أقسام الناس أمام الشيطان ومداخله
يشبَّه الإمام ابن القيم عليه رحمة الله حال الإنسان مع الشيطان، فيقسّم الناس في ذلك إلى ثلاثة أقسام، ويضرب لكل قسم مثلاً، ويضرب للشيطان مثلاً فيقول:
مؤمن متيقظ لمداخل الشيطان
القسم الأول: كمثل قلعة تحتوي على سائر الكنوز والجواهر والأموال، وهذه القلعة قد شُدِّدت عليها الحراسات، وأحاط بها الجنود المسلحون من كل مكان، فعلى الرغم مما فيها من كنوزٍ وجواهر مودعةٍ إلاَّ أن اللصوص لا يفكرون باقتحامها، ولا يرد ذلك على خواطرهم، ولا يضعون ذلك في خططهم بسبب ما يعلمون من شدة الحراسة، ويقظة الجند الذين أوكلت إليهم الحراسة في هذه القلعة.
ويقول: مثل ذلك مثل المؤمن اليقظ المتنبه لمداخل الشيطان، الذي قد أغلق كل مدخل وثغرة يمكن أن يلج منها الشيطان، ووضع على كل ثغرة حارساً يحرسها فلا يفكر الشيطان أن يقترب منهم.
وقد أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن عمر ما سلك طريقاً، إلا سلك الشيطان طريقاً آخر، لا يفكر الشيطان في أن يسلبه شيء، بل أصبح يفر منه فراراً، بعكس الآخر الذي يزين له ويوقعه في بعض المعاصي والذنوب كما سنرى بعد قليل.
رجل غافل عن مداخل الشيطان
القسم الثاني: مثل البيت الذي فيه جواهر وكنوز لكنَّ الحراسة فيها ضعفٌ أو غفلةٌ، فاللصوص ينتهزون الفرص، ويبحثون عن الثغرات، إما أثناء غفلات الحراس، أو من مراكز الضعف في هذه الحراسة، فيلجون لنهب هذه الجواهر والكنوز، وكذلك المؤمن الذي في قلبه إيمان وطاعة، لكنه لم يتنبه لمنافذ الشيطان، ولم يتيقظ لمداخله، فهو يلج إليه مرة بعد أخرى، ويعكِّر عليه صفو إيمانه، وينال من هذا الإيمان مرة بعد أخرى، فإن تيقظ المؤمن وتنبه، وأقام الحراسات المشددة على هذه الثغرات، وأصلح ما وقع فيها من خلل، فعند ذاك بإذن الله سيدفع هذه الغزوات والهجمات، وإن غفل عنها وكثرت فسيصبح -والعياذ بالله- في يوم من الأيام، وقد سرقت جميع كنوزه وجواهره.
رجل تركه الشيطان لخلوه من الخير
القسم الثالث: مثل بيت خرب، لا يوجد فيه شيء، ولا يحرسه أحد، قال: وهذا لا يفكر فيه اللصوص، فهم لا يجدون فيه شيءً ألبتة، وهذا مثل من ليس فيه خير أبداً.
الأول: مثل من ارتقى وكمل.
والثاني: مثل من فيه خير ولم يُقِم ما يحمي هذا الخير.
والثالث: من قد فرغ منه الشيطان والعياذ بالله.
ويحدثنا القرآن الكريم عن هذا التصوير العجيب البديع الذي يذكره الإمام ابن القيم رحمه الله، في ذلك الحوار الذي كان بين الله سبحانه وتعالى وبين الشيطان حين قال: قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً * قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً [الإسراء:62-64]
ثم يأتي في النهاية إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً [الإسراء:65]
هذا هو الصنف الأول.
***Hrshl hgkhs Hlhl hgad'hk ,l]hogi(ghfk hgrdl)*** âgçg lQçl çgôd~çk çgkçQ çgdl ,l]hogighfk