الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعدُ : إنّ الناظر بعَين البَصيرة في حال أُمة الإسلام اليوم لَيعلمُ عِلم يَقين أن أعظمَ أسباب ما هُم فيه مِن بلاءٍ وغلاءِ ووباءٍ ونَكبات وحُروب واختِلاف وشِقاق : الذنوبُ والمعاصي. والذنوبُ والمعاصي أعظم أسباب زَوال النِّعم وحُلولِ النِّقمِ . قال اللهُ تعالى :[وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ] النحل آية:112كَم مِن أُمَّة كانت في سَعَة مِن الرِّزق ، ورَغَد في العَيش ، وسلامةٍ في الأبدان ، وأمْنٍ في الأوطان ، فعَصَت خالِقَها جل وعلا ، وسخَّرَت نِعَمه في معاصيه ، فحَلَّ عليها العقابُ ونزلَ بها العذابُ ، فتَبدَّلت عليها الأحوالُ ، وصارت مَضْرَبا للأمثال. وصدق اللهُ جل في عُلاه: [ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا . فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا . أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا .] الطلاق [8- 10] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ظهَرَ السُّوءُ في الأرض أنزَلَ اللهُ بأسَهُ بأهل الأرضِ . [1 ] وانظُر رحِمَك اللهُ إلى مَعصِية واحِدة في خير الأزمان والقُرون ومــع خَـيـــر الـنـــاس صلى الله عليه وسلم ، صدَرَت مِن بعض الصحابة – مِن الرُّماةِ - يوم غَزوة أُحدٍ ، كانت سبباً في مفاسدَ كثيرة وقعَت في غزوة أحُدٍ ، مِن التَّفَرق والاختِلاف والهروب والقَتل والهزيمة ،بعد الاجتماع والائتِلاف والثبات والعِز والنصر . قال تعالى : [إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ] آل عمران [152]. قال العلامةُ الشيخُ السعديُّ – رحمَه اللهُ – في تفسير هذه الآيةِ : فلما حصَل مِنكُم الفشَلُ وهو الضعفُ والخَوَرُ ] وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْر[ الذي فيه تركُ أمرِ الله ، بالائتِلافِ وعدم الاختِلافِ ، فاختَلفتُم ، فَمِن قائلٍ : نُقيم في مَركزنا الذي جعلنا فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، ومِن قائلٍ : ما مَقامنا فيه ، وقد انهزَم العدوُّ ، ولم يَبقَ مَحذورٌ ؛ فعَصيتُم الرسولَ ، وتركتُم أمْرَه ] مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ [ وهو انخِذالُ أعدائِكُم ؛ لأن الواجبَ على مَن أنعمَ اللهُ عليه بما أحَبَّ ، أعظم مِن غَيره ، فالواجبُ في هذه الحال خُصوصا ، وفي غيرِها عُموما ، امتثالُ أمرِ الله ورسولِه . [ 2] ولمّا أذنَبَت بنو إسرائيل وجاهَرت بالمعاصي ، سلَّط اللهُ عليهم الرومَ فسَبوْا نِساءَهم وسلَبوا أموالَهم وسفَكوا دِماءَهم. ومَرَّ الأعمشُ على صُنّاعِ قُدورٍ فقال : هؤلاءِ أولادُ الأنبياءِ ، يوم كانوا على الطاعةِ كانوا أعزَّةً،فانظُروا إلى ما صيَّرتهُمُ المعاصي والذنوبُ.] وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ] الأنفال [51] جاء عنه صلى الله عليه وسلم : إنّ العبدَ لَيُحرمُ الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه . [ 3] قال اللهُ تعالى: [ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ . فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ ] الزخرف [55- 56] أي أغضبونا بفعل المعاصي جهاراً نهاراً انتقَمنا منهم. فما فيه الأُمة