بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ..
لقد تفاجأت كثيرا من ان عدد المشاهدين كان 22 فهذا عدد كبير جدا وهذا يعني ان المنتدى فيه ناس كثيرين فالحمد لله ..
لكن لا أحد علقت على الموضوع وهذا يدل على ان إخواننا واخواتنا لم تعجبهم القصة .. فالحمد لله رب العالمين
وعلى العموم سأستمر إن شاء الله في نقل بقية القصة :
*الحجرة الثانية*
في تلك الليلة لم يستطع دجلة النوم فكان يتقلي في فراشه ويفكر في ساعة الصباح حين يلتقي بصديقه ، وكذلك صديقه فرات لم يستطع هو كذلك النوم وكان خائفا من ردة فعل عائلته وخصوصا والده . فلقد اعجبه كلام صديقه دجلة ورءاه منطقيا ، لكن والده سوف يعارض بلا شك .
وحل الصباح واستيقظ الجميع لبداية يوم من ايامهم الجميلة في العمل والجد والإجتهاد ، لكن فرات لم يخرج كعادته ومكث في المنزل ينظر الى خطوات والده المسرعة في البيت ويستمع الى كلامه الهوري الباحث عن معدات العمل في الحقل ، وقبل ان يغادر نظر الى زاوية من زوايا البيت فوجد فرات جالسا هناك فاسرع اليه يسأله : هل انت مريض يا بين ؟ لماذا لم تخرج للعمل؟ ، وقف فرات لواده وقال: صباح الخير يا أبي أنا لست مريضا فقط لدي موضوع اريد ان اتحدث معك فيه ، فرد عليه والده: ترى ماهو الموضوع الذي اقعد في البيت هكذا ؟ ، فأجاب فرات قائلا : انت تعرف يا ابي عائلة صديقي دجلة جيدا ، وهم جيراننا الطيبون ، وهو صديقي الغالي الذي قضيت معه كل صباي ، وانا احبه كثيرا ، ولقد عرض عليه الدخول في الإسلام ، وانا معجب كثيرا بهذا الدين الجديد بسبب كلامه معي ومعاملته الحسنة كذلك ، واردت ان اعرف رأيك في الموضوع وكم يسعدني إن وافقت انت ايضا يا أبي على الدخول في هذا الدين الجميل ، فهل توافق يا أبي على ذلك ؟ في تلك الحظة لم يستطع والد فرات الوقوف وجلس على المقعد بجانبه في ذهول كبير مما يسمع لأول مرة من ابنه الأكبر ، وضع معداته على الأرض وقال له: لقد اخطأت كثيرا في انشغالي عنك في هذه المدة الأخيرة ، ولقد كانت والدتك محقة عندما عرضت علي فكرة تزويجك ، وانا لمتها وقلت ان الوقت لم يحن بعد ، إلا ان كلامك جعلني افكر في الموضوع بجدية اكبر ، فسوف ابحث لك عن زوجة .
جلس فرات بجانبه يمسك يديه قائلا له : يا ابي الغالي أعرف انك تحبني وتخشى علي من الأذى لكن أقسم لك بالرب انه لن يصيبني مكروه وان هذا الدين الجديد سيحمل معه السعادة والسرور الينا جميعا ، وانا سأتزوج إن كانت هذه هي رغبتك ولن أعارض لكني اتمنى ان توافق انت ايضا على طلبي .
فرد عليه الب وهو يقف في غضب : أنا لن اوافق على طلبك هذا ، فليس معقول ان تغير دين اجدادك من اجل صديقك ذاك ؟ ، فاجاب فرات في هدوء انا لم ادخل هذا الدين الجديد بسبب صديقي بل لأنني محتاج الى هذا الدين ووجدت فيه الراحة والسكينة .
فرد عليه الأب وهو يهم بالإنصراف انا سافعل ما بدا لي مناسبا وانت افعل ما بدا لك .
حينها لم يعرف فرات هل يفرح ام يحزن لجواب والده لكنه اسرع الى غرفته وفتح صنوانه واخذ منه لباسا ابيضا كما طلب منه صديقه ، وسارع الى الخروج من دون ان يتناول وجبة الفطور ، واسرع نحو منزل صديقه دجلة الذي كان واقفا بجانب باب منزله وما أن رأى صديقه أسرع نحو وضمه بقوة وتعانقا عناقا حارا وجميلا والفرحة تغمرهما ما اجمل تعانقهما عند النخيل وسط الحقول الخضراء وتحت الشمس الصفراء مع ضحكات الأطفال البريئة الصافية .
