المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
يسعى نحو المعالي |
البيانات |
التسجيل: |
28 - 1 - 2020 |
العضوية: |
29239 |
المشاركات: |
5,014 |
بمعدل : |
3.25 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
10 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
امانى يسرى محمد
المنتدى :
لغتنا العربية
رد: تفسير راتب النابلسي لسورة البقرة
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ .... (217) سورة البقرة
( قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)
الصد عن سبيل الله له وسائل كثيرة جداً :
أيها الأخوة... لنحذر جميعاً دون أن نشعر فنصد عن سبيل الله؛ فإنسان سلك طريقاً صحيحاً، وآخر عاهد الله على أن يضبط لسانه، وثالث عاهد الله على أن يغض بصره، ورابع له جلسة مع أصدقاء، وهذه الجلسة ليس فيها ما يرضي الله، فانسحب منها، دَعْهُ يصطلح مع الله، فهناك شياطين الإنس يصدُّون عن سبيل الله وهم لا يشعرون، وكم من إنسانٍ يصدُّ مَن حوله عن سبيل الله وهو يحسب أنه يحسن صنعاً.
فأنت حينما لا تتأكد مما تقول، فبدون دليل أو تحقق أو تريث تتهم إنساناً جمع الناس على الحق، فأنت ماذا فعلت؟
صددت الناس عن سبيل الله. لمجرد أن ترى إحدى قريباتك المحارم قد تحجَّبت، إن ازدريت حجابها ولو عن طريق المزاح،
فأنت بذلك صددت عن سبيل الله وأنت لا تشعر، فيجب أن تشجعها، وأن تثني عليها، وعلى قرارها.
أحياناً يأتي إنسان من بلادٍ بعيدة فيها كل شيء مريح، ولكنه خاف على مستقبله، ومستقبل أولاده، فعاد إلى وطنه ليخدم أبناء وطنه، فهناك مَن يتَّهمه بالجنون، هذا الذي يتهمه بالجنون يصد عن سبيل الله. طبعاً حينما يأتي الإنسان من بلدٍ متطور، غني، متفوق في الدنيا، إلى بلدٍ نامٍ سيواجه صعوبات كثيرة، فيجب أن تشجعه، والله أنا أقول لإنسان أراد أن يعود إلى وطنه ليخدم أمَّته: واللهِ ما اتَّخذت في حياتك كلِّها قراراً أصوب من هذا القرار، ولا أحكم من هذا القرار، والله عز وجل سوف يوَفِّقَكَ ويأخذ بيدك، ويحمي لك أولادك، فشَجِّع لأن الصد عن سبيل الله له وسائل كثيرة جداً، فإنسان ترك بلاد الكفر، بلاداً ترتكب فيها الفواحش على قارعة الطريق، بلاداً لا يمكن أن يضمن لأولاده بقاءهم فيها مسلمين؛ وجاء إلى بلده الأم ليخدم أبناء أمَّته، وقد يتحَمَّل بعض الصعوبات، لمجرد أن تخَطِّئه بهذا القرار فأنت ممن يصد عن سبيل الله.
فتاة مؤمنة تعرفت إلى الله، فلبست الحجاب، لمجرد أن تقول لها مثلاً: هذا الحجاب أذهب بعضاً من جمالكِ. فأنت صددتها عن سبيل الله دون أن تشعر، ولمجرَّد أن ترى إنساناً أراد الحلال وترك الحرام، ورضي بالحلال القليل، وترك الحرام الكثير، إن قلت له: لَمْ تكن عاقلاً في هذا السلوك، يجب أن تعلم علم اليقين أنك صددت عن سبيل الله.
صد الناس عن سبيل الله جريمة أكبر مِن أن تنتهك حرمة الشهر الحرام :
والله أيها الأخوة أكاد أقول لكم: هناك مليون أسلوب، دون أن تشعر، كله صد عن سبيل الله، قال: هذا أكبر من أن تنتهك حرمة الأشهر الحرم، أن تصد الناس عن سبيل الله، أن تمنع شاباً يصلي، وأراد طاعة الله، ورضي بالقليل الحلال وزهد بالكثير الحرام فتقول له: أنت مجنون بهذا العمل، فهذا صد عن سبيل الله، وعلى الإنسان قبل أن يقول كلمةً لا ترضي الله أن يحاسب نفسه حساباً كثيراً:
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاٍ))[ الترمذي عن أبي هريرة ]
أحياناً بالمِهَن اليومية هناك أساليب مربحة وتربي ثروة طائلة ولكن فيها مخالفة، فأنت حينما تلزم جانب الشرع، ولا تقبل الاختلاط في معهدك فرضاً، أو تلزم جانب الشرع ولا ترضى أن تنتهك حُرُمات الله عز وجل في عملك الرسمي، أو في عملك التجاري فيقل دخلك، فأنت حينما تقول لهذا الإنسان: أخطأت، وليس هذا هو الطريق الصحيح. فقد صددت الناس عن سبيل الله. فربنا عز وجل جعل صد الناس عن سبيل الله أكبر جريمة، بل أكبر مِن أن تنتهك حرمة الشهر الحرام..
