{إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}التوبة:40 عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟). وفي رواية: (اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما). أخرجه أحمد والبخارى ومسلم والترمذى وقال : حسن صحيح غريب . وأخرجه أيضًا : ابن أبى شيبة وأبو يعلى. لقد كان العرب قبل الإسلام يعيشون في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وشرك، وظلم، وفساد أخلاق , حروبٌ تُشنُّ لأتفهِ الأسبابِ أعراضٌ تنتهكُ, أموالٌ تُسلبُ كما قال سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه للملك النجاشي بأرض الحبشة قال له : أيها الملك كنا قوماً أهلَ جاهليةٍ نَعبُدُ الأصنامَ, و نأكلُ الميتةَ, و نأتي الفواحشَ, و نقطع الأرحامَ, و نُسيءُ الجوارَ و يأكلُ القويُّ منَّا الضعيفَ, فكنا على ذلك حتى بعث الله تعالى إلينا رسولاً منا نَعرِفُ نسبَهُ و صِدقَهُ و أمانتَهُ و عفافَهُ فدعانا إلى الله تعالى لتوحيده و لنعبدَهُ و نخلعَ ما كنَّا نُعبُدُ نحنُ و آباؤُنا من دونِهِ من الحجارةِ و الأوثانِ, و أمرنا بصدقِ الحديثِ و أداءِ الأمانةِ, و صلةِ الرحمِ و حُسْنِ الجِوارِ و الكفِّ عن المحارمِ و الدماءِ, و نَـهانا عن الفواحشِ و قولِ الزورِ و أكلِ مالِ اليتيمِ و قذفِ المحصنةِ, و أن نعبدَ اللهَ لا نُشركُ به شيئاً و أمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيامِ وجعل يعددُ عليه أمورَ الإسلام ثم تابع جعفر رضي الله تعالى عنه قائلاً: فصدقناه و آمنا به و اتبعناه على ما جاء به من عند الله فعبدنا الله وحده و لم نشرك به و حرمنا ما حرم علينا و أحللنا ما أحل لنا ) رواه ابن خزيمة عبادة الأصنام كان صنم بالصفا يدعى إساف ، ووثن بالمروة يدعى نائلة قال : فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما قال : فلما جاء الإسلام رمي بهما فقال : إنما كان ذلك يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم - الأوثان : جمع وَثَن وهو الصنم، وقيل : الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة، والصَّنَم : الصُّورة بِلا جُثَّة-، فأمسكوا عن السعي بينهما قال : فأنزل الله تبارك وتعالى : {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (البقرة:158) فَذُكِرَ الصفا من أجلِ أنَّ الوثنَ الذي كان عليه مُذكَرٌ ، وأُنثت المروةُ من أجلِ أنَّ الوثنَ الذي كان عليها مؤنث »
الأوثان : جمع وَثَن وهو الصنم، وقيل : الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة، والصَّنَم : الصُّورة بِلا جُثَّة. قال الله تعالى:{ والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير } / فاطر 13 / أي إن الأصنام التي تعبدونها من دون الله تعالى لا تملك شيئا من هذا الكون فكيف تدعونها وتتوجهون إليها ؟وقد دَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا, فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ :{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}{جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِى مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَعَبَدَ الأَصْنَامَ أَبُو خُزَاعَةَ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ وَإِنِّى رَأَيْتُهُ يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ فِى النَّارِ.
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}المائدة:103
ما شرع الله للمشركين ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام مِن تَرْك الانتفاع ببعضها وجعلها للأصنام, وهي: البَحيرة التي تُقطع أذنها إذا ولدت عددًا من البطون, والسائبة وهي التي تُترك للأصنام, والوصيلة وهي التي تتصل ولادتها بأنثى بعد أنثى, والحامي وهو الذكر من الإبل إذا وُلد من صلبه عدد من الإبل, ولكن الكفار نسبوا ذلك إلى الله تعالى افتراء عليه, وأكثر الكافرين لا يميزون الحق من الباطل.آلاهة تصنع من الحجارة والشجر والتمر تعبد من دون الله تعالى, عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أخبرني عن عمل يدخلني الجنة و يباعدني عن النار ؟ قال: لقد جئت تسأل عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : (تعبدُ اللهَ لا تُشركُ به شيئاً وتقيمُ الصلاةَ وتؤتي الزكاةَ وتصومُ رمضانَ وتَحُجُّ البيتَ. ), رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . ما كان عليه النكاح في الجاهلية عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت: إنَّ النكاحَ في الجاهليةِ كان على أربع أنحاء, فنكاحٌ منها نكاحُ النَّاسِ اليومَ ,يَخطُبُ الرجلُ إلى الرجلِ وَلِيتَهُ أوابنتَهُ فيَصدقُها ثم يَنكحُها . ونكاحٌ آخرُ كانَ الرجلُ يقولُ لامرأتِهِ إذا طَهُرَتْ من طمثِها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلـها زوجُها ولا يَمسُها أبداً حتى يتبينَ حملُها من ذلكَ الرجلِ الذي تستبضع منه فإذا تبين حملُها أصابـها زوجُها إذا أحبَّ وإنما يفعل ذلك رغبةً في نجابةِ الولدِ فكان هذا النكاحُ نكاحَ الاستبضاعِ . ونكاحٌ أخرُ يجتمعُ الرهطُ ما دونَ العشرةِ فيدخلون على المرأةِ كُلُهم يُصيبُها فأذا حمَلَتْ ووَضَعَتْ وَمَرَ عليها ليالٍ بَعْدَ أن تضعَ حملَها أَرسَلَتْ إليهم فلم يَستطعْ رجلٌ أن يـمتنعَ حتى يجتمعوا عندها تقولُ لهم قد عَرَفْتُمْ الذي كان من أمرِكُمْ وَقَد وَلَدَتْ فهو ابنُك يا فلان تسمي من أحبت باسمهِ ,فيلحق به ولدُها لا يستطيعُ أن يمتنعَ مِنْهُ الرجلُ . ونكاحٌ رابعٌ :يجتمعُ النَّاسُ كثيراً فيدخلون على المرأة لا تمتنعُ ممن جاءَها ,وهنَّ البغايا كُنَّ يَنصبْنَ على أبوابِـهنَّ راياتٍ تكونُ علماً فمن أرادَ دَخَلَ عليهنَّ ,فإذا حَمَلَتْ إحداهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَها جمعوا لها ودعوا القافةَ ثُمَّ ألحقوا ولدَها بالذي يرونَ فالتاطَ به ودعي ابنَهُ لا يمتنعُ من ذلك, فلمَّا بُعِثَ النَّبيُّ صلى الله عليه و سلم بالحقِ هَدَمَ نكاحَ الجاهليةِ كُلَّهُ إلا نكاحَ النَّاسِ اليومَ) أخرجه البخاري ، وأبو داود، شرح مفردات الحديث ( أنحاء ) أنواع . ( وليته ) من في ولايته . ( فيصدقها ) يجعل لها مهرا معينا . ( طمثها ) حيضها . ( فاستبضعي منه ) اطلبي منه المباضعة وهي المجامعة مشتقة من البضع وهو الفرج . ( يمسها ) يجامعها . ( نجابة الولد ) أي ليكون نفيسا في نوعه وكانوا يطلبون ذلك من أشرافهم ورؤسائهم وأكابرهم جهلا منهم وضلالا . ( الرهط ) ما دون العشرة من الرجال . ( يصيبها ) يجامعها . ( البغايا ) جمع بغي وهي الزانية . ( رايات ) جمع راية وهي شيء يرفع ليلفت النظر . ( عَلَمَاً ) علامةً . ( القافة ) جمع قائف وهو الذي ينظر في الملامح ويلحق الولد بمن يرى أنه والدُهُ . ( فالتاط به ) فالتحق به والتصق . ( هدم ) أبطل ] هكذا كان الحال بإلنسبة للنكاح الذي كان منتشرا في الجاهلية.
وقد انتهت تلك الفترة ببزوغ فجر الإسلام وطلوع شمسه وانتشار نوره في العالم، حتى أنار الطريق لكل سالك، فدخل الناس في دين الله أفواجاً، فقامت للإسلام دولة قوية ذات منعة، وعاش المسلمون في عصر النبوة حياةً لم يَسبقْ لها مَثيلٌ ولم يُوجدْ لها مثيلٌ؛ توحيدٌ خالصٌ لله وحدَهُ، وعدلٌ، وإنصافٌ وطاعةٌ لله ولرسولِهِ، وتحاببٌ في الله، وتآخٍ، واعتزازٌ بالإسلام، وعزةٌ، وكرامةٌ، وهيبةٌ في قلوبِ الأعداءِ، وقد سجل لهم القرآن هذا المعنى في قوله تعالى:{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين }المنافقون:8.
وهكذا عاش المسلمون في ذلك العهد الفريد إلى أن انتقل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى.
إلا أنه لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى؛ إلا بعد أن أكمل الله عزوجل الدين، والكامل لا يقبل الزيادة عادة، وإن نعمة الله على اتباع محمد بالإسلام قد تمت، ولذلك قال تعالى:{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }[المائدة:8].
نزلت هذه الآية في حجة الوداع في يوم الجمعة بعرفة، وفي اليوم نفسه خطب النبي صلى الله علي وسلم خطبةَ يومِ عرفةَ المشهورةِ، جاء في آخرها قولُهُ عليه الصلاةُ والسلامُ وهو يُخاطبُ أصحابَهُ: ((أنتم مسؤولون عني؛ فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلغت ونصحت. فجعل يقول عليه الصلاة والسلام: اللهم! اشهد، اللهم! اشهد، اللهم! اشهد)) الحديث اخرجة الامام مالك بن انس رحمه الله في " الموطا) في ( القدر، رقم 3، باب النهى عن القول بالقدر)، بلاغا، بلغه ان رسول الله صلى الله علي وسلم قال: ((تركت فيكم امرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله)) .