المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
قلم محترف |
البيانات |
التسجيل: |
28 - 1 - 2020 |
العضوية: |
29239 |
المشاركات: |
4,976 |
بمعدل : |
3.27 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
10 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
امانى يسرى محمد
المنتدى :
الأسرة والطفل
رد: ستون قاعدة ربانية في الحياة الزوجية … د . ناصر بن سليمان العمر
القاعدة التَّاسعة عشرة: الصُّلح خير
قال الله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128].
وردت القاعدة التي تتضمّنها هذه الآية الكريمة، في سياق المشكلات التي تطرأ بين الزوجين، وذلك في قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، وفي هذه القاعدة من الدِّلالات ما يستحقُّ الوقوف أمامه والتَّنويه به.
من أولى دلالات هذه القاعدة، أنَّ الإسلامَ يتعاملُ مع واقع الأسرة كما هو، لا يفترضُ فيه المثاليَّة والكمال، ولا يُسيء الظَّنَّ به ويصمه بالضَّعف والهوان، بل يراه كما هو كيانٌ متفرِّد، يعرض له النّقص لكنّه قابلٌ للرُّقيِّ في مدارج الكمال، وبالتالي فلا يخلو بيتٌ من وجود المشكلات، بل لم تخلُ بيوتُ الأنبياء من ذلك، ومنها بيتُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، لم تخلُ من مشكلاتٍ طارئةٍ عارضة، ولكن عندما نجعل القاعدة الكبرى في حياتنا قائمةً على أساسِ أنَّ الصُّلح خيرٌ وأولى من كلِّ نزاعٍ وخصام، فعندئذٍ يكون الوئام قريبًا.
ومن دلالات هذه القاعدة، المستندة إلى قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، أنَّ هذا الصُّلح ينبغي في الأصل أن يُعقد في إطار العلاقة بين الزوجين، وفي سياق استجابتهما للهدايات القرآنيِّة الواردة بخصوص ما يجب على كلٍّ منهما تجاه الآخر، من حفظ الميثاق الغليظ الذي تقوم عليه العلاقة بينهما، فالأصل أن لا تتدخَّل أطرافٌ أخرى لإجراء هذا الصُّلح، إلا في الحالات الاستثنائية، عندما يعجزان عن القيام بذلك، وعندما يُخشى أن يَدِبَّ الشّقاقُ بينهما، كما قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء:35]، فلا يلزم بعث الحكمين، ولا أن يدخل بين الزوجين في الأصل أحدٌ، ولا أولادهما، بل ذلك يكون حالة استثناء، ولا ينبغي أن تتكرَّر، ما دام أنَّ الزَّوجين يُدركان معنى قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.
وفي قوله تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}، قال العلماء في المقصود بقوله: إن يُريدا إصلاحًا الزَّوجان، وقال آخرون: هما الحَكَمان، وكلاهما صحيح، فلا بدَّ أن يُريد كلٌّ من الزوجين الصلح صادقَيْن في ذلك، وكذلك ينبغي للحكمين، أن يُضمرا صدق النِّيَّة في الإصلاح بين الزَّوجين، وقد ورد أثرٌ عن عمر رضي الله عنه أنه بعث حكمينِ؛ فلم يحدث الصُّلح؛ فعاقبهما، بناءً على أنّ مفهوم الآية، يدلُّ على أنّ التوفيق بين الزّوجين، رهنٌ بإرادة الحكمين ، وروي عن مالكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ: ”أنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالْاجْتِمَاعَ“، قال مالك: ”وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ فِي الْفُرْقَةِ وَالْاجْتِمَاعِ“.