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
لعلي ألممت بجانبٍ من معاني هذه الآية، الصد عن سبيل الله في كل عصر، وفي كل مصر، وفي كل بيئة، إنك حينما تثَبِّط عزيمة مؤمن فأنت قد صددته عن سبيل الله، وحينما تُسَفِّه عملاً مشروعاً فقد صددت عن سبيل الله، وإذا رأيت إنساناً يتصدَّق بماله، وقلت له: احفظ قرشك، أمسك يدك. هو ماذا يفعل؟ هل ينفق ماله على الملاهي؟ بل ينفق ماله في سبيل الله، ولمجرد أن تخوفه من الفقر إذا أنفق ماله في سبيل الله فقد صددت عن سبيل الله.
الموضوع يحتمل شواهد كثيرة جداً، وكل واحد منا محاسب على كل كلمة يقولها، فقد يتكلم بكلمة لا يلقي لها بالاً، فيهوي بها في جهنم سبعين خريفاً، لا تكن عوناً للشيطان على أخيك، كن عوناً له على الشيطان.
لقد حدثني مرة أخ متألم جداً من أخ زوجته فقال لي: شكوت له أخته، فقال لي: طلقها وبأول كلمة، يقول طلقها! فإذا دفعت الناس إلى تطليق زوجاتهم فقد صددت عن سبيل الله، وإذا دفعت الناس إلى أكل المال الحرام فقد صددت سبيل الله، وإذا دفعتهم إلى الحرام فكذلك صددت عن سبيل الله.
<<<<<<<<<
﴿ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ ﴾
كلمة " كفر " كلمة كبيرة جداً، لكن لهذه الكلمة معنى ضيّقاً ولها معنى مُتَّسِع، فالمعنى الضيِّق:
أن تنكر وجود الله، أو أن تنكر هذه الأديان السماوية، أما المعنى الموسَّع: فحينما ترفض حكماً لله، فهذا كفر.
فإذا قلت مثلاً: إن قطع اليد، هذا الحد لا يتناسب مع هذا العصر، فهذا عصر حقوق الإنسان، وكرامة الإنسان، والإنسان هو الهدف، فأنت إن قلت هذا الكلام المعسول كفرت دون أن تشعر، لأنك رددت حكماً ورد في القرآن الكريم، والله عز وجل يعلم السر وأخفى ويعلم ما سيكون، فحينما ترفض حكماً لله، وحينما ترفض مثلاً (الاستثمار الرَبَويّ) يقول: هكذا العالم كله يثمِّر أمواله عن طريق البنوك والربا، فماذا نفعل؟ لا بد من هذا، تقول له: يا أخي هناك آية:
﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ﴾[ سورة البقرة: 279 ]
يقول: هذا القرآن ليس لهذا العصر، فأنت حينما ترفض حُكْماً من أحكام الشرع الثابتة بالكتاب والسُّنة، فهذا نوعٌ من الكُفْر.
أنواع الكفر :
الكُفرُ عِندَ العلماءِ نوعان :
كُفرٌ أكبر ، وكُفرٌ أصغر .
فالأصغر موجِبٌ لاستحقاق الوعيد دونَ الخلودِ في النار .
كُلُكم يعلم : أنهُ يخرجُ من النار من كانَ في قلبهِ مثقالُ من خير .
فالكُفرُ الأصغر هوَ الذي يُوجبُ الوعيد , وعيدَ اللهِ عزّ وجل , ولكنهُ لا يخلدُ صاحبهُ في النار , يخرجُ منها .
يقولُ عليه الصلاة والسلام فيما رواهُ الإمامُ مُسلم والإمامُ أحمد, عن أبي هُريرة رضيَ اللهُ عنه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ, وَالنيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ))[أخرجه الإمام مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]
الآن النياحة على الميت : ضرب الوجه ، تمزيق الشعر ، شق الصدر ، الولولة , هذه كُفر , كما قالَ عليه الصلاة والسلام .
يقولون عن الميت : الجسر تحطّم , أين الله عزّ وجل ؟ تسمع كلمات في مناسبات الحزن كُلُها كُفر , جهل , كأنَّ هذا الذي توفي هوَ الرزّاق , وهوَ القيّوم ، وهوَ الحي الذي لا يموت ، كُل إنسان يموت , فلذلك الاعتدال في الحزن من علامة الإيمان , والمبالغة في الحزنِ من علامة الجهل .
الفرق بين الكفر الأكبر والأصغر :
أنتَ إذا كفرت بالخالق , والرب , والمُسيّر , والحكيم , والعليم , والرحمن الرحيم , وكفرتَ برسول الله , وبهذا القرآن , هذا كُفر أكبر .
أمّا هذا الأمر لم تُطبقهُ ؟ لماذا ؟ لأنكَ لا تعرفُ قيمتهُ , فأنتَ كافر بهذا الأمر .
يعني الكُفر : عدم تطبيق أمرٍ فرعيٍ من أُمور الدين , كُفرٌ أصغر .
مثلاً إذا قالَ لكَ اللهُ عزّ وجل :
﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
[سورة البقرة الآية: 221]
الآن : أحضر لي واحداً مُسلماً , عِندهُ بنت بسن الزواج , جاءهُ خاطب شاب , مؤمن مستقيم , له مجلس عِلم , يخشى الله , يخاف الله , في قلبهِ رحمة , عِندهُ إنصاف , لكن منزلهُ صغير , في أحد أطراف دمشق , وعملهُ متواضع , ودخلهُ محدود ، ثمَ يأتي خاطب , لهُ معمل , ولهُ سيارة فخمة , ولهُ بيت واسع , وشاب وسيم , لكن لا يُصلي , يُصلي الجمعة فقط , وإذا أحرج بالمناسبات فيشرب , إذا كانت أسرة مسلمة , قالت : هذه الموافقة على زواج هذا الشاب الموسِر , الغني الوسيم , رقيق الدين , هذا كُفرٌ بهذه الآية , معناها : أنتَ هذه الآية غير مؤمن بها , لكن كُفر أصغر وليسَ أكبر .
الكفر بشكل مطلق :
ويقول عليه الصلاة والسلام :
(( اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ , وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ))[أخرجه مسلم في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
(( من أتى كاهِناً أو عرّافاً , فصدّقهُ بما يقول , فقد كفرَ بما أنزلَ اللهُ على محمد ))
عندما ربنا قال :
﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[سورة النمل الآية: 65]
باللهِ انظر لي بالفنجان , ويتنبأ لكَ قبضة ، لكَ عدو ، شخص يريد أن ينفعكَ ، أنتَ حينما تسألهُ عن المستقبل , فأنتَ كفرت بهذه الآية , كلمة لا يعلم الغيب , فأنتَ لستَ مؤمناً بها , هذا كُفر , لكن نستطيع أن نقول : خرجَ من المِلّة ، بجهنم خالداً مُخلّداً , غير معقول هذا الكلام .
عَنْ جَرِيرٍ قال , قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ :
(( اسْتَنْصِتِ لي النَّاسَ , فَقَالَ : لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا , يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ))[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والنسائي في سننه]
يعني هذه الحروب , وهذه المنازعات , وهذه التفرقة , وهذا التشتت , والتشرذم , والتبعثر كما يقولون ، وكُلٌ يدّعي وصلاً بليلى , وكُلٌ يتهم الآخر ، هذا الوضع المتمزق , هذا سمّاهُ النبي كُفر ,
لكن كُفر بقولهِ تعالى :
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾
[سورة آل عمران الآية: 103]
كُفر:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة الأنفال الآية: 46]
كُفر بما دعا إليه النبي للمسلمين :
كالبنيان المرصوص ، لا تحسسوا ، لا تجسسوا ، لا تنابزوا ، لا تدابروا ، لا تحاسدوا ، لا تنافسوا , وكونوا عِبادَ الله أخواناً .
أنتَ هذه الأحاديث لم تعبأ بها , فأنت كافرٌ بها ،
قال تعالى :﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[سورة المائدة الآية: 44]
إذا لم تحكم بما أنزلَ الله , فهذا كُفرٌ بما أنزلَ الله ، إن لم تحكم في موضوع واحد , بحُكمٍ أنزلَ اللهُ فيه حُكماً , فقد كفرتَ بهذا الحُكم , وإن رفضتَ القرآنَ كُلَهُ , فقد كفرت بالقرآن , كما قلتُ في أول الدرس :
بين الأبيض والأسود آلاف الألوان الرمادية , آلاف الألوان الرمادية , الإيمان إيمان ، والكُفر كُفر ، وبينمُها درجاتٌ شتى .
ابن عباس قال : ومن لم يحكم بما أنزلَ اللهُ فأؤلئكَ هم الكافرون , ليسَ بِكُفرٍ ينقلُ عن المِلّة , بل إذا فعلهُ فهوَ بهِ كُفرٌ ، بهِ بعضُ الكُفر هذا كلام ابن عباس ، وليسَ كمن كفرَ باللهِ واليوم الآخر.
