّزُ أَهْلُ الْهُدَىٰ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ. فَالضّرُورَةُ إلَيْهِمْ أَعْظَمُ مِنْ ضَرُورَةِ: الْبَدَنِ إلَىٰ رُوحِهِ. وَالْعَيْنِ إلَىٰ نُورِهَا.
وَالرّوحِ إلَىٰ حَيَاتِهَا. فَأَيُّ ضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ فُرِضَتْ؛ فَضَرُورَةُ الْعَبْدِ وَحَاجَتُهُ إِلَى الرُّسُلِ فَوْقَهَا بِكَثِيرٍ.وَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ إِذَا غَابَ عَنْك هَدْيُهُ وَمَا جَاءَ بِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ؛ فَسَدَ قَلْبُك، وَصَارَ كَالْحُوتِ إذَا فَارَقَ الْمَاءَ وَوُضِعَ فِي الْمِقْلَاةِ؟! فَحَالُ الْعَبْدِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ قَلْبِهِ لِمَا جَاءَ بِهِ الرّسُلُ كَهٰذِهِ الْحَالِ، بَلْ أَعْظَمُ، وَلٰكِنْ لَا يُحِسُّ بِهٰذَا إلّا قَلْبٌ حَيٌّ، ومَا لِجُرْحِ بِمَيّتِ إيلَامُ
وَإِذَا كَانَتْ سَعَادَةُ الْعَبْدِ فِي الدّارَيْنِ مُعَلَّقَةً بِهَدْيِ النّبِيّ ﷺ ؛ فَيَجِبُ عَلَىٰ كُلِّ مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ وَأَحَبَّ نَجَاتَهَا وَسَعَادَتَهَا أَنْ يَعْرِفَ مِنْ هَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ وَشَأْنِهِ مَا يَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْجَاهِلِينَ بِهِ، وَيَدْخُلُ بِهِ فِي عِدَادِ أَتْبَاعِهِ وَشِيْعَتِهِ وَحِزْبِهِ. وَالنّاسُ فِي هٰذَا بَيْنَ مُسْتَقِلٍّ، وَمُسْتَكْثِرٍ، وَمَحْرُومٍ، وَالْفَضْلُ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ واللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