يرجع أصل الأخوين المجاهدين الى الأتراك المسلمين وكان والدهما يعقوب بن يوسف من بقايا الفاتحين المسلمين الأتراك الذين استقروا في جزيرة مدللي إحدى جزر الأرخبيل( ). وأمهم سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثر على أولادها في تحويل نشاطهم شطر بلاد الأندلس التي كانت تئن في ذلك الوقت من بطش الأسبان والبرتغاليين( ). وكان لعروج وخير الدين أخوان مجاهدان هما إسحاق ومحمد إلياس
: دور الأخوين في الجهاد ضد الغزو النصراني:
اتجه الأخوان عروج وخير الدين الى الجهاد البحري منذ الصغر، ووجها نشاطهما في البداية الى بحر الأرخبيل المحيط بمسقط رأسهما حوالي سنة 1510م، لكن ضراوة الصراع بين القوى المسيحية في بلاد الأندلس وفي شمالي افريقيا بين المسلمين هناك، والذي اشتد ضراوة في مطلع القرن السادس عشر، قد استقطب الأخوين لينقلا نشاطهما الى هذه المناطق وبخاصة بعد أن تمكن الاسبان والبرتغاليون من الاستيلاء على العديد من المراكز والموانئ البحرية في شمالي افريقيا( ).
وقد حقق الأخوان العديد من الانتصارات على القراصنة المسيحين الأمر الذي أثار أعجاب القوى الاسلامية الضعيفة في هذه المناطق ، ويبدو ذلك من خلال منح السلطان "الحفصي" لهم حق الاستقرار في جزيرة جربة التونسية وهو أمر عرضه لهجوم أسباني متواصل اضطره لقبول الحماية الاسبانية بالضغط والقوة، كما يبدو من خلال استنجاد أهالي هذه البلاد بهما، وتأثيرهم داخل بلادهم مما أسهم في وجود قاعدة شعبية لهما تمكنهما من حكم الجزائر وبعض المناطق المجاورة ويرى بعض المؤرخين أن دخول "عروج" وأخيه الجزائر وحكمهما لها لم يكن بناءً على رغبة السكان، ويستند هؤلاء الى وجود بعض القوى التي ظلت تترقب الفرص لطرد الأخوين والأتراك المؤيدين لهما، لكن البعض الآخر يرون أن وصول "عروج" وأخيه كان بناءً على استدعاء من سكانها لنجدتهم من الهجوم الأسباني الشرس، وأن القوى البسيطة التي قاومت وجودهما كانت تتمثل في بعض الحكام الذين أبعدوا عن الحكم أمام محاولات الأخوين الجادة في توحيد البلاد حيث كانت قبل وصولهما أشبه بدولة ملوك الطوائف في الأندلس، وقد ساند أغلب أهل البلاد محاولات الأخوين واشتركت أعداداً كبيرة منهم في هذه الحملات، كما ساندهما العديد من الحكام المحليين الذين شعروا بخطورة الغزو الصليبي الأسباني( ).
ويظهر دور الأخوين المجاهدين بمحاولة تحرير بجاية من الحكم الاسباني سنة 1512م، وقد نقلا -لهذا الغرض- قاعدة عملياتها ضد القوات الأسبانية في ميناء جيجل شرقي الجزائر بعد أن تمكنا من دخولها وقتل حماتها الجنوبيين سنة 1514م لكي تكون محطة تقوية لتحرير بجاية من جهة ولمحاولة مساعدة مسلمي الأندلس من جهة أخرى ويبدو أن الأخوين قد واجها تحالفاً قوياً نتج عنه العديد من المعارك النظامية وهو أمر لم يتعودوه لكن أجبروا عليه بفعل الاستقرار في حكم الجزائر، وزاد من حرج الموقف قتل "عروج" في إحدى المعارك سنة 1518م مما اضطر خير الدين للبحث عن تحالف يعينه على الاستقرار والمقامة ومواصلة الجهاد وكانت الدولة العثمانية هي أقوى القوى المرشحة لهذا التحالف سواء لدورها البارز في ساحة البحر المتوسط أم لأن القوى المحلية في الشمال الأفريقي كانت متعاطفة معها( ).
وتتابع انتصاراتها على الساحة الأوروبية منذ فتح القسطنطينية وأن الاتجاه لمحالفتها سيكسب دور خير الدين مزيداً من التأييد من قبل هذه القوى، والى جانب ذلك فإن الدولة العثمانية قد أبدت استجابة للمساعدة حين طلب منها الأخوان ذلك، كما أبدت رغبتها في مزيد من المساعدة لدوره وكذلك لبقايا المسلمين في الأندلس، ومن منظور ديني أسهم في إكساب دورها تأييداً جماهيرياً وجعل محاولة التقرب منهما أو التحالف معهما عملاً مرغوباً( ).
ومن جهة أخرى كانت الظروف في الدولة العثمانية على عهد السلطان سليم الأول مهيأة لقبول هذا التحالف وبخاصة بعد أن اتجهت القوات العثمانية الى الشرق العربي، وكان من أبرز أهدافها في هذا الاتجاه -كما سبق التوضيح- هو التصدى لدور البرتغاليين والأسبان وفرسان القديس يوحنا في المنطقة ، وكان من المنطقي التحالف مع أي من القوى المحلية التي تعينها على تحقيق هذه الأهداف
: التحالف مع العثمانيين:
اختلف علماء التاريخ حول بداية التحالف بين العثمانيين والأخوين عروج و خيرالدين ، فتذكر بعض المراجع أن السلطان سليم الأول كان وراء إرسالهم الى الساحل الأفريقي تلبية لطلب المساعدة من سكان الشمال الأفريقي وعملاً على تعطيل أهداف البرتغاليين والأسبان في منطقة البحر المتوسط. وعلى الرغم من عدم تداول هذه الرواية بين المؤرخين إلا أنها توضح أن العثمانيين لم يكونوا بمعزل عن الأحداث التي تدور على ساحة البحر المتوسط( ).
ويرجع بعض المؤرخين التحالف بين الجانبين الى سنة 1514م في أعقاب فتح عروج وخير لميناء "جيجل" حيث ارسل الأخوان الى السلطان سليم الأول مجموعة من النفائس التي استوليا عليها بعد فتح المدينة، فقبلها السلطان ورد لهما الهدية بإرسال أربع عشر سفينة ح