سمعنا قصة ماشطة ابنة فرعون من كثير من المشائخ والدعاة وكنت أظنها أنها ثابتة ولكن بعد المراجعة تبين ضعف هذه الرواية وهذا البيان والله أعلم بالصواب :
عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما كانت الليلة التي أسرى بي فيها ، أتت علىّ رائحة طيبة ، فقلت يا جبريل ما هذه الرائحة ؟ فقال : هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها . قال : قلت : وما شأنها ؟ قال : بينما هي تمشط ابنة فرعون ذات يومٍ إذ سقطت المدرى من يديها ، فقالت : بسم الله ، فقالت لها ابنة فرعون : أبى ؟ قالت : لا ، ولكن ربى ورب أبيك الله ، قالت : أخبرهُ بذلك ؟ قالت : نعم . فأخبرته فدعاها فقال : يا فلانة ، وإن لك رباً غيري ؟ قالت : نعم ، ربى وربك الله . فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ، ثم أمر بها أن تلقى هي وأولادها ، قالت : إن لي إليك حاجة . قال : وما حاجتك ؟ قالت : أحبُ أن تجمع عظامي وعظام ولدى في ثوبٍ واحد وتدفننا . قال : ذلك لك علينا من الحق . قال : فأمر بأولادها فألقوا بين يديها واحداً واحداً ، إلى أن انتهى ذلك إلى صبىّ لها مرضع ، وكأنها تقاعست من أجله . قال : يا أمه اقتحمي ، فإن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة ، فاقتحمت . قال : قال ابن عباس : تكلم أربعة صغارٌ : عيسى بن مريم عليه السلام ، وصاحب جريج ، وشاهد يوسف ، وابن ماشطة امرأة فرعون .
أخرجه أحمد في " مسنده " ، وأبو يعلى ، والطبرانى في " الكبير " وفى " الأوسط " - كما في " المجمع " ، والبزار ، والحاكم، والبيهقى في " الدلائل " من طرقٍ عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .
عطاء ابن السائب كان اختلط وحماد بن سلمة كان ممن سمع منه قبل الاختلاط وبعده ، فلم يتميز حديثُهُ فوجب التوقف فيه .
قال على بن المدين : " قلت ليحيى - يعنى القطان -: وكان أبو عوانة حمل عن عطاء بن السائب قبل أن يختلط ، فقال : كان لا يفصل هذا من هذا وكذلك حماد بن سلمة " أهـ .
قُلتُ : ونقل الحافظ ابن حجر في " التهذيب " ( 7/206 - 207 ) هذه الفقرة عن العقيلى ثم قال " فاستفدنا من هذه القصة أن رواية وهيب وحماد وأبى عوانة عنه في جملة ما يدخل فى الاختلاط " أهـ .
كما في الفتاوى الحديثية للشيخ الحويني والسلسلة الضعيفة للشيخ ناصر.
تنبيه :
الذي ورد في الصحيحين عن الذين تكلموا في المهد مايلي :
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان