لو تأمل العاقل في شؤم الذنب عليه وعلى مجتمعه لكان ذلك حرياً به أن يتركه؛ فالمذنب خائف قبل فعل الذنب، وفي تأنيبٍ عند فعله، وندم بعده، هذا مع ما يجره من الأثم والعار، وعقوبة في الدنيا والآخرة.
فما أعظم شؤم الذنب على صاحبه..!
ومن دعاء الراسخين في العلم: (رَبّنَا لا تُزِغْ قُلوبَنا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنا... )
قال بعض المفسرين:ذاقوا لذة القرب ، فخافوا من وحشة الابتعاد..!
في الدنيا ليس هناك شرٌ محض، ولا خير محض، فالشر الذي يقدره الله هو نسبي، وفيه خير...!
تأمل في هزيمة المسلمين في أحد، كم كان فيها من الخير، بل وفي قصة الأفك التي قال الله عنها: (لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم).
فاطمئنوا فأقدار الله فوق تصوراتنا: (وما كان الله ليطلعكم على الغيب).
" وصيتي لكل مسلم، ولكل من أراد الثبات على دين الله، وزيادة إيمانه، ونور قلبه :
أن يجعل له وردًا يوميًا لا يقل عن جزء من كتاب الله ﷻ لا يتركه أبدًا مهما كلفه الأمر، ويحدد لذلك وقت معين، فإن لم يتمكن فيه قضاه ".
لا تجد المؤمن إلا متهماً لنفسه بالتقصير والخطأ، وهذا أدعى للتوبة، وعفو المولى جل جلاله.
إما المنافق فقد جمع بين الإساءة والعجب بالنفس، وهذا يصرفه عن التوبة والندم.
قال الإمام الحسن البصري : إن المؤمن جمع احساناً وخشية ، والمنافق جمع إساءة وأمنا.
إذا ضاق الصدر واشتد الكرب فإلى الصلاة بعد الله الملجأ والمفر وكيف لاوبها تأنس القلوب
قالﷺ: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها».
البخاري
وهذا أمر وهو يقتضي الوجوب، وقد أفتى الفقهاء في شخص مصاب بالطاعون وهو يعلم وقد خالف الحجر في أيام الطاعون فسافر ونقل العدوى لشخص آخر فمات، أنه قتل بالتسبّب وتجب عليه الدية.
كلنا مسؤول
من هدي النبيﷺ أنه إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وقد أوصى المؤمنين إذا كسفت الشمس أو خسف القمر أن يفزعوا إلى الصلاة ليكشف الله تعالى عنهم ما أصابهم، وعمّم ذلك على كلّ مكروهٍ يصيب المؤمن؛ حيث قالﷺ: (فافزَعوا للصلاةِ). وورد في رواية أخرى: (فصلُّوا حتى يُفرِّجَ اللهُ عنكم).
ما دمنا في الدنيا فلن نخلو من بلاءٍ، فهي دار النكد والكبد، والمصائب والأحزان، وما دام الأمر كذلك فاستمع لهذا الكلام الثمين لابن الجوزي رحمه الله : "البلايا ضيوف فأحسن قراها حتى تَرحل إلى بلادِ الجزاء مادِحة لا قادِحة فلولا البَلايا لوردنا القيامة مفاليس".
قال تعالى: ﴿فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين﴾
كلنا في بطن الحوت، فلنهتف ب لا إله إلا أنت سبحانك...
فهذه الكلمة ليست خاصة بيونس عليه السلام؛ فإن الله سبحانه قال بعدها: (وكذلك ننجي المؤمنين).
أهديكم هذا الحديث النبوي فاعملوا به فإنه غنيمة..
قال رسول اللهﷺ: (من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يصبه ذلك البلاء). رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
قال شراح الحديث: وهذا يشمل كل بلاء ديني ودنيوي.
المصائب والابتلاءات هي سياط يؤدب الله بها عباده ليعودوا إليه.
ذكر المؤرخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الشافعي (ت 780هـ) في كتابه "شفاء القلب المحزون في بيان ما يتعلق بالطاعون":
أنه حدث طاعون كبير سنة 764هـ
«كان الناس به على خير عظيم من إحياء الليل، وصوم النهار، والصدقة والتوبة».
من عاجل عقوبات المعاصي: الهم والقلق والشتات والخوف، وزوال النعم. (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فإنه لا يغير نعمة أو بؤسًا، ولا يغير عزًا أو ذلا، ولا يغير مكانة أو مهانة إلا أن يغير الناس من أعمالهم وواقع حياتهم، فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم٥٢٤٠٢٧٩
العاقل من ينشغل بنفسه وبعيوبها عن عيوب الناس. ذكروا عند التابعي الإمام الربيع بن خثيم رجلا فقال لهم : ما أنا عن نفسي براضٍ..! أفأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس.. ؟! وذكر للإمام أحمد رجل فقال : في نفسي شغلٌ عن ذكر الناس. الورع للمروذي ص 90١٨٥٨٦
تفقدوا إخوانكم من الأسر المتعففة، وتصدقوا وابذلوا وابشروا بالخلف من الله. قال الحسن البصري: قرأتُ في تسعين موضعًا من القرآن أن الله قدَّر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأتُ في موضع واحد: (الشيطان يعدكم الفقر). فشكَكنا في قول الصادق في تسعين موضعًا، وصدقنا قول الكاذب في موضعٍ واحد.٦٢٦٠٢٨١
يقطع بعضهم قراءته للقرآن لأي سبب تافه، بل ربما وهو يقرأ ترك المصحف وتشاغل بالجوال، وترك المصحف مفتوحاً أمامه، وهذا ليس من الأدب مع كتاب الله، ولا من فعل السلف. كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرُغ منه. أخرجه البخاري٦٢٦٥٢٩١
كـان علـي بن الحـسين إذا أتاه الـفقـيـر والسائــل استبشر وقـال : مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة. صفة الصفوة (2/95)
·تصدقوا وأنفقوا وواسوا إخوانكم وأبشروا بالخلف من الله سبحانه. فكم من أسرٍ متعففة وأناس انقطع مصدر دخلهم مع هذا الوباء. فأروا الله من أنفسكم خيرا.
يقول ابن القيم في فضل الصدقة: لو يعلم المتصدق أن صدقته تقع من الله بمكان قبل أن تقع بيد الفقير لكان فرحه بها أعظم من فرح المحتاج.٥٢٥٠٢٢٤
وصف الله الانسانَ بأنه ضعيف، فقال سبحانه: (وخُلق الانسان ضعيفا) وأنه إذا مسه الضر: فكفورٌ يؤوسٌ قنوط. وإذا مسه الخير وجاءته النعمة (قال هذا لي وما أظن الساعة قائمة) بل يدعي أن ذلك بعقله وعلمه (إنما أوتيته على علمٍ عندي). فالعجب ممن يرائي هؤلاء البشر ويطلب مدحهم؛ وهم بهذه الصفات.