11-05-2022, 08:00 PM
|
المشاركة رقم: 4 (permalink)
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
قلم محترف |
البيانات |
التسجيل: |
28 - 1 - 2020 |
العضوية: |
29239 |
المشاركات: |
4,976 |
بمعدل : |
3.27 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
10 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
امانى يسرى محمد
المنتدى :
لغتنا العربية
رد: تفسير الشيخ الشعراوى( سورة النساء)
{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}
والمقصود ب {صَدُقَاتِهِنَّ} هو المهور، و{نِحْلَةً} هي العطية، وهل الصداق عطية؟ لا. إنه حق وأجر بضع. ولكن الله يريد أن يوضح لنا: أي فليكن إيتاء المهور للنساء نحلة، أي وازع دين لا حكم قضاء، والنحلة هي العطية.
وانظر إلى اللمسات الإلهية والأداء الإليهي للمعاني، لأنك إن نظرت إلى الواقع فستجد الآتي: الرجل يتزوج المرأة، وللرجل في المرأة متعة، وللمرأة أيضا متعة أي أن كلا منهما له متعة وشركة في ذلك، وفي رغبة الانجاب، وكان من المفترض ألا تأخذ شيئا، لأنها ستستمتع وأيضا قد تجد ولدا لها، وهي ستعمل في المنزل والرجل سيكدح خارج البيت، ولكن هذه عطية قررها الله كرامة للنساء
{وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة} والأمر في {آتُواْ} لمن؟
إما أن يكون للزوج فقوله: {وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ} يدل صارت زوجة الرجل، وصار الرجل ملزما بالصداق ومن الممكن أن يكون أن يكون دينا على أن المرأة إذا تزوجها بمهر في ذمته يؤديه لها عند يساره، وإمّا أن يكون الأمر لولي أمرها فالذي كان يزوجه أخته مثلا، كان يأخذ المهر له ويتركها دون أن يعطيها مهرها، والأمر في هذه الآية- إذن- إما أن يكون للأزواج وإما أن يكون للأولياء. وحين يُشرع الحق لحماية الحقوق فإنه يفتح المجال لأريحيات الفضل.
لذلك يقول: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً}.
لقد عرّف الحق الحقوق أولا بمخاطبة الزوج أو ولي الأمر في أن مهر الزوجة لها لأنه أجر البضع. ولكنه سبحانه فتح باب أريحية الفضل فإن تنازلت الزوجة فهذا أمر آخر، وهذا أدعى أن يؤصل العلاقة الزوجية وأن يؤدم بينهما. والمراد هنا هو طيب النفس، وإياك أن تأخذ شيئا من مهر الزوجة التي تحت ولايتك بسبب الحياء، فالمهم أن يكون الأمر عن طيب نفس.
{فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} والهنيء هو الشيء المأكول وتستسيغه حين يدخل فمك. لكنك قد تأكل شيئا هنيئا في اللذة وفي المضغ وفي الأكل ولكنه يورث متعبة صحية. إنه هنيء لكنه غير مريء. والمقصود هو أن يكون طيب الطعم وليس له عواقب صحية رديئة. وهو يختلف عن الطعام الهنيء غير المريء الذي يأكله الإنسان فيطلب من بعده العلاج.
إذن فكل أكل يكون هنيئا ليس من الضروري أن يكون مريئا. وعلينا أن نلاحظ في الأكل أن يكون هنيئا مريئا.
والإمام عليّ- رضوان الله عليه وكرم وجهه- جاء له رجل يشتكي وجعا، والإمام عليّ- كما نعرف- مدينة العلم والفتيا، وهبه الله مقدرة على إبداء الرأي والفتوى.
لم يكن الإمام عليّ طبيبا. لكن الرجل كان يطلب علاجا من فهم الإمام عليّ وإشراقاته.
قال الإمام عليّ للرجل: خذ من صداق امرأتك درهمين واشتر بهما عسلا، وأذب العسل في ماء مطر نازل لساعته- أي قريب عهد بالله- واشربه فإني سمعت الله يقول في الماء ينزل من السماء: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السمآء مَآءً مُّبَارَكاً} [ق: 9].
وسمعته سبحانه وتعالى يقول في العسل: {فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] وسمعته يقول في مهر الزوجة: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4] فإذا اجتمع في دواء البركة والشفاء الهنيء والمريء عافاك الله إن شاء الله. لقد أخذ الإمام عليّ- رضوان الله عليه وكرم وجهه- عناصر أربعة ليمزجها ويصنع منها دواء ناجعا، كما يصنع الطبيب العلاج من عناصر مختلفة وقد صنع الإمام عليّ علاجا من آيات القرآن.
وبعد ذلك ينتقل الحق إلى قضايا اليتامى والسفهاء والمال والوصاية والقوامة، فيقول سبحانه: {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء...}.
{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)}
من هو السفيه؟
إنه الذي لا صلاح له في عقل ولا يستطيع أن يصرّف ماله بالحكمة. ومَن الذي يعطي ماله إلى سفيه؟ إن الحق يقول ذلك ليعلمنا كيفية التصرف في المال- ومثال على ذلك يقول الحق: {وَلاَ تلمزوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11].
هل أحد منا يلمز نفسه؟ لا، ولكن الإنسان يلمز خصمه، ولمز الخصم يؤدي إلى لمز النفس لأن خصمه سيلمزه ويعيبه أو لأنكما سواء.
إذن فقول الحق: {وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ} يعني أن الله يريد أن يقول: إن السفيه يملك المال، إلا أن سفهه يمنعه من أن يحسن التصرف. وعدم التصرف الحكيم يذهب بالمال، ويفسده، وحين يكون سفيهاً فالمال ليس له- تصرفا وإدارة- ولكن المال لمن يصلحه بالقوامة.
أو أن الحق سبحانه وتعالى يعالج قضية كان لها وجود في المجتمع وهي أنّ الرجل إذا ما كان له أبناء، وكبروا قليلا، فهو يحب أن يتملص من حركة الحياة، ويعطي لهم حق التصرف في المال. وإن كان تصرفهم لا يتفق مع الحكمة، فكأنه قال سبحانه: (لا) إياك أن تعطي أموالك للسفهاء بدعوى أنهم أولادك. وإياك أن تملك أولادك ما وهبه الله لك من رزقك؛ لأن الله جعل من مالك قياما لك، وإياك أن تجعل قيامك أنت في يد غيرك.
{وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ التي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَاماً وارزقوهم فِيهَا} وهل السفيه لا يعيش؟ وهل يأكل السفيه دون أكل الرشيد؟ أيلبس السفيه لبس الرشيد؟ أيسكن السفيه دون مسكن الرشيد؟ أيبتسم الإنسان في وجه الرشيد ولا يبتسم في وجه السفيه؟ لا؛ لذلك يأمر الحق ويقول: {وارزقوهم فِيهَا واكسوهم وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفا} ذلك أمر بحسن معاملة السفيه، وإياكم أن تعيروهم بسفههم، ويكفيهم ما هم فيه من سفه.
ويرجع الحق من بعد ذلك إلى اليتامى: {وابتلوا اليتامى حتى إِذَا...}.
|
|
|