19-03-2020, 06:21 PM
|
المشاركة رقم: 11 (permalink)
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
قلم محترف |
البيانات |
التسجيل: |
28 - 1 - 2020 |
العضوية: |
29239 |
المشاركات: |
4,978 |
بمعدل : |
3.27 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
10 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
امانى يسرى محمد
المنتدى :
المنتدى العام والهادف
رد: تغريدات د.طارق هشام مقبل
الوَطن.. أرضُ النّشأة.. الذّكريات الأولى.. والحنين (لرادّك إلى مَعَاد).. الوطن هو حيث نَجِدُ الحُبّ والأمان (على أنْ تأجرني ثمانيَ حِجَج).. الوطن هو حيثُ نُحقّق طموحنا وإن تغرّبنا (اجعلني على خزائن الأرض).. الوطن هو وطن يجمعنا بالأحبة (وأْتوني بأهلِكم أجمعين)..
تؤرقني فكرةُ الوصول بعد فوات الأوان.. تحقيق الأحلام بعد انصراف القلب عنها.. بعد غروب الشمس وخسوف القمر.. في سورتي الأنعام والتوبة جاءت (أوّل مرّة) تُشير إلى شيء قريب من هذا المعنى.. فاختر لنا الخير حيث كان.. ثم رضّنا به.. يا ربّ..
(وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدا).. هذه الآيةُ عندي.. بحرٌ من بِحار الأمل.. مخبّئات القَدر.. والظنّ الجميل.. لا تدري لعلّ الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمرا..
المحزن في اتهام يعقوب (إنك لفي ضلالك) صدوره من أبنائه.. المحزن في ظلم قارون لقومه؛ أنه (كان من قوم موسى).. المؤلم في قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم (مجنون) صدوره من عشيرته.. المؤسف في قولها (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا) أنه من المرأة التي كان يخدمها.. يا الله كم هو مؤلمٌ ظلم الأقربين..
أؤمنُ بأن القلب دليل (لأجدُ ريح يوسف).. أؤمن بفتيا القلب "استفتِ قلبك".. أؤمن بالحدس (ليحزنني أن تذْهبوا).. أؤمن بأن الحب برهان (لا أُحبُ الآفلين).. وأؤمن بكلمات الغزالي: "النور هو مفتاح أكثر المعارف؛ فمن ظنّ أن الكشفَ موقوف على الأدلة المحررة= فقد ضيّق رحمةَ الله الواسعة."
نتجاوزُ.. ونغضّ الطرف عن أشياء كثيرة.. من أجل أن نبقى سويا.. من باب حفظ العهد.. واستبقاء المودة.. هكذا تستمر العلاقة الإنسانية النبيلة (فلما نبّأتْ به، وأظهره الله عليه؛ عرّف بعضَه، و"أَعْرَضَ عن بعض")..
الصديق.. لنْ يُفْلت يدك.. مهما ابتعدت.. (حيران.. له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتِنا)..
وكأنّ هذه الآيةَ (وإذا رأوا تجارةً أو لهْوا؛ انفَضّوا إليها، وتَركوكَ قائما).. تُخبرك أن الذي يبقى بجانبك.. على طول الطريق.. هو مَنْ يقبلك كما أنت.. في السّراء والضراء.. يُحبّك لذاتك.. بِهم تحلو الحياة.. وقليلٌ ما هم..
لم يذكر يوسف امرأةَ العزيز تصريحا، وإنما قال: (ما بال النسوة اللاتي قطّعْنَ أيديهن) وقد ذكر العلماءُ بعضَ الأوجه لذلك، ولكن هل يمكن أن نقول إن يوسف رحمها.. ولم يذكرها مراعاةً للحب.. ولو كان من طرف واحد.. تغاضى عنها لأنه كان هو نقطة ضعفها.. لقد كان متفهما ينظر لجانبها الجميل..
لما قال القرآنُ (لا تضارّ والدةٌ بولدها، ولا مولودٌ له بولده) إنما كان يخبر الآباء والأمهات ألا يدخلوا الأبناءَ في خلافاتهم، ألا يستخدموهم ورقةً للضغط على الآخر.. هو بذلك يسنّ مبدأ أخلاقيا: عدم استغلالِ نقطةِ ضعفِ إنسان من أجل كسبِ موقف أيّا كان.. ذاك عمل لا أخلاقي..
تأمّل ارتباطَ موسى -عليه السلام- بعصاه: الامتلاك (عصاي) الاستناد (أتوكّؤ عليها) قضاء المصالح (وأهشّ بها) وأسرار أُخَر (ولي فيها مآرب).. ثم تأمل أمرَ الله له بإلقائها (ألقها).. كأنّ الرسالةَ الرمزية: ألا نتعلّق كثيرا.. أن نتعلم كيف نتخلى.. وندرك عبثيّة مُعارضة القدر..
لما سُئل موسى: (وما تلك بيمينك ) أطال في الجواب، وفصّلَ فيه، إلى أن قال: (ولي فيها مآرب )وذلك -كما يقول الرازي- لأنه كان يُحبّ المكالمةَ مع ربه.. وهكذا نحنُ.. نختلق المواضيع لإطالة الحديث مع أصدقاء الروح.. الطريقُ بمعيّتِهم.. وإن طالَ.. قصيرٌ جدا..
يوسف -عليه سلام الله- كان يعرف قيمةَ نفسه جيدا حين قال (معاذ الله؛ إنه ربي أحسن مثوايَ).. كان يعرف ما يَستَحقُ.. أن هذا المكان ليس مكانه.. لقد علّمنا أن الصبر أفضل بكثير من خيارات لا تُناسبنا..
قد تُوجد الرحمةُ.. ويتجلى اللطف الإلهي بصوره الكثيرة.. ولكن يخفى ذلك على الإنسان.. فلا ينتبه (وءاتاني "رحمةً" من عنده "فعُمّيت" عليكم).. فاللهم أرِنا لطفَكَ في الأشياء من حولنا..
لستُ بحاجة لكلمات كثيرة.. ولا رسائل طويلة.. تكفيني كلمة واحدة.. من القلب إلى القلب.. كلمة عميقة تستقر في روحي.. (وقُل لهم "في أنفسهم" قولا بليغا)..
(تلكَ أُمّةٌ قد خَلَتْ؛ لها ما كسبَت، ولكم ما كسبتم).. الآية تتكلم عن الأُمَم الماضية.. هذا صحيح.. ولكنّ إشاراتِها وأفكارَها ممتدةٌ.. ما مضى من عمرك قد مضى.. لا تتوقف عنده كثيرا.. وانظر للأمام.. العبرة بالحاضر.. بك أنت "الآن"..
نعلمُ أننا لن نبقى طويلا.. أننا سنغادر كثيرا من الأماكن والأشخاص.. باختيارنا أو رغما عنا (قال: هذا فراقُ بيني وبينك).. فلنترك إذن أثرا جميلا.. وذكرى خالدة (ذلك تأويلُ ما لم تسطع عليه صبرا)..
يعبر القرآن عن ثبات القلب بمصطلح "الربط".. وكأن القلب يحتاج لِما يُشدّ عليه ليمنعه من تَسرّب المشاعر غير المناسبة.. الربط هو مجاز للسيطرة على النفس.. ومن هنا نفهم قوله تعالى (إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها).. وقوة القلب تسري إلى الجسد (وليربط على قلوبكم، ويثبت به الأقدام).
اللحظة التي رجعَ فيها قومُ إبراهيم إلى أنفسهم.. كانت هي لحظة الحقيقة.. (فرجعوا إلى أنفسهم؛ فقالوا: إنكم أنتم الظالمون).. هي اللحظة التي أضاء لهم النور الأعلى فَمَشوا فيه.. وهل الحياة إلا رحلة بحث عن هذا النور.. في الآفاق.. وفي النفس..
عَلّمَنا القرآنُ أنه حين يُظلِمُ كلّ شيء (إن ناشئة الليل).. يصبح القلبُ أكثرَ ضياءً ونورا وإشراقا (هي أشد وطئا وأقومُ قيلا).. أليست هذه الآية رمزا لحكمة الله.. وجريان القدر.. وكيف نَتلمّس النورَ.. إذا جَنّ ليلُ الحياة..
ربما كان أقصى ما يريده موسى -عليه سلام الله- نارا تضيء له ظلامَ الليل، أو بيتا يضيّفه في تلك الليلة الباردة: (لعلي آتيكم منها بقبس).. ولكن شاءُ الله أن يهبه أعظم عطاء: (نودي: يا موسى • إني أنا ربك).. كما قيل: أنت تحلم بقمر.. ولا تدري أن الله قد أعدّ لك مجرّةً بنُجومها..
تأخذ بالقلب فكرةُ أن يكون دعاؤُك لشخص.. سببا لسكينته واطمئنانه.. أن ننظر للدعاء باعتباره بثّا للسكينة ولو من بعيد.. إذ لا حدود للدعاء.. (وَصَلّ عليهم؛ إنّ صلاتَكَ "سَكَنٌ" لهم)..
لما جاء موسى مُقْبِلا على الخضر، راغبا بملازمته: (هل أَتّبِعُك على أن تُعلّمن).. لم يرسم له الخضرُ صورةً مثالية حالمة عن الواقع.. بل كان صادقا معه: (إنّك لن تستطيع معي صبرا).. حاجتُنا للصدق والحقيقة والصراحة -وإن كانت مرة- أكبر بكثير من أي شيء آخر..
(لستَ عليهم بمُصَيطِرٍ).. أفهمُها بشكل أعمّ.. وأكثر شمولا: أن أشياء كثيرة في رحلة الحياة.. ستظل خارج سيطرتك وتحكّمك.. وَوَعيُ هذا القانون يجعلك أكثر تصالُحا مع النّفس.. والحياة..
الحنان هبة من الله.. الحنان منحة.. القلب الحنون ليس ضعفا (وحنانا "من لّدُنا")..
يبدو أن القرآن فرّقَ بين النّظر وبين الرؤية، كما في قوله تعالى (قال: رب أرني أنظر إليك؛ قال: لن "تراني" ولكن "انظر" إلى الجبل).. فَقَد تنظر للشيء ولا تراه.. فاللهم بصيرةً من لدنك.. ورؤيةً وإبصارا لحقائق الأشياء..
قد تكتسب الكلمةُ قيمتَها من المُتكلّم بها.. فتؤثر فيك لأنها جاءت من شخص مُعين؛ تأمل إشارة لهذا المعنى في (يا نوح اهبط بسلام "منا" ) إذ لاحظ الرازي دلالة "منا" فقال: "فإن الفرحَ بالسلامة وبالبركةِ من حيثُ هما سلامةٌ وبركةٌ غير، والفرح بالسلامة والبركة من حيث إنهما من الحقّ غير."
دلالاتُ قوله تعالى (وإن يتفرّقا؛ يُغن الله كلا من سَعته، وكان الله واسعا حكيما)..ليست -فيما أحسبُ- خاصةً بالعلاقات الإنسانية.. هي عندي أوسع من ذلك بكثير.. الآيةُ حكمةٌ وجودية خالدة: أن كلّ نهاية.. هي بداية جديدةٌ.. بل قد تكون أكثر غنى وسعة..
كأن المشهدَ البديع في سورة الأحقاف (حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة؛ قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك).. يرمز للحظة التي يلتفت فيها المرء للوراء.. متسائلا عما حققه في حياته.. وكأنه يدعونا -بالإشارة- ألا نمضي العمر إلا فيما له معنى.. لنقول في الختام: "نعم؛ لقد كان يستحقّ كل هذا"..
