فمصطلح أهل السنة والجماعة في الأصل مصطلح شرعي وردت به النصوص ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ))
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( عليكم بالجماعة ))
وهذان مفهومان ومصطلحان شرعيان ، ولذا كان مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق على كل من التزم بهما في تاريخ الإسلام ، وإنما وقع الخلط في هذا المصطلح في بدايات الافتراق وفي القرن الرابع بشكل أخص ، وذلك حينما نُسب إلى أهل السنة والجماعة من ليس منهم ، مثل انتساب كثير من طوائف الأشعرية أو المأتريدية إلى أهل السنة والجماعة انتساباً خاطئاً ، فيجب أن يُبين مخالفة هؤلاء لأهل السنة والجماعة ومنهج السلف الصالح ، لكن لا نعدل عن هذا المصطلح لأجل أن هناك آخرين تسموا به ، فإن تسمية الباطل باسم الحق لا يمنعنا من قول الحق – والتسمية به - .
فنقول : يجب التزام منهج أهل السنة والجماعة على ما كان عليه سلفنا الصالح.
* ظن بعض الناس أنها مقتصرة على فئة من الناس وهم الحكام ، ولا شك في وجوبها عليهم وجوباً أولياً ، ولكن نقول إن الحكم بما أنزل الله واجب على الجميع ، واجب على الحكام فيما يحكمون به بين الناس ، وواجب على كل فرد فيما يتعلق بما يخصه من أعماله وأفعاله ومعاملاته ، ولهذا كان مقتضى توحيد العبادة قائم على كمال الذل لله أولاً ، وكمال المحبة لله ثانياً ، وكمال الطاعة ثالثاً ، وهذا كله مقتضاه أن تقدم طاعة الله وطاعة رسوله على طاعة من سواه ، وأن تحكم بهما في كل شأن شؤونك : المرأة ألمسلمة ، الشاب المسلم ، الأسرة المسلمة ، والمجتمع المسلم ، البلد المسلم ، ولا بد للجميع أن يعلموا أن هذا جزء من العقيدة ، فلا يكفي أن يدعي الإنسان أنه يعبد الله حتى يعلم كيف يعبد الله ، هل يعبد الله على وفق هدي النبي ، أم لا ؟ ، وذلك في كل أموره وشؤونه ، ثم يطبق ذلك على الوجه الصحيح :
فالفرد المسلم يجب عليه التحاكم إلى الكتاب والسنة في جميع أموره ، عباداته ومعاملاته ، وأن يتحاكم في كل ذلك إلى ما أنزل الله ، لا إلى العادات القبلية ولا إلى القوانين الوضعية ولا إلى غيرها .
والمرأة المسلمة : يجب عليها التحاكم إلى الكتاب والسنة في أمورها كلها : حجابها ، لباسها ، زينتها ، عملها ، معاملاتها لزوجها .
وكذلك الشاب المسلم ، والتاجر المسلم ، والمعلم والحاكم والقاضي .
إنه أمر واجب – وليس اختيارياً – أن يلزم العبد منهج رسول الله في أحكام الصلاة وتفاصيلها ، والزكاة وتفاصيلها ، والصيام وأحكامه ، والحج وأحكامه ، وصلة الأرحام ، وقسمة المواريث ، وأبواب الوصايا ، وأبواب النكاح ، وفي جميع شؤون الحياة ، فنعبد ربنا على وفق هدي نبينا محمد
* التساهل في التحاكم إلى القوانين الوضعية ، والقول بأن ذلك ليس بكفر حتى يستحلها ، وقد يحتج هؤلاء بأن الكفر لا يكون إلا بالاستحلال ، بل وسع بعض هؤلاء الدائرة حتى زعموا أنه لا يوجد كفر عملي مخرج من الملة ، وهذا خطأ ،بل الكفر يكون بالاعتقاد وبالقول والعمل كما هو مفصل في كتب الأئمة .
* ظن البعض أن عند اختلاف العلماء فللإنسان أن يأخذ بأي قول من الأقوال الواردة ، دون اعتبار للدليل ، وهذا من أخطر المزالق ، فول تتبع الناس أقوال العلماء واختلافاتهم ورخصهم لضاع الدين.
والواجب عند التنازع والاختلاف – القديم والحديث - الرد إلى كتاب الله والسنة كما قال تعالى : ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾
كما أنا الواجب اتباع ما ترجح دليله ، والحذر كل الحذر مما يزينه بعض العلمانيين وأذنابهم من تتبع رخص العلماء والأخذ بها ولو خالفت الدليل .
أن الإتيان إلى السحرة والمشعوذين خطر عظيم على العقيدة يخشى على صاحبها من الزيغ فيجب الحذر من هؤلاء .
الأمر الثاني :
يجب إقامة حكم الله سبحانه وتعالى في هؤلاء السحرة ، فيبين حالهم ويبين الحكم فيهم ، والحكم الراجح فيهم عند جمهور العلماء أنهم يقتلون سواء كان قتلهم ردّة أو حداً؛ وذلك حتى يتخلص المسلمون في شرورهم .
والأمر الثالث :
أن يفضح هؤلاء السحرة وأن يبين كذبهم ودجلهم ، فإن هؤلاء السحرة والكهان كثروا ولعبوا بعقول الناس ، وبعواطفهم ، فيجب أن نحرص كل الحرص على بيان دجلهم وكذبهم ، ولقد كان أئمة الإسلام في السابق يبينون حكم الله فيهم وينفذونه ، ففي عهد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه وأرضاه – كان يأمر بقتل السحرة ، بل إن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قتلت بعض السحرة وفي عهد الخلفاء من بني العباس وغيرهم كانوا يقومون على هؤلاء الكهنة والمشعوذين بالقتل والتأديب ، كل على حسبه ، فقد سمع أحد الخلفاء بكاهن يدّعي علم المغيبات ، فاستدعاه الخليفة ، فما دخل عليه و الناس من حوله قال الخليفة : هل أنت تعرف مقدار أعمار الناس ؟ قال : نعم إنني أعرف ، فقال له الخليفة : كم بقي من عمري ؟ فقال له : سنتان أو ثلاث . وقال له : كم بقي من عمرك أنت ؟ قال : بقي من عمري ثلاثون سنة . وهنا كان السياف حاضراً فقال له اقطع رقبته . فلما قطع رقبته تبين كذبه في الحالين دعواه أن عمره بقي فيه ثلاثون سنة ، فهذا الموقف جمع بين فضحه وبيان كذبه ، وبين إقامة حكم الله سبحانه وتعالى في مثل هؤلاء المدّعين للمغيبات .
الأمر الرابع :
إتيان الكهان بدون تصديقهم أمر لا يجوز ، أما الذهاب إليهم مع تصديقهم فهو كفر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد))
الأمر الخامس :
إن هؤلاء الكهنة ونحوهم مما يجب أن يُتنبه إلى خطرهم وأنهم يفسدون في الأرض فساداً عظيماً ، فإن هؤلاء ينشرون السحر والكهانة ، والشرك بالله ؛ لأنه من المعلوم أن السحر لا يقول إلا بعد الكفر بالله .
شد الرحال الي قبر الرسول صلي الله عليه وسلم ، والتبرك والتمسح به وما الي ذالك
وهو يشتمل علي أمرين :
الأمر ألأول : شد الرحال الي القبر
هذا محرم لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح : (( لا تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا ))
قد يقول قائل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن شدّ الرحال إلى المساجد ، فلا تدخل فيها القبور ، ونقول : إن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم شامل لجميع الأشياء المعظمة من المساجد أو المشاهد أو القبور أو غيرها .
ولهذا لما ذهب أحد الصحابة مسافراً في زيارة جبل الطور في سيناء ولقيه بعد رجوعه صحابي آخر قال : من أين جئت ؟ قال : جئت من جبل الطور . مع أن جبل الطور ليس في قبر ولا مسجد فقال له : لو رأيتك قبل أن تذهب لمنعتك ، إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ..........الحديث ))
فينبغي أن ننبه لهذا الخطأ الكبير الذي بدأ ووقع في بعض الناس .
الامر الثاني : التبرك والتمسح بالقبر والسؤال عنده ..
وكل ذلك من البدع التي كثرت وشاعت, فينبغي أن نحذر منها ، وأن نحذّر منها غيرنا ، أما دعاء الرسول صلي الله عليه وسلم وسؤاله الحاجات من دون الله تبارك وتعالى ، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة .
ومما يدخل في ذلك : التبرك بالكعبة وجدرانها وستورها وبابها ، والتمسح بها ، فهذا كله لا يجوز ، والوارد تقبيل الحجر الأسود ومسحه ، وكذا مسح الركن اليماني عند الاستطاعة ، وقد ورد التمسح بالحجر الأسود وتقبيله ومسحه والركن اليماني .
وكذلك - مما ينبغي الحذر منه - التبرك بالآثار المتعددة في مكة والمدينة ، مثل التبرك بغار ثور ، أو غار حراء ، أو بعض الأماكن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكل ذلك من الأمور المبتدعة التي يجب منها وأن نحذر المسلمين منها.