وبين العفو والصَّفح الذي مرَّ بنا في قاعدةٍ سابقة، وبين الإصلاح علاقةٌ وثيقة، لكنَّهما مختلفان، فالعفوُ والصَّفح يكون بالتَّجاوز كلِّيَّةً من أحد الزَّوجين عن خطأٍ صدر من الطَّرف الآخر، أمَّا الصُّلح فإنَّه عبارةٌ عن اتِّفاقٍ على أمرٍ معين، يؤدّي إلى حلِّ بعض المشكلات الزَّوجيَّة، على أساس أن يتنازل كلٌّ من الطّرفين عن موقفه؛ فيُبرما بينهما صلحًا على هذا الأساس، فعلى سبيل المثال، لو احتاجت الزوجة إلى مبلغٍ من المال، لحاجةٍ لم يرَ الزَّوجُ أهمِّيَّتها، فأصرَّت على موقفها، فليعقدا بينهما صلحًا على أن يعطيها بعض المبلغ، وهكذا فالصُّلح وصولٌ إلى حلٍّ وسط يُرضي الطَّرفين في كلِّ نزاعٍ يختلفان فيه. وحري بنا أن نجعل الصُّلح ديدننا في كلِّ خلافٍ أو اختلافٍ بين الزَّوجين تشاحا فيه بحقوقهما، في كلِّ أمرٍ من الأمور- مظلَّةً يلجأ إليها الزوجان إذا تعذر صفح أحدهما، أصلح الله قلوبنا؛ فإنَّها إذا صلحت، صلحت بيوتنا، والله تعالى أعلم.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
القاعدة العِشرون: التَّغافل مطلوب
قال الله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم:3].
هذه القاعدة، وردت في سياق الحادثة التي تناولتها سورة التَّحريم، وذلك في قول الله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم:3]! قال كثيرٌ من المفسّرين، أنَّ هذا السِّياق يتعلَّقُ بأمِّ المؤمنين حفصةَ رضي الله عنها، لما (أسرَّ لها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حديثًا، وأمر أن لا تُخبر بهِ أحدًا، فحدَّثت به عائشةَ رضي الله عنها، وأخبره اللهُ بذلك الخبرِ الَّذي أذاعته، فعرَّفها صلى الله عليه وسلم، ببعضِ ما قالت، وأعرضَ عن بعضه، كرمًا منه صلى الله عليه وسلم، وحِلمًا).
فَحْوى هذه القاعدة، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، لمّا تبيَّن له ما جرى بين حفصةَ وعائشةَ رضي الله عنهما، من صغوِ قلوبهما نحو ما لا ينبغي لهنَّ، من الورع والأدب معه صلى الله عليه وسلم، وهي مشكلةٌ واجهت بيت النُّبوَّة، فكان من منهج التَّعامل النَّبويِّ مع هذا الحدث، وخاصَّةً فيما يتعلَّق بما قالته حفصةُ لعائشة رضي الله عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}، أي: لم يُعرِّفها بكلِّ ما يعلمه، ففي هذه القاعدة درسٌ لأرباب الأسر، أنَّ أحدهم قد يتبيَّن له في بيته أمرٌ من الأمور، لا يُرضيه، فمن الحكمةِ ومن أجل استقرار البيتِ، ومن أجل السُّموِّ والعلوِّ به، أن لا يذكر من ذلك الأمر، إلا ما يكون لازمًا لعودة الحياة إلى طبيعتها واستقرارها، وممَّا يؤكد أهمية هذا المسلك التَّربويِّ الرَّحيم، أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أعرض عن بعض هذا الأمر، رغم أنَّ الله تعالى هو الذي أطلعه عليه.
فأين نحنُ من هذا المنهج النَّبويِّ التّربويِّ الحكيم، في التّعامل مع المشكلات الأسريّة؟! إنَّ نظرةً عجلى إلى واقعنا، تكشفُ لنا، عن وجود انحرافٍ واضح عن هذه الجادَّة المستقيمة، نحو طَرَفَي الإفراط والتّفريط: فنجد بعض الأزواج، إذا اكتشف وقوعَ شريك حياته، في خطأٍ أو خطيئةٍ كان يجتهدُ في إخفائها؛ واجهه بها، وكشف له عن كلِّ ما يعرفُه عنها، بل قد يتجاوزُ ذلك إلى ما تقودُه إليه ظنونه وأوهامه، غير مبالٍ بما قد يُسبِّبه لأهله أو أولاده، من جُرحٍ نفسيٍّ وإحراجٍ وانكسار. وبالمقابل فإنَّ بعض الأزواج، إذا وقع له ذلك، لم يُبالِ بالأمرِ، ولا يحرَّك له ساكنًا. والمنهج النّبويّ وسطٌ بين الإفراط والتّفريط، وبين الانفعال والبرود، فهو منهجٌ تربويٌّ، ينتبه إلى الخطأ أو الخطيئة، وينبِّه عليها، دون أن يبقى واقفًا عندها، بل يُوجِّه المخطئ إلى أفق التّوبة، ويُذكِّره أنَّ الله تعالى هو الّذي أذِن بكشف ستره، وأنّه وليُّ عباده المؤمنين، كما قال تعالى في شأن حفصة وعائشة رضي الله عنهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم:4].
