الصيام شأنه شأن كل العبادات درجات ورتب، والمعنى الشائع للصيام هو الامتناع عن إشباع شهوة الطعام والشراب وغيرها لكن هذه أقل الدرجات في سلم الإرادة في فكر المسلم، فالمسلم يجد في نفسه القدرة تمامًا على ترك شهواته الجسدية طوال اليوم، لكن شهواته النفسية التي تتمثل في ارتكاب الكثير من الآثام طوال الشهر من غيبة ونميمة وانتهاك الحرمات من نصب وتدليس وكذب وأكل حقوق الناس والافتراء على الخالق سبحانه مما يثير العجب والدهشة ومن خلال قراءتي للمشكلات الاجتماعية تكرار ممارسة بعض الأزواج لسب الدين كلما غضب من زوجته كأنه شيئًا يسيرًا قد قيل ولا يدريان هو وزوجته أنه بذلك قد خرج من الملة ولا يعود إليها إلا بتوبة. فمثل هذه الفواحش والسلوكيات التي تُخرج من الملة وما هو أقل من ذلك بكثير لا يُرتكب في صيام ولا في غيره والإرادة الحقيقة عند القيام بالصوم هو الإقلاع عن عادات رديئة إعتادها المسلم في سائر العام وعليه التدريب على التخلص منها فكما يقال التخلية قبل التحلية فالمرء وهو مقبل على عبادة لابد أن يُخلي نفسه من الآفات ويُطهر قلبه من الموبقات ولا يكون ذلك إلا بوقفة صارمة وحازمة مع نفسه والعزم الأكيد أن يصوم الصوم الذي يقبله الله منه وهذه هي الدرجة الثانية والدرجة الثالثة هي ضبط النفس أما من أراد السمو بنفسه أعلى من الدرجة الأولى والثانية ما عداها إلى أفضل الدرجات هي المحاولة المخلصة للتقرب من الله ومناجاته فمن خلال القيام المخلص الذي لا يشوبه شائبة يدعو ربه ويطلب العفو عما فات والعون على ما هو آت وتذكر عظمة الله وهول الموقف بين يديه يوم لا حجة لديه ولا أعذار ولا قدرة على الكذب أو التزييف كما كان يفعل في حياته ليعبث في حياة الآخرين ثم ينجو من العقاب في الدنيا فلحظات المناجاة هي قارب النجاة يوم لا ينفع مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم. (مستوحاة من مشكلة إحدى السيدات اللاتي تصوم النهار وتقوم الليل ولا تتورع عن إقامة العلاقات غير المشروعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي) سهام علي كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.