اليوم مِن ظُلم وذُل وقَهرٍ مِن قِبَل أعدائها ما هو إلاّ بسبَب ذُنوبِها ومعاصيها ، وصدقَ اللهُ العظيمُ : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30] وأيّ عُقوبة أعظم مِن عُقوبة الذُل والهَوان التي ضُرِبت بها هذه الأمةُ يوم عصَتِ اللهَ جل في عُلاه ؟! ففي كُلِّ يوم تُهتَك أعراضُ المسلمين هُنا وهناك ، وتُسلَبُ أموالُهم ، وتُسفَك دِماؤُهم، وتُدكُّ مساكِنُهم ، ويُعبَث بمُقدساتِهم ، والأُمةُ إلاّ ما رحم رَبي مشغولةٌ بكأسِ عالَمِها أو برَقصِها وغِنائِها ومُسلسَلاتِها!! وإنْ ناشَدوا واستغاثوا فبِأَعدائِهِم ، بهيئَة الأُمَم أو بما يُسمّى بمجلس الظُلم الدولي !! فأينَ مُناشدةُ اللهِ ؟ وأين الاستغاثةُ به ؟ وأين الانطِراحُ بين يديهِ بالتضرُّعِ والبُكاء ؟ وأين صِدقُ اللّجأِ إليهِ بالتوبة والإنابةِ والدُعاءِ ؟؟! إذا كان المُشركون قديما يَستغيثون بالله عند الشدائدِ ويَنسونَه في الرخاءِ ، كما قال تعالى : [ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ] [العنكبوت:65] ، وأما أُمَّة الإسلام اليوم فلا حول ولا قُوة إلا بالله ، سواء كانوا في شدة أو رخاءٍ يَتَوجهون إلى أعدائِهم بالمُناشدة والبكاء ، فسامَهُم أعداؤُهُم أليمَ الذُّل والهوان والعذاب. وأيّ عُقوبَة أعظمُ من هذه العُقوبة التي ضُرِبت بها هذه الأُمة في هذا الزمان ، والسببُ: مَعصِيتُهم لِربِّهم جل في عُلاه. جاء عنه صلى الله عليه وسلم : يا معشرَ قريشٍ ، إنكم أهلُ هذا الأمر – النصرُ والتمكين – ما لم تُحدِثوا ، فإذا غَيَّرتُم بعَثَ اللهُ إليكُم من يَلحاكُم كما يُلحَى هذا القضيبُ . [ 4] وفي رواية : إلا سلَّط عليكُم شِرار الخلقِ فقطعوكم كما يُقطع هذا القضيبُ . وفي رواية : إلا أُذِلوا . أصابنا اللهُ تعالى بكل ما تَعنيه الكلمةُ من الضعف والذل والهوان والخوف والخُذلان وصدق اللهُ تعالى : [ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ] [آل عمران:160] عند مَصائبِهم يُناشدون الأعداءَ ، وتركوا اللهَ العلِيَّ العزيز الجبارَ ، فوكَلَهم إلى عدوِّهم فساموهُم سوءَ العذاب والذل والهوان . عوقِبَت هذه الأُمّةُ بالخوف من أعدائِها أعظم مِن خوفها من رَبها سبحانه وتعالى ، والسببُ : الذنوبُ والمعاصي . كلُّ المعاصي التي عَمِلتها الأُمم من قبلنا عمِلتها اليوم أُمةُ الإسلام إلا ما رحم اللهُ . قال تعالى وجُعِل الذلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أمري . [ 5] ، قالوا : لا تَحِلُّ المَعصيةُ بيتَ قوم إلا أدخَلَ اللهُ إليه الذُلَّ . قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : يوشِك أن تتداعى عليكُم الأُممُ كما تتداعى الأكلةُ إلى قَصعتِها... أمِن قِلّةٍ نحنُ يا رسولَ الله ؟ ...إلخ . [ 6] ، وجَدوا أقصى درجات الذل والخوف والهوان ، والسبب : المعاصي والذنوبُ. ولنا عِبرةٌ فيما جرى في الأُمم قبلنا من الذل والخوف والعذابِ ، يوم خالطوا المعاصي والآثام ، فعمَّهُم اللهُ بالعقابِ والعذابِ . قالت زينبُ بنتُ جَحشٍ: فقلتُ يا رسولَ الله أَنهلِك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم ، إِذا كَثُرَ الخَبَثُ . [7 ] وعلى سبيل المثال : ما فعلَه هولاكو التَّتَري بأهل بغداد ، فقد ذكرَ ابنُ كثير في البداية والنهاية شيئا من ذلك ، وأنا أنقُلُه لك مُختصَرا وبتصرفٍ يسير للعبرة والعظة : يوم دخل التتارُ بغداد صادروا الأموالَ ، وهتكوا الأعراضَ ، وسفكوا الدماءَ ، وأسَروا ألفَ بِكْرٍ من دار الخلافةِ ، للعبثِ بهِنّ وإذلالِهِنّ..