عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )) رواه البخاري ومسلم .
هذا الحديثُ الشريف من جوامع الكلم ,وقد اشتمل على أمور ثلاثة, جمعت مكارم الأخلاق الفعلية والقولية.
المفردات :
يؤمن : الإيمان الكامل المنجي من عذاب الله الموصل إلى رضاه
بالله : أنه الذي خلقه .
واليوم الآخر : أنه سيجازى فيه بعمله .
فليقل : هذه اللام لام الأمر ، ويجوز سكونها وكسرها لكونها بعد الفاء .
خيرا : كالإبلاغ عن الله وعن رسوله ، وتعليم الخير والأمر بالمعروف عن علم وحلم ، والنهي عن المنكر عن علم ورفق ، والإصلاح بين الناس ، والقول الحسن لهم ، وكلمة حق عند من يخاف شره ويرجى خيره ، في ثبات وحسن قصد .قال الله تعالى:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}النساء:114.{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}قّ:18.وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10} كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{12}وقال تعالى في صفات المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}3. فليقل خيرا أو ليصمت
ليصمت : بضم الميم وكسرها ، ليسكت . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخطه ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة )) مالك ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذى - حسن صحيح - والنسائى ، وابن ماجه ، وابن منيع ، وأبو يعلى ، وابن حبان ، والباوردى ، وابن قانع ، والطبرانى ، والحاكم ، وأبو نعيم فى الحلية ، والبيهقى ، والضياء عن بلال بن الحارث المزنى).
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره : بالإحسان إليه وكف الأذى عنه ، وتحمل ما يصدر منه ، والبشر في وجهه ، وغير ذلك من وجوه الإكرام .
فليكرم ضيفه : بالبشر في وجهه ، وطيب الحديث معه ، وإحضار المتيسر من الطعام والشراب والفراش والوسادة وغير ذلك إن تيسر
يستفاد من هذا الحديث الشريف مايلي :
1-التحذير من آفات اللسان ، وأنَّ على المرءِ أن يتفكرَ فيما يُريدُ أنْ يَتَكَلَمَ بِهِ ، فإذا ظَهَرَ لَهُ أنَّهُ لا ضررَ عليه في التكلمِ بِهِ تَكَلَمَ بِهِ ، وإن ظهر له فيه ضررٌ أو شَكَ فيه أمْسَكَ ، وقد نَدَبَ الشارعُ إلى الإمساكِ عن كثيرٍ من المباحات ، لئلا تجرَ صاحبَها إلى المحرماتِ والمكروهاتِ .
2-تعريف حق الجار ، والحثُ على حفظِ جوارِهِ وإكرامِهِ وجاءَ في تفسيرِ هذا الإكرامِ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن إستقرضك أقرضته ، وإن استعانك أعنته ، وإن مرض عدته ، وإن احتاج أعطيته ، وإن افتقر عدت عليه ، وأصابه خير هنيته ، وإن أصابته مصيبة عزيته ، وإذا مات اتبعت جنازته ، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الرياح إلا بإذنه ، ولا تؤذيه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها ، وإن اشتريت فاكهة فأهد له ، وإن لم تفعل فأدخلها سرا ، ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده. وفي بغض رواياته (( وإن أعوز سترته ، وأسانيد هذا الحديث واهية ، لكن اختلاف مخارجها يشعر بأن له أصلا في فتح الباري .
3-الأمر بإكرام الضيف ، وهو من آداب الإسلام وخلق النبيين . كان أول من ضيف الضيف إبراهيم (ابن أبى الدنيا فى قرى الضيف ، والبيهقى فى شعب الإيمان عن أبى هريرة)قال سعيد بن المسيب: «كان إبراهيمُ خليلُ الرَّحمن أولَ الناس ضَيَّفَ الضَّيفَ ، وأولَ الناس اختتن، وأول الناس قَصَّ شاربه ، وأَول الناس رأى الشَّيب ، فقال: يا ربِّ ما هذا؟ قال الربُّ تبارك وتعالى : وَقَارٌ يا إِبراهيم ، قال : ربِّ زِدني وقَارا».أَخرجه الموطأ .-[777]-
قال الله تعالى:{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}24{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ}25{فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ }26{فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ}27{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}28 {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } 29{قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}30. عن أبي هريرة : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فبعث إلى نسائه فقلن ما معنا إلا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم من يضم أو يضيف هذا فقال رجل من الأنصار أنا فانطلق به إلى امرأته فقال أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت ما عندنا إلا قوت الصبيان فقال هيئي طعامك وأصلحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء فهيأت طعامها وأصلحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته وجعلا يريانه أنهما يأكلان وباتا طاويين فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال صلى الله عليه و سلم لقد ضحك الله أو عجب من فعالكما وأنزل الله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} أخرجه البخاري في: 63 كتاب مناقب الأنصار: 10 باب ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
قال الشيخ الألباني : صحيح.
عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال : نزل بجابر ضيف فجاءهم بخبز وخل فقال كلوا فإنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول نعم الإدام الخل هلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم وهلاك بالرجل أن يحتقر ما فى بيته يقدمه إلى أصحابه)) (البيهقى فى شعب الإيمان) [كنز العمال 25983]
عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، قَالَ : نَزَلَ بِرَسُولِ الله عليه وسلم ضَيْفٌ ، فَبَعَثَنِي إِلَى يَهُودِيٍّ ، فَقَالَ : قُلْ لَهُ : إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ : بِعْنِي ، أَوْ أَسْلِفْنِي إِلَى رَجَبٍ فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَالله ، لاَ أَبِيعُهُ ، وَلاَ أُسْلِفُهُ إِلاَّ بِرَهْنٍ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ الله ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : وَالله ، لَوْ بَاعَنِي ، أَوْ أَسْلَفَنِي لَقَضَيْتُهُ ، إِنِّي أَمِينٌ فِي السَّمَاءِ ، أَمِينٌ فِي الأَرْضِ ، اذْهَبْ بِدِرْعِي الْحَدِيدِ إِلَيْهِ قَالَ : فَنَزَلَتْ تَعْزِيَةً عَنِ الدُّنْيَا : {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ : حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ... وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ :
أن هذه الخصال من شعب الإيمان .وفي ذلك دليل على دخول الأعمال في الإيمان . والخصال المذكورة في الحديث ترجع إلى التخلي عن الرذيلة ، والتحلي بالفضيلة.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بارك الله فيك اخي الحبيب وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك ورزقنا جميعا الجنه ااااامين
توقيع : ابودجانه
اتركِ المستقبلَ حتى يأتي , ولا تهتمَّ بالغدِ ؛ لأنك إذا أصلحت يومك صلح غَدُكَ
افرحْ باختيارِ اللهِ لك , فإنك لا تدري بالمصلحِة فقد تكونُ الشدةُ لك خيْراً من الرخاء
أبسط وجهَك للناسِ تكسبْ ودَّهم , وألنْ لهم الكلامَ يحبوك , وتواضْع لهم يجلّوك