23-06-2020, 12:39 PM
|
المشاركة رقم: 14 (permalink)
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
قلم محترف |
البيانات |
التسجيل: |
28 - 1 - 2020 |
العضوية: |
29239 |
المشاركات: |
4,978 |
بمعدل : |
3.27 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
10 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
امانى يسرى محمد
المنتدى :
لغتنا العربية
رد: تدبر سورة النساء د. رقية العلواني
الإيمان ليس بالتمني
ولكنه ما وقر في القلب وصدّقه العمل
(لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
(أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)
قيم اجتماعية، قيم تحقق العدالة الإجتماعية وتحفظ الكرامة الإنسانية هذا هو المنهج الذي أراد الله سبحانه وتعالى أن يحقق في الواقع أما أولئك الذين يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ويريدون أن يقيموا ويدافعوا عن قيم تعاكس ذلك المنهج وتخالفه فهنا يقول الله سبحانه وتعالى
(نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)
هذا هو السبيل، هذا هو المنهج. وما الذي يحول بين الإنسان وبين القيام بمنهج الحق في واقعه؟ جانب منها قضية الشيطان اتباع أهواء النفوس والمنهج الشيطاني ولذلك جاء الحديث هنا عن الشيطان
(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )
صراع بين القيم العظيمة التي جاءت في القرآن وأراد الله سبحانه وتعالى أن تحقق في الأرض وتقام وبين أهل الباطل على الناصية الأخرى الذين تحركهم أهواؤهم ويحركهم هذا المنهج الشيطاني
(وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا)
هذه النهاية المحتومة.
(لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ)
الإيمان ليس بالتمني ولكنه ما وقر في القلب وصدّقه العمل
(مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)
إذن هو العمل،
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا )
الإيمان ليس أماني، كثير من الناس اليوم يقول أنا أتمنى أن يكون بيدي أن أنصر الحق والعدل والحرية والمساواة، أتألم، الإيمان ليس بالتمني، الإيمان (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) هذا هو الإيمان. أما أن لا أعمل وأبقى أتكل على ذلك الإيمان الضعيف في النفس الذي لا يحقق منهجًا ولا يصلح فسادا ولا يوقِف ظلما ولا عدوانا ولا يحمي إنسانًا ولا ضعيفًا ولا ينصر مظلوما ولا رجلا ولا امرأة ولا ولدًا ولا يدافع عن عرض هذا ليس بإيمان!!
ولذلك جاءت الآية
(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)
آيات عظيمة والتناسب بينها واضح، أسلم وجهه أسلم حياته أسلم قياد أمره لله وحده لا شريك له ثم اتباع اتبع ملة إبراهيم حنيفا.ثم قال
(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا )
كل شيء بأمر الله، هذا العالم، الأرض، السماء، الملك كل شيء بأمره وملكه. فإذن منهج من ينبغي أن تتبع في حياتك؟! منهج الله المالك الذي يملك كل شيء أم منهج الإنسان الضعيف العبد الذي يشابهك في الإنسانية وفي العبودية وفي الخضوع لله الواحد الأحد؟ منهج من أولى بالاتباع؟!.
................