قتلوا خلقًا كثيرا من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ، وقتلوا القضاةَ والعلماءَ. اختبَأَ الناسُ في الخاناتِ والمساجدِ ، فدخل عليهِمُ التَّترُ فذبحوهُم كالشياةِ حتى سالتِ الدماءُ من الميازيبِ ، وأحرقوا المساجدَ ، وعمَّتِ العقوبةُ. عادت بغدادُ بعد الأُنسِ والأمن والأمانِ ورغدِ العَيش والاجتماعِ والحياةِ إلى حُزنٍ وخوف وجوع ومرضٍ وموت ، عمَّتِ العُقوبةُ..تعطَّلتِ الجُمَعُ والجَماعاتُ في بغدادَ شُهورا ، لم يُسمع فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا صلاةٌ، وامتلأت الجُثث في الطُرُقات ، فخرج من كانوا في المزابلِ والحُشوشِ مُختَبئين بعد خُروج التترِ ، وإذا بريحِ جُثث الموتى تُصيبُهم فماتوا عن آخِرِهم. في أقل من أربعين يوما قُتِل من أهل بغداد أكثر من مَليوني إنسان ..فاجتمعَ على الناس الغلاءُ والوباءُ والمرضُ والخوف والموت والبكاءُ ، عمت العُقوبةُ ، والسببُ الرئيسي : الذنوبُ والمعاصي . وفي زمَنِنا هذا كَثُرت بما يُسمى بالكوارث الطبيعيةِ كالزلازل والفيضانات والسيولِ المُهلِكةِ ، وما ننتَهي من بَلِية إلا وتَبِعتْها بلايا أُخرى أشد من سابِقتِها ، وهذا مِصداقُ ما أخبر عنه المُصطفى صلى الله عليه وسلم يوم قال : بين يدي الساعةِ مُوتانٌ شديدٌ ، وبعدَه سنواتُ الزلازلِ . [ 8] والسؤال : ما أسبابُ كثرة ما يُسمَّى بالكوارث الطبيعية ، إضافة إلى بَلايا الغَلاءِ والوباء والحروب والخوفِ وكثرة الفتنِ ؟ السببُ الأعظم في ذلك كُله : الذنوبُ والمعاصي ، وصدق اللهُ تعالى : [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ] [الشورى:30] والبلاءُ إذا نزل فإنه لا يَنزل غالِبا إلا في ظُلمات الليل والناسُ غافِلون آمِنون ، ودليلُ هذا ما ذَكر اللهُ تعالى : [أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ][الأعراف:97-99] والبلاءُ لا يَنزلُ غالبا إلا والناسُ في غَمرة الأمن والسعادة والسرورِ ، فيُبدّلُ السعادةَ حُزناً ، والأمنَ خوفاً ، والرغدَ جوعاً وعطشاً ، قال اللهُ تعالى : [فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ] [الأنعام: 44] قال المُفسر السعدي : يُؤخَذوا على غِرّة وغَفلة وطُمأنينة ، ليكون أشدّ لِعُقوبتِهم ، وأعظمَ لِمُصيبَتِهم . [ 9] ولنا عبرةٌ : أُصِبنا ببلايا ونكباتٍ ، لو كانت القلوبُ تَعقلُ لكَفَتْنا بَلِيّةٌ واحِدة ، فكيف وهي مُجتَمِعةٌ ! في الأثَر : إذا رأيتَ العبدَ يُعطَى على مَعاصيه فإنما هو استِدراجٌ قد مُكِر به..وفي أثَر آخرَ : إذا أرادَ اللهُ بقومٍ عذابا فتحَ عليهم الدنيا . [ فُتِح لقارون الدنيا ، ولكن أُخِذ في كامِل زينتِه وأمنِه وسُرورِه وغِناهُ ] . والعذابُ إذا حَلَّ فإنه لرُبما يكونُ في يوم عيدٍ وفرَحٍ والناسُ آمِنون مُطمئِنّون فَرِحون ! بركانُ جزيرة الطّيْر في الحُدَيْدَة كان في العشر الأواخرِ من رمضان ، أي قبل العيد بأيام يسيرة ، انفجر البركانُ من جَبل في وسط البحر ، فاختلط نار البركان بماء البحر، ووالله ما استطاعت أقوى القُوى من القُرب من النار فضلا عن إطفائِها ، وهذا في نار دُنيا فكيف بنار الآخِرة والتي فَضِّلت عن نار الدنيا بتسعةٍ وسِتين جُزءا !. انهِيارُ صخرِ بَني مطر في صنعاء كان في العشر الأوائِل من ذي الحِجة ، أيْ قبل العيد بأيام يسيرة ، انهار جُزءٌ من صخرِ جَبل على بيوتِ الناسِ ، فمات من مات مدفوناً تحت الأنقاضِ ، وبَقِيَ من بَقِي بلا بيت ولا مأوى ولا طعام أو كِساءٍ ، فقدوا الأولادَ والأحبابَ في طرفةِ عين ، ولقد أتَوْا إليَّ في العِيادة بامرأةٍ فقدَتِ النُّطْقَ بسببِ أنها رأتِ الانهِيارَ أثناءَ وُقوعِه والصُّخورُ تسقُط على بيتِها وفيه أطفالُها وماتوا جميعا أمام عينِها . سيلُ مدينة جِدَّةَ كان يوم عرفةَ أي قبل العيد بيوم ، ارتفعَ السيلُ لعشراتِ الأمتارِ ودهم البيوتَ وجرفَ كلَّ شيءٍ كان أمامَه ، فصاروا مَفقودين بعد أن كانوا موجودين ، وباكين بعد أن كانوا ضاحِكين ، ماتوا على فُرُشِهم ليلةَ عيدِهم قبل لُبْسِ جَديدِهم ، وفي صباحِ العيد يَبحثون بين الأنقاضِ عن الآباءِ والأُمهات والأطفال والأحبابِ في المياهِ بين الرُّكام والدَّمار ! أمَّلوا الفرحَ والسُّرور والبقاءَ ، ولكن قُدِّر عليهِم الدَّمارُ والفناء مع البُكاء . في طرفة عَين إذا هم يَبكون ، إذا هم مَحرومون ، لا بيت ولا طعام ولا كساء ، وخسارات بالمِليارات . والسعيدُ من اعتَبَر بغيرِه [إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ] [44] . كان من دُعائِه صلى الله عليه وسلم : اللهُم إني أعوذُ بك من زوال نعمتِك ، وفُجاءَةِ نِقْمَتِك ، وجميعِ سَخطِك . [10 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : يا معشرَ قريشٍ ، إنكم أهلُ هذا الأمر – النصرُ والتمكين – ما لم تُحدِثوا ، فإذا غَيَّرتُم بعَثَ اللهُ إليكُم من يَلحاكُم كما يُلحَى هذا القضيبُ . [ 4]
وفي رواية : إلا سلَّط عليكُم شِرار الخلقِ فقطعوكم كما يُقطع هذا القضيبُ .
وفي رواية : إلا أُذِلوا .
أصابنا اللهُ تعالى بكل ما تَعنيه الكلمةُ من الضعف والذل والهوان والخوف والخُذلان وصدق اللهُ تعالى : [ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ] [آل عمران:160]
عند مَصائبِهم يُناشدون الأعداءَ ، وتركوا اللهَ العلِيَّ العزيز الجبارَ ، فوكَلَهم إلى عدوِّهم فساموهُم سوءَ العذاب والذل والهوان . عوقِبَت هذه الأُمّةُ بالخوف من أعدائِها أعظم مِن خوفها من رَبها سبحانه وتعالى ، والسببُ : الذنوبُ والمعاصي .
كلُّ المعاصي التي عَمِلتها الأُمم من قبلنا عمِلتها اليوم أُمةُ الإسلام إلا ما رحم اللهُ . قال تعالى وجُعِل الذلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أمري . [ 5] ، قالوا : لا تَحِلُّ المَعصيةُ بيتَ قوم إلا أدخَلَ اللهُ إليه الذُلَّ .
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : يوشِك أن تتداعى عليكُم الأُممُ كما تتداعى الأكلةُ إلى قَصعتِها... أمِن قِلّةٍ نحنُ يا رسولَ الله ؟ ...إلخ . [ 6] ، وجَدوا أقصى درجات الذل والخوف والهوان ، والسبب : المعاصي والذنوبُ.
أحسن الله إليك
وجزاكم ربي الجنة كلام من ذهب
اللهم تب علينا وعلى جميع العصاة من امة محمد صلى الله عليه وسلم
توقيع : الأرقم
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان