الأمم لا يمكن أن تنهض بغير تاريخ، أو أن تقوم بغير ذاكرة؛ و التاريخ الإسلامي أشد خطورة في حياة المسلمين من التاريخ في حياة أية أمة، وتشويهه، وطمسه، وتمزيقه بالنسبة للمسلمين أسوأ وأفظع منه بالنسبة لأية أمة أخرى.
ذلك أن التاريخ الإسلامي هو الإسلام مطبقًا، منفَّذًا على أرض الواقع، منزلاً على حياة الناس اليومية، فهو في حقيقة الأمر حركة الأمة – التي رباها محمد صلى الله عليه وسلم – بالإسلام، وحركة الإسلام بالأمة.
فالإسلام الذي هو رسالة الله الخاتمة له نوعان من الوجود: فمن حيث هو رسالة السماء إلى الأرض موجود في الوحيين (القرآن الكريم والسنة المطهرة)، فما بين دفّتي المصحف الشريف، وما تحويه دوواين السنة الصحيحة هو الوجود الأول للرسالة الأخيرة من السماء إلى الأرض، رسالة الله إلى خلقه.
والوجود الآخر للإسلام هو استجابة أهل الأرض لرسالة السماء، أو استجابة خلق الله لرسالة الله. فهذه الاستجابة هي التي تمثلت في إيمان المؤمنين بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطاعتهم له، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء:80]، وإجابتهم إياه، والتزامهم بما أمر ونهى، حتى صارت الرسالة واقعًا عمليًا تطبيقيًّا، صُنع على عين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حمله من بعده صحبه الأكرمون الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ذلك الجيل المثالي – كما سماه العلامة محب الدين الخطيب – الذي اختصه الله سبحانه بشرف الصحبة، وأمدهم بخصائص اختصهم بها، حيث هيأتهم الأقدار لإبلاغ هذه الرسالة الخاتمة، وأعدتهم لحفظها .
عنهم جاءنا القرآن الكريم متواترًا، ومنهم وصلتنا السنة الشريفة المطهرة، وفيهم تجلَّى الإسلام مجتمعًا ودولة، سياسة واقتصادًا، ومضى بعدهم التابعون لهم بإحسان على نفس المنهج، وتتابعت الأجيال جيلاً بعد جيل.
فتاريخ الإسلام - أو التاريخ الإسلامي – هو حركة الأمة الإسلامية، وحركة الإسلام بالأمة، كما قلنا آنفًا، فهو الإسلام مطبقًا.
ومن هنا كان تشويه التاريخ الإسلامي معناه القضاء على النموذج، والمثال الذي يمكن أن يقدمه الدعاة، النموذج الذي تتطلع إليه الأجيال لتهتدي به ولتنسج على منواله..
صراحة اقتراح لبحث جيد ولكن... لو أضاف لنا الأستاذ معوض بعض العناصر التي يمكن من خلالها استكمال هذا البحث مثل:
- مقدمة عامة وتمهيد
- المقصود بتشويه التاريخ
- الدوافع والأسباب التي أدت إلى هذا التشويه
- نماذج من تشويه التاريخ قديما
- نماذج من تشويه التاريخ حديثًا... وهكذا
ويمكن الاستعانة في هذا البحث بمحاضرات الدكتور راغب السرجاني جريمة تشويه التاريخ
ولما كان التاريخ مرآة الأمم، يعكس ماضيها، ويترجم حاضرها، وتستلهم من خلاله مستقبلها، كان من الأهمية بمكان الاهتمام به، والحفاظ عليه، ونقله إلى الأجيال نقلاً صحيحاً، ليكون نبراساً وهادياً لهم في حاضرهم ومستقبلهم . فالشعوب التي لا تاريخ لها لا وجود لها، إذ به قوام الأمم ، تحيى بوجوده وتموت بانعدامه..
ونظراً لأهمية التاريخ في حياة الأمم، فقد لجأ أعداء هذه الأمة - فيما لجأوا إليه- إلى تاريخها، لتفريق جمعها، وتشتيت أمرها، وتهوين شأنها، فأدخلوا فيه ما أفسد الكثير من الحقائق، وقلب كثيراً من الوقائع، وأقاموا تاريخاً يوافق أغراضهم، ويخدم مآربهم، ويحقق ما يصبون إليه..