منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الحضارة في الإسلام (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=83)
-   -   فلسفة النشوء الحضاري في الأسلام (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=1706)

Dr.asmaa gamal 15-08-2008 05:10 AM

فلسفة النشوء الحضاري في الأسلام
 
فلسفة النشــــــوء الحضاري في الأسلام






الرؤى التي أولدت عن مخاضات التجربة البشرية، والطروحات التي انبثقت من قبل المفكرين الإسلاميين أو غيرهم ممن تكلموا أو كتبوا في فلسفة الحضارة، وحركة التاريخ، كثيرة. كل بما يرى حسبما ينطلق منه. لحق ذلك أن كثيراً من تلك الرؤى تأطرت شكلاً مدرسياً، وتسنّمت وجوداً حاكماً، كما عن فلسفة التاريخ والتناقض الطبقي بين البرجوازية والبروليتاريا للماركسية أو قد يضعونه بشكل آخر حين التعمق وذاك في حدود العامل الاقتصادي الزوجي المتمثل بالحاجة والوسيلة. وكما في الهتلرية، انطلاقاً من (نيتشه) أو (أزوالد شبنجلر) صاحب الكتاب الشهير (أفول الغرب) أو (تدهور الحضارة الغربية) ـ حسب الترجمات ـ في فلسفة الحضارة باعتبارها ثمرة لعبقرية خاصة (وهكذا نجد في هذه النظرية العامل العنصري يتسرب على يد شبنجلر إلى المذاهب التاريخية، وهو العامل الذي سوف يتاح لدوره التاريخي فيما بعد، أن يحقق اكتماله المنهجي في المدرسة الهتلرية على يد روزنبرج). لذلك لابد في مسيرة شروط النهضة أن يُطلع على الألوان التي عرف بها العقل البشري وأثرت سلباً وإيجاباً في أوضاعه الجماعية، هذا الإطلاع ترافقه الآفاق القرآنية، باعتباره المصدر الأول للكليات والقواعد والأسس التي يمكن منها الوصول إلى ركائز الحضارة.



بعد أن وضّح في العدد السابق تبيين القرآن وإشارته لوجود السنن حاكمة في مسيرة الإنسان، تغلّف حركته، وبالتالي النهوض والاستخلاف يتم بفهم وتطبيق هذه السنن.. بل هو رهين ذلك، وتطرّقنا إلى آلهيتها، بمعنى أن الله ـ تعالى ـ زرعها في الكون ضمن النظام العام الذي يتسق وحكمته في إيجاد الإنسان وكيفية الاستخلاف في الأرض واختباره فبذلك (لا شك أن أول أساس بنيت عليه الحضارة الإسلامية ـ التي أنقذت العالم من الويلات، ودفعته إلى التقدم الهائل في أبعاد الحياة ـ هو القرآن، ولذا فمن الضروري ـ إذا أردنا إعادة الحضارة الإسلامية ـ أن نبنيها على القرآن مرة ثانية). علماً أن عرض تلك السن إما مباشرة أو انتزاعياً أو توجيهياً يحتاج أو لا يحتاج للانتزاع حسب وضوحه. فمرة تكون السنة أو تأتي بصيغتها الكلية في شكل قاعدة (وهذه تمتلك أشكالاً سيأتي توضيحها لاحقاً إن شاء الله).


وفي بعض الحالات أعطت مصداقاً معيناً لا عليك إلا أن تنتزع منه القاعدة بما عرض من تطبيق لها ضمن إطار بداية ونهاية بإرجاع البداية الجزئية إلى مفهوم كلي، فالإيقاع بالآخرين أو التوجيه لغير الحقيقة يمكن إرجاعه إلى المكر والخديعة وهما يمتلكان إطاراً كلياً يضم مجموعة من المصاديق. فإطار البداية والنهاية بترقية من جزئية إلى كلية ـ يكون سنة تجري على الوقائع الأخرى التي تدخل تحت مفاهيم الكلية. ومرةً ثالثة بعض الآيات جاءت تحثّ على الاستقراء والفحص في الشواهد التاريخية للوصول إلى سنة تأريخية.

Dr.asmaa gamal 15-08-2008 05:12 AM

إذن معرفة السنن من القرآن كانت بثلاثة طرق (وهذا الرقم خرج بالاستقراء الناقص كما هو معروف من حيثية البحث فهو قابل للزيادة)..
الطريق الأول: العرض المباشر للسنة في قالب صيغة كلية (قاعدة) مثل: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد:11).
وكذا: ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) (فاطر: 43).
الطريق الثاني: إعطاء المصداق للسنة أي الحدث الذي تلبس بها وهو غير موقوف عليها مثل ( وإن كادوا ليستفزونك من الأرض، ليخرجوك منها وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً، سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا) (الإسراء:76ـ77).
كذا الآية 34 من سورة الأنعام: ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى آتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين) .
الطريق الثالث: التوجيه لاستقراء حركة الإنسان الخارجية في تجربته ضمن الاحتكاك والتدافع البشري على طول التاريخ ودراسة البدايات والنهايات وثنايا التأثير ثم الانتزاع.
مثل:( أفلم يسيروا في الأرض ، فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) (يوسف:109).
أو: ( أفلم يسيروا في الأرض، فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم، ومرّ الله عليهم وللكافرين أمثالها) (محمد: 10).
وذيل الآية (10) من سورة محمد ( وللكافرين أمثالها) دليل على قانونية السنة وذلك في جريانها.
وكذا الآية (133) من آل عمران: ( قد خلت من قبلكم سنن، فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) والفاء التفريعية في كلمة (فسيروا) عن الجماعة التي قبلها تجعل رابطية بين وجود السنن ومضيّها، وبين طلب البحث عنها خارجاً.. أو البحث عما كتب التاريخ عنهم ولم يبق إلا أطلالهم ينعقها الغراب والخراب..
فالدخول إلى الأسس للنهضة لا يمكن إلا بمعرفة سنن التاريخ لأنها عين سنن الصعود والسقوط بما تنطوي عليه من أسرار في عالم الإنسان فرداً أو جماعة.



Dr.asmaa gamal 15-08-2008 05:14 AM


نشوء الحضارات



كثيرٌ هم المفكرون في شرق الأرض وغربا ممن طرق هذا الموضوع لأهميته القصوى إما في الجبهة الفكرية الإسلامية. أو الجبهات الأخرى بشتى مشاربها ممن تداولوا المصطلح ضمن أسس معرفية، تناولت التجربة الــبشرية بالفحص والاستقراء، وبأدوات علمية، استجدت في معرفية الإنسان سيما ما بعد الخط التجريبي في خطوة فرنسيس بيكون، الذي امتد أثره على أثر العلوم ومنها الإنسانية، كذلك الخطوة التي تلت حركة علم الاجتماع وبلورته عند الغرب في (الفلسفة الوضعية) لأوجست كونت، بالتعامل مع الوضع والموضوع الخارجي وهو نفس تجريبي كما لا يخفى.

Dr.asmaa gamal 15-08-2008 05:17 AM

ابن خلدون
 


ابن خـــلدون

في القرن الثامن الهجري، بداية عصر التراجع للأمة الإسلامية ونكساتها، خرجت مقدمة ابن خلدون أو تاريخه، الذي خرج فيه بوجه جديد معرفياً في تلقي الأحداث والوقائع (فقبل ظهوره كان التاريخ ضرباً من (الأحداث المتتابعة)، حتى إذا جاءه وجدناه يخلع على التاريخ نظرة جديدة، فهو حين وصله بمبدأ السببية أدرك بتلك النظرة معنى تتابع الأحداث من حيث كونه عملية تطور، كما حدد معنى الواقع الاجتماعي من حيث كونه مصدراً لتلك الأحداث وتطورها).
فالمؤرخون قبل ابن خلدون لم يأخذوا سمة التحليل والتعليل والربط، وما يكتنف الأحداث من خلفيات، فهو ممن نبه إلى دورة الدولة في نظرية الأجيال الثلاثة، وإن لم يتجاوزها إلى أفق الدورة الحضارية وإن كان كلاهما يدخل في سور الدورة التأريخية، وردّ ابن خلدون نشوء كيانها إلى العصبية الأسرية، التي اعتبرها من تكوينية الفطرة فهي كما يرى (نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا) .
من هذا يكون:
أولاً: التاريخ قبل ابن خلدون فيما اعتاده المؤرخون خال من التحليل والربط واستكشاف العلل التي توجه الأحداث، فادخل السببية، وعلل معنى تتابع الأحداث.
ثانياً: إن الأحداث التاريخية وأسبابها يحددها الواقع الاجتماعي، فهي نتاج له.
ثالثاً: إن هناك دورة تمر بها الدولة وتتداول.. في طريق حلزوني لا مستقيم.
رابعاً: رد نطاقات تشكل الدولة إلى عصبية لما تغضية من اتحاد والتحام.
(لأن السياسة لا تكون إلا بالغلب، والغلب لا يكون إلا بالعصبية).
إذن فالعصبية عند ابن خلدون تقوم بالدور الأساسي في قيام الدولة، كذلك في توسعتها، إلا أن الدعوة الدينية (كما يرى) تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عدرها، كما عنون ذلك، وسبب ذلك عنده: أن القيم الدينية وصبغتها، تذهب بالتنافس والتحاسد اللذين في أصل العصبية، والتفرد بعد ذلك لوجهة الدين والحق، وفروضه التي ترفض ذلك. فهنالك تأثير متبادل بين الحضارة والعصبية، ففي العمران البدوي تكون العصبية قوة عنيفة وموحدة تستطيع أن تحمي الجماعة وأن تعجل بانتصارها على بقية العصبيات، كابحة الخلافات الداخلية، وهي تؤدي حتماً إلى تغيير من شأنه أن يوجد حياة أفضل، وأعني بهذه الحياة الأفضل العمران الحضري، والتأثير هنا بين العصبية والحضارة هو أنه بينهما بناء وخصائص فدور العصبية هي نتاج لأسلوب الحياة البدوية البدائية، فإن هذه العصبية نفسها تؤثر كأداة التغيير في نفس هذا الأسلوب في الحياة، بأن تضع له نهاية وتكون الأساس في تكوين الدولة وبالتالي في وجود العمران الحضري.
وهذا التوجيه لابن خلدون في نشوء الحضارات في حدود العصبية عائد إلى الإطار البيئي الذي نظر من خلاله سيما مع الاستفادة من رؤية ابن خلدون نفسها في أن الأحداث التاريخية تعود إلى ظرف تاريخي وواقع اجتماعي معاش، فكذا هذا النتاج الفكري له يمثل حدثاً له زمانه وتاريخيته ومكانه الذي انبثق عنه، فالظرف الاجتماعي والسياسي الذي عاشه ابن خلدون والوقائع التاريخية التي أطلع عليها، ضيقت وحصرت رؤيته لنشوء الدول بخصوص ما أطلع عليه. فبيئة ابن خلدون تمتد بجذورها إلى الحياة البدوية وهي مرتبطة بها، ولها ارتباط من جهة أخرى بالحياة الحضرية، فالمدن والأمصار آنذاك تعيش مع غبار القبائل الرحل، أو متاخمة لها وقريبة من فعالياتها، فلطالما كانت هناك تغييرات من سقوط وصعود من تدهور ونشوء دولة جراء تآلب العشائر وتفرقها.
اعتبر مالك بن نبي تلك النظرة ضيقة في تفسير النشوء والسقوط الحضاري ولو في إطار الدولة، فالعصبية قد تشكل دولة، وكياناً لكنه خارج نطاق الشكل الحضاري وزهوه، وتكوين نظام اجتماعي قانوني، يمتلك مقومات البقاء، طالما هو خارج حدود القيم، فلا يلبث أن ينقلب على نفسه، وهذا لا يتسق مع ما يبحث عن الشروط الأساسية في تشكيلة المجتمع المثالي، وأسس ديمومته، بل العصبية في وجودها الكياني (ضمن الدولة) يمثل عرضاً لسنة انهيار المجتمعات، التي تقف على هكذا قدم. وهذا من أكبر الأسباب التي عصفت بالأمة الإسلامية منذ عصور الإنحطاط وذلك في صدر الإسلام مــما لا يخفــى مكانه حيث أُستأثِر توزيع الأموال والأمصار.. وبعد تشكل الدولة الأموية التي بنيت على ذلك. فالمسلم لا يعرف الانتماء أو الولاء إلا لعقيدته الربانية، تاركاً كل الجاهليات وعصبياتها القبلية والأسرية والوطنية حديثاً وراءه، وهذا ما تقتضيه الشريعة الإسلامية وتفرض حيث لا لون ولا جنس، الكرامة والتحرر قبل كل شيء والإخاء والمساواة.
ومع هذا تكون (صورة الحضارة ـ هذه ممثلة لا على ما في الإنسان من خصائص روحية وعقيدية، وحين تكون صلة المجتمع هي الجنس واللون والأرض والقوم. وما إلى ذلك من الروابط ـ فإن هذا لا يعد في الإسلام حضارة، ذلك أن الجنس واللون والأرض والقوم، وما إلى ذلك من الروابط، لا تمثل الحقيقة العليا في الإنسان، وذلك أن الإنسان يبقى إنساناً بعد الجنس واللون والقوم والأرض. ولكنه لا يبقى إنساناً بعد الروح والفكر) ورفض الشريعة الإسلامية لها (العصبية) دليل على فسادها طالما أحكامها تتبع المصالح والمفاسد الخارجية.
يقول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) : (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبيته، وليس منا من مات على عصبيته).
يرى ابن خلدون أن نشأة الدول لها مراحل ثلاث:
1) طور البداوة: وهنا لا يشير فقط إلى سكان الصحارى بل إلى بربر الجبال أيضاً والتتر في السهول، لما يجمعهم من غلب العصبية ضمن النظام القبائلي الأسري.
2) طور التحضّر: وهو انبثاق دولة عنهم عقب الغزو والسيطرة، ثم الاستقرار.. بعد أن أترف السابقون، وبما يتميزون هم به من خشونة وصلابة، وتلاحم أسري وتجمع قبلي يفرض عليهم قيوداً عرفية، من الصعب جداً أن يتجاوزوها.
3) طور التدهور: بعدما حصلوا عليه من موارد تلوّن حياتهم بألوان الانغماس والترف وهي سنة في حد ذاتها من سنن الانهيار.
كما أعطى للدولة عمراً وسقفاً زمنياً لتدور من حيث بدأت، فيقدر عمرها بـ(120سنة)، لذلك سميت بالأجيال الثلاثة انطلاقاً من تقدير كل جيل على ما يرى بـ(40سنة).
إذن التاريخ البشري عند ابن خلدون يسير في دورات متتابعة نتيجة الصراع القائم بين البدو والحضر. طالما البشر يصنفون جغرافياً هكذا، وما يتبعه من اختلاف طبعي يفرض تغيراً وانقلاباً طالما تقوم به الغلبة.




الساعة الآن 03:35 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام