09-04-2020, 08:45 PM
|
المشاركة رقم: 1 (permalink)
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
يسعى نحو المعالي |
البيانات |
التسجيل: |
28 - 1 - 2020 |
العضوية: |
29239 |
المشاركات: |
5,020 |
بمعدل : |
3.25 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
10 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الشريعة و الحياة
شهر الصيام
الحمد لله الذي جعل رمضان شهر صيام وقيام، وبر وإحسان، وتوبة وغفران، تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وتصفَّد مَرَدَة الشياطين والجان. أوله الرحمة، وأوسطه المغفرة، وآخره العتق من النار. فهلمَّ بنا نستقبل رمضان بما يستحقه، واسمع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، يا باغي الشر أقصِر. ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة)) فيا باغي الخير، هذا رمضان قد أقبل، فتزوَّد له، وتزوَّد منه؛ فهو مدرسة المتقين: ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ) [البقرة: 197].
فلا تضيِّع الفرصة، واحرص على الدقيقة؛ بل الثانية؛ بل النفَس أن يكون في طاعة الله تعالى ومرضاته لعلك تكون في أول دقيقة من أول ليلة من المعتقين، وإياك أن تكون من المُبعدين؛ فقد قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: ((إن جبرائيل عليه السلام أتاني فقال: مَن أدركه شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعَده اللهُ، قل: آمين. فقلت: آمين)).
فاستقبِل الشهر بتوبة صادقة، وإنابة خالصة، وأظهِر الذل والانكسار، وأكثِر الاستغفار، وسارِع الخُطى؛ فإن وصلتَ عَتبة بابه صحِّح النيات، واجعلها خالصة لرب الأرض والسماوات، ولا تَرْجُ إلا الله والدار الآخرة، وادخل بعزم وثبات تجد أبوابًا للخير قد فُتحتْ، ويا فوز الداخلين القائلين: ( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ) [الإسراء: 80]، ودونك تذكير ببعضها:
أولًا: باب الصيام:
أخا الإيمان، باغيَ الخير، قد ناداك ربك: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183].
فصُم صيامًا يُحبُّه الله ويرضاه، واحرص على قطف جناهُ ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [البقرة: 183]، ولا تجعل نصيبَك منه الجوعَ والعطش، فتحصد الندامة والآلام يوم ينادَى أهلُ الصيام، ليدخلوا الجِنان، من باب الريان، واسمع لقول إمام المتقين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه)).
((الصيام جُنَّة، وإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يَجهل، وإن امرؤ قاتَله أو شاتَمه فليقل: إني صائم، إني صائم. والذي نفسي بيده، لخلوف في الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به، والحسنة بعَشر أمثالها)).
((مَن لم يَدَعْ قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يَدَعَ طعامه وشرابه)).
وعلى الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التطبيق، وهنيئًا لمن صام حق الصيام.
ثانيًا: باب القيام:
يا باغيَ الخير، إذا جَنَّ ليل رمضان فنافِس القائمين، وتدبَّر قول رب العالمين: ( أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [الزمر: 9].
وحقِّق قوله صلى الله عليه وسلم:
((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)).
واحرص على أن يكون النومُ قليلًا، والقيامُ طويلًا؛ فما هي إلا ليالٍ معدودات، بادر من الليلة الأولى بأداء صلاة التراويح، واحمل أهلك على أدائها، ولا تَقنع بصلاة قصيرة. اخشع في صلاتك، وتدبَّر الآيات، عظِّم الرب وسبِّحه في ركوعك، وتقرَّب إليه، وألحَّ بالدعاء في سجودك، وادعُه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى، ولا تنسَنا وسائر المسلمين. وإياك ثم إياك أن تضيع الليل بالنوم أو السهر على الملهيات، وكثرة القيل والقال مع الأهل والأصحاب، أو الذهاب إلى الأسواق؛ فذلك واللهِ عينُ الخسران.
ثالثًا: باب القرآن:
يا باغي الخير، أقبِل على كتاب ربك تلاوة وتدبُّرًا وعملًا، واجعله شغلك الشاغل؛ فرمضان شهر القرآن. هذا جبريل عليه السلام يلقَى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان يدارسه القرآن، وعلى هذا أئمة الإسلام؛ فمالك رحمه الله يترك مجالس الحديث في رمضان ويقبل على القرآن. والزهري يقول عن رمضان: إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.