وجلسا معا جنبا لجنب وحكى فرات لصديقه كل ما جرى فقال دجلة : لا تحزن ياصديقي فقريبا سوف يعرف والدك الغالي صواب ما فعلت واتمنى من كل اعماق قلبي ان يوافق هو كذلك على الدخول في هذا الدين الجديد.
فرد عليه فرات وانا كذلك اتمنى حدوث ذلك اليوم .
فقال دجلة : والآن ياصديق الغالي يجب عليك ان تعلن دخولك معنا في الإسلام للناس كافة فندخل المسجد سويا وهناك تعلن اسلامك وسط الناس وامام خطيب المسجد ، وافق فرات على طلب صديقه وانصرفا لتأدية الواجب .
وبعد مرور ايام عاد فرات الى صديقه دجلة يبلغه بأن والده غاضب منه وانه مصر على تزويجه، وانه لا يرغب هو في ذلك لأن الزوجة التي اختارها له والده نصرانية تعيش في الغرب وإن تزوجها فسوف يغادر بلاده الى بلاد اخرى . حزن دجلة لحال صديقه فاقترح عليه ان يسافرا قليلا من اجل الترفيه والسياحة في بلادهما العراق الذي لم يتعرفا بعد على كل مآثره ومدنه .فرح فرات لهذا الإقتراح ووعد صديقه بانه سيأتي عنده ساعة يعلم والديه بالأمر .
وفي اليوم الموالي جاء فرات الى صديقه دجلة حاملا معه حقيبة السفر فوجد صديقه دجلة في انتظاره فقد كان متاكدا من مجيئه ، وخرجا معا في نزهة العمر وكانت اسماء المدن ترفرف عليهما بدون توقف ، كيف سيكون الطريق ؟ اولا بغداد ثم نينوى والبصرة ثم كركوك ثم اربيل فالأنبار ومن تم نعرج على دهوك ثم ديالي ثم بابل فالسليمانية ثم القادسية فكربلاء والنجف ثم من تم ذي قار فالمثنى وميسان وواسط ثم ننتهي بصلاح الدين ثم نرجع الى ارضنا .لقد اعجبهما الطريق فسارا فيه في فرح وسرور .
كم كانت فرحتهما كبيرة وهما يسيران بين تلك المفاخر والمعالم الأثرية الكبيرة والكثيرة فكل شير له تاريخ وقداسة ، وما اجمل تلك الحضارات التي كانت في شمر واكد وأشور وبابل ، لقد استمتعا برحلتهما الخالدة كثيرا ، لكن تأثيرات الحصار الظالم الذي فرضته قوى الظلم على بلادهما أثر عليهما وأبصرا صورا لم يكون أبدا يتوقعان أن يشاهداها في بلادهما الطيب المجيد ، كانت صور الأطفال المرضى والجوعى هنا وهناك في كل مكان وكانت آهات النساء الأرامل والمفجوعات تكتوي بنار الحرمان والفقر ، اما عيون الرجال الحائرة الباكية فلم تكن لتخفى عليهما حتى ولو اخفوها خلف العمامات والقبعات والنظارات الملونة.
كم كانت تلك اللحظات صعبة عليهما فقررا إنهاء رحلتهما والعودة الى البيت ومما زاد الوضع مأساة هو هجوم قوات اجنبية على بلدهما العراق الكبير في فجر يوم الجمعة 20 مارس سنة 2003 فلم يصدقا ما حدث وتسائلا : لماذا جاء كل هؤلاء الظالمون وحلفائهم إلينا ؟ وعماذا يبحثون ؟ وهل اصبحنا مثل جيراننا في فلسطين ؟ وماذا علينا ان نفعل ؟.. كم كانت تلك الأسئلة كثيرة في العقول اا لكن من يجيب السائلين سوى رب العالمين اا.
وكان هناك حلين لا ثالث لهما إما الخروج من البلاد والديار والهجرة الى الخارج والنجاة بالأولاد والأموال والأرواح ، وإما البقاء وإنتظار الموت المفاجئ المر المهين والعيش في رعب وخوف لا نهاية له ، وضياع الاهل والاولاد والأموال.
ترى أي الحلين سيختار دجلة وفرات ؟
وكيف ستكون حياتهما فيما يعد؟
ذلك ما سنتعرف عليه إن شاء الله في الحجرة الثالثة: