منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   أعلام وعلماء وقادة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=37)
-   -   الأمير محمد عبد الكريم الخطابي (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=265)

mohab.rizk 01-01-1970 12:00 AM

للأستاذ عدنان زرزور


--------------------------------------------------------------------------------

وصفت عائشة رضي الله عنها حالَ المسلمين عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مما قالت: «لما قبِض رسول الله نجمَ[1] النفاق، وارتدت العربُ، وكان المسلمون كالغنم الشاردة في الليلة الماطرة»...

ولستُ أرى صورة وراء هذه الصورة التي ضل فيها النجم، واسودت حواشي الأفق، وغاب فيها الكون في سكون عميق تتعثر خطاه على وقع المطر الشديد، يمكن أن تصور حال المسلمين في مطلع هذا القرن، وقد استيقظوا من ليل الجهل، على أصوات الحضارة الغربية وجلبتها وأضوائها، تبهر العيون وتقرع الآذان!

لقد سارت الحضارة الغربية في طريقها تتسلم زمام الركب البشري الضارب في صحراء الحياة، بعد أن ضيّع االركبَ حداتُه المسلمون، يوم فقدوا ذاتهم، وأغفوا على أحلام الخرافة والأوهام... والقافلة الإنسانية –يا ويحها- ماذا جنت حتى يتسلم قيادتها اللصوص؟َ!

لا أريد أن أتحدث عن هذه الحضارة الآثمة وحراسها ونتائجها العريضة في الكون فبحسبي أن أشير إلى ثمرة واحدة من ثمارها الفجة التي غصت بها حلوق الإنسانية بالأمس، ولا تزال تعلك آثارها المُرة إلى اليوم.. إنها الحرب! حربان عالميتان في ربع قرن من الزمان، لم يتجرع كأس سمها أصحاب هذه الحضارة وحدهم، بل أفرغ هذه الكأس في أفواه الشعوب كلها إفراغاً... وخصوصاً تلك الشعوب المسلمة التي كانت تقود القافلة الإنسانية بالأمس؛ لأن بينها وبين قادة اليوم من العدواة، ما بين حراس القافلة ولصوصها.

وهكذا خيل لحضارة الغرب الصليبية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أنه قد خلا لها وجه الحياة على الأرض، فسعت إلى اقتسام ما تبقى من أجزاء العالم الإسلامي عنيمة سمينة باردة، وكان من بين هذه الأجزاء: المغرب العربي الإسلامي، سعت إلى ذلك بخطوات ثقيلة متلاحقة... لكثرة ما حملت على عاتقها من الحديد، ما أتخمت به معدتها من أقوات الشعوب! وفكرها المخمور لا يصحو إلا على صورة الأندلس: الفردوس المفقود، تحفزهم وتحثهم على «استرجاع» المغرب الإسلامي اليوم كما «غصبوا» أندلس الإسلام بالأمس.

هذه هي «الحقيقة» التي كانت ماثلة في أذهانهم، يومذاك، وكان كل ما حولهم يؤكد لهم أن النصر والغلبة ستكون في جانبهم: القوة المادية بكل صنوفها وغرور النصر ونشوته في أعقاب الحرب، إلى جانب التخلف والفقر والضعف المادي في أرجاء المغرب الكبير.

ليس من شك في أن الجو كان مكفهراً ينذر بالخطر والسوء... ولكن كما يبزغ الفجر من وراء السحب الدكناء فيبدد سوادها ويقصم بعموده القوي اللامع ظهر الليل، بزغ سيف الأمير عبد الكريم الخطابي يلمع في سماء المغرب، ليقصم أصلاب الفرنسيين والإسبان، ويعلم الدنيا أن غزوة بدر مدرسة الجهاء الأولى في الإسلام، لها جندها في كل زمن وحين، وأنها المدرسة التي صمدت للأمواج المتلاطمة، والعواصف الهوج، فأمدت العالم الإسلامي في كل فترات حياته بقادة كبار، يجاهدون في سبيل الله، وعلى بركة الله، وكان من هؤلاء الأبطال في عصر قراعنا مع الاستعمار: عمر المختار وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي.

منذ مطلع هذا القرن، والغربيون يعتبرون العالم «مزرعة» لهم، ومن يدري فلعل هذا من قواعد حضارتهم؟ ففي عام 1902 اتفقت إيطاليا وفرنسا على أن تطلع يد الأولى في طرابلس الغرب، مقابل حرية العمل في المغرب للثانية، وفي نيسان من عام 1904 اتفقت فرنسا وإنكلترا على أن تتعهد الأولى بعدم عرقلة عمل الإنكليز في مصر، مقابل أن تعترف إنكلترا بحق فرنسا المطلق في المغرب، وفي نفس العام تم الاتفاق بعد ذلك بين فرنسا وإسبانيا على الموافقة على اتفاق نيسان نظير أن يكون لإسبانيا نفوذ في بعض مناطق المغرب!!

وظن بعضهم بألمانيا خيراً حين نزل إمبراطورها عام 1905 بمدينة طنجة وقال فيها: «إن زيارتي هذه لسلطان المغرب، الملك المستقل!» ولكن ما أن اتفقت مصالح ألمانيا وفرنسا على اقتسام «الغنائم» الاستعمارية حتى أطلق ألمانيا يد فرنسا في المغرب، نظير ترك الكونغو الإفريقي لألمانيا. وكان ذلك عام 1911، الذي لم يمض عليه أكثر من عام حتى وقع السلطان معاهدة الحماية على البلاد!

وكان عمر الأمير عبد الكريم يناهز الثلاثين يوم وقعت بلاده تحت وطأة الاستعمار الفرنسي الإسباني، فقد ولد الأمير عام 1301هـ في بلدة «أجدير» وهي خليج صغير على شاطئ المتوسط بين تطوان ومليلة، ونشا على حفظ القرآن ودراسة الفقه والتمسك بقواعد الإسلام الحنيف، ويتصل نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.

تلقى الأمير عبد الكريم دروسه الابتدائية والثانوية في مليلة، ثم التحق بجامعة القرويين –أقدم جامعة في العالم- بفاس، ثم تخرج مدرساً بمليلة، وعمل محرراً في بعض الصحف اليومية ثم عين قاضياً بعد ذلك، حيث بدأ خطره يشتد على الإسبان، حتى أنهم قبضوا عليه في


الساعة الآن 01:34 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام