يقول الزركلي عنه في الأعلام كان الرشيد عالمًا بالأدب وأخبار العرب والحديث
والفقه، فصيحًا، له شعر ومحاضرات مع علماء عصره، شجاعًا كثير الغزوات...!، حازما كريمًا متواضعًا، يحج سنة ويغزو سنة، لم ير خليفة أجود منه..، ولم يجتمع على باب خليفة ما اجتمع على بابه من العلماء والشعراء والكتاب والندماء.وكان يطوف أكثر الليالي متنكرًًا(ليتعرف على أحوال الرعية، وهو هنا يتشبه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه). وله وقائع كثيرة مع ملوك الروم، ولم تزل جزيتهم تحمل إليه من القسطنطينية طول حياته.الأعلام 8/62
هذا ما نقله لنا المؤرخون المسلمون عن أمير المؤمنين هارون الرشيد..
أما هارون الرشيد الذي تجنى عليه كثيرون فالمتواتر الثابت أنه كان يحج عاماً ويغزو عاماً، وهذا هو المتواتر، أما حكايات آخر الليل (ألف ليلة وأضرابها) عن مجون الرشيد فقد رواها قصاصون خياليون ومُجَّان لا تُقبل شهادتهم.. !!
فكيف تقبل في سيرة خليفة تواتر أنه يغزو سنة ويحج سنة؟..
ولننظر مثلاً إلى قول إمام من أئمة المؤرخين المسلمين ألا وهو ابن خلدون حيث قال بعد ما ذكر حديث المفترين على الرشيد: "وأين هذا من حاله وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء، ومحاورته للفضيل بن عياض، و ابن السماك، والعمري، ومكاتبته لسفيان الثوري وبكاؤه من مواعظهم، ودعاؤه بمكة في طوافه، وما كان عليه من المحافظة على أوقات الصلاة، وشهود صلاة الصبح لأول وقتها"..!!!
[size=6][color=darkblue][b]
هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس و يلقب بهارون الرشيد (حوالي 763م - 24 مارس 809م) هو الخليفة العباسي الخامس ،وهو أشهر الخلفاء العباسيين. حكم بين 786 و 809 م. والدته الخيزران بنت عطاء .
هو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجب على كل مؤرخ مسلم. وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما.
نشأتة :
ولد هارون في 148 هجرياً ، كان مولده بالري حين كنناان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان. نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام (165 هـ= 781م) على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه أبو محمد موسى الهادي .
توليه الخلافة :
الدولة العباسية في عهد هارون الرشيد ح 800 متمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي،وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف كثيرا تمتد من وسط أسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة.
أعماله :
بتولى الرشيد الحكم بدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولةالاسلامية.ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام هذه الدولة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها. وأنشاء بمايعرف ببيت الحكمة وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض .وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين.وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأى والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع.وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، حتى ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته
الرشيد والبرامكة :
أحاط الرشيد نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة وخاصةً من البرامكة أمثال يحيى بن خالد البرمكي حتى حدث نزاع بين الخليفة الرشيد والبرامكة ونتج عن ذلك أن الرشيد حبس البرامكة وعلى رأسهم كبيرهم وأميرهم يحي بن خالد البرمكي.
الرشيد محارباً :
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا.واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181هـ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة 186هـ ، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وخرج هارون بنفسه في 183 هـ، حتى وصل هرقلة واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الرشيد كما كانت تفعل إيريني من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام 188هـ وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه.