هذه مجموعة رائعة من الأخلاق والفضائل لطلاب العلم وهم أحق الناس بتعلمها واتباع منهجها ..
يقول ابن سيرين عنهم : كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم .
يقول الله تبارك وتعالى عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :" وإنك لعلى خلق عظيم " [ القلم :4 ] .
وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " رواه البخاري .
ولقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً".[ الأحزاب : 21] .
فهيا بنا نبحر مع أخلاق " خير أمة أخرجت للناس "
(1) من أخلاقهم رضي الله عنهم :
كثرة إخلاصهم في علمهم وعملهم، وخوفهم من دخول الرياء في ذلك .
قال الله تبارك وتعالى :" ألا لله الدين الخالص ". [الزمر:3] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" إن الله لا يقبل من العمل إلا ماكان له خالصاً وابتُغيَ به وجهه". رواه النسائي .
كان ابراهيم التيمي يقول : المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته .
وكان الشعبي يقول : من أدب العلماء إذا علموا أن يعملوا ، فإذا عملوا شغلوا بذلك عن الناس ، فإذا شغلوا فقدوا ، وإذا فقدوا طلبوا ، وإذا طلبوا هربوا خوفاً على دينهم من الفتن .
وكان الفضيل بن عياض يقول : إذا رأيتم العالم أو العابد ينشرح لذكره بالصلاح عند الأمراء وأبناء الدنيا ، فاعلموا أنه مراء .
وذلك لأن الإخلاص هو أن يبتغي العبد بعلمه وعمله ما عند الله عز وجل ، فانشراح صدره للثناء أو عند اطلاع الناس على عمله من علامات الرياء الخفي .. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة .
(2) ومن أخلاقهم رضي الله عنهم :
توقفهم عن كل فعل أو قول حتى يعرفوا ميزانه على الكتاب والسنّة ، لاحتمال أن يكون ذلك القول أو الفعل من جملة البدع التي لا يشهد لها كتاب أو سنّة .
قال الله تبارك وتعالى :"وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ". [ الحشر:7] .
وقال تبارك وتعالى :" فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم". [النور:63] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ". رواه أحمد والترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم :" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". رواه مسلم والبخاري .
وقد كان السلف الصالح يحثون الناس على التقيد بالكتاب والسنة واجتناب البدع ويشددون في ذلك ، حتى إن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ربما كان يهمّ بالأمر ويعزم عليه ، فيقول له الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولم يأمر به فيرجع عما كان عزم عليه .
(3) ومن أخلاقهم رضي الله عنهم :
كثرة تفويضهم إلى الله تعالى في أمر أنفسهم وأولادهم وأصحابهم ، فلا يكون معولهم في أمر هدايتهم إلا على الله عز وجل .
يقول الحق تبارك وتعالى عن مؤمن آل فرعون :" وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ". [غافر:44-45] .
وقال تبارك وتعالى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم :"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ". [آل عمران:173-174] .
وللموضوع بقيّة ...
عملهم على ترك النفاق بحيث تتساوى سريرتهم وعلانيتهم في الخير ، فلا يكون لأحدهم عملاً يفتضح به في الآخرة .
نصح بعضهم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال له : إياك يا عمر أن تكون وليّاً لله في العلانية ، وعدواً له في السر ، فإنه من لم تتساو سريرته وعلانيته فهو منافق ، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار .
وقال بعضهم : إياكم وخشوع النفاق . فقيل : وما خشوع النفاق ؟ قال : أن يُرى الجسد خاشعاً ، والقلب ليس بخاشع .
ففتش نفسك هل تساوت سريرتك وعلانيتك أم لا ؟ وأكثر من الإستغفار ، واعلم أن من أظهر للناس فوق ما في قلبه فهو منافق .
- ومن صفات المنافقين التكاسل عن الصلاة وقلة ذكر الله ، كما قال الله تعالى :" وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً". [ النساء : 142] .
- ومن صفاتهم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ، كما قال الله عزّ وجلّ :" المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ". [ التوبة : 67] .
- ومن صفاتهم عدم الرضا بحكم الله عزّ وجلّ ، قال الله تبارك وتعالى :" وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً".[ النساء :61] .
- ومن صفاتهم الكذب والغدر والخيانة والفجور عند الخصومة ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة من هن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر" . رواه البخاري .
(5) ومن أخلاقهم رضي الله عنهم :
كثرة الصبر على جور الحكام
قال الله تبارك وتعالى :" وإذا أردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً". [ الإسراء :16] .
كتب رجل لمحمد بن يوسف يشكو إليه من جور الولاة في بلاده ، فأجابه محمد بقوله : قد بلغنا كتابك ، ولا يُخفى عن علمك يا أخي أنه ليس لمن عمل بالمعصية أن ينكر وقوع العقوبة ، وما أرى ما أنتم فيه إلا من شؤم الذنب ... والسلام .
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : من أعان ظالماً أو لقّنه حجة يدحض بها حق امرئٍ مسلم ، فقد باء بغضب من الله .
(6) ومن أخلاقهم رضي الله عنهم :
غيرتهم على الحرمات إذا انتهكت .
فكانوا لا يفعلون فعلاً ولا يصحبون احداً إلا إن علموا رضا الله تعالى فيه ، فلا يحبون أحداً ولا يبغضونه لعلة دنيوية .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يُقذف في النار ". رواه البخاري .
وقيل : صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الصلاح .
وقال أحمد بن حرب : ليس شئ أنفع لقلب العبد من مخالطة الصالحين والنظر إلى أفعالهم ، وليس شئ أضرّ على القلب من مخالطة الفاسقين والنظر إلى أفعالهم ..
وللموضوع بقيّة ..