إن خير هذه الأمة وأفضلها بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاحبه الأخص، وأخوه في الإسلام ورفيقه في الهجرة والغار، أبو بكر الصديق، وزيره في حياته، وخليفته بعد وفاته، عبد الله بن عثمان عتيق بن أبي قحافة، ثم بعده الفاروق أبو حفص عمر بن الخطاب، الذي أعز الله به الإسلام وأظهر الدين، ثم بعده ذو النورين أبو عبد الله عثمان بن عفان، الذي جمع القرآن وأظهر العدل والإحسان، ثم ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخَتَنُه علي بن أبي طالب -رضوان الله عليهم- فهؤلاء الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون.
أبو عبد الله عثمان بن عفان، الذي جمع القرآن" ذو النورين عثمان؛ لأنه تزوج ابنتين من بنات النبي -صلى الله عليه وسلم-، تزوج واحدة ثم توفيت، ثم تزوج الأخرى، فيقال له ذو النورين، تزوج رقية وأم كلثوم -رضي الله عنهم-.
عثمان بن عفان الذي جمع القرآن، وأظهر العدل والإحسان، هذه من خصائصه ومن فضائله أنه جمع القرآن، فقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف رحمة بالأمة وتسهيلاً عليهم..، ثم بعد ذلك حصل اختلاف في القراءة في بعض الغزوات، وكان حذيفة رضي الله عنه في مغازي أرمينية وأذربيجان ورأى اختلاف الناس في القراءة، وسمع بعضهم يقول: قراءتي أحسن من قراءتك. فجاء إلى عثمان -رضي الله عنه- وقال: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فجمع الصحابة وشاورهم فأجمعوا على جمع الناس على حرف واحد هو حرف قريش.
وهذا الحرف تدخل فيه القراءات السبع كلها، بل العشر داخلة في حرف واحد، وهو الحرف الذي درس فيه جبرائيل النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة الأخيرة التي توفي فيها، فهذا من فضائله -رضي الله عنه- فجمع الناس على مصحف، على هذا الحرف، وكتب في ذلك سبعة مصاحف، تسمى هذه المصاحف الأئمة، أرسل لكل مِصْرٍ مصحفا: أرسل لأهل مكة مصحفا، وإلى أهل الكوفة مصحفا، ولأهل الشام مصحفا، ولأهل مصر مصحفا، وأحرق بقية المصاحف.
ذكر الحافظ ابن كثير هذه الفضيلة في ( البداية والنهاية ) وقال: إن من مناقبه الكبار وحسناته العظيمة -رضي الله عنه- أن جمع الناس على قراءة واحدة، وكتب المصحف على العرضة الأخيرة التي درسها جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر سِنِي حياته، وذكر أن سبب ذلك ما وقع من خلاف بين القراء في بعض الغزوات، وكان معهم حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، فركب إلى عثمان وأخبره بما كان وقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كاختلاف اليهود والنصارى في كتبهم، وكتب المصحف على العرضة الأخيرة
عند ذلك جمع عثمان الصحابة وشاورهم في ذلك، ورأى أن يكتب المصحف على حرف واحد، وأن يجمع الناس في سائر الأقاليم على القراءة به دون سواه، فاستدعى بالصحف التي كان الصديق أمر زيد بن ثابت بجمعها وأمر زيد بن ثابت أن يكتب وأن يملي عليه سعيد بن العاص الأموي، بحضرة عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن حارث المخزومي، وأمرهم إذا اختلفوا في شيء أن يكتبوه بلغة قريش، فكتب سبعة مصاحف بعث بها عثمان إلى الأمصار، ويقال لهذه المصاحف الأئمة، ثم عمد إلى بقية المصاحف التي بأيدي الناس فحرقها لئلا يقع بسببها اختلاف. .." البداية والنهاية 7/217
فرضى الله عن الصحابي الجليل ذي النورين، وجمعنا وإياه في جنة الخلد مع سيد الدعاة صلي الله عليه وسلم....
لم يتكرر هؤلاء في التاريخ، اصطفاهم المولى عزوجل لينصروا نبيه صلى الله عليه وسلم...
قال صلى الله عليه وسلم : (لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو انفق احدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدكم ولا نصيفه)
كما قال : (فاما طبقتي وطبقة اصحابي فاهل علم ودين) وقال : ( لعن الله من سب اصحابي)
وقال اذا ذكر اصحابي فامسكوا)....
فهؤلاء هم اصحابه صلى الله عليه وسلم واولهم خلفاؤه الراشدون الذين قال عليه الصلاة والسلام فيهم: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ)
توقيع : Sarah
إن المسلمين إذا فقدوا مودّة الرحمن لم يبق لهم على ظهر الأرض صديق، وإذا أضاعوا شرائع الإسلام فلن يكون لهم من دون الله وليّ ولا نصير
ولم يزل أهل السنة والجماعة يترضون على الصحابة ويوالونهم وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف لا بالهوى والتعصب، والله -تعالى- أثنى عليهم وعدلهم وزكاهم ووعدهم بالجنة ولهذا قال: "وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى" وقال: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
أثنى على المهاجرين وأثنى على الأنصار، وأما من سبهم أو تنقصهم أو طعن فيهم فهذا لمرض في قلبه ولنفاق، إنما يصدر من أهل النفاق والزيغ والانحراف كالرافضة وأشباههم، وقد نزلوا إلى هوة سحيقة فزادوا بها على اليهود والنصارى، الرافضة، فإن اليهود والنصارى..، قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا أصحاب موسى. وقيل للنصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب عيسى. وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد...!! نسأل الله السلامة والعافية، فزادوا في هذه الخصلة على اليهود والنصارى..، صاروا أسوأ حالاً منهم، نعوذ بالله..