وقتادة يختم القرآن في غير رمضان كل سبع ليال، فإذا أقبل ختم كل ثلاث ليال. وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن (ألف) حرف، و(لام) حرف، و(ميم) حرف.)).
رابعًا: باب الإنفاق:
يا باغي الخير، أنفق من الخير الذي رزقك الله، ورُبَّ درهم يسبق ألف درهم، ولا تحقرنَّ من المعروف شيئًا ولو تمرة تفطِّر بها صائمًا. تفقَّد الفقراء والمساكين، وليذكِّرك صيامك بالجائعين، فلا تجعلنَّ موائدك وقفًا على الأغنياء من أهلك وأصحابك وتنسى المحتاجين. ابذل في سبيل الله من أطيب مالك؛ فالله طيب لا يقبل إلا طيِّبًا، وأجرك عند ربك محفوظ؛ قال تعالى: ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [البقرة: 274].
وقال أيضًا: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) [البقرة: 272].
وكلما أكثرت فأنت الرابح: ( وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )[البقرة: 261].
وخير نفقة في رمضان تصرف في إطعام الطعام؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا)).
خامسًا: باب العشر الأواخر من رمضان:
يا باغي الخير، إنْ بلَّغك اللهُ هذه العشر فاحمده سبحانه وتعالى لما فيها من الخير العظيم، والأجر الكبير، واسأله الإعانة والتوفيق لحسن الاستغلال؛ فقد كان نبيك صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيى ليله، وأيقظ أهله.
واحرص أخي على التماس ليلة القدر؛ فهي خير من ألف شهر، قال صلى الله عليه وسلم:
((من قام ليلة القدْر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)).
والله عز وجل يقول:
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) [آل عمران: 133].
(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) [الحديد: 21].
فَكُنْ من المجتهدين لتنال مغفرة رب العالمين:
(وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) [البقرة: 268].
سادسًا: باب الخير:
يا باغي الخير، هذا باب أعرض عنه كثير من المسلمين، فاحرص على دخوله تجد ما تبغي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر، وأخَّروا السحور)).
وجاء في الحديث القدسي:
((أَحَبُّ عبادي إلى أعجلُهم فطرًا)).
وتمسَّك بهذا الخير، واعلم أنه من أخلاق النبوَّة، قال عليه الصلاة والسلام:
((ثلاث مِن أخلاق النبوَّة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة)).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي المغرب حتى يفطر ولو على شربة ماء، وكان يؤخر السحور ويقول:
((تسحَّروا؛ فإن في السحور بركة)).
ويقول أيضًا:
((السحور أكلة بركة؛ فلا تَدَعُوه ولو أن يجرع أحدُكم جرعة من ماء؛ فإن الله وملائكته يُصلُّون على المتسحِّرين)).
واعلم أخي أن ما يفعله بعض المسلمين اليوم بحجة الاحتياط؛ من الإمساك عن الطعام والشراب عند الأذان الأول، وتأخير الفطور مدة بعد الغروب مِن التنطع الذي قال عنه محمد صلى الله عليه وسلم:
((هلك المتنطِّعون)).
والله عز وجل يقول:
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) [البقرة: 268].
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إذا أقبَل الليلُ مِن ها هنا، وأدْبر النهارُ مِن ها هنا، وغربت الشمسُ فقد أفطر الصائم)).
وصلى الله وسلم على محمد القائل:
((خيرُ الكلامِ كلامُ اللهِ، وخيرُ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم)).
وختـامًا:
أرجو الله تعالى أن يجعلنا مِن المقبولين، وأن يكرمنا بعتق رقابنا مِن النار، ويجعلنا مع الأبرار؛ إنه وليُّ ذلك، والقادر عليه، ولْتعلم أخي أن ما ذكرناه غيضٌ مِن فيض، وأبواب الخير لا يمكن حصرها في طلبها، وإنْ عَلِمَ الله في صدرك خيرًا آتاك خيرًا، وتذكَّر دائمًا أن الجنة غالية، وثمنها نفسُك ومالُك.
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) [التوبة:111].
فهل مِن باذل؟
شبكة الالوكة
aiv hgwdhl
|
|
|