إنَّ المربّي الحكيم، يلجأُ إلى هذا المنهج القائم على الإعراض عن بعضٍ، وإظهار بعض، عندما تدعو إليه الحاجة إلى الإصلاح وتقتضيه، وأمَّا في بعض الأحوال، فالحكمة تقتضي أن يتغافل وليُّ الأمر، ولا يظهر شيئًا، ليس بدافع البرود وعدم المبالاة، بل لداعية الحكمة وبعد النَّظر، فهو سيتغافلُ في هذه اللحظة، لكي يواجه الأمر بوسائل وأساليب أخرى، تكون أكثر تأثيرًا، وأعرفُ بعض الأزواج، إذا دخل بيته وشعر أنَّ في البيت شيئًا لا يرضاه؛ تقهقر إلى الوراء، وأشعر أولاده أنَّه داخلٌ، ولذلك قال الحسن رحمه الله: ”ما استقصى كريمٌ قطُّ“.
إنَّ تغافلَ الزوج عن بعض ما تأتيه الزَّوجةُ، أو تغافلُ الزَّوجة عن بعض ما يأتيه زوجها، أو تغافلهما معًا أو أحدهما عن بعض انحرافاتِ أولادهما، بحيث لا يُخل بالواجب الشّرعي أمرٌ حميدٌ في كثير من الأحيان، وأمّا إذا اقتضى الواجب الشرعي تنبيهًا؛ فإنّه يُقتصر على ما يحقق المطلوب، ويُزيل المخالفة دون توسُّع؛ لأنَّ المراد هو تحقيق الاستقرار والاستقامة على دين الله، لا جرح النفوس وإذلالها! وكثير من النّاس تكفيه الإشارة، وكم تغافل كثيرٌ من الأزواج عن أخطاء زوجاتهم، فعاشوا معهنَّ باستقرار، وقد أخرج أبو داود، عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ)، قَالَ الْمَنَاوِيُّ: (وَمَقْصُود الْحَدِيث: حَثُّ الْإِمَامِ عَلَى التَّغَافُل، وَعَدَمِ تَتَبُّع الْعَوْرَات). وروى البيهقيُّ في مناقب الإمام أحمد عن عثمان بن زائدة قال: (العافية عشرة أجزاء، تسعةٌ منها في التغافل) يقول الراوي: فحدَّثت به أحمد بن حنبل رحمه الله، فقال: (العافية عشرة أجزاء، كلُّها في التَّغافل).
ومن المعلوم أنَّ التَّغافل غير الغفلة، فالغفلة تؤدي إلى الضَّياع وتضييع الأمانة، أما التّغافل فمسلك تربويٌّ حكيم إن استخدم بعقل، كما قال الشّاعر:
إذا كنتَ في كلِّ الأمورِ معاتبًا *** صديقَك لم تلقَ الَّذي لا تُعاتبه
فينبغي علينا أن نتغافل عن بعض الأمور، انشغالًا بالنَّظر إلى الغاياتِ والأمور المُهمَّات، فاجعلوا هذه القاعدة، ضمن منهجكم في التربية، بل ضمن منهجكم في الحياة كلِّها، فستكون العاقبة هي الخيرُ والصَّفاء، حفظكم الله وأدام مودَّتكم.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
القاعدة الحادية والعشرون: إرضاءُ الزوجةِ حسن في غير معصيةِ
قال الله تعالى: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم:1].
كثيرٌ مِنَ النَّاسِ -وبخاصَّةٍ الأزواجُ- يَفهمُ هذه الآيةَ على غيرِ وجهِها، فيَظنُّ أنَّ طَلبَ رِضَا الزوجةِ لا يليقُ بالرَّجلِ، ويَستدلُ بهذه الآيةِ استدلالًا خَاطِئًا على النَّهِي عَنْ إرضاءِ الزوجاتِ، ويَجعلُها قاعدةً!
والحقُّ أنَّ هذهِ الآيةَ لا يجبُ أنْ تُفصلَ عنْ سياقِها، قالَ تعالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}؛ أيْ أنَّ من حَرَّم على نفسه ما أحلَّ اللهُ له يبتغي مرضاةَ أزواجِه، وهو أسوة كالنبي صلى الله عليه وسلم فقد أتى ما لا يَنبغِي له ولا يجوزُ.
ولو أنَّ إنسانًا قال: أنا لا أرغبُ أنْ آكلَ العسلَ أو أنْ أَشْرَبَهُ، فهذا لا يأثمُ بذلكَ حتَّى لوْ لمْ يَشْرَبْه طُولَ عمرِه، لكنْ لوْ أنَّه حرَّمه على نفسِه مِنْ أجلِ رضا زوجِه، وكانت للناس به أسوة فإنَّ الآيةَ تُخاطبُه: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}، فلا يجوزُ لَهُ ذلكَ.
ويجبُ أن نُفرِّقَ بين حالَينِ؛ الأُولَى حال بعضِ الرِّجالِ الذينَ -معَ الأسف- يستجيبونَ لطلباتِ زوجاتِهم وإن كانت فيما حرَّم اللهُ، فيُدخِلُ الواحدُ منهم آلاتِ اللهوِ والأغاني في بيتِه، ثمَّ يقولُ: ماذا أَفعلُ؟ أريدُ أنْ أُرْضِيَ زوجَتي! يَذهبُ إلى أماكِنَ محرَّمَةٍ، فإن عُوتِبَ يقولُ: أريدُ رِضا زوجتِي، وهكذا يقعُ في كثيرٍ منَ المخالفات بسببِ طلبِ رضا زوجتِه.
فهنا نقولُ لهذا الرجلِ: لا تبتغي مرضاة أزواج فيما لا يرضى الله! {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} فيما فيه مفسدة! قدْ عاتبَ اللهُ عز وجل نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم لأنَّهُ حرَّمَ على نفسِه ما أباحَه اللهُ له طلبًا لرضا أزواجِه، فكيفَ بمنْ يطلبُ رضا زوجِه بارتكابِ المحرماتِ والموبقاتِ؟ هذا أمرٌ عظيمٌ.
والحالُ الثانيةُ على النقيضِ؛ حيثُ تَطلبُ الزوجةُ منْ زوجِها أمرًا مباحًا مشروعًا، فيقولُ: لا، أنا الذي أُبادِرُ، أمَّا أنتِ فلا أطيعُكِ حتى لا يُعَيَّر في بعض المجالسِ: بأن فلانًا يطيعُ زوجتَه ويبحثُ عنْ رِضاها. فهذَا يَنظرُ لبعضِ الأعرافِ الفاسدةِ ويجعلُ لهَا اعتبارًا، حتَّى إذَا قِيلَ لهُ في مجلسٍ: يا فلانُ! أَتبحثُ عنْ رضا زوجتِك وطاعتِها؟ قال: أبدًا واللهِ!
والحق ُّالذي لا مَحيدَ عنْهُ، أنَّ إرضاءَ الزوجةِ فِيما أباحَ اللهُ تعالى وفيما لا ضررَ فيهِ جائز، بل قد يكون مشروعًا إذا تضمن مصلحة، وهو منْ أهمِّ عواملِ استقرارِ الحياةِ الزوجيَّةِ، فكيف بإرضائِها فيما استحبَّه الله أو أوجبه، وأمَّا إرضاؤها فيما حرَّمه اللهُ فممنوعٌ، هذا هو المنهجُ الوَسَطُ، لا إفراطَ ولا تفريطَ، فلا نُحرّمُ ما أحلَّ اللهُ لنا إرضاءً لزوجاتِنا، ولا نَمتنعُ عنْ إرضاءِ زوجاتِنا خَوْفًا مِنْ عُرفٍ جاهليٍّ باطلٍ، أنْ يُقالَ فلانٌ يَبحثُ عَنْ رضا زوجتِه.
فإذا كانَ البحثُ عنْ رضا الزوجةِ في الحقِّ وِفْقَ ما أباحَ اللهُ تعالى، فضلًا عما شرعَ اللهُ تعالى، قد يكون عبادة وخُلُقًا ممدوحًا بالنظر إلى عاقبته، فكيف بإرضائها في حقوقها، وما يجب لها، وما هو داخل في أمر العشرة بالمعروف؟! ولنَا في رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنةٌ، فعنْ عائشةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي: يَا حُمَيْرَاءُ أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَامَ بِالْبَابِ وَجِئْتُهُ فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقَهُ فَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ. قَالَتْ: «وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ أَبَا الْقَاسِمِ طَيِّبًا» فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «حَسْبُكِ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَعْجَلْ، فَقَامَ لِي ثُمَّ قَالَ: «حَسْبُكِ؟» فَقُلْتُ: «لَا تَعْجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ». قَالَتْ: «وَمَا لِي حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي وَمَكَانِي مِنْهُ») ، فأيُّ إرضاءٍ للزوجةِ أكثرُ مِنْ هذا؟
فلا ينبغي لنَا إذًا أن نَفهمَ هذهِ الآيةَ على غيرِ وجهِهِا، ولَا أنْ نَنظرَ للمرأةِ نَظْرةَ احتقارٍ وانتقاصٍ، كما سادَ في بعض الأعرافِ، حتَّى يَشْعُرَ الواحدُ منْهُمْ أنَّه مِنَ الْمذمَّةِ والضَّعفِ والذلِ أن يُقالَ إِنَّهُ يريدُ رِضا زوجتِه، بلْ واللهِ إنَّهُ لمِنَ الكَرمِ والشَّرفِ والقوةِ والعزةِ أنْ يَبْحَثَ الإنسانُ عَنْ رِضَا زوجتِه فيما أباحَ اللهُ، فالعزيزُ من يُعِز زوجتَه والكريمُ مَنْ يُكرمُها، والذليلُ مَنْ يُهينُها بغيرِ حقٍّ.
فالأخذُ بهذهِ القاعدةِ سببٌ مِنْ أسبابِ الوِقايةِ مِنْ عذابِ اللهِ وعقوبتِه -إنْ نحنُ انتهكنا حُرُماتِ اللهِ إرضاءً لزوجاتنا- وسببٌ لاستقرارِ الأسرةِ وهناءِ الزوجينِ والأولادِ.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
القاعدة الثانية والعشرون: التدرجُ في العقوبةِ منهجُ الإصلاح
قال الله تعالى: {فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِی ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ} [النساء:34].
تضمنتِ الآيةُ الكريمةُ قاعدةً جليلةً لعلاجِ الخَطَأ والخَللِ الذي قَدْ يَظْهرُ مِنَ الزوجةِ، فبيّنتْ أنَّ العلاجَ يكون مرحليًا: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}؛ يعني إذا زاد الخلاف، {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}.
لقدْ جاءت التشريعات المتعلقةُ بالحياةِ الزوجيةِ لتحقيق الاستقرار والعدلِ والطمأنينةِ في البيوتِ، وهيَ مقدماتٌ مهمةٌ لتحقيقِ الاستقرار في المجتمع، فلْننتبهْ لتصرفاتِنا بِناءً على ضوء هذه الآيةِ العظيمة.
