لا تخلو حياة فرد من الزيارة، سواء كانت لقريب او صديق، فكلنا نزور ونزار.. فهل في الاسلام آداب لهذا التقليد الاجتماعي؟؟
العجيب في الأمر انه في ديننا نجد ان هناك أدبا متعلقا بكل تفصيلة من تفاصيل هذه الزيارة، ابتداءا من تحديد الموعد و انتهاءا بالرجوع منها..
ولماذا هو عجيب؟ لأن هذه الآداب مهدرة في حياة المسلمين الا من رحم ربي، نحن لا نعلم بمثل هذه الأمور، لم ندرسها في المدارس وهو أمر يحزن القلب، لأهمية مثل هذه الأمور في التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد..
وسأذكر عددا من هذه الآداب علنا انتبهنا لها وعلمناها لأولادنا :
* الذهاب بموعد، قال المولى جل شأنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
فما هو الاستئناس المذكور في هذه الآية الكريمة؟؟ يقول العلماء انه الاستئذان بأدب، والتأكد انك عندما أخذت الموعد واستأذنت لمثل هذه الزيارة ان الطرف الآخر استأنس لها ( والاستئناس من الأنس)، فمثلا لو أخذت موعد من شخص ما للزيارة ولم تحسي ان هذا الشخص استأنس ورحب بك فلا تذهبي..فانظروا الى هذا المعنى الجميل.
* عند الذهاب الى بيت المرء المراد زيارته، و أردت ان ترني الجرس، فهنا في هذا الموقف عليك ان تطبقي أدب من أجمل وأهم الآداب الاسلامية التي علمها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، الا وهو أدب الاستئذان للدخول، والاستئذان يكون ثلاثا، قال عليه الصلاة والسلام : (الاستئذان ثلاثا فإن لم يؤذن لك فارجع)، ولتكن هناك مدة معينة بين كل رنة جرس والتي تليها،
مدة كافية حتى يصل صاحب البيت الى الباب..
وإن لم يؤذن لك فارجعي ولا تستمري في رن الجرس والانتظار، قال المولى جل شأنه يعلمنا هذا الأدب : ( وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
والجميل في الأمر ان ادب الاستئذان هذا شرع ليطبق ليس فقط عند الذهاب الى بيوت الآخرين ولكن ليطبق داخل البيت نفسه بين أفراده، حتى بين الزوج وزوجته، قال عليه الصلاة والسلام : ( انما جعل الاستئذان من أجل البصر).
قال جابر رضي الله عنه: يستأذن الرجل على ولده وأمه وان كانت عجوزا وأخيه وأخته وأبيه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه : الاذن واجب، وزاد جريج: على الناس كلهم
وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يستأذن قبل الدخول على زوجته.
* ولتكون رنه الجرس قصيرة وغير مزعجة، قال أنس رضي الله عنه: كانت أبواب النبي صلى الله عليه وسلم تقرع بالأظافير.
* ايضا رود في السنة انك عندما تقفين خارج البيت للاستئذان في الدخول ان لا تقفي ووجهك الى الباب مباشرة، بل عليك ان تقفي الى اليمين او الشمال، قال عليه الصلاة والسلام لسعد يوما : ( يا سعد لا تستأذن وأنت مستقبل الباب )، وأطن ان الحكمة من هذا الأمر واضحة لا تحتاج لبيان.
* اذا سئلت : من بالباب فلا تقولي : أنا، ولكن اذكري اسمك، ورد عن جابر رضي الله عنه انه ذهب يوما الى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سأل عليه الصلاة والسلام: من؟ قال جابر: أنا، فسمعه يقول: أنا أنا، كأنه كرهها.
* اذا أذن لك بالدخول فلا تنظري الى داخل البيت او داخل الغرف، وانما الاقتصار بالنظرفقط داخل الغرفة التي اجلسوك فيها، وطبعا يندرج تحت هذا الأمر عدم التجول في البيت بدون إذن، فان هذا الأمر من الأدب الذي نفتقده كثيرا في مجتمعاتنا، فنحن نواجه دائما (خصوصا ان كنت سكنت في بيت جديد) بأناس يزورونك ويطلبوا منك ان تريهم البيت او ان منهم من يتجول ليرى البيت بدون حتى أخذ الاذن على ذلك!!
قال عليه الصلاة والسلام : ( من اطلع في بيت قوم بغير اذنهم فقد حل لهم ان يفقأوا عينه) وقال : ( لا يحل لامرء مسلم ان ينظر الى جوف بيت حتى يستأذن، فان فعل فقد دخل) هذا الأمر يطبق لو انك خارج المنزل ويطبق ايضا داخله
* عدم استعمال شيء من أشياء المنزل الا بإذن، مثل الهاتف ونحوه.
* عدم الإطالة في المكوث في الزيارة قال المولى جل شأنه يعلمنا هذا الأدب: (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا).
انا الآن على ثقة من أنني خلال سرد النقاط السابقة قد خطر في خاطر كل واحد منا صور لأشخاص، أو حتى صور لأنفسنا :-) والأمر يسير
فلنحيي هذه الآداب في حياتنا ولنعلمها لغيرنا، عسى الله عزوجل ان يرفع قدرنا عنده سبحانه.
بارك الله فيك أختى الكريمة على الموضوع ، حقا ديننا دين الأدب وقرآننا ملىء بالآداب التى لو طبقناها لصرنا أرقى الأمم ولقد كنا كذلك بالفعل فى الماضى عندما كنا نحرص على هذه الآداب ، ورسولنا هو من علم الدنيا الأدب ، فاللهم أدبنا بأدب القرءان وبأدب إمام الأنبياء صلى الله عليه وسلم .
أشكركما اختي حنان والاخ الب على المرور الكريم، جزاكما ربي الجنة :-)
وتعقيبا على الموضوع نسيت أن أذكر انه منقول، وجدته في أحد المواقع واعجبني جدا وأحسست بحاجة مجتماعتنا الى معرفة وتطبيق مثل هذه الآداب..
توقيع : Sama7
"إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها. فكل مسألة خرجت عن العدل الى الجور وعن الرحمة الى ضدها وعن المصلحة الى المفسدة وعن الحكمة الى العبث. فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل.
فالشريعة عدل الله في عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسله أتم دلالة وأصدقها"... ابن القيم رحمه الله تعالى ورضي عنه