الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد .
فإن حب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- دينٌ يدانُ به، وقربى يتقرب بها إلى الله - تعالى- إذ هو من أولى معاني الحب في الله وموالاة أهل الإيمان التي أمر الله -عز وجل- بها.
وقد يقول قائل: "إن حبهم في سويداء القلب وهذا أمر لا يحتاج إلى تذكير وبيان!".
نقول: لا نشك أنه لا يختلف مسلم صادق الإيمان يحب الله ورسولَه - صلى الله عليه وسلم - ويحب عبادَ الله الصالحين، ويعلم كتابَ الله عز وجل وسنةَ رسوله - صلى الله عليه وسلم- على لزوم حب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين-.
ولكن الذي أحوج العلماء إلى إبراز هذا الأمر وإفراده بالبيان هو ظهور أهل البدع "الشيعة الروافض" الذين ابتدعوا خرافات شنيعة واتخذوا -والعياذ بالله- من سب الصحابة وانتقاصهم ولعنهم قربى يزعمون كذبًا وافتراءً أنها تقربهم إلى الله -عز وجل-، بل ويجتهدوا ليبثوا سمومهم ويُلبسوا على العوام بدعهم بالكذب والباطل ، ومن ثمَّ كان واجبًا على من أحب من يحبهم اللهُ ورسولُه -صلى الله عليه وسلم- أن يذبَّ عن عرض هؤلاء الكرام، وأن ينتفض هذا الحب ويخرج من سويداء القلب وقرارة النفس ليُعبَّر عنه باللسان والبيان.
ومن ثمَّ قام العلماء ببيان عقيدة أهل الإيمان "عقيدة أهل السنة والجماعة" في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- وذكروا ذلك في كتب العقيدة، وبينوا فضائلهم ومناقبهم، ووجوب محبتهم؛ فهم أعدل العدول وأولى الأولياء وخير الناس بعد أنبياء الله -عز وجل- كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) (متفق عليه).
ولذلك أردنا أن نذكر شيئًا من فضائل الصحابة في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- تذكيرًا بفضلهم، وأداءً لحقهم:
من فضائل الصحابة في القرآن الكريم:
قال - سبحانه-: { والسَّابِقُون الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (التوبة:100).
- في الآية بيانٌ لفضل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار - وهم على الصحيح الذين أسلموا قبل صلح الحديبية- حيث بيَّن – سبحانه - رضاه عنهم، وبشرهم بالجنة أجمعين.
- بشارته لهم – سبحانه - بالجنة ورضاه عنهم دليل على كمال عدالتهم وصدقِهم وثباتهم على الإيمان، وأنهم لا يرتدون؛ لأنه -سبحانه- علاّم الغيوب فلا يُعدُّ الجنة ويعِدُ بها من يعلم أنه منافق أو أنه يرتد -كما يزعم الشيعة-، وكذلك لا يرضى - سبحانه- عمّن يعلم أنه فاسق أو منافق يرتد -كما زعموا-، وقد قال -سبحانه-: {فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}(التوبة:96).
- بشر -سبحانه- من سار على نهجهم واتبع خطاهم بالرضى والجنان، وهو دليل على سلامة منهجهم وثباتهم على الإيمان، وأنهم أسوة لمن بعدهم، فمن جاء بعدهم إن كان تبعًا لهم وعلى منهجهم فله نصيب من جزاءهم وإلا كان مذمومًا.
قال -سبحانه-: {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:88-89).
- يبين - سبحانه- فضلهم ببيان تضحيتهم وجهادهم بالمال والأنفس في سبيل الله.
- بشَّرهم بالجنة والخلود فيها، وبيَّن أنهم أهل الفلاح والدرجات العلى.
قال -سبحانه-: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (الأنفال74:).
- بين -سبحانه- أن الصحابة -مهاجرين وأنصار- هم أهل الإيمان الحق فمن يطعن بعد ذلك في إيمانهم؛ فهو -والعياذ بالله- يطعن في صدق كلام الله -عز وجل-.
قال -سبحانه-: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (الحجرات:7).
- أخبر - سبحانه- أنه حبّب إليهم الإيمان وزيّنه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وبيَّن أنهم هم أهل الرشاد؛ فمن أراد الرشاد فليكن على نهجهم وطريقتهم.
قال -سبحانه-: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الفتح:26).
- يخبر -سبحانه- أنه ألزمهم كلمة التقوى -كلمة التوحيد والإخلاص-، وأنهم أحق بها وأهلٌ لها، وهو -سبحانه- عليم بمن يستحق الخير ممن يستحق الشر.
قال -سبحانه-: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}(الفتح:29).
- يبين -سبحانه- في القرآن جميلَ صفات أصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وكمال ولائهم لأهل الإيمان وبراءتهم من الكفر وأهله، واجتهادهم في العبادة، وإخلاصهم لله -تعالى-، ويخبر أنه ذكر وصفهم في الكتب السابقة، وفي هذا بيانٌ لشرفهم وعظيم مكانتهم، وأنه -سبحانه- اختارهم واصطفاهم؛ لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ونصرة دينه -جلَّ وعلا-.
فائدة:
إستنبط الإمام مالك -رحمه الله - في رواية عنه من هذه الآية : أن كل من اغتاظ من الصحابة فقد حكم على نفسه بالكفر، لأن الله – سبحانه - قال في شأنهم: (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ).
- قال – سبحانه -: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر:8-10).
- يخبر - سبحانه- عن صبر المهاجرين وتضحيتهم، وكمال صدقهم وإخلاصهم لله - تبارك وتعالى- ثم يصف - سبحانه- سلامة قلوب الأنصار وحبهم لإخوانهم، وأنهم أهل إيثار وجود وفلاح.
- مدح - سبحانه- فئةً ممن يأتون بعدهم وهم الذين سلمت قلوبهم وألسنتهم لأصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم- مهاجرين وأنصارًا؛ الذين يحفظون لهم فضلََهم وسبقََهم بالإيمان والإحسان، ويشركونهم في دعائهم واستغفارهم؛ لأنهم يعلمون أنه لولا فضل الله على هؤلاء الكرام لما وصل الإسلام إليهم.
قال – سبحانه -: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح:18).
قال – سبحانه -: {لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (الحديد:10).
- بيَّن -سبحانه- أنهم متفاوتون في الفضل، فمن أنفق وقاتل قبل الفتح -وهو صلح الحديبية- أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وهذا التفاوت لا يعني انتقاص أحدٍ منهم فقد بيّن -سبحانه- فضلهم جميعًا بالنفقة والجهاد في سبيله ووعدهم بالجنة أجمعين: {وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}.
من فضائل الصحابة في السنة المطهّرة :
- روى الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم- له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).
في هذا الحديث دليل على أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- هم خير الناس بعد أنبياء الله - تعالى-.
- روى مسلم -كتاب فضائل الصحابة- من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في قصة حاطب بن أبي بلتعة أن عمر -رضي الله عنه- قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) (متفق عليه).
- روى أحمد بسند صحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْراً وَالْحُدَيْبِيَةَ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني)، وفي الحديثين: دليل أن الله - تعالى- عصمهم من الشرك وغفر لهم ما دون ذلك.
- روى مسلم من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَ).
- روى البخاري من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ) (متفق عليه).
- روى الطبراني بسند صحيح من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
- روى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ).
- روى الطبراني بسند صحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ, وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
آثار:
- روى البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: متى الساعة؟ قال: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله. قال: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قال أنس: "فأنا أحب النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما-، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم".
- روى ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم- فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ" رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في " فتاويه عن الصحابة ": "ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنهم خير القرون، وأن المُدَّ مِن أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا..." وقال: "... ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما منَّ الله عليهم به من الفضائل، علم يقينـًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها".
وقال الذهبي -رحمه الله- في كتاب الكبائر: "وإنما يعرف فضائل الصحابة -رضي الله عنهم- من تدبر أحوالهم وسيرهم وآثارهم في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعد موته من المسابقة إلى الإيمان والمجاهدة للكفار ونشر الدين، وإظهار شعائر الإسلام وإعلاء كلمة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتعليم فرائضه وسننه، ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع، ولا علمنا من الفرائض والسنن سنة ولا فرضًا، ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئًا.
فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين ، لأن الطعن لا يكون إلا عن إعتقاد مساويهم، وإضمار الحقد فيهم، وإنكار ما ذكره الله -تعالى- في كتابه من ثنائه عليهم وما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- من ثنائه عليهم وفضائلهم ومناقبهم وحبهم؛ ولأنهم أرضى الوسائل من المأثور والوسائط من المنقول، والطعن في الوسائط طعن في الأصل، والازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول؛ هذا ظاهر لمن تدبره وسلم من النفاق ومن الزندقة والإلحاد في عقيدته".
قال ابن عثيمين -رحمه الله-: "وفي الحقيقة إنَّ سبَّ الصحابة ليس جرحًا في الصحابة - رضي الله عنهم- فقط ، بل هو قَدْح في الصحابة، وفي النبي - صلى الله عليه وسلم-، وفي شريعة الله ، وفي ذات الله -عز وجل-. أما كونه قدحًا في الصحابة فواضح . وأما كونه قدحًا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فحيث كان أصحابه وأُمَناؤه وخلفاؤه على أمته، بل "ورفيقي قبره" من شرار الخلق -على حد زعم الشيعة - وفيه قدح في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من وجه آخر ، وهو تكذيبه فيما أخبر به من فضائلهم ومناقبهم، كما فيه اتهام للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يعرف كيف يربي أصحابه.
وأما كونه قدحًا في شريعة الله، فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نقل الشريعة هم الصحابة، فإذا سقطت عدالتهم لم يبقَ ثقة فيما نقلوه من الشريعة، وأما كونه قدحا في الله - سبحانه وتعالى-، فحيث بعث الله نبيه في شرار الخلق، واختارهم لصحبته وحمل شريعته ونقلها لأمته، وكذا أنه -سبحانه وتعالى- مدحهم وأثنى عليهم في كتابه؛ فكيف يكون ذلك وهو يعلم أنهم يرتدون وينحرفون كما زعم الشيعة الضُلاّل؟! فانظر ماذا يترتب من الطوام الكبرى على سب الصحابة!!".
والحمدُ لله ربَّ العالمين، وَصَلّى اللهم عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا.
فبشر عباد الذین یستمعون القول فیتبعون احسنه اولئک الذین هداهم الله و اولئک هم اولوا الالباب
السلام علیک ایها الکاتب الکریم ،
ارد اسائتک الی الشیعه الروافض علی حد قولک -و المرء عما قال مسئول- بالتسلیم لئلا اکون مثلک بل اکون ممن اجرهم علی الله تبارک و تعالی" فمن عفا و اصلح فاجره علی الله".و نعم اجر العاملین.
لاح لی فی بدایه الامر عندما انتبهت الی مقالک أنک قد رددت ردا علی الاشکالات المطروحه فی کتابتی الاخیره فسررت بهذا و اعترانی السرور بما انی اشاهد اخوتی من اهل السنه یطالبون الحقیقه من خلال المباحثات العلمیه لا المجادلات العنیفه.
و ما ان بدات بالقراءه الاو قد خیبت الآمال .وجدت النص خالیا عن التعرض لأحد من الإیرادات السابقه و شاهدت کاتبها یطلق ألقاباً علی الشیعه -و هم نبذه من المسلمین و اخوانهم فی الدین- یلائم امر الجهال لا العلماء.
و لکن لیس من دأبنا أن نقنط عن الحدیث للوصول الی الحق بمثل هذه المشاکل.فأواصل دربی و علی الله التکلان.فأطلب إلیک ایها الکاتب الشریف ان تبذل عنایتک الی ما کتبت فدقق فی ما یطرق باب فکرتک ثم فکر فیه حق التفکیر ارشدک الله و إیای الی الصواب بمنه.و قد وجدت بعضا من إخواننا من اهل السنه قد بحثوا عن الحقیقه فی المسئله من دون الحمیه فکتب کتابا فی هذا المجال بامکانک ان تتصفحه و هو مسمی ب"نظریه عداله الصحابه." البدایه
قد ذکرت فی اثناء کلامک ان الشیعه الروافض علی حد قولک لا یحترمون الصحابه.
و لاجل التعرف علی مدی صحه هذا الانتساب لا بد لنا من التطلع علی آراء علماء و مصادر الشیعه فی هذا المجال لکیلا نحکم بلا علم فیعاقبنا الله بما نقول.
ان الشیعه التابعین لأهل بیت الرسول صلوات الله علیه و آله قد قسموا امر الصحابه الی قسمین فلا یرون لمجرد الصحبه اثرا اعجازیا یجعل الفاسق عادلا و یجعل شارب الخمر مصلیاً.یقول الشیعه بان من الصحابه من نال المقامات المعنویه العالیه و تسلق الجبال الشاهقه فی التقرب الی الله و ها هو الغایه القصوی من الخلقه فهم جدیرون بالمدح و الثناء.و لا یکتفی الشیعه علی الموده لهم فی الصدر و حسب بل یبرز ما فی مشاعره من الحب لهم باقواله.و ناهیک فی هذا المجال ما ورد فی ادعیه الشیعه من الامام السجاد بن الحسین بن علی علیهم السلام:
(1) اللَّهُمَّ وَ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَ مُصَدِّقُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْغَيْبِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْمُعَانِدِينَ لَهُمْ بِالتَّكْذِيبِ وَ الِاشْتِيَاقِ إِلَى الْمُرْسَلِينَ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ (2) فِي كُلِّ دَهْرٍ وَ زَمَانٍ أَرْسَلْتَ فِيهِ رَسُولًا وَ أَقَمْتَ لِأَهْلِهِ دَلِيلًا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَ قَادَةِ أَهْلِ التُّقَى، عَلَى جَمِيعِهِمُ السَّلَامُ، فَاذْكُرْهُمْ مِنْكَ بِمَغْفِرَةٍ وَ رِضْوَانٍ. (3) اللَّهُمَّ وَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً الَّذِينَ أَحْسَنُوا الصَّحَابَةَ وَ الَّذِينَ أَبْلَوُا الْبَلَاءَ الْحَسَنَ فِي نَصْرِهِ، وَ كَانَفُوهُ، وَ أَسْرَعُوا إِلَى وِفَادَتِهِ، وَ سَابَقُوا إِلَى دَعْوَتِهِ، وَ اسْتَجَابُوا لَهُ حَيْثُ أَسْمَعَهُمْ حُجَّةَ رِسَالَاتِهِ. (4) وَ فَارَقُوا الْأَزْوَاجَ وَ الْأَوْلَادَ فِي إِظْهَارِ كَلِمَتِهِ، وَ قَاتَلُوا الْآبَاءَ وَ الْأَبْنَاءَ فِي تَثْبِيتِ نُبُوَّتِهِ، وَ انْتَصَرُوا بِهِ. (5) وَ مَنْ كَانُوا مُنْطَوِينَ عَلَى مَحَبَّتِهِ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ فِي مَوَدَّتِهِ. (6) وَ الَّذِينَ هَجَرَتْهُمْ الْعَشَائِرُ إِذْ تَعَلَّقُوا بِعُرْوَتِهِ، وَ انْتَفَتْ مِنْهُمُ الْقَرَابَاتُ إِذْ سَكَنُوا فِي ظِلِّ قَرَابَتِهِ. (7) فَلَا تَنْسَ لَهُمُ اللَّهُمَّ مَا تَرَكُوا لَكَ وَ فِيكَ، وَ أَرْضِهِمْ مِنْ رِضْوَانِكَ، وَ بِمَا حَاشُوا الْخَلْقَ عَلَيْكَ، وَ كَانُوا مَعَ رَسُولِكَ دُعَاةً لَكَ إِلَيْكَ. (8) وَ اشْكُرْهُمْ عَلَى هَجْرِهِمْ فِيكَ دِيَارَ قَوْمِهِمْ، وَ خُرُوجِهِمْ مِنْ سَعَةِ الْمَعَاشِ إِلَى ضِيقِهِ، وَ مَنْ كَثَّرْتَ فِي إِعْزَازِ دِينِكَ مِنْ مَظْلُومِهِمْ. (9) اللَّهُمَّ وَ أَوْصِلْ إِلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ خَيْرَ جَزَائِكَ. (10) الَّذِينَ قَصَدُوا سَمْتَهُمْ، وَ تَحَرَّوْا وِجْهَتَهُمْ، وَ مَضَوْا عَلَى شَاكِلَتِهِمْ. (11) لَمْ يَثْنِهِمْ رَيْبٌ فِي بَصِيرَتِهِمْ، وَ لَمْ يَخْتَلِجْهُمْ شَكٌّ فِي قَفْوِ آثَارِهِمْ، وَ الِائْتِمَامِ بِهِدَايَةِ مَنَارِهِمْ. (12) مُكَانِفِينَ وَ مُوَازِرِينَ لَهُمْ، يَدِينُونَ بِدِينِهِمْ، وَ يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِمْ، يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِمْ، وَ لَا يَتَّهِمُونَهُمْ فِيمَا أَدَّوْا إِلَيْهِمْ. (الصحيفةالسجادية(ع) 40)
هذا هو القسم الاول من الصحابه و هناک قسم ثان قد تبعوا النبی صلی الله علیه و آله فی بعض المجالات ثم لم یستقیموا علی الصراط المستقیم فمالوا و انحرفوا یمیناً و شمالاً فاکتسبوا غضب الرحمان بعد ان نالوا رضاه.و منهم من بدا انحرافه فی عهد الرسول صلوات الله علیه و آله و منهم من ظهر أمره بعد النبی صلوات الله علیه و آله. و لنا فی هذا المقام وثائق کثیره من الآیات و الآخبار اتعرض لها واحداً تلو الآخر
الاول-الآیات القرآنیه الداله علی انحراف بعض الصحابه
هناک کثیر من الآیات النازله فی المدینه المشرفه یصف جماعه جدیده بین المسلمین لا یلائم امرهم امر المسلمین و لا الکفار فانهم قد ابدوا الاسلام بألسنتهم بینما لا یهتمون به فی الأفعال.فالقلب کافر و اللسان مسلم.وقد سمی الله تبارک و تعالی هذه الفرقه الجدیده بفرقه المنافقین و أنزل فیهم سوره یبین حالهم للعباد و یحذرهم منهم.و لاریب فی ان هذه الفرقه من الذین صحبوا النبی صلی الله علیه و آله فی المدینه.و الیک بعض الآیات الداله علی امرهم فی القرآن الکریم:
البقرة : 8 وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنينَ
و قد ذکرت هذه الآیه بعد ذکر المومنین و الکفار و الفرقه الثالثه هم المنافقون.
البقرة : 14 وَ إِذا لَقُوا الَّذينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى شَياطينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ
التوبة : 54 وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَ هُمْ كارِهُونَ
إن المنافقین فی الدرک الاسفل من النار
و الضمیر راجع الی المنافقین.
التوبة : 46 وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَ قيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدينَ
التوبة : 47 لَوْ خَرَجُوا فيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَ فيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَ اللَّهُ عَليمٌ بِالظَّالِمينَ
واضح ان الله تبارک و تعالی لا یتحدث عن الکفار.لو خرجوا فیکم
التوبة : 56 وَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
التوبة : 49 وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لي وَ لا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحيطَةٌ بِالْكافِرينَ
التوبة : 80 اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقينَ
و ما تقول فی هذه الآیه قد ذکرها المفسرون من اهل السنه نازله فی حال ثعلبه الصحابی:
التوبة : 75-77 وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَ لَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحينَ فلما آتاهم من فضله بخلوا به و تولوا و هم معرضون فاعقبهم نفاقا فی قلوبهم الی یوم القیامه بما اخلفوا الله ما وعدوه و بما کانوا یکذبون
یقول ابن الاثیر:
و قد ذكر كثير من المفسرين منهم ابن عباس و الحسن البصري أن سبب نزول هذه الآية الكريمة في ثعلبة بن حاطب الأنصاري.و قد ورد فيه حديث رواه ابن جرير «1» هاهنا، و ابن أبي حاتم من حديث معان بن رفاعة عن علي بن يزيد عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن أبي أمامة الباهلي عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري، أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ادع اللّه أن يرزقني مالا، قال: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه» قال: ثم قال مرة أخرى فقال: «أما ترضى أن تكون مثل نبي اللّه- فو الذي نفسي بيده لو شئت أن تسير الجبال معي ذهبا و فضة لسارت» قال: و الذي بعثك بالحق لئن دعوت اللّه فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «اللهم ارزق ثعلبة مالا» قال فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر و العصر في جماعة و يترك ما سواهما، ثم نمت و كثرت فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، و هي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة، فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة ليسألهم عن الأخبار فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما فعل ثعلبة؟» فقالوا: يا رسول اللّه اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة، فأخبروه بأمره، فقال: «يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة».
و أنزل اللّه جل ثناؤه خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة: 102] الآية، و نزلت فرائض الصدقة فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رجلين على الصدقة من المسلمين رجلا من جهينة و رجلا من سليم و كتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين، و قال لهما: «مرا بثعلبة و بفلان- رجل من بني سليم- فخذا صدقاتهما» فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة و أقرآه كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية ما أدري ما هذا؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إليّ فانطلقا و سمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بهما، فلما رأوها قالوا ما يجب عليك هذا و ما نريد أن نأخذ هذا منك، فقال: بلى فخذوها فإن نفسي بذلك طيبة و إنما هي للّه، فأخذاها منه و مرا على الناس فأخذا الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقال: أروني كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبي صلى اللّه عليه و سلم فلما رآهما قال: «يا ويح ثعلبة» قبل أن يكلمهما و دعا للسلمي بالبركة فأخبراه بالذي صنع ثعلبة و الذي صنع السلمي، فأنزل اللّه عز و جل وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ [التوبة: 75] الآية.
قال و عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل اللّه فيك كذا و كذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: ويحك إن اللّه منعني أن أقبل منك صدقتك» فجعل يحثو على رأسه التراب، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني» فلما أبى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن يقبل صدقته رجع إلى منزله،( تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)، ج4، ص: 162-163)
فما رایک یا تری فان الله تبارک و تعالی قد اخبرنا بنفاقٍ خالدٍ فی قلبه الی یوم القیامه لکنه مع هذا کله لا یضر عدالته شیئ!!!
و الفت نظرک الآن الی آیه اخری تدل بکل صراحه علی نقض ما قلت:
السجدة : 20-18 أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ اما الذین آمنوا و عملوا الصالحات فلهم جنات الماوی نزلا بما کانوا یعملون وَ أَمَّا الَّذينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعيدُوا فيها وَ قيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
یقول الحاکم الحسکانی الحنفی فی کتابه شواهد التنزیل:
قوله تعالى:
أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ الآيات.
610 أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمود بن أحمد بن الفرج قال:حدثنا إسماعيل بن عمرو، قال: أخبرنا مندل، عن الكلبي عن أبي صالح:عن ابن عباس قال: نزلت: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ يعني بالمؤمن عليا و بالفاسق الوليد بن عقبة.
610 ب: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الحافظ قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي قال:حدثنا المغيرة بن محمد قال: حدثنا عبد الغفار بن محمد و [إبراهيم بن] محمد بن عبد الرحمن الأزدي قالا: حدثنا مندل بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال انتدب علي و الوليد بن عقبة فقال الوليد لعلي: أنا أحد منك سنانا و أسلط منك لسانا و أملأ منك حشوا في الكتيبة. فقال له علي: اسكت يا فاسق فأنزل الله تعالى هذه الآية.
و رواه عن الكلبي كرواية مندل، أخوه حبان، و محمد بن فضيل، و حماد بن سلمة «1» و محمود بن الحسن.
611 أخبرونا عن أبي أحمد بن عدي الحافظ «1» قال: أخبرنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الوليد بن عقبة قال لعلي: أنا أبسط منك لسانا و أحد منك سنانا، و أملأ منك حشوا «2» في الكتيبة. فقال له علي: على رسلك «3» فإنك فاسق. فأنزل الله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً يعني عليا «4» كَمَنْ كانَ فاسِقاً و الوليد الفاسق «5
رواه جماعة عن حماد، و رواه السدي عن أبي صالح ذلك.
612 و [ورد أيضا عن] سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
أخبرناه أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ، قال:
أخبرنا إسحاق «1» بن بنان الأنماطي قال: حدثنا حبيش بن مبشر «2» الفقيه قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال الوليد بن عقبة لعلي ع: أنا أحد منك سنانا، و أبسط منك لسانا، و أملأ للكتيبة منك. فقال له علي:
اسكت فإنما أنت فاسق فنزلت: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ قال: يعني بالمؤمن عليا، و بالفاسق الوليد بن عقبة.
و [رواه أيضا] مقاتل، عن عطاء عن ابن عباس [كما] في كتاب ابن مؤمن «1»
613 و [رواه أيضا] عكرمة عن ابن عباس:
أخبرنا أحمد بن محمد بن فراد التميمي «2» قال: أخبرنا أبو محمد الوراق بأصبهان قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال:
أخبرنا إسحاق بن الفيض، قال: حدثنا سلمة بن حفص قال: حدثنا سفيان الحريري قال: حدثنا حبيب بن أبي العالية، عن عكرمة عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً في علي بن أبي طالب و الوليد بن عقبة.
614 [و رواه أيضا الحبري] برواية حبان «3» [أخبرنا] الجوهري قال: أخبرنا محمد بن عمران قال: أخبرنا علي بن محمد الحافظ قال: حدثنا الحسين بن حكم قال: حدثنا حسن بن حسين قال: حدثنا حبان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس [في قوله تعالى]: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً [قال هو].
علي بن أبي طالب كَمَنْ كانَ فاسِقاً الوليد بن عقبة بن أبي معيط.
[و قوله تعالى:] فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نزلت في علي. [و قوله]:
فَمَأْواهُمُ النَّارُ نزلت في الوليد بن عقبة.( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، ج1، ص: 573-575)
و لا یخفی ان الفاسق الولید بن العقبه هو من تولی الکوفه لعثمان ثم تولی المدینه لمعاویه ولابنه یزید.
هذه نبذه من الآیات الوارده فی شان فسق بعض الصحابه و إن فی هذا لبلغا لقوم یعقلون.
و سوف أتلو علیک فی الحلقه القادمه نبذه من الأخبار الوارده فی هذا المجال من مصادر اهل السنه.
اخی فی الله اسد الاسلام،
قد تعجبت عندما شاهدت رسالتک الاخیره.و قد اقترحت حواراً ساخناً –ان صح التعبیر-فی ما یجری بین الشیعه و السنه من النقاشات و العراکات.و الحق أنی لا اری بالکلام فی هذه المجالات باساً بل قد أبدیت شعوری تجاه هذه المسائل مراراً فی المکاتبات السابقه.فإننا لا نخاف الکلام فی معتقداتنا.ّالاّ ان من الضروری ان ترد إجابه کامله عمّا طرحت علیک آنفاً لما اوضحه لک حالیاً.
ان الکلام فی عداله الصحابه و عدمها یلعب دوراً رئیسیاً فی مثل هذه المجالات.اذ سوف تبرّر کل ما اطرح علیک من الطعن الواضح فی الخلفاء الثلاثه بذریعه التمسک بنظریه عداله الصحابه.فلا بد لک من ان تثبت هذه النظریه و تنقض ما قد استدللت به من الادله الواضحه فی ردها بدایۀ قبل ان ندخل صلب الموضوع لکیلا نواجه مشکله فی اثناء الامر.
و ادعوک ایها الاخ فی الله الملقِّب نفسک باسد الاسلام ان تکون اسد للاسلام فی الحقیقه و فی واقع الامر.فتکون مطیعاً للحق فی ما تواجه و ان کان مخالفاً لرؤاک الماضیه.و ارجو الله ان یشرح لی صدری و ان یحلل عقده من لسانی .
و من الضروری ان اشیر فی بدایه الامر انی افتخر بکونی من شیعه امیر المومنین علیه السلام .کیف لا و قد صرح رسول الله صلوات الله علیه و آله بان علیاً و شیعته هم الفائزون یوم القیامه( و [ورد أيضا في الباب عن] جابر الأنصاري.فرات «1» قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن هارون، قال:
حدثني علي بن أحمد بن عيسى بن سويد القرشي الباني «2» حدثنا سليمان بن محمد البصري و يعرف بابن أبي فاطمة حدثنا جابر بن إسحاق البصري عن أحمد بن محمد بن ربيعة «3» و يعرف بابن عجلان مولى علي بن أبي طالب عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنا جلوسا عند رسول الله ص إذ أقبل علي بن أبي طالب، فلما نظر إليه النبي قال: قد أتاكم أخي. ثم التفت إلى الكعبة فقال: و رب هذه البنية إن هذا و شيعته [هم] الفائزون يوم القيامة «4»(شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، ج2، ص: 467 ))
اما بعد،
فقد سالتنی عن موقف الشیعه من الخلفاء الثلاثه بالتحدید.
فاقول بحمد الله اولاً و آخراً:
ان الشیعه لا ینکر اجر من قد اسلم و هاجر و جاهد فی سبیل الله من الصحابه.ان الشیعه لا یتخذ موقفا حادّا من الذین اسلموا ثم تبعوا النبی صلوات الله علیه و آله فی الرخاء و الشده.لکن قد تلقینا من الخطابات القرآنیه و من الاحادیث الماثوره ان المساله الرئیسه هی ان الفضل الاول لمن استقام علی امر الاسلام بعد ان اسلم و آمن بالله.قال الله تبارک و تعالی:ان الذین قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل علیهم الملائکه...(فصلت/30)
و قد حکی الله تبارک و تعالی حکایات عده عمن کانوا مع الانبیاء و کانوا علی الحق لکنهم لم یواصلوا نفس الدرب فبلغ الامر بهم الی ما بلغ.و لست ارید ان اقیس امر الخلفاء بهولاء المنحرفین عن الصواب.فإن القیاس و التشبیه مقرب من جهه مبعد من جهات. الا انی ارید ان ادلک علی ان الفضل لمن اجتنب الخطیئه حتی یاتیه ملک الموت.
ثم ان الشیعه یستندون الی مسائل قد وردت فی کتب اهل السنه و منها ما قد رواها اصح کتبهم من الصحیحین یورد الطعن علی الخلفاء.و لقد حان الاوان لکی اطرح علیک بعض هذه المسائل لکی تکون انت الحاکم.و نعم الحَکَم الانصاف.
و قد قسّمت امر المشاکل الی اقسام عدّهٍ: الاول ذم الخلیفتین فی التنزیل الکریم:
4467 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:
كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ }الْآيَةَ
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ(صحیح البخاری/تفسیر القرآن) موقفهما من فاطمه الزهراء سلام الله علیها:
قال ابن قتیبه: وإن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده. لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة؟ فقال: وإن،فخرجوا فبايعوا إلا علياً فإنه زعم أنه قال: حلفتُ أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن، فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقاً. فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفد وهو مولى له: اذهب فادع لي علياً، قال: فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله. فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلاً. فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر رضي الله عنه لقنفد: عد إليه، فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفد، فأدى ما أمر به، فرفع علي صوته فقال: سبحان الله؟ لقد ادعى ما لبس له، فرجع قنفد، فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلاً، ثم قام عمر، فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من بن الخطاب وابن أبي قحافة، فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا علياً، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا: إذاً والله الذي لا الله إلا هو نضرب عنقك، فقال: إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق علي بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح ويبكي، وينادي: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني.(الامامه و السیاسه لابن القتیبه/7-8)
فما تقول فیمن امر باحراق نار بیت فاطمه الزهراء؟و ما تقول فی من قد باشر امر الاحراق من دون ان یصغی الی الناصحین یقولون بان فیه فاطمه سلام الله علیها؟الست قلت فی بدئ الامر بانی ابرئ ممن لا یوالون علیا علیه السلام فکیف موقفک من الخلیفه الثانی یهدًد علیا علیه السلام بضرب عنقه ان لم یبایع؟الا تزال علی موقفک السابق؟الا تری للشیعه حقاً فی نفی عداله الصحابه؟
ماذا تقول فاطمه سلام الله علیهما فی شان الخلیفتین؟
فقال عمر لأبي بكر، رضي الله عنهما: انطلق بنا إلى فاطمة، فإنا قد أغضبناها، فانطلقا جميعاً، فاستأذنا على فاطمة، فلم تأذن لهما، فأتيا علياً فكلماه، فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حولت وجهها إلى الحائط،فسلما عليها، فلم ترد عليهما السلام، فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله! والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوودت يوم مات أبوك أني مت، ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله، إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا نورث، ما تركنا فهو صدقة"، فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفانه وتفعلان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: "رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟"قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه،. فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة؛ ثم انتحب أبو بكر يبكي، حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها، ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته، مسروراً بأهله، وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي. قالوا: يا خليفة رسول الله، إن هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين، فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة، بعدما سمعت ورأيت من فاطمة. قال: فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنهما، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمساً وسبعين ليلة(نفس المصدر)
هذا وقد ورد فی کثیر من کتبکم ان رضا فاطمه سلام الله علیها من رضا الله تبارک و تعالی.و قد روی ان من اسخط فاطمه سلام الله علیها فقد اسخط الله.و لا لاحد ان یتعدی حدود الله وان کان نبیاً.کیف وقد هدد الله تعالی رسوله و هو احب الخلق الیه بانه لو تقول علی الله بعض الاقاویل لفعل به کذا و کذا.فکذلک الامر بالنسبه الی من له فضل صحبه النبی صلوات الله علیه و آله.بل حسنات الابرار سیئات المقربین.ألا تری الله تعالی یخاطب نساء النبی صلوات الله علیه و آله یقول:من یات منکن بفاحشه مبینه یضاعف لها العذاب ضعفین.
فکیف یحضر المحشر من ظلم فاطمه سلام الله علیها و اسخطها؟ و هل فکرت حتی الآن لم لم ترد الزهراء سلام الله علیها التی قد وردت ی شانها آیه التطهیر تبرئها من ای ذنب و رجس لم ترد سلام الخلیفه؟ و کیف الناس لا یتعظون بکلام الخلیفه نفسه حیث یندم فی نهایه عمره.یقول الطبری: قال أبو بكر رضي الله عنه أجل إني لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه و سلم فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأني كنت قتلته سريحا أو خليته نجيحا ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين يريد عمر وأبا عبيدة فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا(تاریخ الطبری/4/52)
هذا و قد قصصت علیک نبذه قصیره جدا من المطاعن الوارده فی حق الخلفاء.و لا اطیل الکلام فی ما بقی و احیلها الی المکاتبات الآتیه ان شاء الله تعالی.ادعو الله ان ینجینا من الهلکات بالرکوب فی سفینه النجاه.
مثل اهل بیتی کمثل سفینه نوح علیه السلام.