الحمدلله والصلاة والسلام على أشرفالأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
ثم اما بعد ..
تعلمون أحبتي في الله تعالى ..
أن أول ما فرض الله على العباد هو الإيمان به والكفر بالطاغوت ، ودليل ذلك قوله تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) .فأوجب الله تعالى ، الإيمان به والكفر بالطاغوت .
ولكننا في هذا الزمن ، آمنا بالله تعالى ، وجهلنا الكفر بالطاغوت ، بل أكثرنا يجهل هذا ولا يعلمه ، وكل ذلك بسبب انتشار الجهل بيننا ، والتكاسل عن طلب العلم والقراءة في كتب العلماء ، والاكتفاء بالملعلومات العامة الدينية ، وما إن يمتلكها أي واحد منا ، حتى بدأ يتناقش ويناقش طلبة العلم ويصارعهم في مجالسهم ، وهو لا يعلم من دينه شيء ، وقد تناسى أصل أصيل من الإيمان به ، حيث أنه لو لم يأت به لا يصير مؤمنا بالله .
ولعل بعضنا يتسائل :
ماهو الطاغوت ؟
وكيف نكفر به ؟
وماهي انواعه ؟
ومن هم الطواغيت ؟
فهذه أسئلة أربعة .. أطرحها بين أيديكم .. وسأجيب عليها إن شاء الله تعالى .. من أقوال العلماء - رحمهم الله تعالى -
* السؤال الأول :
ماهو الطاغوت ؟
قال الإمام ابن القيم الجوزية : ( الطاغوت : ما تجاوز به العبد حده من : معبود ، أو متبوع ، أو مطاع ، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله ، أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله ، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أن طاعة لله .)
4-
6-قال الإمام عبدالله بن عبدالرحمن أبو بطين - رحمه الله - : ( اسم (الطاغوت) يشمل : كل معبود من دون الله ، وكل رأس في الضلالة يدعو إلى الباطل ويحسنه ، ويشمل أيضا : كل ما نصبه الناس بينهم بأحكام الجاهلية المضادة لحكم الله ورسوله ، ويشمل أيضا : الكاهن والساحر وسدنة الأوثان .) اهـ
وقال الإمام عبدالرحمن السعدي : ( كل حكم بغير شرع الله فهو : طاغوت . ) اهـ .
[ تيسير الكريم الرحمن 1/ 363 ] .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى : ( الطاغوت وهو كل ما خالف حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لأن ما خالف حكم الله ورسوله فهو طغيان واعتداء على حكم من له الحكم ، وإليه يرجع الأمر كله وهو الله . قال الله تعالى : { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين } ) اهـ .
[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 1 / 39 ] .
والتعريف الأكثر دقة ، والمختار ، هو تعريف الإمام ابن القيم الجوزية .
* السؤال الثاني :
كيف نكفر بالطاغوت ؟ ونؤمن بالله ؟
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله تعالى - : ( فأما صفة الكفر بالطاغوت : فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله ، وتتركها ، وتبغضها ، وتكفر أهلها ، وتعاديهم .
وأما معنى الإيمان بالله : فأن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه ، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله ، وتنفيها عن كل معبود سواه ، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم ، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم .
وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها ، وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله : " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده " . ) اهـ [ الدرر السنية 1 / 161 ]
يقول الإمام سليمان بن سحمان : ( قال تعالى : { والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى } [ الزمر : 17 ] . ففي هذه الآيات من الحجج على وجوب اجتنابه - أي الطاغوت - وجوه كثيرة .
والمراد من اجتنابه هو : بغضه وعداوته بالقلب ، وسبّه ،وتقبيحه باللسان ، وإزالته عند القدرة ، ومفارقته ، فمن ادعى اجتناب الطاغوت ولم يفعل ذلك فما صدق ) اهـ . [ الدرر السنية 10 / 502 ]