ما بين اليوم الأول.. واليوم الأخير في الفصل الدراسي.. حماس البدايات.. ثم خلو قاعات المحاضرات.. أحلام تحققت.. وأخرى لم تر النور.. أبلغ تعبير عن هذا هو (لتركبن طبقا عن طبق).. أي حالا بعد حال.. ولكنه -إن شاء الله- انتقال إلى حال أجمل.. كما يوحي به مجاز "الارتفاع" في ("لتركبن")..
أحد المداخل التي يمكن من خلالها فهمُ قوله تعالى (ادفعْ بالتي هي أحسن؛ فإذا الذي بينك وبينَه عداوة كأنه وليٌ حميمٌ) = هي فكرة "عدوى المشاعر" (emotional contagion)، والتي تُعنى بدراسة كيفية انتقال نفس الشعور من شخص لآخر.. وهناك الكثير من الدراسات حولها..
الصّدق.. أعظم شيء تقدمه لنفسك.. ومَن حولك.. هو أهمّ صاحب في سفَر الحياة.. "والذي جاء بالصّدق، وصدّق به؛ أولئك هم المتقون"..
أن تَتمسّك بشعورك.. ولو كنت وحدك (إنّي لَأَجدُ ريحَ يوسف).. مهما بدا غريبا آثِما في أعين الناس (قالوا: تالله إنَك لفي ضلالك القديم).. أن تكون "أنت" حين يدعوك كل ما حولك للتّماهي معه..
قد تكمن في أعماق النفس الإنسانية الحاجة لاستشعار الذّكر الحَسن.. أن تبقى في الذاكرة يعني أن تكون موجودا.. ربما يصح أن نبني على هذه المقدمة -إن صحت- فهمَنا لقوله تعالى (أذكركم).. ومنه أيضا (واجعل لي لسان صدق).. وقريب منه قول زليخا (ذلك ليعلم)إذ أحبّت أن يذكرها يوسف بشكل جميل..
في قوله صلى الله عليه وسلم عن خديجة: "إِنّي قَدْ رُزِقْتُ حُبّهَا".. إشارة إلى أن الحبَ منحةٌ عليا.. كما يلمح له قولُه تعالى (وألقيتُ" عليك محبّةً مني). ولعل في البناء للمجهول "رُزِقْتُ" إشارة إلى أن الروابط الروحية تستعصي على الفهم.. وأنها أكبر من التفسير ((وألّفَ بين قلوبهم)..
نحن أحوج ما نكون.. في بعض المواقف.. لمَن يُذكّرنا بالأشياء التي نعرفُها.. لنشعرَ بها من جديد؛ أجزِمُ أنّ الصّدّيقَ كان يعلمُ بمعيّة الله له، ولكنه -فيما يظهر لي من "فاء" التعقيب"- إنما استَشعرها: (فأنزل الله سكينتَهُ عليه) بعد أن قال له صاحبُه (لا تحزن؛ إنّ الله معنا)..
علّمني قولُه تعالى (قل: كلٌ يعملُ على شاكلته) أنّ كل إنسان يعمل على طريقته، وطبيعته، وما يليق به؛ فما يكون هدايةً لي ليس بالضرورة هدايةً لغيري.. بدليل قوله تعالى بعد ذلك: (فربكم أعلم بِمَن هو أهدى سبيلا).. وهو معنى بديع يشير لتعدد الصواب، والتصالح مع الذات، والرضى، وإعذار الآخرين..
أظنّ أن من أسباب مضادّة القرآن "للنفاق" هو ما فيه من الاستنزاف النفسي.. إذ يُبْقي صاحبه في اللا-مكان (مذبذبين بين ذلك؛ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء).. وقريب من هذا نَهيُه عن "التعليق" (فتذروها كالمعلقة) حيث يعيش فيه صاحبُه في حيرة وضياع.. ولذلك سلوا الله الوضوح.. والبصيرة..
|
|
|