ابنتي الحبيبة.. لقد أكرمكِ الله بنعمة الإسلام، وشرح صدركِ بالإيمان، وأعطاكِ من الحقوق والواجبات ما لم تحصل عليه امرأة في أي مكان أو زمان، واعلمي أن الحقوق والواجبات تعطيكِ الحق في أن تعتزي بإسلامك، وتتمسكي بتعاليمه التي هي الطريق لسعادتك في الدنيا والآخرة، وأن الإسلام ليس نظريات مجردة، بل هو أعمال وسلوك ومواقف تؤث...ر في واقع الحياة.
وأنت تعيشين في ظل هذا الدين الشامل لكل جوانب الحياة مكرَّمةً معزَّزةً، وتنعمين برعاية الله، وتسيرين على هدي هذا الدين في حياتك بالضوابط الشرعية والتعاليم الإسلامية؛ ملتزمةً بأوامر الله؛ فإنك تعطين الصورة المشرفة للمرأة المسلمة الصالحة، وبسموِّ أخلاقك وحسن سلوكك ومظهرك وسمتك الإسلامي.. فإنكِ تحقِّقين الأنموذج الرائع للقدوة الحسنة في زمننا هذا.
وبتقواك الله وإحساسك بأن الله معك، وخشيتك من عمل أي معصية حتى لا تتعوَّدي عليها، وشعورك بأن الله يقبل عملك الصالح؛ مثل بر الوالدين وطاعة الزوج، وحرصك على مواعيد عملك، وعلمك ومعرفتك أن الله يكره التقصير والإهمال.. فإنك بهذا تقدِّمين أروع الأمثال في العفة والطهارة والتميُّز والحضارة، وأنت بهذه الأخلاق العالية والسمت الإسلامي الجميل والعطاء والجد والانضباط؛ فإنك بهذا تمثِّلين المرأة المسلمة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ابنتي الحبيبة.. لا تغتري بمظاهر الدنيا فتنسيك غاية الحياة، ولا تنساقي وراء التقاليد والتقاليع الوافدة والعادات الموروثة والتي ليس لها أصل في الإسلام؛ فتنتهي إلى دروب أنتِ في غنى عنها؛ فاعرفي ما ينفعك وما يضرك، وكوني على بصيرة من أمرك، وإياك وقد أنار الله عقلك بالإسلام أن تقلِّدي أيَّ امرأة لا تربطك معها أي عقيدة أو خلق، وتأكدي أنك كلما كنتِ ملتزمةً بتعاليم دينك فإنكِ على الحق وغيرك على باطل؛ فحافظي على أصول وثوابت هذا الدين، واصبري ابنتي عندما تتعرَّضين لنقد أصحاب النفوس المنحرفة؛ فالصراع بين الحق والبطل سيظل قائمًا.
ابنتي الحبيبة.. رعاك الله، فلتجعلي هذه المعاني نصب عينيك:
* راجعي نيتك وأخلصي لله عز وجل، واستعيني دائمًا بترديد دعاء الإخلاص، واستهلي عملك دائمًا باسم الله قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف: من الآية 110).
* عليك بالتفاؤل؛ لأن التفاؤل قوة نفسية تدفع صاحبها للعمل والاستمرارية، وعدِّدي النوايا الصالحة لتعينك على الاستبشار والتفاؤل، فبالتفاؤل يكون التواصل والتجدد والارتقاء.
* تذكري أن النجاح والنصر حليف المؤمنين؛ لأن المؤمن دائمًا له هدفٌ، ولا نجاح من دون تحديد الهدف.
* عليكِ بالصبر الرشيد وليس البليد؛ الرشيد بمعنى أن أصبر على الشيء الذي أريد النجاح فيه، ولكن بتجديد وابتكار وسائل ومحاولات أخرى حين لا أجد النتيجة التي أتمناها، ولا تنسَي أننا نعمل والنتائج على الله.
* استعيني بالدعاء الحارِّ وعليكِ بركعتي الحاجة، داعيةً الله أن يوفقك ويسدِّدَ خطاك.
* عليكِ بطول النفس وعدم اليأس، وإذا رأيت أن الله حرمكِ من التوفيق فانظري السبب وأصلحي من شأنك ما يحتاج إصلاحه إذا كان التقصير منك.
* إذا شعرت ببشائر النجاح فلا يفوتك أن تسجدي سجدة شكر، واحمديه تعالى على فضله عليك (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم: من الآية 7).
* كوني دائمًا واثقةًَ في قدراتك؛ لأن أساس النجاح هو احترامك لنفسك، وإذا تعثر شيء فاجعلي أول ما يتبادر بذهنك هو تقصيرك لا تقصير الآخرين، واسعَي لتنمية قدراتك والرغبة في التعلم والتلقي.
* اصطحبي معك أثناء عملك عدَّتك النفسية؛ من ثبات وصبر وتوكل وآمال وطموح، وركِّزي على جوانبك الإيجابية ومشاعرك الجميلة واستخرجيها في عملك.
* ارضَي بواقعك مهما كان؛ فأنت أحسن من غيرك فالتذمُّر والشكوى نهايته الدمار.
* اقتنعي بالنجاح وعايشيه فتنجحي، وتوقَّعي الأفضل دائمًا، عادةً نحدِّث أنفسنا بالصعب والعقبات أكثر، والمعوقات سلسلة أحزان لا تنتهي؛ فبدلاً من أن نتباكى ونتحسَّر تعالَي نأمل ونحلم في طموحاتنا، وبدلاً من أن نقول "صعب" و"لا أستطيع" تعالَي نقول "إن شاء الله سوف أستطيع" و"سأحاول فعل كذا" و"سأدرّب نفسي على كذا".
* لا بد من وضوح الهدف وتحديده؛ لأن عدم وضوحه يصعب تحقيقه.
* لا تنسَي استشارة أهل الخبرة من أخواتك ليبارك الله في عمل الفريق والجماعة ولا تنفردي بالرأي وحدك.
* ولا تنسَي الدعاء وصلاة الحاجة ولا تعتمدي على جهد البشر؛ فالله هو الموفق (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال: من الآية 17).
* وأخيرًا فلنتذكر أن كل خطوة في حياتنا لا بد أن تخدم الهدف الذي نسعى إليه وهو تمكين دين الله عز وجل على هذه الأرض، وأن نكسب رضا الله والجنة، فسرُّ نجاحنا هو وحدة الهدف؛ فلا بد من الفهم العميق لهذا الهدف؛ فالفهم بصيرة وإدراك ووضوح رؤية، وهذا يسهل العمل والتنفيذ، وطبعًا لا يثمر العمل إلا بالإخلاص والتجرد، وعلينا أن نفهم أن من سنن الدعوات المحن والابتلاءات، وهذا يتطلَّب منا ثباتًا وتضحيةً وجهادًا ونحن نسير في طريق الدعوة، وعلينا أن نؤمن بأن الله سينصر جنده ويعز دينه مهما طال الأمد؛ فالثقة في نصر الله تملأ القلوب طمأنينةً ويقينًا، ولا تنسَي الترابط والحب الذي يبني بينك وبين من حولك الأخوَّة، ويعينك على حسن طاعة الله ورضاه، وبالله التوفيق.