والآية تُرشِدُ إلى البدءِ أولًا بالوعظِ عند ظهور بوادر النشوز وقبل أن يستفحل الأمر؛ أن يَعِظَها زوجُها ويُخوّفَها باللهِ، فإن انتهتْ فالحمدُ لله، فإنْ لمْ تنتهِ ولم يَنفَعِ الوعظُ فلهُ أنْ يَنْتَقِلَ إِلَى التي بعدها {وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِی ٱلۡمَضَاجِعِ}.
والهجرُ علَى نوعين:
الأولُّ: أنْ يَمتنعَ عنِ الكلامِ مَعَهَا إلَى ثلاثةِ أيام، وإنْ زادَ علَى ثلاثةِ أيامٍ فلا يَقْطَعُها بالكُليَّةِ، بل يُسلِّمُ عليها ويَردُّ عليها السلامَ، ولكنْ تَجِدُ مِنْ معاملتِه خلافَ ما تَعْهَدُهُ منهُ، من التبسط في الحديث والمعاملة.
والثاني: هَجْرٌ في المضجعِ، أي يكونُ معَها في فرِاشٍ واحدِ لكنَّه لا يُكَلِّمُها ولا يُداعِبُها ولا يقربها، وهذا مِنْ أشدِّ ما يقعُ علَى المرأةِ.
وينبغي التَّنبهُ إلى قولِهِ تعالى: {فِی ٱلۡمَضَاجِعِ}، لَمْ يَقُلْ يهجِّرها من البيت بأن تذهَبَ لأهلِها، ولم يَقُلْ (واهجروهن في البيوتِ)، بَلْ يَبْقَى مَعهَا في بيتِها، يأكلُ ويشربُ، ولكنْ يهجرُها في الفِراش، وفي الفراش فقط! فلا ينامُ في غرفةٍ مستقلةٍ، وإنْ كانَ هذا جائزًا من حيث الأصل، سائغًا أحيانًا، وبخاصة إذا وجد سببه.
فإذا لم يُجْدِ ما سبقَ مِنْ أنواعِ التأديبِ، تأتي المرحلةُ الأخيرةُ، {وَٱضۡرِبُوهُنَّ}، فآخِرُ الدواءِ الكي، ولا بدَّ هنا مِنْ تنبيهاتٍ:
الأول: أنَّ الضربَ المرادَ هو الضربُ غيرُ المُبَرِّح.
الثاني: أنَّ الأمرَ هنا مصروفٌ عنِ الوجوبِ إلى الِإباحةِ.
الثالث: أنَّهُ لا يُنتقلُ لهذا العلاجِ إلا بعدَ فشلِ ما سواه، بل لا يجوز الضرب إلاّ لهذا السبب أو سبب معتبر شرعًا.
إنَّ مِنَ الأمورِ المؤْسِفَةِ، أنَّ فهمَ بعضِ الرجالِ الخاطئَ لمسألةِ القِوامةِ يجعلُهُ يَتعدَّى علَى زوجتِه بضربٍ مُبَرِّحٍ، وقد يضربُها لأقلِّ خطأٍ لا يستدعِي مثله الضربَ، وقدْ يبدأُ بالضربِ مباشرةً دونَ أنْ يكونَ هناكَ تدرجٌ في التأديبِ، وهذا كلُّه خطأٌ، فالآيةُ تُرشِدُ إلى التدرجِ، فالوعظُ أولًا، والوعظُ نفسُه درجاتٌ، فقد يكون رقيقًا وقد يكون شديدًا، بحسب الخطأ، ثم يأتي الهجر وهو درجاتٌ كذلك، وأخيرًا يأتي الضربُ إن ظن فيه صلاحًا.
إنَّ اختيارَ درجةِ التأديبِ المناسبةِ لكلِّ خطأٍ نوعٌ منْ أنواعِ الحكمةِ {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة:269]. يقولُ ابنُ القيمِ رحمه الله: ”الحكمةُ فعلُ ما يَنبغي كمَا يَنبغي، في الوقتِ الذي يَنبغي“ . فلا ينبغي أن يُجعلَ مَحلَّ الوعظِ الرقيقِ وعظٌ شديدٌ وعنيفٌ، ولا محلَّ الهجْرِ اليسيرِ هجْرٌ دائمٌ، ولا محلَ الهجرِ الضربُ، ولا أن تُضربَ المرأةُ ضربًا شديدًا مبرِّحًا، كلُّ هذا لا يجوز. بلِ الذي ينبغي هو انتهاجُ سبيلِ الحكمةِ، إذ المقصودُ هو العلاجُ لا الانتقامُ أو إيقاعُ العقوبةِ، وهذا معنىً عظيمٌ جدًا.
وأَذْكرُ في هذا المقامِ حالَ بعضِ منْ أعرِفُهُ من الأزواجِ، يقولُ: إذا وقعتْ مشكلةٌ منْ زوجتي فلا يمكنُ أن أُعاتِبَها وهي غضبانةٌ بلْ أَنتظرُ حتى تهدأَ، فإذا كانتْ في خير حالاتِها لَمَّحتُ للموضوع تلميحًا، فإن لم يُجدِ التلميحُ اضْطُرِرتُ إلى التصريحِ. وقدْ لا أُحدِّثُها مباشرةً، إنما أَنتظرُ يومًا أو يومين أو أسبوعًا، بلْ قدْ أنتظرُ -واللهِ- الشهرَ والشهرين والسنةَ، حتى يحينَ الوقتُ المناسِبُ لوعظِها في الموضوعِ، رَغْمَ أنَّه قدْ يكونُ أمرًا كبيرًا، بشرطِ ألا يُفَوِّتَ تأجيلُ الكلامِ مصلحةً ولا يُسبِّبُ ضررًا، يقولُ: والذي يُصبِّرني هذه المدةَ أنني أريدُ علاجَ الموضوعِ كي لا يتكررَ، فليسَ همِّي أنْ أُقيمَ الحجةَ عَليها، وبحمدِ اللهِ فإنَّه بهذه الطريقةِ قلّ أنْ يتكررَ الخطأُ. وبهذا استقامتْ حياتُهمْ واستقرَّتْ، واستقرَّتْ حياةُ أولادِهم أيضًا، لما يرون من والديهم، بل سمعت بعض أبناء طلاب العلم، وقد تجاوز العشرين سنة يقول: لم نسمع والدينا يعاتب أحدهما الآخر أمامنا أبدًا.
ومِنَ الحكمةِ أيضًا مَا أَعرِفُهُ عنْ بعضِ الأزواجِ، يقولُ: واللهِ لا أَذكُرُ أنني عاتبتُ زوجتي أمامَ الأولادِ أبدًا، ولا أنها عاتَبَتْني أمامَهم أبدًا. وهذا لا يَعني أنهما لا يَقَعانِ في الخطأِ أمامَ الأولادِ، لكنَّه اتفاقٌ بينهما غيرُ مكتوبٍ، ألَّا يُعاتِبَ أحدُهما الآخَرَ أمامَ الأولادِ؛ لأنَّ العِتابَ أمامَ الأولادِ، والخلافَ والشّجارَ أمامَهم يُحْدِثُ لديهم رَدَّةَ فعلٍ نفسيةً غيرَ مناسبةٍ، وهما في النهايةِ يُريدانِ علاجَ المشكلةِ لا إحداثَ مشكلةٍ جديدةٍ، فَيَبْحثانِ عنِ الوقتِ المناسبِ للكلامِ والعتابِ في حالةِ صفاءٍ، وفي خَلوةٍ بَعيدًا عنِ الأولادِ.
فالمقصودُ أنَّ التَّدرجَ في علاجِ خَطأِ الزوجةِ مِنَ الحِكمةِ، وَهُوَ مَطْلوبٌ مِثلُ التدرجِ في علاجِ المريضِ، فلوْ أُعطِيَ الرجلُ علاجًا أقوَى مما يحتاجه المريض ضرَّه، ولهذا نجدُ بعضَ الناسِ قدْ يذهبُ إلَى الطبيبِ ويطلبُ مضادًا حيويًا فلا يُجيبُه الطبيبُ؛ لأنهُ لا يحتاجُ المضادَ ويَكفيه مسكِّنٌ، ومنَ الخطأِ أن يَصفَ لَه مضادًا حيويًا، وبعضُ الأطباءِ قدْ يَصِفُ للمريضِ مباشرةً مضادًا حيويًا قويًا، فإذَا ذهبَ لطبيبٍ غيرِه قالَ: لا يَحْتاجُ الأمرُ لمضادٍ فضررُه أكبرُ من نفعِه، ويَكفيكَ مُسكِّنٌ أوْ علاجٌ آخرُ دونَ مضادٍ، وبالفعلِ يَذهبُ مَا بهِ بإذنِ اللهِ، وهناكَ مِنَ الأطباءِ مَنْ يَتعجَّلُ فيقرِّرُ للمريضِ عمليةً جراحيةً، فإِذَا ذهبَ لطبيبٍ غيرِهِ قالَ: لا يَحتاجُ الأمرُ لعمليةٍ بلْ لعلاجٍ متدرجٍ، وبالفعلِ يَأْذَنُ اللهُ بالشفاءِ.
فكمَا أنَّه يَنبغِي التدرجُ في علاجِ الأمراضِ الحِسِّيَّةِ، فكذلكَ نَتدرجُ في علاجِ الأدواءِ المعنويةِ، فلنبدأْ بالوعظِ بدرجاتِه، ثمَّ يكونُ الهجرُ بدرجاتِه، ثمَّ مَنِ اضطُرَّ إلَى الضربِ فهوَ مباحٌ، ومعَ هذا، فإنني لا أَنصَحُ بهِ في واقعنا، بلْ إني أَنصَحُ بعدمِ الضربِ مطلقًا إلَّا للضرورةِ.
إنَّ قدوتَنا صلى الله عليه وسلم الذي أُوحِيَ إليهِ بهذهِ الآيةِ وَعَظَ وهَجَرَ، لكنّه لمْ يَضربْ صغيرًا وَلا كبيرًا وَلا رجلًا وَلا امرأةً قطّ، إلّا ما كانَ في المعاركِ منْ قتالِ الكفارِ والجهادِ في سبيلِ اللهِ. وقدْ وقعتْ في بيته -بأبي هو وأمي- مشكلاتٌ، فوعظَ فيها وذكَّرَ، ووقعَ فيه ما جَعلَه يَهْجرُ أزواجَه شهرًا، لكنّه صلى الله عليه وسلم لمْ يَضْربْ أبدًا، بلْ حتَّى في قضيةِ المُتظاهِرَتينِ – وهِيَ قضيةٌ عظيمةٌ جدًا- لمْ يضربِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بلْ إنَّه لمْ يَضرِبْ خادِمَه كمَا ذَكَرَت عائشة رضي الله عنها، فهذا خُلُقُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي أَثنىَ اللهُ عليهِ بقولِهِ: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِیم} [القلم:4]، فينبغِي لنا التأسِّي به. ثمَّ إنَّه عِنْدَمَا رَخّصَ بِضَرْبِ النساءِ عَلِمَ بِشكْوَى بعضِهنَّ منْ ضَرْبِ أزواجِهنَّ فقالَ: (لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ) .
فَمَنِ اضْطُّرَّ إلى الضَّربِ فهُوَ مُباحٌ وحَقٌّ للرَّجلِ لكنَّه ليسَ أمرًا واجبًا، وفرقٌ بينَ أنْ يستخدمَ الرجلُ حقَّه وأنْ يعفوَ، والله تعالى يقول: {وَلَا تَنسَوُا۟ ٱلۡفَضۡلَ بَیۡنَكُمۡۚ} [البقرة]، ويقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، فلْنأخذْ بمعالي الأمورِ منْ أجلِ أنْ {ستقِرَّ حياتُنا، ولا نبحثْ عنْ أيّ دليلٍ ونستخدمُه خطأً ونقولْ ﴿وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ}، بلْ نستخدمُ الدليلَ في موضعِهِ لأنَّنا نُريدُ العِلاجَ.
|