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
الشح أعمق وأشد من البخل، البخل مجرد أن يمسك الإنسان بما يمتلك
الشح أعمق يبخل مع الحرص الشديد وأحيانًا قد يمسك بشيء لا يضره إذا أعطاه أو قدّم ذلك الشيء لشخص آخر ولذلك هو أعمق، الشح إذا وجد في الأسرة ذهبت معه الأسرة بكل تأكيد، تفككت الأسرة ولذلك العلاقات الأسرية والحفاظ عليها من قبل الرجل والمرأة وكذلك من قبل الدائرة الأوسع دائرة الأقارب تحتاج إلى أن يتخلص الإنسان من داء الشحّ
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
فائزون. ولذلك قرر القرآن في هذه الآية
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ (128))
تدبروا هذه القاعدة العظيمة: كل العلاقات الأسرية كل العلاقات الإجتماعية كل العلاقات الإنسانية إدامة والمحافظة على العلاقة عن طريق الصلح هو خير دائما خير من قطع الوشائج، خير من قطع العلاقات، العلاقات المفككة لا يمكن أن يستيقظ بها مجتمع أو أمة، لا يمكن أن يقوى المجتمع بوجود علاقات مجتمعية مفككة مفرّقة ولأجل أن لا تتفكك هذه العلاقات نحن بحاجة إلى علاج الصلح (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ). وقضية الصلح تحتاج إلى أن يتخلص الإنسان من شح نفسه لأن كل المصالحات تحتاج منا لا نقول إلى تنازلات أو تضحيات نحن ناقشنا في مرة سابقة أن الصلح لا يمكن أن يكون تنازلًا ولا يمكن أن يكون تضحية حتى استعمال اللفظة أنك تنزل عن شيء بينما أنت حين تصطلح مع غيرك أنت لا تنزل وإنما ترتفع وترتقي، ترتفع بنفسك على شحّها وتتخلص من ذلك المرض الذي إذا جاء وتولد في النفس واستشرى فيها حرمها من خير كثير من عند الله عز وجل.
ولذلك ربي عز وجلّ بعد هذه الآية (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) قال
(وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ)
الحديث هنا عن يوم القيامة يحضرها ربي عز وجلّ لا تخفى عليه خافية. الإنسان في كثير من الأحيان يتوهم أن الصلح يعني التنازل أن الصلح يعني الضعف يعني التضحية يعني أن يتنازل الإنسان ويتراجع عن موقف أو يخسر نقطة لصالح الطرف الآخر الذي يريد أن يبني معه الصلح والقرآن يحطم هذا المفهوم تماماً ويعطينا درجة عالية للإصلاح بقوله سبحانه
(وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
الصلح رقيّ، الصلح ارتقاء، الصلح إحسان، الصلح تقوى، لا تأتي به إلا تلك النفوس الراقية التي لا تريد جزاء ولا تنتظر شكورا من الناس. الناس التي لا تنتظر الشكر من الناس النفوس المتعلقة بخالقها عز وجل المدركة أن الله سبحانه خبير بخبايا النفوس
ولذا جاء الحديث مباشرة بعد هذه الآية
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ (129)) الكلام مرة أخرى عن قضية التعدد لأن الطبيعي والواضح أن الرجل حين يعرض عن المرأة ويزهد في استمرار العلاقة الزوجية معها فسيبحث له عن أخرى ولذلك جاءت هذه الآية
(فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129))
الصلح المبني على تقوى الله عز وجلّ، الصلح الذي لا يخشى الإنسان فيه من أحد يخشى الله سبحانه وتعالى فقط، الصلح الذي يؤسسه في داخل بيته وأسرته، الصلح الذي يحافظ فيه على العشرة بالمعروف، الصلح الذي لا يجعل العلاقات الزوجية والأُسرية رهينة بعواطف أو مشاعر أو بأمزجة أو بأهواء،وقد قلنا في السابق لا تؤسس على المشاعر والعواطف فحسب
اليوم نحن نلاحظ أن نسبة الطلاق وخاصة في الزيجات بين الشباب بين أبنائنا وبناتنا نسب مرتفعة نسب مخيفة نسب تنذر فعلًا بأن هناك خللاً حقيقياً يدكّ أبواب الأسر والبيوت إذا حدث هذا الخلل وهذا التصدع في كيان الأسرة فماذا بقي في المجتمع؟! وماذا بقي في الأمة؟! وماذا بقي لنا نحن اليوم كمسليمن لأجل أن نقدمه إلى العالم؟! نحن بحاجة إلى هذا الخلق الرفيع، بمعنى آخر أن يدرك الإنسان وهو مقبل على مشروع الزواج عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه هذه المسؤولية التي لا يمكن أن تتولد إلا على عين التقوى والإصلاح والإحسان والشعور بأن الله سبحانه وتعالى خبير محيط لطيف غفور رحيم وبالتالي هنا تنشأ الأجواء المناسبة جدًا لقيام الأسرة.
|
|
|