إن العلم من أفضل , و أرقى قيم الحياة ... فبالعلم نرتقي و ترتقي شعوبنا , لقد فضل سبحانه و تعالى و كرم قيمة العلم و طلبه , فذكره في كتابه المكرم , فقال: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .. , فكانت هذه الآية فيها الكثير من كنوز الحياة , بها نقتدي و نضعها هدفاً أسمى ... ( فالعلم عبادة ) .
إن كان طلب العلم هدفنا الأسمى , لارتقت الشعوب , و أصبحت مناراً للعلم و العلماء , و بنا الإنسان بعلمه و معرفته و تقدمه الوطن .. و علم كل الأجيال ., جيلاً بعد جيل .. فقد فاز فوزا عظيماً و حصد أجراً كثير , حيث حفظ طالب العلم و كرم في طريق ذهابه و عودته من جلسات و حلقات العلم .. , فتسبح له كل ما دب على هذه الأرض من مخلوقات .. حتى الحيتان في أعماق البحار , و النمل في جحورها , و تستغفر له الملائكة .
و بعد هذا , نكون قد أدركنا قيمة العلم الكريمة , كما قال الشاعر :
( العلم يبني بيوتاً لا عماد لها و الجهل يهدم بيت العز و الكرم )
فثابروا جميعاً على طلب العلم و الحفاظ على آدابه .. فهو أساس تطورنا و ارتقائنا إلى الأفضل .., ( و في ذلك فليتنافس المتنافسون ) .
بارك الله فيك .... أخي الحبيب ... رزقت الفردوس الأعلي .. ولكن لي تعقيب :
من الثابت أن العلم لا يقتصر على العلوم الشرعية كعلم التفسير والحديث والتوحيد والفقه وما يتعلق بذلك لكن العلم المحمود على كل حال هو هذه العلوم والتي امر الله بها وهي التي فيها الفضل وهي التي قال الله تعالى فيها (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقال فيها (يرفع الله الذين أمنوا والذين أوتوا العلم درجات) وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) أما العلوم الأخرى التي تتعلق بالدنيا فهي من العلوم المباحة التي إن أتخذها الإنسان وسيلة إلى خير كانت خيرا وإن أتخذها وسيلة إلى شر كانت شراً فهي لا تحمد لذاتها ولا تذم لذاتها بل هي بحسب ما توصل إليه وهناك علوم أخرى علوم ضارة إما في العقيدة وإما في الأخلاق وإما في السلوك فهذه محرمة وممنوعة بكل حال فالعلوم ثلاثة أقسام محمودة عند كل حال ومذمومة بكل حال ومباحة يتعلق الذم فيها أو المدح بحسب ما تكون وسيلة له والنصوص الواردة في فضل العلم والحث عليه تتعلق بالقسم الأول فقط وهو المحمود بكل حال وإذا كانت العلوم التي تعلق بالدنيا نافعة للخلق ولم تشغل عما هو أهم منها كان طلبها محموداً لما توصل إليه من النفع العام أو الخاص و لا ينبغي لنا أن نحتقرها حتى لا نجعل لها قيمة في حال تكون مفيدة للخلق وأما قولها أنها ترى هؤلاء يتشددون في الدين تشدداً عظيماً فالتشديد والتيسير أمر نسبي قد يرى الإنسان الشيء شديداً وهو في نظر غير يسير وقد يرى الإنسان الشيء يسير وهو في نظر غيره شديد والمرجع في ذلك إلى السنة المطهرة سنة النبي صلى الله عليه وسلم المبنية على كتاب الله عز وجل وعلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن كان ما يقومون به من أعمال موافقة للكتاب والسنة فليس بتشديد بل هو اليسر والسهولة وأن كان بعض المتهاونين المفرطين يرونه تشديداً فلا عبرة بما يرونه فإنه إذا وافق الكتاب والسنة فهو يسير لقول النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا الدين يسر لكن قد يستنكر بعض المفرطين شيئاً من شريعة الإسلام ويظن أن القيام به تشديد فيصف المتمسكين به بالتشدد في دينهم ونحن لا ننكر أنه يوجد فئة من الناس تتنطع في دينها وتزيد فيه وتعنف على من خالفها في بعض الأمور التي يسوغ فيها الاجتهاد ويسع الأمة فيها الخلاف وهؤلاء لا عبرة بهم لأنهم مفرطون والذين يتساهلون ويرون أن التمسك بالشريعة تشديد لا عبرة بهم أيضاً لأنهم مفرطون والدين بين الغالي فيه والجافي عنه.