مشاهد من الجزائر إن هذه الحلقة تتناول الأمن من عدة أوجه أحياناً من ناحية سياسية وأحياناً من ناحية اجتماعية، ولهذا أقول لو كانت الحلقة من ناحية عامة، ونرى أن الأمن الحقيقي والأساسي هو أولاً داخل نفس الإنسان، فإذا كان الإنسان مطمئناً نفسانياً في جميع الاتجاهات اقتصاديا، اجتماعياً وخاصة إيماناً نعتقد أن هذا هو الأمن الحقيقي ولكن إذا تكلمنا من ناحية اجتماعية نحن نرى أن السبب الحقيقي للأمن الاجتماعي هو مسؤولية المسلمين فهم المسؤولين عن المسلمين ونخص بالذكر علماء المسلمين فالمسؤولية الكبرى تعود إلى علمائنا وأرى أن مسؤولية المسلمين يجب أن تفوق مسؤولية السياسيين. أريد أن أقول لماذا لا يقوم المسلمون بدورهم الحقيقي في توفير هذا الأمن؟
مشاهد من السعودية عندي بعض النقاط النقطة الأولى: أرجو من الدكتور أن يذكر بشيء من الإشارة لو عابرة المقارنة بين الأمن والسعادة والحرية بالذات المسلمون في أمَّس الحاجة إليها لا سيما في هذا العصر، فما هي الحرية، ابن تيمية رحمه الله تكلم عنها في كتاب "العبودية" كلام جميل وأحب أن أسمع رأي الدكتور في هذا، هذه النقطة الأولى. النقطة الثانية: من رضي الله عنه أرضاه في الدنيا والآخرة ولهذا موسى عليه السلام يقول (وعجلت إليك رب لترضى) ويقول الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم (فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى)فالخوف الذي يصاب به المسلمون اليوم سببه عدم إرضائهم لربهم سبحانه وتعالى ولو أنهم أرضوه لأرضاهم وكل واحد في موقعه ، هذه النقطة الثانية. النقطة الثالثة: لو أمكن من فضيلة الدكتور أن يشير إلى بعض الأبواب ـ ولو إشارة ـ التي تتعلق بالضرورات الخمس وما يكملها لأنها في حقيقة الأمر هذه الضرورات إذا تحققت للمسلمين تحقق لهم الأمن وإذا اختلت أي ضرورة منها اختل أمننا. القرضاوي الأمن عنصر أساسي من عناصر السعادة، أحد الحكماء سُئل عن السعادة ما هي؟ فقال: هي الأمن، فإني رأيت الخائف لا عيش له. الإنسان الخائف لا يمكن أن يكون سعيداً ولذلك أول ما تحدَّثنا عنه هو الأمن النفسي باعتباره أصلاً من أصول السعادة لأن السعادة في الحقيقة لا تأتي من الخارج وإنما تأتي من داخل الإنسان. هناك قصة مشهورة أن سيدنا عمر تناحى هو وزوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب فقال لها: لأشقينَّك، فقالت له: لا تستطيع، فقال لها: كيف؟، قالت: لو كانت سعادتي في مال لحرمتني منه أو في زينة لقطعتها عني ولكني أرى سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي. فالسعادة الأساسية تنبع من داخل النفس الإنسانية، والأمن أساس من أسس هذه السعادة، هذه علاقة الأمن بالسعادة. علاقة الأمن بالحرية تكلمنا عنه وقلنا أن الإنسان إذا فقد الحرية لا يمكن أن يأمن على نفسه، الإنسان الذي يخاف أن يعتدي عليه الآخرون أو يعيش في بيته ربما يأتيه زوار الفجر كما يقولون أو زوار ما قبل الفجر زوار الظلام هم يسمونهم زوار الفجر وهم أبعد ما يكونون عن الفجر، هم زوار الظلام هؤلاء الذين يزورون الناس في دجى الليل ويختطفونهم من بيوتهم ويذهبون بهم إلى حيث لا يعلم أحد، الإنسان الذي يعيش لأن له رأي يخالف رأي الحاكم فيأتي ويؤخذ إلى مكان لا يعلمه إلا الله، هكذا لا يمكن أن يحس الإنسان بالطمأنينة وهو غير آمن على حريته، لذلك الحرية أمر هام فالإسلام أمرنا أن نقاتل من أجل الحرية(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله)الفتنة يعني اضطهاد الإنسان، الإنسان يُفتن في دينه، يُضطهد من أجل عقيدته ولذلك قال (والفتنة أشد من القتل)، (والفتنة أكبر من القتل)لأن القتل اعتداء على الجسم والفتنة اعتداء على العقل وعلى النفس وعلى الحرية، فمن أجل هذا قاتل الإسلام دفاعاً عن حريات الناس وقال(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً)أوجب القتال دفاعاً عن هؤلاء المستضعفين المهددين في حريتهم فهذا ما يتعلق بالأمن والسعادة والأمن والحرية. الضرورات الخمس هي أساسيات للحياة الإنسانية الكريمة، الفقهاء جعلوا المصالح ثلاث درجات هناك الضروريات وهناك الحاجيات وهناك التحسينات، الضروريات هي الأشياء التي لا يعيش الإنسان بغيرها: الدين، النفس وهي الحياة ـ حياة الإنسان ـ والإنسان لا يجوز أن يُعتدى على حياته(من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)احترم حتى حياة الجنين ولو جاء من حرام، المرأة التي جاءت تطلب أن يُقام عليها الحد قال لها: اذهبي حتى ترضعيه، ولما جاءت بعد ذلك قال لها: اذهبي حتى تفطميه، لأن هذه حياة إنسانية تُحترم، فاحترام الدين واحترام النفس والمحافظة على العقل والمحافظة على النسل والمحافظة على المال، والبعض يجعلها ستة ويضيف إليها العِرض الذي نسميه نحن الكرامة وسمعة الإنسان وكرامته، الجانب الأدبي أيضاً هذه كلها إذا تمت إيجابياً أو سلبياً لأن الإسلام يُحافظ عليها إنشاءً ويحافظ عليها أن تُنتقص أيضاً، لو تمت هذه لأدى ذلك إلى استقرار حياة الناس وإلى سيادة الأمن في ربوعهم.
مشاهد من ساحل العاج موضوع الأمن الاجتماعي هناك عدة أمور تتداخل فيه وهناك عدة نقاط يجب ألا نهملها. أولاً: نحن نعرف بأن تكالب الهجمات الاجتماعية والفكرية الغربية على مجتمعاتنا في ظل دعم لجنة الإعلام الغربية بكل طاقاتها وبشكل موجَّه وبأنها تسوِّق للفكر والحضارة الغربية في غياب أي رقابة سواءً كانت من قِبل الدول الإسلامية أو من قِبل الأهل كُلٌ في بيته. ثانياً: اعتقاد الأكثرية في مجتمعاتنا بأن هذه الحضارة الغربية هي حضارة التقدم والرقي ولابد من الأخذ بقيامها كي يتسنى لها التقدم والتطور كما حصل في الغرب وهو في اعتقادي اعتقاد خاطئ. النقطة الثالثة: غياب البرامج الموجهة وبالأخص برامج التنمية الفكرية والاجتماعية في ظل سيادة التشرذم والتمزق في المجتمعات الإسلامية وتراجع العمل الإسلامي التبشيري على أرض الواقع وهو ما أدى إلى تراجع أخلاقي لدى الناس بشكل عام. رابعاً: تغييب دور علماء الدين تارة من قِبل السلطة وتارة أخرى تقصيراً منهم ربما لقلة الإمكانات ومن هنا أسأل فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي .. ألم يحِن بعد لعلماء المسلمين كافة أن يطوِّروا أجهزة التنسيق والاتصال فيما بينهم أولاً ثم توحيد الرؤى حول ما يجب البدء به لدعم النواحي الأخلاقية والفكرية لدى المسلمين، ثم بوضع البرامج اللازمة وتنـزيلها عبر القنوات الفضائية كافة وخصوصاً في وقتنا الحالي مع قيام القنوات الفضائية في البلاد، ثم التركيز على مقدَّراتنا واستغلالها إلى أقصى حد كي يتسنى لنا الوقوف وقفة الند للند للحضارة والفكر الغربيين بل وحتى لنتمكن بعد ذلك من تأمين الأمن الاجتماعي الضروري للشعوب لكي تتقدم بخطى ثابتة. والسلام عليكم. القرضاوي الحضارة الغربية هي حضارة القلق والخوف والاكتئاب، والعيادات النفسية بعشرات الآلاف ولا تستطيع الحضارة الغربية أن تحقق الأمن النفسي ولا الاجتماعي للناس، الذي يستطيع أن يحقق ذلك بتوازن فريد هو الإسلام إذا أخذنا الإسلام بحقيقته وطبقنا شعائره وشرائعه في الحياة النفسية والحياةالاجتماعية والحياة الاقتصادية والحياة الأسرية استطعنا أن نقيم أمناً حقيقياً للفرد وللأسرة وللمجتمع.