قالَ عطاء : هوَ كُفرٌ دونَ كُفرٍ , وظُلمٌ دونَ ظُلمٍ , وفِسقٌ دونَ فِسقٍ .
هذا الكلام ليسَ معناهُ أن يطمئنَ الإنسان ، أنا أخافُ من التطرف إن نحوَ اليمين وإن نحوَ الشِمال ، هؤلاءِ الخوارج الذين كفروا لأصغر الذنوب انحرفوا ، وهؤلاء الذين تسامحوا فقالوا : لا يضرُ مع الإيمان معصية أيضاً انحرفوا .
في فِرقة تقول : لا يضرُ مع الإيمان معصية .
الخلاصة :
على كُلٍ الكُفرُ كما قُلنا قبلَ قليل :
كُفرٌ أكبر وهو الذي يوجب الخلودَ في النار .
وكُفرٌ أصغر وهو الذي يوجب التوبة , ويوجب تحققَ الوعيد إذا لم يتب صاحبه .
وتكفير الناس هذا ليسَ من شأن الناس , هذا من شأنِ ربِّ الناس , وأنتَ في أعلى درجات , ورعكَ إن رأيتَ عاصيّاً ادع لهُ أن يتوب , واذكر اللهَ عزّ وجل على أن نجّاكَ من هذه المعصية ، أمّا أن تُنصّبَ نفسكَ وصيّاً على الناس , توزع ألقاب الكُفر والإيمان على الناس , أو تضيقُ نظرتُكَ فتعتقدُ بصلاحِ جماعتكَ فقط , وتُكفّرُ بقية الجماعات , فهذا من ضيق الأفق , ومن أمراض المسلمين الوبيلة , وهذا الذي فرّقهم وشرذمهم وفتتهم , وجعلهم ضِعافاً في العالم .
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية
<<<<<<<<<<<<<
من نواقض الإسلام :
1-الشرك والكفر :
الشرك من نواقض الإسلام، والكفر من نواقض الإسلام, والكفر أنواع: كفر الجحود، وكفر الشك، وكفر الإعراض، وكفر الاستكبار، وكفر التكذيب.
2-الردة :
ومن نواقض الإسلام الردة تعريف المرتد: هو من ترك دين الإسلام، وهو عاقل مختار غير مكره إلى دين آخر، أو إلى غير دين كالإلحاد.
، قال الله عز وجل:
﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
[سورة البقرة الآية: 217
﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ ﴾
أحياناً يرتد الإنسان عن الدين دون أن يُعْلِن ذلك، فالدين لا يعجبه، ولا أهل الدين، ولا منهج الدين، ولا سُنَّة النبي الكريم، ولا العبادات، كلها تتناقض مع هذا العصر، ولا يعجبه أن يصلي خمس صلوات في اليوم أو أن يصوم، فالإنسان له طاقة، وبالصيام تضعف طاقته، فلم يعد منتجاً بالصيام، فالذي لا تعجبه العبادات، ولا العقائد، ولا التوحيد، ولا منهج النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا مرتد عن دينه دون أن يشعر.
أعمال يحبطها الله عز وجل :
قال تعالى:﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾
حبطت أعمالهم أي أهلكتهم، وهناك بالطبع معانٍ أخرى لإحباط العمل،
فالله قال:﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ﴾[ سورة الفرقان: 23]
أعمال كالجبال، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، إذاً أعمال تمثيليّة( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ أخوانكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))[ ابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ]
أحياناً يكون الإنسان ذكياً جداً، فيعمل عملاً طيباً مقبولاً عند الناس، والناس يثنون عليه، أما هو فليس كذلك،
فربنا عز وجل يحبط عمله، فالإحباط قد يكون العمل طيباً ولكن وراءه نفاق أو نية خبيثة، فهذه النية الخبيثة وهذا النفاق يحبطه.
إما أن يكون العمل مخالفاً للشرع بالأساس، أو أن يكون وفق الشرع ولكن نيته ليست سليمة، كلا العملين يحبطه الله عز وجل، لذلك:
﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
إحباط العمل :
سأل النبي الكريم ( أَتَدْرُونَ مَنْ المُفْلِسُ؟ قالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ الله من لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: المُفْلِسُ مِنْ أَمّتِي مَنْ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةِ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيقعُدُ فَيَقْتَصّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمّ طُرِحَ في النّارِ ))[ مسلم عن أبي هريرة ]هذا هو إحباط العمل..
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
بالمقابل:﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾الإيمان الصحيح..﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا ﴾بالمعنيين المعنى التاريخي: ترك مكة إلى المدينة، والمعنى الآخر: هجر المنكر..
﴿ وَجَاهَدُوا ﴾بذلوا الجهد في سبيل الله..
﴿ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
|