لم يكن يوم بدر يومًا عاديًا، بل كان يومًا مشهودًا غيّر من تاريخ العالم كله، ففي صباح يوم بدر وبعد أن قامت المخابرات الإسلامية بدورها في تحديد عدد الجيش المشرك وعتاده وقادته، وحدد النبي صلى الله عليه وسلم مكان المعركة بعد أن استشار أصحابه وأدلى كل بدلوه، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يجأر إلى الله بالدعاء أن ينصر الله هذه القلة المؤمنة أمام هذه الكثرة الكافرة، وليس من الغريب أن يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم ربه، بل إن الغريب حقًا أن يدعو أبو جهل بالنصر لجيشه والهزيمة للمسلمين، والتقى الفريقان في ميدان المعركة، واشتاق الصحابة للجنة تحت ظلال السيوف، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته ليسمع الجميع:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ،فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ إَلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ". وكان النصر حلف المسلمين وولت قريش الأدبار بعد أن قتل منهم من قتل واسر منهم من أسر، وكان فضل الله على المسلمين عظيمًا...
كان نصر الله للمسلمين في غزوة بدر بعد أن استكملوا أسباب هذا النصر، فقد كان الجيش الإسلامي في هذه الغزوة، متصفًا بصفات الجيش المنصور من الإيمان والعمل الصادق والأخذ بالشورى وإعداد العدة وغيرها من الصفات التي ينبغي ألا تنفك عن الجيش المؤمن الذي يريد النصر، وقد ظهر في يوم بدر هذا صورًا متعددة من تغلّب الصحابة رضوان الله عليهم بعقيدتهم على أنسابهم، وظهر بشدة تأييد الله تعالى لعباده المؤمنين بجنود من عنده كالملائكة والمطر والطمأنينة في قلوب المؤمنين والرعب في قلوب المشركين والفرقة في صفوفهم والرؤى المبشرة للمؤمنين بالنصر وللمشركين بالهزيمة، وغير ذلك من جنود الرحمن في معركة الفرقان ...
كانت غزوة بدر من أعظم الغزوات في تاريخ المسلمين، وهي كما سماها رب العالمين سبحانه وتعالى يوم الفرقان، وإذا سمّى الله عز وجل غزوة أو يومًا بهذا الاسم فما من شك أنها فصلت بالفعل وفرقت بين مرحلتين هامّتين من مراحل الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية.
وإذا نظرت إلى حال الأمة الإسلامية قبل وبعد غزوة بدر، فإنك تلاحظ الفارق الهائل بين الحالين، فقد كان لغزوة بدر أثرًا كبيرًا ليس فقط على المدينة المنورة أو مكة المكرمة، بل على الجزيرة العربية كلها وعلى العالم بصفة عامة، وما زال لغزوة بدر آثارًا إلى يومنا هذا وسيكون لها الأثر إلى يوم القيامة...
لمطالعة هذه الآثار اقرأ لأستاذنا الدكتور . راغب السرجاني من على الموقع ..آثار بدر
تكمن عظمة يوم بدر في عدة أمور، منها:
1- أول لقاء عسكري حقيقي بين الإسلام والباطل.
2- انتصر المسلمون رغم عدم استعدادهم للقتال، فلم يخرجوا للنفير وإنما للعير.
3- انتصروا رغم قلة العدد وقلة العتاد.
4- انتصروا على الصناديد الكبار.
5- دحروا الباطل وقهروه، بعدما ظن انه لا يقهر.
6- بداية حقيقية لإظهار شوكة الإسلام.
7- غير الأوضاع الاستراتيجية في المنطقة.
وأترك لغيري المجال ليكمل مكامن عظمة هذا اليوم..