عبداً من فارس اشترته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ثم اعتقته في سبيل الله واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ففرح بذلك فرحاً شديداً حيث يظل قريباً من رسول الله. قال سفينة: اشترتني أم سلمة فأعتقتني واشترطت علي أن أخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عشت فقلت أنا ما أحب أن أفارق النبي صلى الله عليه وسلم ما عشت.
وكان قبل عتقه من أهل الصفة الفقراء وما أن أعتقته أم سلمة واشترطت عليه ما اشترطت حتى صار مصاحباً للنبي صلى الله عليه وسلم لا يفارقه وبقيَ على ذلك عشر سنين في بيت النبوة وكان بهم خليطاً ولهم أليفاً. وذات يوم أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم اسم سفينة وقد سئل عن سبب تسميته بهذا الاسم كما أخرج أحمد في مسنده حيث يقول:
«سماني رسول الله سفينة حيث خرج ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم فقال ابسط كساءك فبسطته فجعل فيه متاعهم ثم حمَله علي فقال: احمل ما أنت إلا سفينة» قال: فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو خمسة أو ستة ما صعب علي ولا ثقل حيث شحنه النبي صلى الله عليه وسلم بطاقة نورانية مما يدل على كرامة هذا الرجل عند الله تعالى ولا فرق في هذه القضية بين الحر والعبد ما دام أنه قريب التواصل مع ربه «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
لقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً من الحديث مما جعل كثيراً من التابعين يروون عنه ومنهم على سبيل المثال: «الحسن البصري ومحمد بن المنكرر وسالم بن عبد الله» وغيرهم.
قال البخاري في تاريخه الكبير «احتجم النبي فقال لسفينة خذ هذا الدم فادفنه من الطير والدواب والناس فتغيب ثم شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم فسأله النبي فأخبرته عن شربي لدمه صلى الله عليه وسلم قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم» إن دل هذا على شيء فإنما يدل على إيمان كامل مما جعل الله سبحانه وتعالى يجري على يديه بعض الكرامات لأن الاستقامة هي عين الكرامة كما يقول أهل العلم رحمه الله تعالى.
أخرج البخاري وأبو نعيم الذهبي وغيرهم.. عن محمد بن المنكرر عن سفينة رضي الله عنه أنه قال: «ركبت سفينة في البحر فانكسرت بهم فتعلقت بلوح منها حتى طرحتني إلى جزيرة فيها أجمة يسكنها أسد فقال سفينة: يا أبا الحارث وهي كنية الأسد - أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فطأطأ رأسه وجعل يدفعني بكتفه حتى وضعني على الطريق فلما وضعني على الطريق همهم فظننت أنه يودعني بالسلام».
ففي هذه الحادثة عدة كرامات أولها: حرمة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحيوانات حيث طأطأ رأسه هذا الأسد المفترس بمجرد أنه سمع أن سفينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن الله أوجد هذا الأسد في هذه الجزيرة ليدل سفينة على الطريق. ولقد صدق الله العظيم حيث يقول: «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خوْفٌ عَلَيْهمْ وَلا هُمْ يَحزَنونَ (62) الذِينَ آمَنُوا وَكَانوا يَتَّقونَ (63)» صدق الله العظيم