القصة الاولي: ديمقراطية سيدنا عمر
تسطع صفحات التاريخ بالنور وهي تروي لنا حادثة جبلة بن الأيهم ملك غسان والبدوي الفزاري الذي وطئ على إزاره.
كانت دولة القياصرة تحرض أمراءالغساسنة _وهم في حمايتها_على غزو الجزيرة العربية وكانت الجزيرة في قلق دائم من توقع هذه الغزوة بين ساعة وأخرى ثم بدا للأمير الغساني جبلة بن الأيهم أن ينضوي إلى أبناء قومه العرب ويتخلى عن ملكه المهدد في ظل الدولة البيزنطية الذي أوشك أن ينحصر من حوله فسر عمر بن الخطاب وكتب إليه أن أقدم ولك ما لنا وعليك ما علينا.
فقدم جبلة إلى الحجاز في خمسمائة فارس عليهم ثياب الوشي المنسوج بالذهب والفضة ...
فلم يبق بالمدينة رجل ولا امرأة ولا صبي إلا خرج ينظر إلى الموكب الفخم الذي لا عهدله بمثله وكان فتحا عظيما بغير عناء وراحة من قلق ظل يساور الدولة الناشئة عدة سنين.
وحضر جبلة موسم الحج وخرج يطوف بالكعبة فوطئ على إزاره رجل من بني فزارة فحله وكبر الامر على جبلة فلطم الفزاري فهشم أنفه وذهب الفزاري الى الخليفة عمر يشكو الأمير.
بعث عمر الى المعتدي فسأله:ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك هذا فهشمت أنفه؟فاستمع الأمير إلى السؤال وهو يعجب وخطر له أنه قد ترفق بالبدوي لأنه لولا حرمة البيت -كما قال-لأخذت الذي فيه عيناه.
قال عمر:إنك قد أقررت فإما أن ترضيه وإلا أقدته منك (أخذت حقه منك)،قال جبلة دهشا:تقيده مني؟ تقيده مني وأنا ملك وهو سوقة؟قال عمر :الاسلام قد سوى بينكما.قال الامير:إني رجوت أن أكون في الاسلام أعز مني في الجاهلية.فما زاد عمر على أن قال:هو كذلك.
قال جبلة :إذن أتنصر
قال عمر :إذن أضرب عنقك.وتصاول قوم جبلة وبنو فزارة فكادت تكون فتنة فأرجئ الأمر الى غد وخرج جبلة من المدينة تحت سواد الليل.
النص منقول من كتاب الديموقراطية في الإسلام لعباس محمود العقاد
توقيع : مصطفى الديب
التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى الديب ; 24-07-2008 الساعة 08:36 AM
قصة موسى والخضر عليهما السلام
اخبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قريشا بخبر اصحاب الكهف قالوا :اخبرنا عن العالم الذي امر الله موسى ان يتبعه وما قصته ، فانزل الله عز وجل : «واذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او امضي حقبا» (1) قال : وكان سبب ذلك انه لما كلم الله موسى تكليما وانزل الله عليه الالواح وفيها كما قال الله : «وكتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء» (2) .
رجع موسى الى بني اسرائيل فصعد المنبر فاخبرهم ان الله قد انزل عليه التوراة وكلمه ، قال في نفسه : ما خلق الله خلقا اعلم مني فاوحى الله الى جبرئيل ، ادرك موسى فقد هلك ، واعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل اعلم منك فصر اليه وتعلم من علمه .
فنزل جبرئيل على موسى عليه السلام واخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه اخطا ودخله الرعب ، وقال لوصيه يوشع : ان الله قد امرني ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين واتعلم منه ، فتزود يوشع حوتا مملوحا وخرجا ، فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه ، فاخرج وصي موسى الحوت وغسله بالماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت ، وكان ذلك الماء ماء الحيوان فحيي الحوت ودخل في الماء ، فمضى موسى عليه السلام ويوشع معه حتى عييا ، فقال لوصيه : «آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا» (3) اي عناء ، فذكر وصيه السمكة فقال لموسى : اني نسيت الحوت على الصخرة ،
فقال موسى : ذلك الرجل الذي رايناه عند الصخرة هو الذي نريده .
فرجعا على آثارهما قصصا الى عند الرجل وهو في الصلاة ، فقعد موسى حتى فرغ عن الصلاة ، فسلم عليه موسى فانكر السلام اذ كان بارض ليس بها سلام .
فقال : من انت ؟ قال : انا موسى بن عمران ، قال : انت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما ؟ قال : نعم .
قال : فما حاجتك ؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا .
قال : اني وكلت بامر لا تطيقه ، ووكلت ـ بامر لا اطيقه ، ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدثه عن فضل آل محمد حتى جعل موسى يقول : يا ليتني كنت من آل محمد ، وحتى ذكر فلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى قومه ، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم اياه ، وذكر له تاويل هذه الآية : «ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة» (1) حين اخذ الميثاق عليهم .
فقال له موسى : «هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا» (2) .
فقال الخضر : «انك لن تستطيع معي صبرا ، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» (3) فقال موسى : «ستجدني ان شاء الله صابرا ولا اعصي لك امرا» .
ذكرا» (1) .
يقول : لا تسالني عن شيء افعله ولا تنكره علي حتى اخبرك انا بخبره ، قال : نعم ، فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا الى ساحل البحر ، وقد شحنت سفينة وهي تريد ان تعبر ، فقال ارباب السفينة : نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فانهم قوم صالحون .
فحملوهم فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر الى جوانب السفينة فكسرها وحاشاها بالخرق والطين ، فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا ، وقال للخضر : «اخرقتها لتغرق اهلها لقد جئت شيئا امرا» فقال له الخضر : «الم اقل لك انك لن تستطيع معي صبرا» قال موسى : «لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من امري عسرا» (2) .
فخرجوا من السفينة فنظر الخضر الى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كانه قطعة قمر ، وفي اذنيه درتان ، فتامله الخضر ثم اخذه وقتله ، فوثب موسى الى الخضر وجلد به الارض فقال : «اقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا» فقال الخضر له : «الم اقل لك انك لن تستطيع معي صبرا» .
قال موسى : «ان سالتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا» .
فانطلقا حتى اذا اتيا بالعشي قرية تسمى الناصرة واليها تنسب النصارى ولم يضيفوا احدا قط ولم يطعموا غريبا ، فاستطعموهم فلم يطعموهم ولم يضيفوهم ، فنظر الخضر عليه السلام الى حائط قد زال لينهدم ، فوضع الخضر يده عليه ، وقال : قم باذن الله فقام ، فقال موسى عليه السلام : لم ينبغ ان تقيم الدار حتى يطعمونا
ويؤوونا وهو قوله : «قال لو شئت لتخذت عليه اجراس» فقال له الخضر عليه السلام : «هذا فراق بيني وبينك سانبئك بتاويل مالم تستطع عليه صبرا» .
اما السفينة التي فعلت بها ما فعلت فانها كانت لقوم مساكين يعملون في البحر فاردت ان اعيبها وكان وراء السفينة ملك ياخذ كل سفينة صالحة غصبا ، واذا كانت السفينة معيوبة لم ياخذ منها شيئا .
واما الغلام قتلته كان ابواه مؤمنين وهو كافر ، لانني رايت مطبوعا على جبينه مكتوب «هذا كافر» فخشيت ان يتعب ابواه ويسبب لهما سوء وانحرافات وآلام لهم ولبقية الناس في المستقبل .
وقد ابدلهما الله به جارية ولدت لهم سبعين نبيا (1) .
واما الجدار الذي اقمته ، لقد امرني الله ببناءه بسبب جميل واحسان ابوي هذين اليتيمين حيث كان تحته كنز وخفت ان ينكشف ويكون معرضا للخطر .
كانت هذه الاعمال من الخضر حسب مخطط وتوجيه من قبل الله تعالى وبامر من الله ، وذلك سر ما لم يستطع موسى عليه السلام عليه صبرا .
«فانطلقا حتى اذا لقيا غلاما فقتله قال اقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال الم اقل لك انك لن تستطيع معي صبرا * قال ان سالتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا * فانطلقا حتى اذا اتيا اهل قرية استطعما اهلها فابَوا ان يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض فاقامه قال لو شئت لتخذت عليه اجرا * قال هذا فراق بيني وبينك سانبئك بتاويل ما لم تستطع عليه صبرا * اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فاردت ان اعيبها وكان وراءهم ملك ياخذ كل سفينة غصبا * واما
الغلام فكان ابواه مؤمنَين فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا * فاردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة واقرب رحما * واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن امري ذلك تاويل مالم تسطع عليه صبرا» .
قال الخضر : «فان اتبعتني فلا تسالني عن شيء حتى احدث لك منه