منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   خواطر وأدب (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=68)
-   -   الحُسْنُ لمن حسُنَ (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=19445)

العبد المحب لله 19-02-2011 05:24 AM

الحُسْنُ لمن حسُنَ
 
الحُسْنُ لمن حسُنَ



بينما أنا أمشي في أحد شوارع أكبر الدُوَل تقدماً في الغرب واذ برائحة قوية تفوح وتحمل الرياح الى أنفي! انها رائحةٌ عطرة تُثير النفوس! أَنظُر الى يميني لأرى المصدر ولا أجد شيئاً! وبينما أنا أتَلفت نحو الشمال اذ بأُذُني تلتقط خطوات كعبين! اسمعُهما يخطوان من خلفي بخُطىً مضطّربة غير منسقّة، تعكس تماماً نبضات القلب المُحمّل على هذين الكعبين. ألتفتْ حتى يحفُّ فكي كتفي الأيسر، وأُدقق النظر، فاذا بالحُسن يسير أمامي! محزَمَاً بقطعتين من الملابس، متباعدتان كل البعد وتكادُ تخنق الملابس ما فيها. ولكن ما فيها لا يختنق! بل يهذي عبر الهاتف المحمول بكلمات مقطعة، لا معنى لها، مصحوبة بقلب حائر واعين مُشتته تدور كعقارب الساعة! لا مُستقر لها ولا مفر! أُدقق اكثر، هناك أنفٌ يعانق السماء! وشعر يُرفرف ليكشف المستور من "مقدمات وخلفيات". فمفاتن تُسْتَرُ بمفاتن ومن ثَم يُطلق الهواء لهما العنان فيطيرا. نسيَ الحُسن الى اين هو ذاهب ولكن يواصل مشيه وأرجُله تتخبط كمولود الغزال الضائع وبجانبه جدار من زجاج عاكس. فاذا بعقارب العيون تستقر اخيرا باتجاه الساعة التاسعة حيث الجدار الزجاجي و بدأت الخطوات تُنعش وكأنها تتأهب لعرض ما عندها من سلعة. يحيد الحُسن الى النظر الى صورته المنعكسة ويكاد كل جزء من جسده يغازل نفسه. والمشاهدون يراقبون بسرور وبهجة. واصوات الصفير تعلو. والحُسن يعتز بنفسه اكثر واكثر ولكن يتشتت قليلا! وما ان دار وجهه ليبتسم سريعاً، الّا و هو يخرج من ذاته الى الواقع فجاءة! تختل موازين الحُسن الان، فالفرحة تغمره، وغروره يشغله، لا يشبَعُ من النظر الى نفسه ولا يشبَعُ من النظر فيما لا يعنيه من غيره، وارضاء الجماهيرهو مبتغى. فراح يتخبط بين الشهوات والنزوات والسيقان يحاولان التأقلم بأي شكل كان فيتعرقلان! ترتفع درجة حرارة جسده قهراً وحرجً حتى بدأ يرتجف ويحمرّ لونه. الوقت بطيئ جداً وكل جزء من الثانية بدقيقة! يتصبب عرقا! يتصبب عرقاً!... وجاء القدر،ووقع مولود الغزال ارضاً بعدما ضل عن المسار، قد كان له أن يختار وقد فعل. عانق انفه الارض، وتمزقت كسوته الخانقة فسال جسده الفاضح في كل مكان واستهزئوا به الجماهير ونُسيت الشهوات والنزوات في لحظة مرّت كأنها ساعة! عادَ الحيرانُ الى حيرته الدائمة المعهودة وفرّ باكيا بعدما انقلبت الفرحة غم، وغروره ذل، واصوات الصفير تحوّلت الى ضحكات. ضاع كل شئ، ضاع الحُسن الزائف والجَمال الكاذب والحمد لله.


ما اقبح هذا الجَمال؟! ما اتفه هذا الحُسن؟! لم أذكر فيما ذكرت انفا صاحب الجمال المطلق، وصاحب الحُسن المطلق، الله عز وجل مبدع الكون ومصوّر العباد لانه سبحانه بعيد كل البعد عن مفهوم الحُسن الوضعي المعوج. بل انّي لم اذكر المراءة عموماً فضلاً عن أن أذكر المراءة المؤمنة المسلمة. في هذا الموقف المنسوج من الخيال، رأيت أن المراءة بحد ذاتها كما ارادها الله أن تكون، هي نقيضة للقبح لذلك مُثلت المراءة المزيّفة فقط بالحُسن المزيّف اسماً، و بالقبح وصفاً و حتى من دون ذكرها تكريماً لأسم المراءة. كنت اتكلم عن سلعة لا ادراك لها. سلعة ماسخة من السلع التي يحاول ان يُصّدرها الينا الغرب وللاسف البعض من اخواتنا في الاسلام يتبعون. فالموقف المذكور لا يُمثّل قضية محدودة في زمانها ومكانها بل هي تمثل حالة يعيشها الكثيرين في البيت والعمل والنزهة وكل مكان وهو دليل على فكر معوج اصبح راسخاً ومتأصل في عقول وقلوب بعض المسلمات لله العفيفات. فأنتج هذا الفكرتفاههٌ لا تُطاق! واهتمام غير طبيعي بصغائر الامور واصبحت الاهتمامات مُنحطّة و تدور حول مركز فارغ، لا فائدة منه ولا يمت الى الايمان بأي صلة. وكأنه لم تعد هناك قضية تشغل المسلمة الصالحة سوى ركب موجة الموضة العصرية، في أيّ شئ و أياً كان الثمن! حتى ان كان خروجها عن اصلها وثقافتها وعقيدتها يقبحانها، وياليتها تعلم انها من اجمل نساء الأرض والجنّة قبل شياطها.


الله جل وعلى فضل السيدة عائشة رضي الله عنها ومريم العذراء وهاجر امراءة ابراهيم عليه السلام على نساء العالمين لعفّتهم وحكمتهم وعطائهم وحُسنهم وايمانهم و جمالهم الحقيقي، ظاهراً كان أو باطنا. أنا لا اُركّز هنا على أُمور عقائدية محددة فأنا لست عالماً، ولا مفتيا ولا أدّعي أياً من ذلك، بل انقل اليكم ما يراود فكري أنا محتاج الى من يعظني و فقط أسال الله أن يرزقني وايّاكم صدق الاقوال والاعمال والأحوال لنحقّق الأخلاص له. ولكني أُركّز بشكل عام على فكر المرأءة المؤمنة وكيف يجب ان يكون، لأن هذا الأمر يهمني كأحد ابناء هذه الأمة ولاهمية المراءة فعلياّ في أي مجتمع. أتكلم عن نبض المؤمنة الذي يقودها ويقود انفعالاتها الى ان تفعل ما تفعل، اوتشعر ما تشعر، خيراَ أو شراً. ففي كل نفَس نستنشقه وفي كل لحظة في حياتنا نحتاج الى تهذيب ربّاني وصلة دائمة بالرحمن ليضمن لنا الاستقامة على الفطرة، رجالا كنّا او نساء. ولا غنى عنك يا الله.


الساعة الآن 02:52 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام