بعد انتهاء حروب الردة مباشرة حدث أن جاء المثنى بن حارثة (من قبيلة بكر بن وائل التي كانت تستقر فى شمال الجزيرة العربية جنوب العراق) إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليطلب منه أن يسمح له بقتال الفرس المتاخمين له، والقيام ببعض الغارات عليهم، فقال له:
"يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعثني على قومي فإن فيهم إسلاماً أقاتل بهم أهل فارس، وأكفيك أهل ناحيتي من العدو" فسمح له أبو بكر بذلك.
وعلى الفور قام المثنى بن حارثة بشن بعض الغارات على الجيوش الجنوبية فى فارس، ثم أرسل بعد ذلك يطلب المدد من أبي بكر رضي الله عنه يقول له: "إن أمددتني وسمعت بذلك العرب أسرعوا إليَّ، وأذل الله المشركين مع أني أخبرك يا خليفة رسول الله أن الأعاجم تخافنا وتتقينا".
وفي الواقع لم يستغرق أبو بكر رضي الله عنه في التفكير طويلا، وقد قام على إثر هذا بإرسال رسالة إلى خالد بن الوليد فى اليمامة يقول له فيها: "إن الله فتح عليك فعارق (أي: فسر إلى العراق) وابدأ بفرج الهند وهي الأبلة، وتألَّف أهل فارس ومن كان في ملكهم من الأمم"...
انطلق خالد بن الوليد بجيشه من اليمامة حتى نزل النِّبَاج (على بعد مائتي كيلو مترا، حوالي ثلاثين ومائة ميل من اليمامة)، على رأس ألفين كانوا قد بقوا معه.
وأمام هذا العدد الضئيل جدا كان أن كتب كل من خالد وعياض إلى أبي بكر يطلبان المدد.
فأمد أبو بكر رضي الله عنه خالدا برجل واحد فقط هو القَعْقَاعُ بن عمرو التميمي، وقبل أن يتعجب خالد دهش أهل المدينة فقالوا لأبي بكر: "أتمد رجلا قد انفضَّ عنه جنوده برجل..؟!!"
فأجابهم قائلا: " لَصَوْتُ القعقاع في الجيش خير من ألف رجل"، "ولا يُهْزَمُ جيشٌ فيهم مثل هذا"...! إنهم الرجال الذين باعوا الدنيا بالآخرة فربح البيع، فأعطاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة..!
السلام عليكم ..الأخت الفاضلة sarah..إن فتح العراق وفارس عمل كبير استنفد فيه المسلمون الكثير من الطاقات من النفس والأموال، وقد شارك في فتح العراق الكثير من القواد الأبرار منهم المثني بن حارثة الشيباني وخالد بن الوليد وعياض بن غنم رضي الله عليهم أجمعين ..
وكلا منهم كان يطلب المدد من الخليفة الصديق في المدينة المنورة..وقد طلب خالد بن الوليد المدد من الخلافة فأمده الصديق بالقعقاع بن عمرو وقال رجل بألف، ولا يهزم جيش فيه القعقاع..
ونفس الشيء حدث مع عياض بن غنم حين أرسل أيضًا يطلب المدد، فأمده أبو بكر أيضًا برجل واحد هو عبد بن عوف الحميري رضي الله عن الصحابة أجمعين، وقال عنه أيضًا: رجل بألف رجل..
علم خالد بن الوليد رضي الله عنه بتقدم الجيوش الفارسية من الشمال بقيادة بهمن وفي عمق العراق بقيادة الأندرزغر إلى الولجة، فترك سيدنا خالد المزار وتوجه ناحية الولجة لمقابلة أندرزغر وانتصر عليه ( وهنا نذكر الكمين الذي أعده خالد بن الوليد للجيوش الفارسية وتحققت للمسلمين نتيجة حاسمة في هذه الموقعة وكانت في شهر صفر سنة 12 هـ) ، وعندما انتهى سيدنا خالد بن الوليد من موقعة الولجة علم بتجمع الجيوش الفارسية مع الجيوش العربية النصرانية في مكان يسمى (أُلَيِّس) على شاطئ نهر الفرات وكان عددهم يقترب من مائة ألف ؛ فتقدم سيدنا خالد بن الوليد مباشرة من الولجة إلى أُليّس، ودارت موقعة شديدة نذكر أنه قُتِلَ فيها سبعون ألف فارسي وعربي في نهر مجاور لنهر الفرات وسمي هذا النهر نهر الدم بعد هذه الموقعة...
ثم تقدم سيدنا خالد بن الوليد إلى مدينة أماغشيا وكانت قد خلت من سكانها ؛ لأن معظم الجيش قد قُتِل في موقعة أُليّس، حيث قُتِلَ منهم حوالي40 ألفا ، ففتحها خالد بن الوليد دون قتال وهدمها ؛ لإيقاع الرعب في قلوب أهل فارس...(من الموقع - فتح العراق )
وللحديث بقية..